العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام التقنيه والتصاميم والجرافيكس]:::::+ > منتدى التجارب
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-02-2009, 07:02 AM   رقم المشاركة : 1
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل

عدم الدخول بلا محرم





تستطيع قراءة الموضوع من أسفل إلى أعلى أو العكس ، لا فرق .




من أنا ! ، هذه ليست مسابقة أو فعالية تُشحذ من خلالها الهمم ، لقد أبرمتُ عقداً مع الشيطان على أن يُعطيني بعضاً من جنونه مقابل أن أُقدم له كتاب البداية والنهاية لابن كثير ! ؛ وقد عزمتُ قبل 3 سنوات عندما كنتُ ميتاً في مقبرة العود على كتابة هذه السيرة اليسيرة .

الكلبة بنت الكلب أيقونة إضافة موضوع جديد أخرتني كثيراً عنكم ، ناهيك عن الإعلانات التي زيّنَتْ أعلى الموقع وأثقلت الاتصال .


المملكة العربية السعودية
الرياض – حي أم سليم
==/10/==== من السنة الهجرية

سيرتي الشخصيّة مخالفة للأصول ، والمواقف التي تتخللها تشكل خطَّاً موازياً لخط الجنون ؛ خطر ببالي كتابة هذه السيرة غير متحرّج من الفضيحة ، ومتناسياً الولولة والبلبلة ، وشقّ الجيوب وحبْ الخشوم ، فحياتي التي أشبه بحياة لبؤة فقدت مخلبها في معركة دامية ، منبوذٌ في كل دار ، ومطرود في كل طريق ، رأيتُ أن استرجعها وأقوم بتشذيبها ثم أعيد صياغتها باللغة المناسبة ، ولعل ما أذكره من اللحظات تلك هي الحوادث التي تركت أثراً على جسدي أولاً ثم التي بصمت على قلبي ثانياً ، على وجه العموم لا تصدقوا أن ( المسجل ) يستطيع نقل حياتي كرواية أو قصة أو حتى سيرة مسموعة ، لأنك أنت أيها القارئ من يجب عليه أن يقرأ ، ويقف حيث يريد الوقوف ، سواء ليضحك أو ليمسح أنفه ! .


