في كل مرة أتأمل في كلمات هذا الرجل أدرك أن الله سبحانه هو الذي يصنع هؤلاء المجاهدين على عينه وهو سبحانه الذي يوفقهم لما هم عليه فتظهر لنا من أحوالهم الأعاجيب وأجدني منساقا للحديث عن أمور غير التي اعتدنا الحديث حولها ... فلم يعد الآن مجال الحديث عن عبقرية ضربة سبتمبر .. ولم يعد الحديث عن ثبات هذا الرجل ووضوح برنامجه.. ولم يعد الحديث عن قدرته وقدرة القاعدة على امتصاص الصدمات.. بل نحن الآن نشهد انقلابا تاريخيا لم يخطر ببال أكثر مفكرينا تفاؤلا واستشرافا للمستقبل ..انقلابا تنكشف فيه الحضارة الغربية المزعومة وتنقض عراها أمام أعيننا عروة عروة .. وفي كل كشف ترى لمسات هذا الرجل العظيم .. ترى من خطر بباله أن بريطانيا هذه الدولة العريقة في احترام القانون والقضاء تقرر باختيارها واختيار برلمانها أن تعزل القضاء عن قرار الحاكم ! ترى من خطر بباله أن ينهار النظام الدولي بزعامة أمريكا فتتمرد الدول على أمريكا الأولى تلو الثانية ثم تحتقر كوريا الشمالية أمريكا وتهددها بضرب مدنها جميعا .. من خطر بباله أن حلف الناتو هذا الحلف العريق يختلف ويتهارش فيه أعضاؤه تهارش الصبيان تماما مثل حكام العرب ! من خطر بباله أن ينكشف الغرب ويخلع عنه رداء المبادئ المزعوم وينفضح الجميع وهم يتعاركون على اقتسام الكعكة وكأنهم مجموعة من الأوغاد بل هم أوغاد يختلفون على اقتسام ما سيسرقونه مما لم يسرق بعد !
هذا الذي نشهده اختزال غير طبيعي للمدة التي تنفذ فيها السنن الكونية ، فيحصل ما يمكن أن يحصل في قرن أو نصف قرن خلال سنتين ولا شك ولا ريب عندي أن بن لادن حاضر في كل ذلك .. وتلومونني في الشيخ أسامة ؟ والله العظيم يا فضلاء .. إن تحطيم امبرطورية وهزيمة جيش كامل أهون من اختزال السنن الكونية التي تحدث ببطء في سنين معدودة .. في استعادة مقاربة جدا للاختزال التاريخي في عهد الصحابة الفاتحين عندما أزالوا امبراطوريتين من الوجود خلال أقل من عشر سنين .. قد تستغربون كلامي لكن اسالو أنفسكم أليس في فكرنا وتربيتنا ومنهجنا أن الدقة والانضباط والتنظيم والتفاهم والتخطيط وحسن التآمر هو من نصيب أعداء الإسلام وخاصة الغرب ؟
الم تنقلب الآية ؟ الم نر الغرب الآن ينظر لابن لادن على أنه قمة في التخطيط والتنظيم والدقة والقدرة على التآمر ويعتقد انه متغلغل في كل مكان وكل شي بل صاروا يعترفون أنهم مهما فعلوا لم يكن باستطاعتهم رد حدوث 11 سبتمبر ..
ألم تكن نظرتنا للغرب سابقا بأنه وراء كل شيء وأن كل ما يحدث في العالم يفسر بأنه من تخطيط الغرب وإسرائيل والموساد والسي آي إيه .. ؟ هذا الوضع انقلب تماما .. وأصبح الغرب يفكر تجاهنا بفكرة ( المؤامرة ) وأصبح الغرب يعتقد أن القاعدة مسئولة عن كل شيء وصار لديهم الاستعداد النفسي لتفسير أي حدث عالمي بأنه من تخطيط ( أسامة بن لادن ) إلى درجة أن المكوك حين انفجر في الفضاء كان احتمال أنه من عمل القاعدة أحد الاحتمالات التي طرحت في وسائل الإعلام !!! تماما مثلما كان يردد كثير من متثيقفينا وكتابنا من تفسير كل حدث بأن وراءه إسرائيل وأمريكا ، وبعد أن تربت أجيال كاملة منا على كتب مثل : اليد الخفية والدنيا لعبة إسرائيل فإنه خلال سنة واحدة تربى العالم الغربي على أسطورة أن ( الدنيا لعبة بن لادن ) .. !!
