مبروك الحربي
من أجمل العلاقات التي عرفتها في هذا الوجود علاقة الصداقة وتاكيداً لما قاله اخي العزيز فقد أخترت هذه المقطوعة من ديوان نازك الملائكة عن الصداقه
لنكن أصدقاء
في متاهات هذا الوجود الكئيب
حيث يمشي الدمار ويحيا الفناء
في زوايا الليالي البطاء
حيث صوت الضحايا الرهيب
هازئاً بالرجاء
لنكن أصدقاء
فعيون القضاء
جامدات الحدق
ترمق البشر المتعبين
في دروب الأسى والأنين
تحت سوط الزمان النزق
لنكن أصدقاء
الأكف التي عرفت كيف تجبى الدماء
وتحز رقاب الخليين والأبرياء
ستحس أختلاج الشعور
كلما لامست إصبعاً أو يدا
والعيون التي طالما حدقت في غرور
ترمق الموكب الأسودا
موكب الرازحين العبيد
هذه الأعين الفارغات
ستحس الحياة
ويعود الجمود البليد
خلفها ألف عرق جديد
والقلوب التي سمعت في انتعاش
صرخات الجياع العطاش
ستذوب لتسقي صدى الظامئين
كأسة ولتكن ملئت بالأنين
لنكن أصدقاء
نحن والحائرون
نحن والعزل المتعبون
والذين يقال لهم مجرمون
نحن الأشقياء
نحن والثملون بخمر الرجاء
والذين ينامون في القفر تحت السماء
نحن والتائهون بلا مأوى
نحن والصارخون بلا جدوى
نحن والأسرى
نحن والأمم الأخرى
في بحار الثلوج
في بلاد الزنوج
في الصحاري وفي كل أرض تضم البشر
كل أرض أصاخت لألامنا
كل أرض تلقت توابيت أحلامنا
ووعت صرخات الضجر
من ضحايا القدر
لنكن أصدقاء
إن صوتاً وراء الدماء
في عروق الذين تساقو كؤوس العداء
في عروق الذين يظلون كالثملين
يطعنون الإخاء
يطعنون أعزائهم باسمين
في عروق المحبين .. والهاربين
في أحبائهم من نداء الحنين
في جميع العروق
إن صوتً وراء جميع العروق
هامساً في قرارة كل فؤاد خفوق
يجمع الأخوة النافرين
ويشد قلوب الشقيين والضاحكين
وذلك الصوت , صوت الإخاء
فلنكن أصدقاء
في بعيد الديار
ووراء البحار
في الصحاري وفي القطب وفي المدن الأمنه
وفي القرى الساكنه
أصدقاء بشر
أصدقاء ينادون أين المفر
ويصيحون في نبرة ذابله
ويموتون في وحدة قاتله
أصدقاء جياع , حفاة , عراة
لفظتهم شفاه الحياة
إنهم أشقياء
فلنكن أصدقاء
من بعيد
صوت عصف الريح الشديد
ناقلاً ألف صوت مديد
من صراخ الضحايا وراء الحدود
في بقاع الوجود
الضحايا , ضحايا العراك
وضحايا القيود
وصدى (( هياواثا)) هناك
مثقلاً بأنين الجياع
بأسى المصطلين لظى الحمى
بالذين يموتون دون وداع
دون أن يعرفوا أماً
دونما آباء
دونما أصدقاء
مع تحيات اختك صحراء القلب
أسف على الإطالة