هذه ترانيمٌ … أذهلتني…
وتقاسيمٌ … أربكتني…
فتعال معي…وتعالي معي...
تعالوا معي جميعاً يا سادتي الكرامْ… إلى "ذاكرة الجسد" و "فوضى الحواس" …
" نحنُ لا نشفى من ذاكرتنا… ولهذا نحنُ نكتب.. ولهذا نحنُ نرسم… ولهذا يموتُ بعضنا أيضاً…
فكرتُ في غرابة هذا الطعمِ العذب للقهوةِ المرة.. ولحظتها فقط.. شعرتُ أنني قادرٌ على الكتابةِ عنكِ.. فأشعلتُ سيجارةً عصبية.. ورحتُ أطاردُ دخانَ الكلمات التي أحرقتني منذ سنوات…دونَ أن أُطفىء حرائقها مرةً فوقَ صفحة… فهل الورق مطفأةُُ للذاكرة؟
نتركُ فوقه كل مرةٍ رمادَ سيجارةِ الحنين الأخيرة… من منا يُطفىء أو يُشعلُ الآخر..؟؟
من أينَ جاءَ الارتباك..؟ وكيف تطابقت مساحةُ الأوراق البيضاء المستطيلة ، بتلك المساحة الشاسعة البياض للوحاتٍ لم تُرسمْ بعد… وما زالت مسندة على جدار مرسم كان مرسمي..؟
وكيف غادرتني الحروف كما غادرتني الألوان قبلها… وتحول العالم إلى جهاز تلفزيون عتيق.. يبث الصور بالأسود والأبيض فقط..؟؟ ويعرضُ شريطاً قديما للذاكرة، كما تُعرض أفلام السينما الصامتة…
كيف أنت.. يسألني جاري ويمضي على عجل…
فيجيبهُ لسانُ حالي بكلماتِ مقتضبة ويمضي في السؤال عنك…
كيف أنا؟؟؟؟
أنا ما فعلتهِ بي سيدتي.. فكيف أنتِ؟؟
يا مرأةً كساها حنيني جنوناً وإذا بها تأخذُ تدريجياً ملامحَ مدينة .. وتضاريسَ وطنْ…
وإذ بي أسكنها في غفلةٍ من الزمنْ وكأنني أسكن غُرفَ ذاكرتي .. المغلقة من سنين…
كيف حالك.. يا شجرةَ توتٍ تلبس الحداد وراثياً كل موسم…
يا قُسطنطينيةَ الحب.. والأثواب ..والأفراح والأحزان والأبواب …
هاهي ذي قسطنطينية اليوم.. باردة الأطراف والأقدام محمومةُ الشفاه… مجنونةُ الأطوار …
كم تُشبهينها اليوم لو تدرين…
قلتِ يومها بابتسامةٍ لم أعرف صدقها من تحايلها…
كان لابد أن أضعَ شيئاً من الترتيبِ داخلي ..وأتخلص من بعض الأثاث القديم… إن أعماقنا أيضا في حاجة إلى نفض.. كأي بيتٍ نسكنه.. ولايمكن أن أُبقي نوافذي مغلقة هكذا على أكثر من جثة..
إننا نكتبُ الروايات لنقتلَ الأبطالَ لاغير… وننتهي من الأشخاص الذينَ أصبح وجودهم عبئاً على حياتناً.. فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم وامتلأنا بهواء نظيف…
في الحقيقة كل روايةٍ ناجحة هي جريمةٌ ما نرتكبها تجاهَ ذاكرةٍ ما… وربما تجاهَ شخصٍ ما.. نقتلهُ على مرأىً من الجميعْ… بكاتمِ صوت… ووحدهُ .. وحدهُ يدري أن تلكَ الكلمة الرصاصة موجهةٌ إليه…
والرواياتُ الفاشلة .. ليست سوى جرائمَ فاشلة .. لابد أن تُسحب من أصحابها رخصةُ حملِ القلم (السلاح) … بحجة أنهم لا يُحسنونَ استعمالَ الكلمات .. وقد يقتلونَ بها خطأً أي أحد .. بمن في ذلكَ أنفسهم بعد أن يكونوا قد قتلوا القراء ضجراً …
كيف لم تُثر نزعتكِ الساديةُ يومها شكوكي … وكيف لم أتوقع جرائمكِ التي تلت ذلك اليومْ … والتي جربتِ فيها أسلحتكِ الأخرى..؟؟
لم أتوقع يوماً أن توجهي رصاصكِ نحوي … ولذا ضحكتُ من كلامكِ يومها … وربما بدأ يومها انبهاري الآخر بكْ… فنحنُ لا نقاومُ في هذه الحالات جنونَ الإعجابِ بقاتلنا… ورغم ذلك أبديتُ دهشتي وقلت لكِ يومها…
كنتُ أعتقد أن الروايةَ طريقةُ الكاتب في أن يعيشَ مرةً ثانية قصة أحبها… وطريقتهُ في منح الخلود لمن أحب…
وكأن كلامي فاجأكِ فقلتِ وكأنك تكشفين شيئاً لم تحسبي له حساباً … وربما كان هذا صحيحاً أيضا فنحنُ في النهاية لا نقتلُ سوى من أحببنا … ونمنحهم عوضاً عن ذلك خلوداً أدبياً…إنها صفقةُُ عادلة أليس كذلك؟؟؟
من يناقشُ الطغاة في عدلهم أو ظلمهم .. ؟؟ ومن يناقش نيرون .. يوم أحرق روما حباً لها… وعشقاً لشهوةِ اللهبْ…؟؟!!
وأنتِ … أما كنتِ مثلهُ امرأة تحترفُ العشق والحرائق بالتساوي..؟؟!!
في ساعةٍ متأخرةٍ من الشوق.. يداهمنا الحب…
هو/هي .. رجل/ امرأة الوقت ليلاً .. يأتون في ساعة متأخرةٍ من الذكرى… يباغتوننا بينَ نسيانٍ وآخرْ… يضرمون النار في ليلنا .. ويرحلون…
نمتطي إليهم جنوننا..
هما.. أناس الوقت سهواًً .. حبهم .. حالاتٌ ضوئية … في عتمةِ الحواس… تدخل الكهرباء إلى دهاليزِ أنفسنا… تشعل كل أنواعِ الحرائق… وتمضي…
هم أناس الوقت عطراً .. ماذا تُرانا نفعل بكل تلكَ الصباحات دونهم..؟؟ وثمةَ هدنة مع الحب.. يخرقها حبهم… ومقعدُ للذاكرة… لا تزال شاغرة بعدهم… وأبواب مواربة للترقب… ريثما يأتون…
سؤال..
هل ينتهي الحب عندما نضحك من الأشياء التي أبكتنا يوماً..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
تحياتي..
زمــــــن الحب,,,
2\9\2003