سرق الألباب
هذا الطفل الخارج لتوه للدنيا..القابلة التي اشرفت على ولادته هرعت تبشر نساء الحي
سلمى رُزقت بطفل:
اخيرا..بعد خمس بنات:
وجهه نورانيا..ولم يخرج يبكي دنياه كباقي الأطفال:
هل أسموه:
يوسف .. اسماه ابوه يوسف:
فرح الأب..وفرحت الأم..والأخوات الخمس
ابا يوسف..اقام حفلا دينياً..ذبح الأغنام..وأنعم بالأموال على فقراء قريته..شكراً للرب على نعمته..كم صلى هذا المسكين يرجوا خالقه بولد..فتىً يحمل اسمه ويسنده عند العجز..ام يوسف ..القادمة من ارض الخصب وبلاد النهرين..راحت تعد العدة لأن توفي بالنذر..نذرت سلمى بأن تطعم عشرة مساكين لشهر كامل..وبأن تقرأ القرآن صدقة ..لموتى لا أهل لهم
اخوات يوسف الخمس..اشرق جمالهن الآخاذ مرة اخرى..بعد ان ..بهت حزناً لحال الأبوين
بعد ستة شهور..الأخت الكبرى تُزف للزوج الطارق ابواب ..عنوستها
حمداً لله على ما أعطانا:
صبرت أبنتنا ونالت:
ليلى..ذات الوجه الملائكي..والإبتسامة الخجلى..تقاطيع وجهها الهادئة جدا..تهدي الآخرين أملاً لا محدوداً..وللأنفس التي أتعبها هذا الزمن المُر..باقة ورد
ليلى..كانت للعائلة أماً أخرى..وكلما أثقل التعب قلب سلمى..تصبح ليلى أُماً..وبرحيلها اصبح للحياة طعم آخر..طعم ممزوج بالفرحة لزواجها الذي تأخر طويلاً..وبالحزن الذي يظهر حين يأتي كل صباح..بدون أن يخترقه صوت ليلى
سنة مضت..وقبلها ستة شهور..كان يوسف فيها لا يفارق حضن ليلى..أحبته حتى الجنون..ورعته..جنباً الى جنب مع امها واباها وشقيقاتها..ويوم الفراق..وحين إنتقلت الى بيتها الجديد..حيث زوجها الذي أحبها وأحبته..يومها..بكت ليلى كما لم تبكي من قبل..لم تحتمل فراق يوسف..أخاها..الذي ما ..زال يحبو
بكته..أكثر حتى من امه التي اعطته الحياة
ابي..لماذا لا تأخذ يوسف غداً لحكيم قريتنا:
هل به عله:
لا لا .. لكنه آوان التطعيم يا ابي:
لا بأس..اخبري أمك بأن تستعد غداً لمرافقتي:
انا سأرافقك ياأبي:
في اليوم التالي..كان حكيم القرية الوحيد يستعد لحقن يوسف..كان الحكيم ذوو شهرة واسعة جدا..وكان اهل القرية لا يثقون بحكيماً سواه..رغم إنه كان الوحيد فيها !! تعالى صراخ الصغير..نبض قلب ليلى..عشرات المرات..خائفاً .. من شيء لا يعرفه..لكنه أحس به..سارعت في إحتضانه
لا تبكي يا يوسف:
لا تبكي يا يوسف:
مر يوم..يومان..شهور عده..وصحة يوسف يهاجمها سر لا يعرفه احد..عيناه الجميلتين توارتا وراء جحوظ متعاظم..شحب لونه..طمأن حكيم القرية عائلة يوسف
أطمئنوا..هزال بسيط..كل ما في الأمر هزال بسيط:
صرخت ليلى في وجه حكيم القرية
يوسف يتلاشى..يوسف يتلاشى:
انت مُتعبة ..خذي قسطاً من الراحة يا ليلى:
الراحه..كانت أبعد ما تكون عن ليلى..زوجها الساكن في بيت آخر..هجرته..من اجل عيون يوسف..أقسمت..بكل ما تبقى لها ..من عمر..بأن ترعاه..وأن لا تغفل عيناها لحظة عنه
ليالي كثيره مضت..إلا إنها جميعاً لم تكن كتلك الليله..حين باغتها فجراً أسود..حاملاً معه صفحة حزن جديده
أشرقت الشمس..هاهو صوت يوسف يعلن يقظته..حملته بيديها الحانيتين..أطعمته كعادتها..ثم تركته يتربع فوق حضنها الدافيء دوماً..لكن شيئاً غريباً حدث هذه المره..لم يتشاقى يوسف كعادته..لم يحبو يستكشف ارجاء الغرفة كما كل ..صباح
بحق الله تشاقى يا يوسف:
بحق الله احبو يا يوسف:
رفع حكيم القرية مطرقته المطاطة..انزلها..رفعها من جديد..انزلها..أعلن بعدها إن ساقا يوسف لن تحمله ..لمكان..لن تحمله حتى لبضعة إنشات
في اليوم التالي..بضعة أشخاص حملوا يوسف..بضعة اشخاص ..دفنوا يوسف..وكل القرية صلت عليه
حكيم القرية..هجر القريه..بعد أن جمع ثروته الصغيره معه..ومضى..لم يتجرأ احداً بأن يعلن بإن أبرة الحكيم الوحيدة..هي التي قتلت يوسف..لحكيم القرية أصدقاء كثيرون..اقوياء..وخطيرون
بعد رحيله بعدة سنوات..رحلت سلمى..زادها رحيل أبنها ..الوحيد تعباً..فما كان للقلب إلا أن يمل نبضه
بقي الأب المُتعب..شيخوخته سرقت منه الذكرى..شقيقات يوسف ..تزوجن جميعاً
بقيت ليلى..ليلى التي فقدت يوسف..وامها سلمى..وزوجها ..الذي مل صحبتها فطلقها