العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 24-04-2003, 02:29 AM   رقم المشاركة : 1
نفس الشا طر
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية نفس الشا طر
 





نفس الشا طر غير متصل

الصحــــــابـــي الجليــــــــل خبــــــــاب بن الأرت

الصحــــــابـــي الجليــــــــل خبــــــــاب بن الأرت




خباب بن الأرت


خرج نفر من القرشيين يُغْذون الخطى ميممين وجوههم شطر دار " خباب " ليتسلموا منه سيوفهم التي تعاقدوا معه على صنعها وكان خباب سيافاً يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة ويرسل بها إلى الأسواق...
وعلى غير عادة خباب الذي لا يكاد يُفارق داره وعمله , لم يجده ذلك النفر من قريش فجلسوا ينتظرونه ..
وبعد حين طويل جاء خباب على وجهه على إستفهام مضيئة , وفي عينيه دموع مغتبطة ..وحيا ضيوفه وجلس . وسألوه : هل أتممت صنع السيوف يا خباب ؟ وجفت دموع خباب وحل مكانها في عينيه سرورمتألق , وقال وكأنه يناجي نفسه: أن أمره لعجب وعادالقوم يسألونه : أي أمر يا رجل ...؟؟ نسألك عن سيوفنا, هل أتممت صنعها ..؟ ويستوعبهم " خباب" بنظراته الشاردة الحالمة ويقول : هل رأيتموه ..؟ وهل سمعتم كلامه ...؟؟ وينظر بعضهم لبعض فيدهشة وعجب ....ويعود أحدهم فيسأله في خبث : هل رأيته أنت يا خباب ...؟؟ويسخر "خباب " من مكر صاحبه , فيرد عليه السؤال قائلاً : من تعني ...؟ ويجيب الرجل في غيض :أعني هذا الذي تعنيه ...؟ويجيب " خباب " بعد إذ اراهم أنه ابعد منالاً من أن يستدرج , وأنه إن إعترف بإيمانه الآن أمامهم , فليس لأنهم خدعوه عن نفسه , واستدرجوا لسانه , بل لآنه رأى الحق وعانقه , وقرر ان يصدع به ويجهر ..يجيبهم قائلاً , وهو هائم في نشوته وغبطة روحه .. – أجل : رأيته وسمعته .. رأيت الحق يتفجر من جوانبه , والنور يتلأ لاْ بين ثناياه ..!! وبدأ عملائه القرشيون يفهمون , فصاح به أحدهكم : - من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار ..؟؟


وأجاب " خباب" في هدوء القديسين : ومن سواه , يا أخا العرب .. من سواه في قومك , يتفجر من جوانبه الحق , ويخرج النور من بيين ثناياه ..! وصاح آخر , وقد هب مذعوراً : أراك تعني محمداً .. وهز" خباب " رأسه المفعم بالغبطة , وقال : نعم , إنه هو رسول الله إلينا , ليخرجنا من الظلمات إلى النور ... ولا يدري " خباب" ماذاقال بعد هذه الكلمات , ولا ماذا قيل له .. كل ما ذكره أنه أفاق من غيبوبته بعد ساعات طويلة ليرى زواره قد إنفضوا .. وجسمه وعظامه تعاني رضوضاً وآلاماً , ودمه النازف يُضْمخ ثوبه وجسده..! وحدقت عيناه الواسعتان فيما حول..وكان المكان أضيق من أن يتسع بنظراتهما النافذة فتحامل علىآلامه, ونهض شطر الفضاء , وأمام دار بابه وقف متكئاً على جدارها , وأنطلقت عيناه الذكيتان في رحلة طويلة تحدقان في الأفق , وتدوران ذات اليمين وذات الشمال .. إنهما لاتقفان عن الأبعاد المعلومة لد ى الناس.. إنهما تحثان عن البعد المفقود .. تبعدان عن البعد المفقود في حياته , وفي حيات الناس الذين معه في مكة والناس في مكان وكل زمان ترى , هل يكون الحديث سمعته عن " محمد صلى الله عليه وسلم" اليوم , هو النور الذي يهدي إلى ذلك البعد المفقود في حياة البشر كافة ..؟