يا سادة ألا توافقون أن جيلنا والجيل الذي قبله والجيل الذي قبله إلى ستة أجيال أو أكثر لم يعاصروا هيمنة غربية فحسب بل عاصروا تفوقا حضاريا تشكلت من خلاله أذواقنا ونظراتنا وتقويمنا لنفسنا ومجتمعنا ... ترى كيف يتراكم هذا التأثير كل هذا التراكم ويصل الغرب إلى ما يبدو وكأنه ذروة الهيمنة السياسية والعسكرية والتقنية والاقتصادية .. وتماما في لحظة هذه الذروة يضرب بن لادن ضربته فتتهاوى الحضارة الغربية أمام أعيننا ويزول وهجها وأبهتها وتنتزع من أذواقنا ووجداننا وعقلنا الباطن !! هنا يظهر الإعجاز في التحولات التاريخية الكبرى التي قال عنها شخص مثل لينين : عقود تمر على الأمة لا يحصل فيها شي ثم تمر سينين يحصل فيها عقود in decades nothing happen and in days decades happen
وفي هذه الأيام أو الشهور القليلة حصل فعلا هذا التغير الذي توقعنا أن لا يحصل إلا في عقود أو قرون
هذه كلها دلائل ومؤشرات حاسمة على مدى الانقلاب الحضاري الذي يحدث ولا يمكن لأي منصف أن يغفل أثر الشيخ أسامة على هذا الانقلاب .. وفي هذا المقال أحاول أن أتقرّأ في ذلك الأثر الذي تركه الشيخ على المسألة الحضارية في الصراع بيننا وبينهم ..
المقال
أليس غريبا للغاية .. ومذهلا بشكل غير طبيعي هذا الظهور الأسطوري لشيخ المجاهدين في العالم ؟ لا تستعجلوا أنا أقصد أمرا وسأشرحه الآن
الذي أعرفه أنه لم يحصل مذ خلق الله آدم وإلى عصرنا أن اجتمعت الدنيا على عداوة رجل واحد مؤمن .. مثلما يحدث الآن .. نعم أمم الكفر عادت أنبياء الله لكن لم يحدث في التاريخ اجتماع كل حكومات الكفر في الدنيا على عداوة رجل مؤمن .. وقد قالوا إن الدنيا أصبحت قرية واحدة في عصرنا وفي عصرنا اجتمع كبراء تلك القرية على عداوة رجل مؤمن واحد بما لم يحدث من قبل ..
وما جرى خلال السنتين الأخيرتين من استقطاب عالمي وتحول المواجهة بالنسبة للغرب بحيث أصبحت معتمدة على قتل أو إلقاء القبض على شخص واحد هو الشيخ أسامة ثم التعاقب الفانتازي للأحداث ثم أخيرا حكاية الشيخ عن معركة تورا بورا وحكاية جزء مما حدث .. كلها تعطيك مؤشرا لا يمكن أن يخطئ على أن هناك شيئا ما يحاك .. مكر ما يحدث لجهة ما وهذه الجهة تساق إلى حتفها وقد حان أوان ذلك .. والله خير الماكرين ..
ما أريد قوله أن الغرب وأمريكا وبوش على وجه التحديد كانوا يعتقدون أن مصير حملتهم ضد الإرهاب كلها معتمدة على القضاء على الشيخ أسامة
بماذا يوحي لكم هذا المشهد ؟؟
ألا تلاحظون أن ما يجري من محاكاة للقصص القرآني ومن قصص الأنبياء وكون المعاداة تصبح متعلقة بالشخص الواحد ويصبح ذلك الشخص هو المطلوب الأول ويصبح رمزا للمواجهة وتتجند كل القوى للقضاء عليه ومطاردته وتعذيب أتباعه وغيرها من مراحل الصراع ، ولعل هذا واضح من قصة موسى عليه السلام في مواجهته لفرعون .
أقول إن هذه المحاكاة الغريبة والمثيرة للغاية وكون تسلسل الأحداث يسير بحيث يصبح شخص الشيخ أسامة هو القضية بالنسبة للغرب ويصبحون يعتقدون جزما أن قتل الشيخ أو إلقاء القبض عليه سيحل مشكلتهم الأمنية مع تنظيم القاعدة .. تجعلني أتأمل بشيء من التشوق الشديد لمعرفة السر الكامن وراء كل هذه الصورة ..