ولادتي التي كانت في حي أم سليم ، بالتحديد من بطن والدتي إلى الشارع الذي كان هو الحضانة وترابه هو سريري ، أم سليم وقتها كانت ك براشوف ، بساطة موغلة في الفقر والعوز ، الريال الذي كانت ألفه كي يبدو أكثر ، وشراب الكعكي كولا أيَّام الجمعة ، وجارنا اليمني السَّكير ، المُبكي في الأمر أنني في أيَّام الشتاء القارص كنت أخرج للمدرسة باكراً عنوة كي ألحق على إفطار صديقي مبارك وجدته هيلة ، الفول الحار الذي وددت أكثر من مرة أن أُلطخ نفسي به ليحميني من البرد الناشف الذي يَدُك العظم دكّا .
طلعات البر في منطقة بنبان و صلبوخ و ظهرة – الزدْيّه – لا تزال في الذاكرة بكامل تفاصيلها ، الجاكيت الرصاصي المقلم ، والثوب الأصفر ، والشعر الذي لا ينبت أبداً أكثر من 2 سم ، الأشمغة الحمراء جداً ، الأيادي المتسخة والأظافر السوداء ، الخِراف النجديّة الكثيرة ، الإبريق الرصاصي الكبير الأشهب ، المطارح الصفراء ذات الورود الحمراء ، والبطانيّات الخضراء – كروهات - ، العيشة الرضيّة ، وأشرطة حجاب و خلف بن هذال وبشير ، الحديث عن تلكم الذكريات أشبه ما يكون برسم لوحة في الهواء ، بل أشبه بلعبة بدون كلام ، حركات بلا معنى ، وإيماءات مُعاق .
أسمي الغير لائق ، والذي أصبح منذ 3 سنوات لا يُطاق بسبب خدش أصاب بطاقة الأحوال على الحرف الثاني منه ، غرفتي التي تحتاج إلى تعريف صوتي حتّى تدخل إليها ، الغرفة المقبرة ؛ كتب أولى ابتدائي لا زلت أحتفظ بها ، كاسيتات أصليّة ابتعتها في وقتها ك نجمة ونهر ، أمي تقول بأن غرفتك لا تدخلها الملائكة بسبب وجودك فيها ، الغرفة التي يوجد بها بوستر كبير لسيارتي المفضلة وقتها ( كامارو 1988 ) ؛ لعل أبرز ما في مرحلة الطفولة هو المصحف الذي أملكه وأنا لا أعرف القراءة ، المصحف الذي اكتشفت بعد إتقاني للقراءة بأنه ليس مرتباً بل هو صفحات جمعها فاعل خير وألصقها بجانب بعضها البعض !! ، مرحلة الطفولة التي تشبه مراحل نمو الصبيان في صوفيا عاصمة بلغاريا ، فإن هم تربوا على كُره وبغض يوغوسلافيا ، فأنا نشأت على تعليمات جادة ومستديمة للابتعاد عن الحرام بكافة أشكاله ، لم أكن أدري وقتها بأن الحرام هو ألذُّ ما في الحياة ! ، وظننتُ أن الابتعاد عنه سيكون ك ( صناعة نبّيطة ) ، سهل جداً ! ؛ ترعرعتُ في البيت الوحيد الذي يستخدم ( الخياش ) كوسيلة تبريد عِوضاً عن الثلاجة ، البيت الذكوري جداً ، لم يكن حينها في بيتنا غير الذكور ، أمي تعتبر دخيلة ، ونحاول محاربتها بكافة أنواع الأسلحة المتوفرة آنذاك ، كالنوم عن الصلاة ، والتدخين في البيت ، وضرب أولاد الحارة ، وتربية الحيوانات المريضة – من كلاب وقطط - ، وتقديم الأكل لها في أقرب الأواني المنزلية لقلب أمي ك قدر الكبسة ! ؛ أبي الذي لم أعرفه إلا في سن السابعة قُبيل آذان العصر بعد أن أمرتني أمي بإيقاظه لأجل الغداء !! ، أعترف لكم بأن أول لقاء به كان مُفجعاً ، فقد كان مهلهلاً جائعاً وعليه آثار الإرهاق المُزمن ، لم يكن للقاء طراوة ولا حلاوة ، أيقظته وأنا أقول في نفسي ( هذا أبوي ) ! ، كنت كمن فتح هدية يتوقعها قيّمة فوجدها مقلباً سخيفاً !







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%

قديم 04-02-2009, 07:05 AM   رقم المشاركة : 2
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل





المملكة العربية السعودية
الرياض – حي السويدي
غُرة شوال / == / ==== من السنة الهجرية

كلما ادلهمَّ الظلام ، وخيَّم الهدوء وسَكَت صوت المؤذن بعد آذان العِشاء ، كنت أخرج لأجوب الطرقات مع صديقي سعود على سيَّارته من نوع بيجو ، تلك البيجو التي تنال في كل يوم كم هائل من الضحكات وحركات الاستهزاء من سعود ، يقول أن هذه البيجو باستطاعتها الرجوع لبيتهم دون أن يقودها ، وأنه لا يخسر شيئاً من الوقود لأجلها فهي آكلة للأعشاب ؛ ليلة بعد ليلة ، وعلى ظهر بيجو أحمر مائل إلى لون الحنَّاء الذي يخضب أصابع النساء ، وطرقات السويدي الملفوفة بخرق سوداء ، وأعمدة الإضاءة الصفراء الخافتة ، والكثير الكثير من سيّارات الداتسون ، شوارع السويدي التي يطوّقها الظلام حتَّى في أكثر ساعات النهار نوراً ، مطابخ المندي والمظبي التي تُغذي بطون أصناف متعددة من البشر ، الفقير والبسيط ، السعودي والبنجالي ، النصّاب والصادق ، المختل عقليّاً والصحيح ، والكثير جداً من العزّاب ؛ الحفريّات التي تُزين شوارع السويدي بُنيت على جثث جماعيّة لأقوام ماتوا من القهر والكَمد ، سِرْ خصوبة الأراضي هناك بالتأكيد هو سَماد هذه الجثث ؛ ومما يُثيرني في السويدي أنَّهُ ينفرد بالصدارة كونه أكثر الأحياء تفريخاً للإرهابيين ، وأكبر مسرح للعمليات الإرهابية وتجهيزاتها ، وهذا ما يجعلني أُحبه وأرفض الخروج منه مهما حدث .

