بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله تعالى واهب المنن، الهادي إلى طريق السنن، وأصلى واسلم على النبي الهادي، والصوت الحادي إلى المحاسن والمراضي، ثم على آله وصحبه الأمجاد، ومن ائتم بهم إلى طرق الرشاد.
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال" إنكم تعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات"
من هذا الأثر يتبين لنا مدى خطورة الحال الذي نعيشه هذه الأيام من استصغار الذنوب وعدم المبالاة بما يقترفه كثير من الناس يومياً من ذنوب وآثام، فترى بعض الناس يحتقر في نفسه بعض الذنوب التي أصبح الناس للأسف يستسهلون فيها مع أنها من الكبائر، بل إن معظمهم يتسلون بها دون الشعور بالذنب وتأنيب الضمير، فالندم من أهم عوامل وشروط التوبة فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الندم التوبة ".
والطريق الصحيح هو الندم والتوبة ليستفيد المسلم من سعة الله تعالى ويسلك الطريق الصحيح لينجو من عذاب الله.
كيف أتوب ؟
أول خطوة تخطوها إلى التوبة هي أن تقلع فوراً وبدون تردد عن الذنب أو الذنوب التي تعملها، ثم تستحضر في قلبك النية والعزم على أنك لن وتندم على ما فعلته من هذه الذنوب وتعزم أيضاً على عدم العودة على فعلها مرة أخرى.
ثم تقوم بالتخلص من جميع الأشياء والأدوات التي كنت تستخدمها في ارتكاب المعاصي والذنوب.
ومن المفيد أن تتوضأ وتحسن الوضوء ثم تصلي ركعتين لقوله - صلى الله عليه وسلم - " ما من رجل يذنب ذنبًا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له" ثم قرأ هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
واهتم بإسباغ الوضوء كما أمر الله قبل أن تصلي ركعتين لقوله - صلى الله عليه وسلم- "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره". وحاول أن تكثر من الأعمال الصالحة قدر ما تستطيع.
لقوله تعالى{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (114) سورة هود.
وقوله - صلى الله عليه وسلم- " واتبع السيئة الحسنة تمحها " وقال تبارك وتعالى {إِلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}
وتحاول أن تأتي بالأعمال الصالحة خاصة التي ورد فيها نص صريح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها تكفر الذنوب.
وأقول لك أخي المسلم: إن الله سبحانه وتعالى رحيم كريم عفو غفور، أرحم بعباده من الأم بوليدها، فأقبل على الله وأرجع إليه تائباً مستغفراً نادماً فالله لا يتخلى عن عبده إذا جاءه مقبلاً عليه راجياً رحمته التي وسعت كل شيء فلا تسوف فإنك لا تدري متى يدركك الموت كما أن المعاصي كلما طال عليها الزمان طالت جذورها " وما مثل المسوف إلا مثل من احتاج إلى قلع شجرة، فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة، قال: أؤخرها سنة ثم أعود إليها، وهو لا يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها، وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه وازدادت الشجرة قوة وجذورها تشبعاً فكيف ينظر أن يغلبها ويقطعها إذا ازداد ضعفه وازدادت هي قوة".
وكما قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه " من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هروله...".
فاسعى إل الله تائباً والق بنفسك بين يديه سبحانه نادماً على ما فعلت فالندم توبة فما ظنك إذا فعلت بمن هو أرحم بعبده من الأم بوليدها، فكما يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي " أنا عند ظن عبدي بي إن ظن بي خيراً فله وإن ظن بي شراً فله ".
فأحسن الظن بأرحم الراحمين وسر إليه تائباً مستغفراً متيقناً أنه لا ملجأ من الله إلا إليه وسارع إلى فعل الخيرات والأعمال الصالحة ورفقة عباده الصالحين.
وقل كما قال الشاعر:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
فـقـد عـلمت بأن عـفوك أعـظم
إن ذا يـــرجــوك مــحــســنــاً
فـبمن يـلوذ ويستجيـر المجرم
ربي دعوتك ما أمرت تضرعاً
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحــم
بعض مكفرات الذنوب
1- إسباغ الوضوء والمشي إلى المساجد.
2- صيام يوم عرفه وعاشوراء.
3- قيام رمضان.
4- الحج المبرور.
5- الأذان.
6- الصلاة.
7- الإكثار من السجود.
8- قيام الليل.
9- الجهاد في سبيل الله.
10- حضور مجالس الذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسأل الله العلي القدير بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقبل توبتنا ويجمعنا في جنات عدن التي أعدها للمتقين وأن ينفعني وجميع المسلمين بهذه الرسالة ويكتب لنا أجرها يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فلا تتأخر ولا تسوف في التوبة، {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}