مشكورين اخواتي الافاضل
محمدعبدالوهاب ورزيقة
واحب اكمل
نسمع عن إبداعات مقاومٍ في جهاده ضد المحتلين، ونسمع عن فدائيّةٍ وهبت نفسها لله من أجل الدفاع عن حمى وطنها، ونسمع عن شبلٍ وقف أمام آلة الحرب الصهيونيّة المتطوّرة رافعاً رأسه وراجماً لها بحجارته التي أضحت أقوى من صلف الاحتلال .. و لكن هنا مع عائلة الغول فالوضع يشبه الحكاية التي تُروى عبر الأجيال ، حكاية عائلةٍ نشأت لتكون كلّها مشروع مقاومة وشهادة في سبيل الله، النموذج الذي قلّما نجده في عالم المادة و غياب المُثُل والمبادئ ...
عائلة الغول ، مثلها مثل أيّ عائلة فلسطينيّة أخرى ، نشأت في زمن الظلم و ضياع الحقوق، وفي زمنٍ أصبح فيه الاحتلال "حقاً" و المقاومة "إرهاباً"، و كان عليها كأيّ عائلة أخرى أن تشقّ حياتها في هذا الوضع الغريب والطارئ .. و لكنها رأت أن طريقها لا يكون بالاستسلام لهذا الوضع و الخنوع له ، تحت شمّاعة "الأمر الواقع" ، إنما أرادت أن تشقّ حياتها عائلةً عزيزةً كريمة تأبى الضيم وتسعى لتحقيق ذاتها بترسيخ حقّها الشرعيّ في وطنها السليب، رافضةً التسليم بوجود الاحتلال أمراً واقعاً لا محالة، كما جاء الاحتلال بالقوة وبالإرهاب ، فلا بدّ له يوماً أن يرحل مدحوراً بالمقاومة والجهاد..
الله غايتنا وهل من غاية أسمى وأغلى من رضى الرحمن وزعيم دعوتنا الرسول وما لنا غير الرسول محمد من ثان دستورنا القرآن وهو منزل والعدل كل العدل في القرآن وسبيل دعوتنا الجهاد وإنه إن ضاع ضاعت حرمة الأوطان والموت أمنية الدعاة فهل ترى ركنا يعاب بهذه الأركان.
كلا والذي رفع السماء بلا عمد والله إنه لمنهج قويم وعلى خطاه أنتم سائرون إنكم مجاهدون فهنيئاً للقسّامي الكبير "عدنان الغول " ولابنيه "بلال" و"محمد"
بلال عدنان الغول
قارع الصهاينة رغم حداثة سنه
عاش بلال في أسرة ملتزمة بشرع الله عز وجل لا تعرف إلا طريق المساجد وله ثلاثة أخوة : محمد في الثالث الإعدادي، ومحمود في الرابع الابتدائي وهلال الذي لم يتجاوز عمره خمسة أشهر أما أبو عدنان فعرف عنه أنه رجل شجاع صابر محتسب جاهد كثيرا ضد الصهاينة ويعتبر من رموز ومؤسسي كتائب القسام وهو من أوائل المطلوبين للصهاينة لما احتوى سجله الجهادي من أعمال بطولية ضدهم وكان كثيرا ما يرشد بلال إلى طريق الشهادة ويحببه بها حتى نالها وانتظرها أباه حتى نالها أيضاً، أما عمه المسجون أبو عمران فك الله أسره الذي يعتبر من المجاهدين الذين لهم باع طويل في السجل الجهادي ضد الصهاينة، وآم بلال فهي تلك المرأة الصابرة المحتسبة والتي يعجز القلم أن يسطر إرادتها القوية وعزيمتها الجبارة وإيمانها المتجدد ، ويكتفي القلم بأن يكتب لها "سلم ذلك الصدر الذي أرضع ذاك الأسد" أما أخيه محمد فهو ذاك الشاب الخلوق والبشوش الذي ورث ابتسامة بلال ومحمود في الصف الرابع الابتدائي والذي ما زال صغيرا أما هلال فلم يتجاوز عمره خمسة اشهر فربما يكتب له القدر أن يسطر ما لم يستطع أن يسطره أخوه بلال ويذكر أن عائلة الغول قدمت سبعة شهداء من خيرة أبنائها في الفترة الواقعة بين عامي 84 وحتى العام 2001
بعد أن عمل بلال كثيرا في طريق الجهاد والمقاومة مع إخوانه في كتائب الشهيد عز الدين القسام نال شرف الشهادة في سبيل الله تعالى عندما قامت طائرات صهيونية أمريكية الصنع من نوع أباتشي بقصف السيارة التي كان يستقلها وسيارة والده وكان معه أحد المجاهدين بأربعة صواريخ ولكنه هرب منها واستمرت الطائرات في ملاحقته حتى استشهد على ثرى فلسطين الطاهر يوم الأربعاء 22 سبتمبر لهذا العام 2001 .
ولد الشهيد القسامي بلال عدنان الغول في منطقة المغراقة عام 1983 وترعرع على موائد القرآن في مساجد المغراقة الصغيرة والتي تخرج منها العديد من رجال القسام؛ كان منذ صغره مبتسما ومحبوبا بين أصدقائه الذين بكوا كثيرا عندما فارقهم إلى الجنة بإذن الله تعالى.
وعرف عن بلال أنه تدرب على السلاح منذ صباه على يد المعلم الأكبر والده أحد المطلوبين الأوائل للصهاينة حتى انضم إلى صفوف إخوانه في الوحدات القسامية رغم صغر سنه واعتقل لدى جهاز المخابرات الفلسطيني أكثر من مرة بعد مطاردته لفترة من الزمن .
دراسته
بدأ بلال دراسته في مدرسة ذكور النصيرات الابتدائية للاجئين في المخيم الجديد بالنصيرات ويقول أحد أصدقائه إن الابتسامة لا تكاد تفارق وجهه البشوش فقد عاش محبوبا واستشهد محبوبا وواصل مسيرته التعليمية حتى ابتعد عن دراسته في الصف الثالث الإعدادي لظروف أمنية خاصة.
نشاطاته
كما ذكرنا سابقا فقد عرف عنه أنه تدرب على السلاح منذ صغره في المغراقة حتى تمرس في استخدامه بعد مدة وجيزة وله باع طويل في استخدام الأسلحة الجديدة والثقيلة كقذائف الهاون والانيرجا وغيرها، وشارك في غارات عديدة ضد أهداف صهيونية مع إخوته في كتائب القسام وكان يمتاز بالجرأة والشجاعة وكان أحد القساميين الذين شاركوا في حفل تأبين الشهيد القسامي عبد الحكيم المناعمة في مخيم المغازي.
هذا الشبل من ذاك الأسد
هذا الشبل من ذاك الأسد هكذا وصف الشهيد بلال يحيى الغول كل من عرفه, وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره. فهو نجل أحد القادة العسكريين الكبار لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس", واغتالته مروحيات صهيونية في عملية اغتيال كانت تستهدف أصلاً والده "عدنان"، وقائد كتائب القسام والمطلوب رقم واحد للكيان الصهيوني محمد ضيف، ومساعداً آخر لضيف يُدعى سعد العرابيد أصيب بجراح.
أسرة الغول التي ينحدر منها الشهيد بلال, ومن قبله والده "عدنان", أسرة مناضلة عرفت منذ سنين, فقد قدمت العديد من الشهداء والمناضلين منذ احتلال فلسطين. ورغم صغر سن بلال, فإن والده كان من أخطر المطلوبين لدى سلطات الاحتلال ومن أشدهم في مقاومة المحتل؛ كان يعتمد عليه في تحركاته وتنقلاته, وكان بلال دائماً عند حسن ظن والده فيه.
ويقول أحد أصدقاء بلال الذي كان يحمل صورته خلال تشييعه في غزة إن الشهيد كان جريئاً جداً, ونفذ العديد من العمليات العسكرية ضد المواقع الصهيونية والمستوطنات اليهودية خلال عمله في الخفاء في كتائب القسام, ومساعدته لجان المقاومة الشعبية، مشيراً إلى أنه كان يحب والده حباً كبيراً, ويعتبره قدوته, ولذا لم يستغرب حينما سمع أنه فداه وزميليه بنفسه, حينما استهدفتهم المروحيات الصهيونية.
وأضاف أن بلال تمكن من تضليل الطائرات المروحية, التي كشفت سيارته وسيارة أخرى كانت تقل والده ومحمد ضيف والعرابيد في طريق فرعية قرب وادي غزة وسط القطاع, وأتاح تضليله للطائرات الصهيونية فرصة لوالده وزميليه لمغادرة المكان, ففداهم بنفسه ليرتقي إلى العلا شهيداً بصواريخ طائرات "الأباتشي" الصهيونية (أمريكية الصنع) التي فحمت جثمانه.
الفلسطينيون يشيّعون بلال الغول في موكب مهيب
وقد خرجت للشهيد جنازة عسكرية كبيرة تقدمها قادة حركة "حماس" وقادة الفصائل الفلسطينية، وحملت جثمانه عربة عسكرية خرجت من مشفى الشفاء, وتوجهت إلى ديوان أسرته في مخيم الشاطئ, حيث ألقى ذووه عليه نظرة أخيرة, ثم سار الموكب إلى مسجد الكتيبة, حيث صليت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر.
وتحولت جنازة الشهيد, التي انطلقت من مسجد الكتيبة إلى مسيرة حاشدة قدر المشاركون فيها بأكثر من عشرة آلاف فلسطيني, بينهم مئات المسلحين الفلسطينيين, الذين أطلقوا الرصاص في الهواء بغزارة..
وسارت جنازة الشهيد في شوارع مخيم الشاطئ ومدينة غزة متجهة نحو مقبرة الشهداء شرق المدينة, حيث ووري جثمانه الثرى، بينما تعهدت كتائب عز الدين القسام عبر مكبرات الصوت بالثأر والانتقام لدم الشهيد الغول, وأعلنت أنها أطلقت سبع قذائف هاون على إحدى المستوطنات اليهودية اليوم الخميس في القطاع كرد أولي على اغتياله, ووعدت بمزيد من العمليات ضد الاحتلال الصهيوني.