قراءة حيّ السويدي لا يقوم بها إلا 5 أصناف من البشر ، فإما عربيد مُفحط ، أو إمام مسجد يُقيم الصلاة في غير وقتها ، أو فقير يمشي على أربع من شدة الفقر ، أو رب أُسرة لا يعرف أسماء أبناءه ، وأخيراً بنغالي مُخنث .







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%

قديم 06-02-2009, 01:35 AM   رقم المشاركة : 3
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل





أم فهد ، واسمها الصريح أْمويضي ، أم الجيران التي تجاوزت العمر الافتراضي لأي آدمي ، التي يكشف الأطباء على قلبها في ساقها نتيجة الترهل الذي أصاب الجزء العلوي من جسدها – أو المسمى مجازاً جسداً - ، الشمطاء التي رحل عنها الملكان الحسيب والرقيب منذ 13 سنة مضت ، وأصابها ذاك المرض الذي يُصيب المفارش عندما تُخزَّن لفترات طويلة في أماكن مُغلقة ، فأصبحت معدومة المعالم ، منقرضة من الجانب الأيمن ، كأنها رغيف التميس الذي كنت أحضره للمنزل وقد أكلت نصفه في الطريق ؛ هذه الساحرة تستحق مني أكثر من ذلك ، أنا أتمنى ألا يقبلها الله فيمن عنده ، وأتمنى أن تلفظها طبقة الأوزون قبل أن تصل للسماء الأولى حتَّى ، وأنا على علم يقين بأن السر في طول عمرها إنما هو تعذيب لها لا تطهير وتكفير ، المُعمرة التي شهدت موقعة حصان طروادة ، ذات التقاسيم المملوءة كمداً ، التي كنت أقبل يداها مجبراً واشتمُ منها رائحة اللحم النَّي مخلوطة برائحة الحنَّاء الأسود ، وأطبعُ على جبينها قبلةً مرغماً فيعلقُ في شَفَتي بقايا شيء طعمه كطعم ثمرة العبْري الفاسدة ، هذه البِذرة الفاسدة هي سبب أول مصيبة غيّرت مجرى حياتي إلى السوء .


.
.
.
.
.
.
.


كان يحضر لنا صديقي عطّيْ – وهو لقبٌ اشتهر به – الدخان بعد أن يسرقه من أخيه بعد أن يسرقه الأخير من أبيه ، فيوزع بيننا بالتساوي على حسب ما يحويه البَكتْ من سجائر ، فمرة أغنم سبعاً ومرة أخرج بمشاطرة السيجارة مع عطّيْ الذي يبلل السيجارة بلعابه كالكلب ، في إحدى المرات القلائل غَنمتُ سيجارة كاملة ، وتوجهتُ لصومعتي آنذاك ، وهي عبارة عن قفصٍ كبير في سطح المنزل يتشارك فيها الدجاج والحمام حياتهم هانئين ، ضاربين قوانين الطبيعة عرض الحائط بزواجهم من بعضهم البعض ، دون النظر لأمور الأصول والفروق الفردية ، فالقطيفي يتزوج الرومي ، والمصرول يتزوج المصري ! ؛ جلستُ بجانب باب السطح ، محملقاً في القفص الكبير ، أخرجتُ السيجارة وأشعلتها بالكبريت ، أخذتُ نفساً وحلقتُ منخفضاً ، فذلك الزمان لا يوجد ما هو أعلى من سطح المنزل ، حتَّى لو كنت ذا مخيلة خصبة وخيال واسع فلا تحلم بأعلى من الخزان العلوي ؛ بعد فراغي من السيجارة وقذف ما تبقى منها – هذا إنْ بقي منها شيء – في حوض الماء المخصص لغسيل ملابس إخوتي ! .