واستغرق " خباب" في تأملات سامية, وفي تفكير عميق.. ثم عاد إلى داخل داره.. عاد يضمد جراح جسده , ويهيئه لستقبال تعذيب جديد, ولآلام جديدة..!!ومن ذلك اليوم أخذ " خباب" مكانه العلي بين المعذبين والمضطهدين أخذ مكانه العلي بين الذين وقفوا رغم فقرهم , وضعفهم يواجهون كبرياء قريش وعنفهم وجنونها .. أخذ مكانه العلي بين الذين غرسوا في قلوببهم سارية الراية التي أخذت تخفق في الأفق الرحيب ناعية عصر الوثنية , والقيصرية .. مبشرة بعالم الله الذي يعبده الناس وحده مخلصين له الدين .. ومبشرة [ايم المستضعفين والكادحين , الذين سيقفون تحت ظل هذه الراية سواسية مع هؤلاء الذين استغلوهم من قبل , وأذاقوهم الحرمان والعذاب..



يقول الشعبي : " لقد صبر خباب ولم تلن له بين أيادي الكفار قناة , وجعلوا يلصقون ظهره العاري بالرضف حتى ذهب لحمه " ..!!
أجل ..كان حظ خباب من العذاب كبيراً ولكن صبره ومقاومته كانا أكبر من العذاب .. لقد حول كفار قريش جميع الحديد الذي كان بمنزل خباب والذي كان يصنع منه السيوف .. حولوه كله لقيود وسلاسل, كان يحمى عليه في النار حتى تستعر وتتوهج , ثم يطوق بها جسده ويداه وقدماه .. ولقد ذهب يوما مع بعض رفاقه المضطهدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا جازعين من التضحية , بل راجين العافية , فقالوا : يارسول الله .. ألا تستنصر لنا..؟ ؟ أي تسأل الله لنا النصر والعافية .. ولندع خباب يروي لنا النبأ بكلماته : شكونا إلى رسول الله وهومستوسد ببرد له في ظل الكعبة , فقلنا: يا رسول الله , ألا تستنصر لنا ..؟؟ فجلس صلى الله عليه وسلم , وقد إحمر وجهه وقال : " قد كان منْ قبلكم يؤخذ منهم الرجال فيحفر له في الارض , ثم يجاء ُ بالمنشار , فيجعل فوق رأسه ما يصرفه ذلك عن دينه..!!


ويمشط بأمشاط من حديد ما بين لحمه وعظمه , ما يصرفه ذلك عن دينه..!! وليتمنى الله الأمر هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء حتى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون " ..!!
سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات وأزداد إيمانهم وإصرارهم وقرروا أن يري كل منهم منهم ربه ورسول ما يحبان من تصميم وصبر وتضحية . وخاض خباب معركة الهول صابراً صامداً محتسباً ...
وأستنجد القرشيون بأم أنمار سيدة خباب التي كان عبداً لها قبل أن تعتقه , فأقبلت وأشتركت في حملة تعذيبه ..وكانت تاخذ الحديد المحمي الملتهب وتضعه فوق رأسه ونافوخه وخباب يتلوى من الألم ولكنه يكتم أنفاسه حتى لا تخرج منه زفرة ترضي غرور جلاديه .! ومر به رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديد فوق رأسه يلهبه ويشويه فطار قلبه رحمة وحناناً وأسى ولكن ماذا يملك الرسول صلى الله عليه وسلم يومها لخباب ..؟ ؟ لا شئ إلا أن يثبته ويدعو له هنالك رفع الرسول كفيه المبسوطتين إلى السماء وقال : " اللهم أنصر خباب "..