ألم يكن ممكنا مثلا أن تكون المواجهة الحالية قد تم تقديرها إلهيا على يد مجموعات وجيوش وقوات مسلمة لا يظهر فيها الشخصنة ولا يصبح الفرد هو القضية .. أعني ألم يكن ممكنا أن تكون المواجهة معتمدة على دفاع أمة كاملة عن كيانها .. ؟ لكن الله لم يقدر هذه الصورة .. بل قدر لنا صورة مغرقة في الخيال ، والعجيب أن جميع نظريات المؤامرة التي بدأت مع بداية القصة انتهت تماما وتلاشت ولم يعد أحد يستطيع أن يدفع عن نفسه الانبهار بما يحصل من صور لولا حدوثها أمام أعيننا لربما رفضناها تحت مسمى ( غير منطقية ) أو غير متصورة واقعيا
إن صورة الصراع الحالية بين الحق والباطل .. بين الفئة القليلة والفئة الكثيرة تجسدت بأبهر صورها التاريخية في هذا العصر .. وكأن الله ساق لنا هذا النموذج الأسطوري في هذه الفترة القصيرة بالنسبة لعمر الأمم .. لعل الله فعل بنا ذلك لأن الاستحقاق القادم والواجبات التي على الأمة فعلها تحتاج إلى مثل هذا النوع من النقلات والطفرات التاريخية .. ما يحدث يا سادة طفرة تاريخية .. نقلة حادة في التاريخ .. لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال تدرجا طبيعيا في ظل قصر المدة التي جرى فيها ما جرى وما يجري .. وكأن الأقدار سيقت خصيصا لكي يحدث تغيير جذري في العقلية الإسلامية وفي طبيعة الأمة وطريقة تفكيرها ونظرها للغرب ..
وكأن تلك الأقدار أرادت أن تعلم الأمة عن طريق النموذج الحي والعملي كل ما تقرأه في القرآن نظريا .. فهاهو الشيخ يحكي لأهل العراق قصة الميل المربع الذي قصفته أمريكا لأسابيع وهو نفسه كان متواجد معهم ولم يصب بأذى .. لتوقن الأمة يقينا تاما بأن الموت والحياة والقوة بيد الله وحده .. إن التغيير المعرفي وتجربة النقلة الحضارية التي يقوم بها الشيخ أسامة بالنسبة لهذه الأمة لا يمكن بأي حال مقارنتها بالتدرجات الطبيعية التي تحصل للأمم .. ولذا أفضل وصف لها هو اعتبارها ( طفرة ) تاريخية ، وهي طفرة لم تخرج إطلاقا عن السنن الربانية في النفوس والمجتمعات بل هي نتيجة فورية لتحقق تلك السنن .. وأعني بالتحديد سنتين الأولى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) والثانية ( تلك القرى أهلكناهم لم ظلموا ) فهي طفرة من حيث سرعة التغيير .. وكأن الزمن لم يعد له قيمة عند تحقق شروط تلك السنة .
سأقول لكم بصراحة متناهية .. إن موضوع العراق ومشهد العراق ومشهد العقدة العراقية والغطرسة الأمريكية ضد العراق ، هو في نظري مشهد غير مفهوم .. يعني بعبارة أخرى لو أنك كنت تتخيل نفسك تشاهد مشهدا يتحدث عن صراع بين قوتين إحداهما عبارة عن رجل واحد يمسك بندقية .. والأخرى عبارة عن جيش من المدرعات وبدأت المعركة واستمرت مدة طويلة والبطل الذي هو صاحب البندقية لم يمت ، والمدرعات لم تنهزم .. ثم فجأة ظهر لك في المشهد .. حدث غريب وهو أن جيش المدرعات التفت إلى مجموعة أخرى من الفرسان بعيدا هناك وتوجه لهم يقاتلهم وترك البطل صاحب البندقية ! ثم جلس البطل جانبا وأخذ يشجع الفرسان على الصمود والقتال
ماذا ستقول في هذا المشهد ؟ ستقول إن مشهد ظهور الفرسان في وقت العقدة الفنية وشدة الحرب يعني شيئا من اثنين .. إما أن جيش المدرعات غبي للغاية .. أو أن مخرج المشهد يريد حدثا قادما حيث قرر هزيمة جيش المدرعات ولم يقرر هزيمة البطل ولذا أظهر الفرسان في تلك اللحظة الحرجة لكي يشد انتباه جيش المدرعات ويأخذه بعيدا عن البطل ثم يورطه في القتال مع الفرسان وهنا سيضع لك المخرج الحبكة النهائية للقصة وهي أنه في لحظة انشغال جيش المدرعات بالقتال مع الفرسان سيقوم البطل صاحب البندقية بتوجيه طعنة خلفية للجيش ويقتل قائدهم بطلقة واحدة