لم أكن أدري بأن أم فهد قد شاهدتني ، بالأصل قد غاب عن بالي بأن أم فهد من هواة ( تقفير اللحم ) وبذلك يكون صعودها للسطح أمراً غير مستغرب ، لا أدري وقتها ما هي رويترز ، لكني علمتُ ذلك عندما وطئت قدمي العتبة الأخيرة في الدرج المؤدي لساحة المنزل و واجهتني والدتي بالخبر السعيد ( أريستاراخ أنت تتن !! ) .
في ذلك الوقت لا يوجد تكنيك معيّن لعملية الضرب ، ولا يتَبعُ أرباب الأُسر فنيّات معينة فيه ، ولا يوالون الترتيب في ضرب أنحاء الجسم ، آخر ما أذكره هو معلاق الملابس الخشبي الذي عَلِقَ في حاجبي الأيمن !!
غِبتُ عن الوعي مدةً كافية لأن أقوم وتقول لي أمي ( يالله الغداء ، هذا لحم مقفّرته أم فهد ومرسلته لنا طعمه ) – تقفير اللحم يستغرق أياماً - .

وللتذكير ؛ فقد كنتُ أنا وعطْيّ وبعض الكلاب الجربانة من الأصدقاء نسبحُ في الوادي عُراةً ، وقد كان أمراً طبيعياً جداً !!.







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%

قديم 06-02-2009, 02:22 AM   رقم المشاركة : 4
المحتار-
( وِد ذهبي )
 
الصورة الرمزية المحتار-
 






المحتار- غير متصل




وكأنك تلعن ماضيك . .!!
وحاضرك . .







التوقيع :
"لكل بداية نهاية"
قررت إعتزال الكتابه والمشاركة والنقاش
فاعتبروني " مجرد زائر"

قديم 06-02-2009, 03:35 AM   رقم المشاركة : 5
๑ஐتــآهت افكــآري ஐ๑
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية ๑ஐتــآهت افكــآري ஐ๑

الخط صغير جدا يبي له تكبير

برجع اعلق

ودي







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

عنود صيدٍ ماقنصهاا مقانيص -ولا ذيروهاا رافعين الحساسي

قديم 10-02-2009, 01:22 AM   رقم المشاركة : 6
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل

كنت أكبر حمار يوم صدقت كل من قال (أحبك)







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%

قديم 10-02-2009, 01:25 AM   رقم المشاركة : 7
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل







لم يكن التعارف على الفتيات وقتها سهلاً ، نظام المعيشة لم يكن يساعد على ذلك ، حتّى أنا نفسي لم أكتشف أن لي أختاً إلا بعد 6 سنوات !! ؛ فليس هناك فتيات يذهبن مع السائق ، ولم يكن هناك ذهاب للمطعم أو الكوفي كما هو الحال الآن ، حتى إن اضطرت الفتاة للخروج لأمرٍ ملح كانت تخرج وهي محاطة بحرس من الفتيان ، يحيطون بها وكأنهم حرس شرف للرئيس الباكستاني ، حتّى فكرة استراق النظر لها وهي وسط هذه الحراسة ربما يكلفك عضواً من أعضائك ذات المفاصل الكثيرة ؛ الفتاة آنذاك كان لها خصوصيّة جادة ، لها عالمها الخاص جداً ، لعل أكثر ما كان يقهرني في مسألة الفتيات هي مسألة اللبس !! ، كانت الفتاة على الدوام تملك عدة فساتين ، منوعة وملونة وزاهية ، كانت فساتينها جميلة ، أما ثيابنا نحن فكانت نمطيّة تصيبك بالكمد ، غير أنيقة ، مرقعة وتكتسب مع مرور الوقت وبفعل فاعل لوناً آخر غير لونها الأصلي ، كانت عملية بمعنى ( تمشي الحال ) أو ( تخب علينا ) ، ولما أبديت امتعاضي واحتجاجي على هذا التمييز الذي ينافي جميع الدروس الدينية التي نتلقاها في المسجد ، ضحكت علي أمي وقالت لي : هي بنت ، تبغى تصير بنت ؟ ، أوف مجرد مرور فكرة أن تكون بنتاً يعد أمراً رهيباً ، بالتأكيد لم أرد أن أكون بنتاً ، كيف ذلك ؟ ، أكون بنتاً ، فأتخلى عن مطاردة الكلاب ، ومزاولة السرقات ، والتدخين ، وأحبس في البيت وأساعد أمي في تجهيز الأكل وترتيب المنزل ؛ ولهذا نشأت لدي نظرية أنك إذا أردت أن تعرف المستوى المعيشي لأسرةٍ ما ، فانظر إلى ذكورها الصغار لا إلى إناثها ، إذا لا ضرر من ( شرشحة ) الذكر ، بينما لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال أن تبدو الأنثى إلا نظيفة وأنيقة حتّى لو كانت قبيحة مفجعة ؛ ورغماً عن ذلك كله أنا أذكر بالضبط ما فعلته بنت الجيران ( تهاني ) معي ، لكني لم أفهمه إلا متأخراً ، ولكم أن تخمنوا ماذا فعلت !! .