ويشاء الله أن لا تمضي سوى أيام قليلة حتى ينزل بام أنمار قصاص عاجل كأنما جعله الله نذيراً لها ولغيرها من الجلادين , ذلك انها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها كما يقول المؤرخون –تعوي مثل الكلاب-..! وقيل لها يومئذ لا علاج لها إلا أن يكوى رأسها بالنار ..!! وهكذا شهد رأسها العنيد سطوت الحديد المحمي يصبحه ويمسيه..! كانت قريش تقاوم الإيمان بالعذاب...وكان المؤمنون يقومون العذاب بالتضحية وكان خباب واحداً من اولئك الذين إصطفاهم الله ليكونوا أساتذه في فن التضحية والفداء ومضى خباب يمضي وقته في خدمة الدين الذي خفقت أعلامه ... ولم يكتفي رضي الله عنه في أيام الدعوة الأولى في العبادة والصلاة بل إستثمر قدرته على التعليم فكان يغشى بيوت إخوانه من المؤمنين الذين يكتمون إسلامهم خوفً من بطش قريش فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم إباه .. ولقد نبغ في دراسة القرآن وهو يتنزل آية آية وصورة صورة حتى أن " عبد الله بن مسعود وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أراد أن يقرا القرآن غضا رطبا كما نزل فليقرأ بقرائة أبي أم عبد " نقول : " حتى عبد الله بن مسعود كان يعتبر خباب مرجعاً فيما يتصل بالقرآن حفظاً ودراسة وهو الذي كان يدرس القران لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجئهم عمر بن الخطاب متقلداً سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الإسلام ورسوله لكنه لم يكد القرآن المسطور في الصحيفة التي كان يعلم منها خباب حتى صاح صيحته المباركة" دلوني على محمد" وسمع خباب كلمات عمر هذه فخرج من مخبأه الذي كان قد توارى فيه وصاح يااااااااا عمر ... والله إني لأرجو أن يكون اللهقد خصك بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم فإني سمعته بالأمس يقول اللهم أيد لإسلام بأحب الرجلين إليك أبي الحكم بن هاشم وعمر بن الخطاب وسأله عمر من فوره: وأين أجد الرسول الآن يا خباب
وأجاب خباب : عند الصفى في دار الأرقم بن أبي الأرقم ومضى عمر إلى حظوظه الوافية ومصيره العظيم شهد خباب بن الأرت جميع المشاهد والغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاش عمره كله حفيظاً على إيمانه ويقينه وعندما فاض بيت مال المسلمين بالمال في أيام عمر وعثمان رضيى الله عنه كان خباب صاحب راتب كبير بوصفه من المهاجرين السابقين إلى الإسلام وقد أتاح هذا الدخل الوفير لخباب ان يبتني له دارً بالكوفة وكان يضع أمواله في مكان ما من الدار يعرفه أصحابه ورواده وكل من وقعت به حاجة يذهب فيأخذ من المال حاجته ..


ومع هذا فقد كان خباب لا يرقا له جفن ولا تجف له دمعة كلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين بذلوا حياتهم لله ثم ظفروا بلقائه قبل أن تفتح الدنيا وتكثر في أيديهم الأموال إسمعوه وهو يتحدث إلى عواده في مرضه رضيى الله عنه قالوا له : أبشر يا أبا عبد الله فإنك ملاقٍ إخوانك غدأً فأجابهم وهو يبكي " أما إنه ليس بي جزع ولكنكم ذكرتموني أقواماً وإخواناً مضوا بإجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيء وإنا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا مالك نجد له موضعا إلا التراب "


وأشار إلى داره المتواضعة التي بناها ثم اشار مرة أخرى إلى المكان الذي فيه أمواله وقال " والله ما شددت عليها من خيط ولا منعتها عن سائل " ثم إلتفت إلى كفنه الذي كان قد اعد له وكان يراه ترفاً وإسرافا وقال ودموعه تسيل " انظروا هذا كفني لكن حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجد له كفن يوم استشهد إلا برده ملحاء إذ جعلت على رأسه قلصت عن قدميه وإذ جعلت عن قدميه قلصت عن رأسه " ومات خباب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة مات أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية وأستاذ صناعة الفداء والتضحية في الإسلام.
رحم الله خباباً لقد أسلم راغباً وهاجر طائعاً وعاش مجاهداً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته







التوقيع :
الــــــــــــــشــــاطــــــــــــــر

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:31 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية