على رغم المطر المتساقط بشكل دائم على بلغاريا ، إلا أن القليل منهم يحمل شمّسية ، ولعل الفتاة التي رأيتها في العاصمة صوفيا في إحدى محلات بيع التذاكر لا تزال عالقة في مخيلتي بشكل مؤبد ، فمنذ مغادرتي صوفيا وأنا تحدوني الرغبة بالبقاء هناك خمس ساعات إضافية ، أو خمسة أيام ، أو خمس سنوات حيث أعبُّ من متعة الترنّي إلى وجهها البيضاوي الوسيم وعينيها الوديعتين ، كانت تبيعني التذكرة ، وأي تذكرة هي ! ، كانت تذكرة لمشاهدتها وهي تقص التذاكر ! ، كانت الشفة السفلى في ثغرها الصغير أكثر امتلاء من العليا ، يخال المرء معها أنها منتفخة قليلاً ، وأروع ما كان يميز ملامحها هما عيناها . يا للفرحة ، والعطف ، والفضول الودي الذي تشعانه ! وأكثر من ذلك أنهما تضيئان بنوعٍ من الابتسام يتوق إليه شاب في العشرين من عمره ، وبخاصة إذا كانت الحروب الخشنة سحقت قلبه سحقاً ؛ كانت فتاة نصف متشردة ، عاشت في الأقبية والعليّات ، والأزقة الخلفية ، وأرصفة الشوارع العامة ، وبرغم هذا كانت أنيقة مثل طائر الطاووس ، ترى الناس والحياة بعيني تلميذة ذكية فضولية ، وتدخن برشاقة ، وترسم بمهارة ، وتُبدي شيئاً من الموهبة في التمثيل ، الأمر الوحيد الذي لم تمارسه بعد هو التوليد .
العرض العادي