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%

قديم 10-02-2009, 06:08 AM   رقم المشاركة : 8
๑ஐتــآهت افكــآري ஐ๑
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية ๑ஐتــآهت افكــآري ஐ๑

ياخساره كنت مندمجه <<<<

متابعه







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

عنود صيدٍ ماقنصهاا مقانيص -ولا ذيروهاا رافعين الحساسي

قديم 14-02-2009, 12:53 AM   رقم المشاركة : 9
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل




إنَّ نهار العيد في سنة 1408 من الهجرة لا ينسى أبداً ، النهار البديع جدّاً ، الذي يستمر بشمسه حتّى العاشرة مساءً ، وأحياناً يجيء القمر عند الساعة التاسعة مساءً ليركل الشمس ! ، تلك الشمس التي كانت آنذاك تُشرق من كَبد السماء مباشرة ، فتكون كإضاءة مكتبيّة صفراء مسلّطة ، البيت الذي تفوح فيه رائحة – الطبخ – القادمة من سطحه ! ، أباريق الشاي الموضوعة بحرفيّة على عيون الغاز ليصلها – بالتساوي – لهيب النار ، المباخر المصطفة بجوار بعضها عند الباب المؤدي لخارج البيت ؛ الغريب في الأمر أن تلك الأيام كان شهر رمضان شديدة البرودة ، مما يدعونا إلى تفصيل ثياب شتوية !! ، وفي نهار العيد تكون درجة الحرارة 40 درجة مئوية !! ، لعل تلك الحرارة هي حرارة الشوق النابع من قلوب الكل آنذاك ! ، فالجميع كان يرحب بك وهو يضع يده على قلبه ! ، والمميز في ذلك الوقت هو شخصيّة – الفراشة – المشهورة ! ، والتي تميّز بها أكثر من غيره ابن الجيران عبد الكريم الزهراني ! .

في ذلك النهار ، وبعد صلاة العيد مباشرة ، عُدت إلى البيت لأُخرج أنا وبعض الجيران – زوليّة – العيد ، التي نفرشها في الشارع ، الشارع الذي نَسُد أوله وآخره بالسيّارات وكأنه ملكٌ لنا ! ، هذه – الزوليّة – التي يتجاوز طولها 15 متراً هي البركة ، وأعدُّها من أفراد الأسرة ، فلولاها لما اجتمعت الحارة ، فعليها يجلس عُمدة الحارة – أبو سيف – رحمه الله ، ويبدأ في انتقاد التجهيزات وكأنه مجبر على المجيء ! ، وتُقدم عليها القهوة والشاي ، ونضع فوقها – عيديه – كل بيت ، أبو فهد الذي اشتهر بيته بالجريش ، وأبو سيف المعروف بالكبسة ، و أبو عبد الله الذي يتأخر دوماً في إحضار عيده – لأنه يطبخه خارج البيت – ولعل هذا ما يجعله يتبرع دوماً بصحنه إلى جمعيّة البِّرْ ! لأن لا رغبة لنا بأكل المطابخ ، نحن اعتدنا على طبخ البيوت ، أيادي الأمهات التي تُقطّع وتُحرك وترفع وتَنثر منذ الساعة 3 فجراً ، بالتأكيد بيتنا كان مشهوراً بالمندي ! ، وكثر الأولاد !! ؛ وبعد انتهاء الجميع عند الساعة 8 صباحاً تقريباً نبدأ في لَملمت أشلاء الخراف والفواكه والمواعين ، ونُدخلها كل بيت من باب المساعدة ؛ صحن الجريش حملته لبيت صاحبه ، لا يوجد تعقيد آنذاك ، ليس بالضرورة أن تضرب الجرس ، أو تتصل قبل أن تدخل ، كل ما عليك فعله هو أن ( تتنحنح ) وتدفع الباب بكتفك وترمي الصحن بطريقة معيّنة تجعله ينزلق زاحفاً تجاه أبعد نقطة داخل البيت ، لكن هذه المرة تلقفته يد مني ! ، وأنا أعرف هذه اليد جيّداً ، لكنني لم أتوقع أبداً ، أبداً .