ثم سيصبح جيش المدرعات بين فكي كماشة لينهزم !! رغم أنه جيش مدرعات في مقابل قوات لا تذكر في موازين القوى ... ستقول حسنا المخرج في كل الأحوال يريد هزيمة جيش المدرعات ، فأقول لك نعم ولذا هو يجعل جيش المدرعات يتصرف بشيء من الغباء وعدم التفكير العميق فالفرسان لم يكن لديهم مشكلة مع جيش المدرعات لكنهم عندما أجبروا سوف يقاتلون بدون شك .. والمخرج جعل جيش المدرعات يتصرف بحيث بدلا من أن ينهي مشكلته مع البطل جعله ينجح في تجميع عدوين ضده في نفس الوقت .. ولذا أخذ البطل يصرخ في الفرسان يقول لهم لا تخافوا من جيش المدرعات فهم جبناء ولم يستطيعوا قتالي وأنا لوحدي فقاوموهم كما فعلت أنا
الذي يجري أن الأقدار الربانية ساقت أمريكا سوقا إلى هذا الموقع وأدخلتها مأزق العراق بطريقة غريبة للغاية .. الحرب كانت موجهة للقاعدة ثم تغيرت وحضرت قضية العراق وبقي بن لادن حاضرا من خلال اتخاذ علاقة القاعدة بصدام ذريعة لشن الحرب !! حسنا السؤال كيف حشر العراق فجأة في المشهد رغم أن المبررات التي تساق الآن في تبرير ضربه حاضرة وموجودة قبل القاعدة !! بل بدرجة أشد فلماذا يحشر الآن ؟؟ لا تقولوا تآمر من الغرب فقد آن الأوان لنرى الكيد الحقيقي والمكر الحقيقي .. إنهم يكيدون كيدا وأكيدا كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا .. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .. نعم أمريكا تمكر والله يمكر بها إذ يسوقها إلى هذه الحرب وسترى الغرابة في أن دعاة الحرب إنما هم طائفة يصح وصفها بأنهم ( الملأ ) فهم مجموعة متنفذة ذات مصالح في الإدارة الأمريكية وتظن في حسابات الاستراتيجية والعسكرية أن ضرب العراق ضروري وتغيير خارطة المنطقة يحمي مصالحها ، لكنها تغفل عن مكر الله وتغفل كذلك أنها مثل الشاة التي تسعى إلى حتفها بظلفها .. حين تفتح على نفسها حربا في جبهة يكاد يجمع العالم أنها ستكون حربا كارثية .. فهذه الشاة الأمريكية تسعى إلى تدمير نظامها الدولي بنفسها .. وقد بدأ انهيار النظام الدولي الأمريكي بما يحدث من انشقاق ونزاع بين أقطابه في الأمم المتحدة .. نعم إنها مسألة بسيطة إنها إرادة الله كيد الله مكر الله سخر الله لنا رئيسا أحمقا أهوجا مثل بوش وسخر الله لنا قضية كاملة مثل قضية العراق حتى يغوص فيها ويبلع الطعم ولو كتب لقضية القاعدة أن تستمر على ما هي عليه دون عامل العراق لربما لم تدخل المواجهة بين إسلام الجهاد وكفر أمريكا في سياق الطعم الكبير ولاحتاجت القاعدة وبن لادن جهودا على مدى عقود لتستكمل به مسيرتها لكنه تدبير الله وأمر الله
وقد كنت كتبت في مقال ( النظام الدولي الجديد ) أن بن لادن سيسعى في مراحل الصراع إلى عزل أمريكا عن بقية العالم بحيث تصل إلى مرحلة يتسابق العالم بالنأي بنفسه عن أمريكا ، وذكرت في تلك المقالة على لسان الشيخ أنه غير متصور حقيقة كيف سيتم عزل أمريكا .. وغاب عن نظري قضية العراق وربما لأن زخم القضية لم يأخذ بعده الذي أخذه في هذه الأيام ولذا لم أتنبه إلى أن قضية العراق ستكون أول صورة بارزة وظاهرة جدا تدل على عزلة أمريكا عن العالم .. بدون أن يدفع بن لادن قرشا واحدا في سبيل تكريس هذه العزلة فمن الذي عزل أمريكا بهذه الطريقة ؟؟ قولوا ( إن القوة لله جميعا )
والشيء العجيب أن العزلة الأمريكية تطورت إلى المرحلة التي وصلت إلى أن جزءا كبيرا من الشعب الأمريكي نفسه أصبح معارضا للحرب ضد العراق فأصبحت الإدارة الأمريكية في عزلة شديدة .. وصار العالم كله تقريبا ضد هذه الحرب في مقابل مجموعة عصابة البيت الأبيض كما يحلو للشيخ أسامة تسميتهم بها .. مع التابع البريطاني الذي لحق به اسم الكلب ..
