وَلَجَتْ الشَمسُ في غَلسِ الدُجى
فَذابَتْ أشِعَتُها في أعالي الأُفق
لِتَهدى قليلاً مِنْ توهجها المُستَديمْ
عِندها إنتابَني شعورٌ غَريب
شعورٌ مجَنون
لايَركِنُ إلى سكون
يُداعِبُ مشاعري
أحاسيسي تَضطَرب هُنا وهُناك
كأنها عالمٌ طفوليّ
فُقِدَ على مرِّ السنون
زارَتني المَراحِلُ العُمرية
كهولةٌ لمْ اراى لها عينٌ قَطْ
عنفَوانُ شبابٌ يَجتاحُني
وَيكتَسِحُ سطورَ حياتي
وَيُقلِبُ صَفحاتِها
أبصَرتُ فرأيتُ نَفسي تحمِلُني
والشوقَ يدفَعُني بِلا هوادة
أسيرُ في تؤْدة
أمتَطي صهوةَ التفاؤل
أُحلِقُ على جناحيّ الأمل
كُلَّ هذا الشعورُ زارَني في لحظاتٍ مُتقارِبة
عِندما تذكرتُ بأنني سوفَ أُلاقي حَبيبَتي
فَتَمخضَ هذا الشعورُ بالحقيقة
جئتُ إليها وهي تعلوا أريكَتُها
فَصافحَني عُطرها
حتى ألثمَ أنفاسي
كأنهُ يُحيّيني
فأذابَ جَفا الأيامْ
وحركَ العواطِفَ حتى بَلغَتْ نشوتِها
فأدارتْ وجهُها إليَّ
وأخذتْ تُحملِقُ بالنَظر
فأنْطلقتْ مِنْ عيناها نظَراتٍ لمْ أعهدَها منْ قَبل
نظراتٌ طائشة ليسَ لها عِنوان
ولكنّ ألمِسُ فيها العَتَبْ!!
فَقالتْ ليَ وهي تحبِسُ أنفاسها
ويَرتقي دمٌ قانٍ إلى وجهِها
أُريدُكَ أنْ تخلعَ رابِطْ الحُبّ الذي يَربِطُنا
نَعمْ إنها النهاية قدْ أتَتْ
فهاهوَ حُبنا يُغلِقُ أبوابة ويُعلِنُ إنهزامة
أخذتْ تتهافَتُ نبضاتِ قلبي
تَقتحِمُ أوردتي
فأحتبستْ الدِماءُ في شَراييني
فأصابَني الذهول
حتى إنحنتْ هامتي
بَعدَ دقائِقَ منْ صفعِ الكَلِمات
قُلتُ لها:
يااا فتاه
أنَسيتي حُبّاً بأيدينا بنيناه
وفي قَلبينا إحتَويناه
أنَسيتي كيفَ أنَ الأحاديثَ لمْ تَملَنا
وكيفَ كانَ الليلُ بهزيمةِ يعشقنا
وكيفَ كانَ الفَجر َبِنسماتهِ يُداعِبُنا
وكيفَ كانَ البحرُ بأمواجهِ يَتراقصُ منْ أجلِنا
أتجاهلتي خُطانا وهي تخطو سوياً
كيفَ كانتْ تحفِرُ بَصماتٍ تطبَعُ على الأرض
لِتزرعَ الحُبَّ فيها
أتجاهلتي أيامُ الماضي
كيفَ كُنا نُقلِبُها بأصابِع السعادة
نَفليها ونَلتَقِطُ الثواني
فَنَمتصُ مِنها أجملُ اللحظات
أتجاهلتي النجمات كيفَ كانتْ تَتلألأُ في كبدِ السماء
إحتِفالاً بِفضِ بُكارةِ أولَ يومٍ مِنْ أيامَ حُبنا
أتجاهلتي ذلِكَ العِقدْ الآزَوردي
عِندما قَلدتُكِ أياه
مُعلِناً أولَ هديةٍ تُطوقُ جيدكِ
أجيبي!!
أأذاكرتَكِ إهتَرتْ!!
وعلى الشكِ تكَورتْ!!
أيُعقلُ أنْ تكونَ هذهِ هي النهاية!!
فَهروَلتْ مِنْ عيناها دمَعاتْ
لِتنسَكِبْ على رقةِ الوجنات
فَصوبتْ نظرُها إلى الأرض لِتُعلنَ إنكْسارُها
فقالتْ بحرتٍ
آآآه و آآآه
ما ذا أصابني يا إلآه
أيُعقلُ أنْ يأتي اليومَ الذي أئِدُ فيهِ حُبي في باطنِ النسيان!!
أيُعقلَ أنْ أبيعَ الحُبَّ مُقابِلَ حفنةٍ مِنْ الأفكارِ والأوهامْ
آآآه لقدْ أشعلتُ ناراً في الحُبِّ حتى اِحتَرقَ محتواه
يآلَ طيشي
يآلَ سَقمي
فَخرتْ على الأرضِ تجهشُ بالبُكاء
فَنظرتُ في أركانُ غرفَتها
رأيتُ بعضاً مِنْ صورها
قدْ غَدتْ أشلاء
وَسُلِبتْ مِنها الأرواح
هُنالِكَ صورةٍ قدْ خُلِعتْ مِنها الإبتِسامة
وأُخرى بِلا جَسَدْ
وأُخرى تَلتَجي إلى الجِدار
تلتَصِقْ بهِ حتى تختفي عنْ الأنظار
وأُخرى تدْفَعُ عنها تعرية الشقوق
وأُخرى تزحفُ لِتتَوارَ بينَ الثقوب
وهُنالِكَ عطرٌ يرتَمي على مِنضَدَتِها
يئِنْ فقَدَ رائِحَتهُ
وبَهتَ لونه
لاتَهدأ حركتة يَتجولُ في الزُجاجة
يَرغبُ في الأنسِكاب
ليروي عَطشَ الدموع
وَمِنْ بينِ أشيائِها
عقدٌ فقَدَ مِحبسه حتى لايُطَوقَ عُنقها
كُلُّ شيئٍ منْ حولِها يودُعها
بَعدما رأيتُ الحُبَّ تُقرقِرُ روحه
ويلفِظُ الرَمقَ الأخير
أخترتُ ألمَ وداعَها
على أْلآ أنتَحِر معْ بعضُ أشيائِها |