يد ابنة الجيران – تهاني – هي التي تلقفت مني الصحن ، بالخمار الذي يُظهر أكثر مما يستر ، واليد اليُمنى المُزينة بالحنَّاء وخاتم جميل فيه – كما أظن – شيء يشبه غِطاء علبة الكولا ؛ تلقفته وهي تقول ( عيدك مبارك .. ) ، وكأنها أرادت إكمال الجملة ولكنني قاطعتها قائلاً ( .. الله يسلّمك ، وكل عام وأنتِ بخير ، هذا صحنكم ) ، أعطيتها الصحن وفكرت في الابتعاد فوراً قبل أن يراني أحد ! ، لكنها أمسكتني بيدها الأخرى قائلة ( .. لحظة ، بعطيك شيء ) ! ، لم يداخلني شك بأن الذي تُريد إعطائي إيَّاه لا يخرج عن 3 أشياء ( صحن ، أو كيس حنَّاء ، أو قطعة قماش ) ، فهذه الثلاثة هي الأشياء الوحيدة التي تتبادلها والدتي مع الجيران ! ؛ قالت تهاني ( .. عطني يدك ) ، فأعطيتها يدي بلا أدنى تفكير ، وإذا هي تضع داخلها ورقة ! و اتبعت قائلة ( حسّ فيني ) ! .

شابٌ في مقتبل العمر ، لا يعرف من الجنس الآخر سوى إتقانه للطبخ ! ، وأشد ما شاهده من مشاهد الصبابة والهوى هو المشهد التي تضع فيه الناقة وليدها ! ، بالتأكيد هذه الكلمة ( حسّ فيني ) ليست مُدرجة في قاموسي ، ولا أعرف معنى لها ، حتَّى أني ظَننتُ بأن تهاني ( مريضة ) وتحتاج للمستشفى بأسرع وقت ! .
نزلت من مدخل المنزل ، وجلستُ في منتصف الشارع على مركا لم يأخذها صاحبها حتَّى الآن ، وفتحت الورقة فإذا مكتوب فيها :

( قادر الله يالغضْي نلتقي وسط الطريق ، خطوة مني و خطوة منك شارع الفرقا يضيق ، قادر الله والمحبّة هي من الله حطّها وسط القلوب ، قلب يتهنى بشبابه وقلب يتعذّب يذوب ، لا ولا يبو سن ضاحك من ما شفنا عبوس ، ما تعوّدنا نشوفك إلا بهجة للنفوس ، ليتني وأنت في جزيرة ما يجيها غيرنا ، حولنا بحور غزيرة نقضي فيها عمرنا ) .

وذيّلت الرسالة بالقول ( حسّ فيني ) ! ، مرة أخرى قرأت الورقة وأنا مصدوم وكأنني حاولت تقبيل القطار السريع ! ، ما هذا ، ماذا تعني هذه الرسالة ، وهذه الكلمات ! ، هل هي تختبر ثقافتي الشعريّة ، أو أن هذه كلمات مبطنّة لمقادير طبخة سريّة يجب أن أسلمها لوالدتي !! ، لجأت لصديقي عبد الله ، عطّيْ فبرغم غباءه إلا أنني أستطيع القول بأنه ( يجي منه ) ! ، وبعد أن قرأها عطّيْ قال لي ( .. هذي تبغاك ، يا ثور تبغاك ، ردّ عليها ) ! ، تبغاني – ردّ عليها !! ، ماذا يعني هذا ! ، هل تريد الزواج مني ؟ هل تريد مضاجعتي ؟ هل تريد مني أن أذهب معها للمستشفى ؟ ، لحظة أنا لم أفهم شيء ، الخيارات مفتوحة أمام جاهل مثلي ! ، أريد الأكيد واليقين ! .