عموما قضية العراق إذا نظرت إليها وفق الصورة السابقة التي شرحتها لك في بداية المقال لعلمت أنها هدية إلهية للمجاهدين .. أعني أن الغطرسة الأمريكية والتكبر في الأرض برز بشدة في قضية العراق وصارت الدنيا كلها تقريبا متعجبة من هذا الإصرار الأمريكي الغريب على حرب العراق .. ومعظم شعوب العالم صارت تعتقد بوضوح شديد أن هذه حرب لا مبرر لها إطلاقا سوى غطرسة القوة والتجبر في الأرض .. والنفط ..
يضاف إلى ذلك مسألة مهمة وهي أن عصابة البيت الأبيض تنظر للحرب في العراق من منطلق حتمية انتصارهم وبلغ غرور القوة بهم إلى أن مثل رامسفيلد حدد موعدا لنهاية الحرب .. فهم واثقون تماما من انتصارهم ، واثقون إلى الحد الذي يجعلهم يتحدثون عن هذه الحرب وكأنها لعبة من ألعاب الكمبيوتر التي تقوم فيها بقتل الأعداء وهم يتفرجون عليك ..
تماما مثلما تصور فرعون أن انتصاره على موسى حتمي لا جدال فيه ..
في الجهة المقابلة لهذه الثقة الأمريكية المطلقة بالنصر يقف بقية العالم محذرا من أن هذه الحرب ستكون حربا كارثية وأنه لا يمكن التنبؤ إطلاقا بما يمكن أن تجره على العالم من آثار .. ولذا وقفت أوربا العاقلة ضد هذه الحرب بشدة .. الأوربيون أكثر عقلا وأكثر خبرة تاريخية في الشرق الأوسط من الأمريكيين ويعتقدون أن هذه الحرب مؤكد أنها ستخرج عن السيطرة .. وأن الشرق الأوسط عبارة عن خزان وقود مشحون بمشاعر الغضب والكراهية ضدهم وأن هذه الحرب ستكون مثل عود الثقاب الذي يفجر المنطقة برمتها ويتسبب في كارثة تحل بالعالم الغربي نفسه لأن نفط العالم كله تقريبا يتجمع في هذه المنطقة ..
ولذا فإن وجهة نظر الأوربيين أن يتم حسم المسألة العراقية بطريقة سلمية بدون حرب مع الحصول على المكاسب التي يفترض بالغرب أن يحصل عليها .. ولذا جاءت مبادرة ألمانيا وفرنسا في الإطار الذي يعطي الغرب الحق في التحكم بثرواتنا أيضا ..
بمعنى آخر أن الأوربيين لا يعارضون الحرب من أجل مبدأ أخلاقي بقدر ما يعارضونها لسببين : الأول أن الأوربيين يخافون كثيرا من خروج الأمر عن السيطرة وهم يدركون جيدا أن الكاوبوي الأمريكي أحمق ولا يعرف كيف يدير الأمور جيدا .. ومقتنعين تماما أنه فاشل في التعامل مع قضايا المسلمين حتى أن يوشكا فيشر عير الأمريكيين بقوله كيف تريدونني أن أدعم حربا كهذه وأنتم لم تحسموا معركتكم مع بن لادن ؟ وخوفهم طبيعي ومبرر فحالة الاحتقان في المنطقة العربية تنذر بنذر شؤم بالنسبة لهم وانهيار النظام الذي قاموا ببنائه على مدى قرن مهدد بالانهيار لحظة اندلاع الحرب .. وأكثر ما يخيفهم ألا يتمكن الأمريكيون من حسم الحرب فورا ثم تبدأ أحجار الدومينو العربية ( الحكام العرب ) بالتساقط نتيجة ثورات شعبية مثلا أو نتيجة الفوضى التي يمكن أن تنتج عن اتساع نطاق الحرب خارج العراق واندلاع مواجهات غير محسوبة أو متوقعة بالنسبة لهم .. وأكثر ما يقلقهم بالطبع تحركات المجاهدين ..
