![]() |
من يتبع البوم يوديه الخرايب
قبل أن تحكم على الغير أو تصاحبه يقول الأوروبيون: إن الإنسان الذي لا نعرفه تمام المعرفة ، فمثله كمثل حبة فلفل ، ما لم نسحقها بالأسنان ، فلن تدري كم هي تلك الحبة محرقة وحارة . لهذا حين تدخل مع إنسان ما في علاقة أو تعامل ما ، فإنك ستتعرف بالضرورة عليه وعلى طبيعته ومن أي نوع وفئة هو وقبل ذلك فلن تكون معلوماتك دقيقة عنه ، وإن تحدث عنه الآخرون بشتى أنواع الحديث ووصفوه بأنواع مختلفة من الأوصاف ، سلبية كانت أم ايجابية . ومن هنا تأتي خطورة الحكم على شخص بسرعة ودون معرفة وافية كافية عنه . وقد قالوا قديماً في المعنى ذاته بأنه ليس كل ما يلمع ذهباً . والشاهد أن المرء منا عليه أن يكون متريثاً طويل البال في مسألة الحكم على الآخرين . فإن أكثر ما يوصي به الحكماء غيرهم هو ألا يتعجل المرء في الحكم وتقييم الآخرين من خلال المظهر ، فإننا كثيراً ما نرى بشراً يمتطون ويركبون الخيول ، فهل يعني ذلك أن كلهم فرسان ؟ بالطبع لا .. وكل العصافير تغرد ، ولكن هل كلها تغرد أصواتاً جميلة ؟ لا وبكل تأكيد ، فهناك الجميل الممتع ، مثلما هناك أيضاً القبيح المزعج . يقول خبراء النفوس الإنسانية: إننا قادرون على تقييم الغير إن صادف وسافرنا معهم ، أو تعاملنا معهم في المال . فمن خلال هذين المجالين يمكننا أن نتعرف على دقائق الأمور وتفاصيلها فيمن نتعامل معهم ، وبالتالي تسهل علينا عملية التقييم والحكم . ولعل هذه الحقائق تدعونا وتقودنا أيضاً إلى موضوع آخر مهم يتمثل في اختيار الأصدقاء ومع من نتعاشر أو نتعامل . فإن البداية الصحيحة لعلاقة جيدة وصحيحة وصحية أيضاً تكون في حسن اختيار من ستتعامل معه . فإن من يتبع البوم ، فإنه بالتأكيد سيؤدي به إلى الخرائب التي تعيش فيها . والمغاربة يقولون في هذا السياق: إن من يقضي الليل في مستنقع يعيش فيه ضفادع، فلن يستيقظ إلا وقد صار ينقنق مثل أهل ذلك المستنقع من الضفادع ! والفرنسيون يقولون في المعنى نفسه ، بأن المرء يعوي لو أنه صار مع الذئاب . لذا يبدو مما سبق من القول ، أن من المهم جداً أن يحسن المرء منا اختيار الأصحاب والأصدقاء ، وكما قالوا قديما : قل لي من تعاشر أقل لك من أنت ، و القرين بالمقارن يقتدي .. وهذه دعوة لحسن اختيار الأصحاب والخلان ، وليكن مقصدك في مسألة الصداقة والمعاشرة أيها القارئ الكريم دوماً وأبداً ، من هم في مقامك وقدرك ، فإن الزيت لا يمتزج مع الماء أبداً ، ولا الخل مع الحليب عبد الله العمادي . |
الساعة الآن 07:55 PM. |