نصحني عطّيْ بأن أرد عليها برسالة أخرى تحملُ كلمات أغنية أيضاً ، لكنني لا أميل لها ، ربما لم يُشاهد عطّي تهاني بعد ! ، هي أكبر مني ب 4 سنوات ! ، وكما يقال عنها و رأيتها ( هي مملوحة ) ! ، لكنها تمتلك شارباً من الزغب ، مؤدبة – هذا الخيار حذفته من المواصفات تماماً - ، وفي منطقة النحر هناك آثار توحي بوجود غابة من الشعر أسفل منه ، و ( شايلة البيت عن أمها ) ، وأضيف أنها ( بايعتها ) ! ، كل هذا يجعلني أتنحى تماماً عن مبادلة تهاني بنفس الشعور ، فكتبت رسالة كان فحواها :

( ليلة أمبارح ما قنيش نوم ، وإحنا لسّى في أول يوم ، قبل ما ترميني في بحورك ، مُش كنت تعلمني العوم )
وذيّلت الرسالة بقولي ( أنا ما أحسَّ بك ، ولا عاد تسوّين هالحركات معي ) ، وقد كتبت كل هذا في جزء اقتطعته من جريدة بالية من صفحّة الوفيّات بالتحديد ! .

هنا أدركت ماذا يعني أن تكون غلباناً ، تهاني الذي يتمناها القاصي والداني تأتيني برغم إرادتها وأرفضها بمحض إرادتي أيضاً ؛ عطّي صار ذكيّاً واستغل الفرصة ، سدّ ثغرتي لدى تهاني بعد أن إدراكه بأن البنت ( رايحتن فيها ) وتريد أي قطعة بشريّة تسد جوعها ، وأعتقد بأن عطي يستطيع سدّ كل أنواع الثغرات حتّى ثغرات المايكرو سوفت .
هكذا محروماً من انس الجنس الآخر تنقلب أوقات فراغك إلى مشكلة يومية تحوّلك إلى ما يشبه طواحين الهواء ، يحركها الهواء متى أراد ! .

لعل ما حصل لتهاني ترك في نفسي شعوراً بالذنب لا يزول ، فأمي تقول بأنها لم توفق في زواجها الثالث ! ، بالرغم من أنَّ عطّي قد يكون له يد في الأمر ، لكن نظرتها – أي تهاني - في كل مرة أراها فيها تجعلني أتحول إلى فرس نهر صغير مُحاط بلبؤة حنونة لكنها جائعة ! ، يَخْ ما أقبح هذا الشعور ! .
كانت تهاني هي البوابة ، لكنها بوابة ضيّقة تطلّبت مني أعواماً عديدة وأزمنة مديدة لأخرج منها ، خرجت منها مصاباً ببعض الكدمات ويغلب علي الضعف والخمول جرّاء الجهد الذي بذلته لأخرج ، ضعفاً وخمولاً يظنه الرائي كياسة وتروي ! .

اليوم أنا أكره اسم تهاني ، كرهاً شديداً يعلو كرهي للهلال ومحمد عبده ، وأمقت كل ما يمت له بصلة ، كبرنامج أفراح وتهاني ، وبطاقات الأفراح ، والخطابات التي يبدأ متنها ب ( تهانينا ) ؛ وفوقه كرهت كل بنات الجيران ، والحي ، والعاصمة ! .







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%

قديم 14-02-2009, 03:53 AM   رقم المشاركة : 10
مُذهله ♥ ~
( وِد ماسي )

أريستاراخ .. ممتعــه حكايتكـ ..
كنو انا عايشة كووول تفاصيلها
عساك على القوهـ






 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:45 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية