قبل أن تحكم على الغير أو تصاحبه
يقول الأوروبيون: إن الإنسان الذي لا نعرفه تمام المعرفة ، فمثله كمثل حبة فلفل
، ما لم نسحقها بالأسنان ، فلن تدري كم هي تلك الحبة محرقة وحارة .
لهذا حين تدخل مع إنسان ما في علاقة أو تعامل ما ، فإنك ستتعرف بالضرورة عليه وعلى طبيعته ومن أي نوع وفئة هو
وقبل ذلك فلن تكون معلوماتك دقيقة عنه ، وإن تحدث عنه الآخرون بشتى أنواع الحديث ووصفوه بأنواع مختلفة من الأوصاف ، سلبية كانت أم ايجابية .
ومن هنا تأتي خطورة الحكم على شخص بسرعة ودون معرفة وافية كافية عنه .
وقد قالوا قديماً في المعنى ذاته بأنه ليس كل ما يلمع ذهباً .
والشاهد أن المرء منا عليه أن يكون متريثاً طويل البال في مسألة الحكم على الآخرين .
فإن أكثر ما يوصي به الحكماء غيرهم هو ألا يتعجل المرء في الحكم وتقييم الآخرين من خلال المظهر ، فإننا كثيراً ما نرى بشراً يمتطون ويركبون الخيول ،
فهل يعني ذلك أن كلهم فرسان ؟ بالطبع لا ..
وكل العصافير تغرد ، ولكن هل كلها تغرد أصواتاً جميلة ؟ لا وبكل تأكيد ،
فهناك الجميل الممتع ، مثلما هناك أيضاً القبيح المزعج .
يقول خبراء النفوس الإنسانية: إننا قادرون على تقييم الغير إن صادف وسافرنا معهم ،
أو تعاملنا معهم في المال .
فمن خلال هذين المجالين يمكننا أن نتعرف على دقائق الأمور وتفاصيلها فيمن نتعامل معهم ، وبالتالي تسهل علينا عملية التقييم والحكم .
ولعل هذه الحقائق تدعونا وتقودنا أيضاً إلى موضوع آخر مهم يتمثل في اختيار الأصدقاء ومع من نتعاشر أو نتعامل .
فإن البداية الصحيحة لعلاقة جيدة وصحيحة وصحية أيضاً تكون في حسن اختيار من ستتعامل معه .
فإن من يتبع البوم ، فإنه بالتأكيد سيؤدي به إلى الخرائب التي تعيش فيها .
والمغاربة يقولون في هذا السياق: إن من يقضي الليل في مستنقع يعيش فيه ضفادع،
فلن يستيقظ إلا وقد صار ينقنق مثل أهل ذلك المستنقع من الضفادع !
والفرنسيون يقولون في المعنى نفسه ،
بأن المرء يعوي لو أنه صار مع الذئاب .
لذا يبدو مما سبق من القول ، أن من المهم جداً أن يحسن المرء منا اختيار الأصحاب والأصدقاء ،
وكما قالوا قديما : قل لي من تعاشر أقل لك من أنت ،
و القرين بالمقارن يقتدي .. وهذه دعوة لحسن اختيار الأصحاب والخلان ،
وليكن مقصدك في مسألة الصداقة والمعاشرة أيها القارئ الكريم دوماً وأبداً ،
من هم في مقامك وقدرك ، فإن الزيت لا يمتزج مع الماء أبداً ، ولا الخل مع الحليب
عبد الله العمادي .