وجهي ..
وجهي حكا ..
وجهي بكى ..
وجهي خضبته الدموع
وجهي اشتكى ..
وجهي ادعى ..
يدافع عن قلبي الولوع
وجهي ..
عيناي ..
وأنفي ..
والشفاة ..
والقشعريرة في الضلوع
وجهي .. مانسا
ملامح وجهك ..
وكلامك ..
وعطرك ..
مانسا يوم الرجوع .
لكنك بعثرت ملامحه ..
شوهتها ..
حينما غادرت ..
فأنا وأنت وجه واحد .
إلى هنا يصل الحب ؟ إلى هنا يصل الذوبان ؟!
أي ذوبان هذا؟ أيعقل أن يكون ذوبان الحب؟!
وهل لملامح وجهنا أن تمتزج مع ملامح وجه من نحب؟!
لعله هو الحب الحقيقي , الذي نفتش عنه على أرصفة الشوارع , وفي كل إنسان نشعر بعاطفة نحوه , و في أدراجنا , وبين أسطر الكتب , وفي حقائبنا , وفي زوايا غرفتنا , وزجاجة عطر ...
حتى في ملامح وجهنا حينما ننظر في المرآة ...
تأملت ( حُبّى ) وجهها في المرآة بحثا عن ملامحه , علها تجده .
وفي لحظة عمق أفزعتها طرقات على الباب ..
- من ؟
- مهاب .
- تفضل
التفتت إلى الخلف ..
- ما خطبك ؟
- لا شيء , سوى أني أفتقدك هذه الأيام , كما ألحظ تغيرات لأول مرة تطرأ عليك ِ
- ليس بي مايقلقك َ .. أنا بخير
- حسنا .. أمي قلقة عليك ِ هل بإمكانك أن تذهبي إليها كي تطمأن ؟
- سأمر عليها بعد قليل
- جيد .. أراك ِ لاحقا .
أغلق مهاب الباب , والتفتت إلى المرآة .. فجأة شعرت بقشعريرة لأول مرة تسري في جسدها !!
ابتعدت عن المرآة بخوف وسعادة ..
- لقد وجدته ..
تضحك بأعلى صوتها .. لا يعقل هذا , ماهذا الجنون الذي أصابني ..
سأذهب لأمي قبل أن أجن حقا .
****
( حُبّى ) .. الفتاة
التي يمكنك أن تطلق عليها اسم (بارعة) , فهي تختلف وتفوق كل فتيات جيلها في كل شيء , لم يكن تفكيرها عاديا بل كان خارقا , لكنها مخيفة , فلديها أفكاراً مجنونة لا نعرف إلى أين ستسافر بها يوما ؟!
كل يوم أربعاء .. الساعة الرابعة مساءً أتذكره.. فهو اليوم الذي التقيت به في (السينما) لمشاهدة أحدث الأفلام .
كان مميزا يرتدي بدلة حمراء وبنطالاً أحمراً ومعطفاً أحمراً ...
وددت أن أسأله : لماذا اللون الأحمر ؟
نظراته الغريبة تدهشني .. تحتضنني , وكأنه أتى من أجلي !!
وفي ليلةخميس .. حيث كنت مدعوة في حفلة إحدى صديقاتي , أتفاجأ أنه أحد المدعوين ! وملابسه الحمراء هي نفسها !
ما أن دخلت حتى التفت إليّ مبتسما , وكأنه كان على علم بأني قادمة .
أزعجتني هذه الحفلة , حيث أحسست بأن كل الفتيات منجذبات إليه .
شعرت بغيرة تأكل أحشائي , لماذا ؟ هل أغار عليه ؟ هل أحبه ؟
لا .. لا الغيرة ليست دليلا على الحب .
حاولت غباءً تلك الليلة أن أتجاهل وجوده , لكن نظراته كانت تطاردني ...
وفي أثناء مناقشة طويلة مع صديقاتي أتاني صوتا من الخلف
- أرجو المعذرة
التفت .. رأيته أمامي إنه هو .. لم ينتظر مني جوابا واصل حديثه
- هل أنت ( حُبّى ) ؟
إنه يعرف اسمي , كيف؟
- أنت ِ ( حُبّى ) إذن , هل لنا أن نتحدث قليلا ؟
ثم أخذ يسير متجها نحو شجرة خلف المنزل , سرت خلفه دون تركيز ..
استند على جذع تلك الشجرة , وقفت أمامه صامته , عيناي تنظران إلى الأسفل , لا أجرؤ أن أنظر في عينيه , وكأني تلميذة تقف أمام معلمها ..
فاجأني كلامه .. وكأننا نعرف بعضنا منذ زمن , قال وهو يتأملني
- حُبّى .. أحبك
لا أعرف كيف تحرك لساني
- لماذا ؟
- لأنك ِ تشبهينني
- كيف ؟
- حينما أنظر إلى وجهي في المرآة أراكِ
كانت اجابته كالصاعقة .. ألهذه الدرجة حتى أفكارنا لم تكن سوى الأفكار نفسها ؟؟!!!
*****
آآآآآآآآه كم اشتقت إليك يا ( جهاد) , لاشيء يسليني في غيابك سواك َ .
تَذكرتُ مقولة اوسكار وايلد (( هناك مصيبتان : أن لاتحصل على ماتريد , وأن تحصل على ماتريد ))
لا أعرف ماذا يفعل البشر في مثل هذه الحاله ؟ وأي مصيبة أنت حلت عليّ ؟ !
لا أريدك أن تكون معي حقيقة , أريدك أن تكون معي حلما ...
حينما سألته عن اللون الأحمر, قال: إني أعشقه كعشق قيس لليلى , لأنه لون الدماء , والدماء تذكرني بالموت , والموت أجمل هدية يهديها لنا القدر.
****
في يوم الجمعة 20 يناير 2003 , داهمتها فكرة مجنونة ..
عاد من سفره .. إنه مشتاق إليّ .. دعاني لزيارته في منزله , إنها فرصة العمر كي يصبح ( جهاد ) حلما ...
قطعت كل الشوارع , لم تكن تعي كل مايحدث حولها , فقط تريد الوصول إليه , تقف أمام باب منزله تلهث عشقا , فجأة يُقتح الباب
- أهلا حُبّى .. تفضلي
تدخل بخطوات متأنية , تقف .. يحتضنها بشوق , تنسل من بين يديه , ينظر إليها باستغراب
- لعل مدة سفري لم تكن كافية لتشتاقي إليّ ؟!
- بلى.. لقد أعياني الشوق
- إذن.. ماهذا البرود ؟
مدت يدها إلى جيبها , أخرجت (مسدسا) , ضحك جهاد طويلا
- ماهذا ؟ هكذا يكون استقبال العشاق لبعضهم هذه الأيام ؟
- نعم
- وضحي ؟
- سأهدي إليك ماتحب , أنا أحبك.. ولهذا سأقتلك
أربع رصاصات اتجهت نحوقلبه كانت كافية ليصبح جهاد حلما .