بين ماض وحاضر ومستقبل يعيش الانسان حياته ويتخللها أمور عديدة تدون في عقله وتبنى عليها أفكاره ومعتقداته ومبادئه، يكتسب خبرات عديدة تساعده في تخطي الحاضر ويبني على اساسها مفاهيم مستقبله، وفي المقابل قد يصادف في ماضيه تجارب مرعبه تخلق في قلبه خوف من مجهول ما ربما ليس له وجود الا انه مسيطر على عقله.
وتجارب الانسان في الحياة ليست سوى ماضي حياته والتي قد خاضها في يوم من الأيام، ولذلك الماضي صفحات دونت وكتبت بأفعال وأقوال الانسان ذاته، وربما يدرك ذلك الانسان ان تلك الصفحات قد ولى عليها الزمن ورحلت وتراكم عليها الغبار وباتت كأن لم تكن، الا انها في الحقيقة لم تعد تلك الصفحات سوى صور تعرض بشكل دائم في عين الانسان وتخلد في ذاكرته ولا يكاد ان ينساها يوما الا وتعاود الأيام ذكراها.
تلك الصفحات قد تفتح يوم بفعل الانسان ذاته أو قد تفتح من قبل شخص آخر قد يكون حبيب وقد يكون عدو وفي كلا الاحوال سيكون لفتحها مآسي وأحزان وآهات سيتذكر فيها الانسان احاسيس غابت عنه فترة من الزمن ومالبثت الا وان عادت مرة أخرى، ويبقى الالم بقوته وكانه حديث عهد ، وكانه اليوم حدث.
وقد لا تفتح تلك الصفحات ولكن يبقى أثرها في العقل اللاواعي للانسان، والذي يصدر أحاسيس متخبطة في قلب الانسان ويصبح الماض شبح يخيم على حياة حاضره ومستقبله، ويعجز العقل عن تحديد ماهية ذلك الشبح وكيفية الخلاص منه، وعندها يصبح الانسان أسير لذلك الشبح المجهول والذي بات يتحكم في عقله وقلبه ويمتلك حياته.
والسؤال الذي يراودني الآن هو
هل الماضي يأسر الانسان؟
نتيجة لما قد كتب سنقرأ من بين الحروف
نعم الماضي يأسر الانسان ويكيف حياته بما يحمله ماضيه!!!
صور من ماض اشخاص:
الصورة الاولى:
انسان منذ نعومة اظافره وهو لا يرى سوى الضرب الاليم على جسد امه من قبل ابيه ، لا يسمع سوى صياحها وبكائها وصراخ ابيه عليها، لم يشعر بحنان الابوة قط، وكل احاسيسه بنيت على اللامبالاة والقسوة والجفاء، أما حنان امه فقد فقده بسبب فقدان مشاعر الام فلم تعد مشاعرها سوى احزان واشجان تحمل آهات وجفاء وقسوة زوج.
الصورة الثانية:
فتاة لم تبلغ من العمر 4 سنوات تصادمت برجل كبير اغتصبها او حاول اغتصابها فأصبح الرجل في مخيلاتها شبح تخشاه.
الصورة الثالثة:
فتاة أحبت شاب (بغض النظر عن طريقة التعارف والحكم الشرعي فيها والخطأ ) الا انها سلمت قلبها لذلك الشاب وحياتها وروحها ومن ثم شرفها فباتت مدنسة لعرض اهلها ووقعت في خطأ كبير، وهذه في مجتمعنا يعد ماضيها امر شنيع والموت خير علاج لها.
الصورة الرابعة:
فتاة عاشت في بيت يملأه الحب والود بين افراد العائلة وبعد مضي عشرين سنة قضتها في ذلك البيت تراه ينهار بسبب زواج والدها ورحيله عن البيت، وعندها لا ترتسم في عقلها سوى صورة الرجل الخائن والذي يبحث دائما عما يسعده ويغض البصر عمن حوله، وتعرف حينها أن الرجل همه الوحيد هو ذاته وراحته
الصورة الخامسة:
انسان في سن الخامسة عشر يُطرق باب بيته ، فيفتحه واذا برجل يسلمه ورقة طلاق امه، وتصبح تلك الطرقة آذان لسوكته مدى الحياة.
الصورة السادسة:
انسان تعلق قلبه بالجنس الآخر ولكن حال القدر ان يجمع بينهما، ويرحل ويبني اسرة اخرى ولكن كيف سيكون هذا البناء وقلبه قد تعلق سابقا؟ خاصة اذا كان ذلك الانسان انثى فهل ياترى سيتقبل الزوج ان زوجته كانت مغرمة بشخص قبله؟ بمعنى آخر هل الزوج او الزوجة يحق لهما معرفة ماض كلا منهما؟
الصورة السابعة:
انسان اخطأ وارتكب جريمة ما (وبغض النظر عن الجريمة) الا انه تعاقب عليها واخذ جزاءه ،وعندما تاب واعزم على عدم العودة طاردته الجريمة ( المدة؟) وللاسف سيتعدى مطاردتها الى ابنائه واحفاده وكل نسله.
وهناك صور عديدة من صفحات ماض كلا منا الا ان طيلة الحديث قد يمل منه القارئ لذلك ساترك بقية الصور عليكم مع العلم ان لاحصر لها. واترك لكم تحديد المدة التي قد ياسر ماضي الانسان حياته.
وعلى هامش ماكتبت اذكر
أن رحلتنا في حياتنا نزودها بما نمر فيها ولتكن تلك التجارب ايجابية مهما حملت في طياتها من الم وحزن، وليكن منظارنا لها للبحث عن الافضل
والى متى يأسرنا الماضي؟