السبب الثاني بالطبع : هو خوفهم من الاختناق الاقتصادي الذي يمكن أن يسببه لهم وقوع كل نفط الشرق الأوسط بيد الأمريكيين ولذا هم يصارعون بشدة ضد أي محاولة أمريكية للاستحواذ على كامل القصعة النفطية العراقية ومبادرة فرنسا وألمانيا دلت على ذلك ..
نتج عن هذا التناقض بين أوربا وأمريكا نتيجة خطيرة للغاية على مستقبلهم .. وهي أنه لأول مرة يحصل صراع بين اللصوص على اقتسام الغنيمة .. والمضحك جدا أنهم مختلفون الآن على اقتسام الغنيمة قبل سرقتها ..
والذي يلوح في الأفق بعد كل هذا التناقض بين أوربا وأمريكا أن أمريكا ماضية في حربها وأوربا ستقعد متفرجة .. وسيصلون إلى المرحلة التي تتمنى فيها أوربا أن تؤدب أمريكا حقا على يد أي قوة كانت .. وربما يتجاوز الأمر مسألة التمني إلى مسألة الفعل ومحاولة افساد السرقة على أمريكا وهذا ما أتمناه أنا ..
غير أن هناك مؤشرا حضاريا مهما للغاية يظهر بجلاء نتيجة صراع اللصوص .. وهذا المؤشر الحضاري عندما أتخيله أشعر بنشوة غير عادية .. وأدعو بسببه بظهر الغيب للشيخ أسامة بن لادن .. هذا المؤشر سأتحدث عنه لاحقا لكن قبل ذلك أريد الإشارة إلى أن معظم المحللين الغربيين من عسكريين وغيرهم ينظرون للحرب من منظور واحد ولا يهتمون إطلاقا بأمور أخرى وعدم اهتمامهم بها ليس لأنها ليست مهمة وإنما لأن غرور القوة التي يملكونها وهاجس الأمل والأمنيات يدفعهم إلى التفكير باتجاه أن النصر حليفهم تماما ولن يجدوا أي مقاومة ..
وأول تلك الأمور التي يغفلونها ولا يريدون النظر إليها أبدا مسألة .. ماذا سيحدث في أمريكا لو أن بن لادن ضرب ضربة ثانية داخل أمريكا .. هل تصدقون من بيت عشرات بل مئات المقالات .. لم أجد أي شيء في الميديا الأمريكية يتحدث عن كيف ستواجه أمريكا الموقف لو حصلت ضربة لبن لادن داخل أمريكا ؟ والأمر الآخر الذي لا يريدون حتى مجرد التفكير فيه .. ماذا سيكون الموقف لو حصلت الضربة في خضم الحرب وبعد بدئها في العراق ؟؟؟
الأمريكيون لا يريدون التفكير أبدا في هذه المسألة ليس لأنها لن تحصل أو مستحيلة بل لأنها تشكل كابوسا نفسيا بالنسبة لهم ولذا هم يهربون منها ، يهربون حتى من مجرد الحديث عنها .. ولا يريدون أبدا التفكير فيها .. عقلهم الجمعي يريد أن يتناسى هذه النقطة ويمحوها تماما من ذاكرته ، فهم يتعاملون مع أنفسهم من باب التفاؤل وعدم التفكير في المخاطر التي يمكن أن تواجههم وأولها مخاطر القاعدة وما يمكن أن تتسبب به ضربتها الثانية ..
نتج عن هذا التناقض بين أوربا وأمريكا نتيجة خطيرة للغاية على مستقبلهم .. وهي أنه لأول مرة يحصل صراع بين اللصوص على اقتسام الغنيمة .. والمضحك جدا أنهم مختلفون الآن على اقتسام الغنيمة قبل سرقتها ..
والذي يلوح في الأفق بعد كل هذا التناقض بين أوربا وأمريكا أن أمريكا ماضية في حربها وأوربا ستقعد متفرجة .. وسيصلون إلى المرحلة التي تتمنى فيها أوربا أن تؤدب أمريكا حقا على يد أي قوة كانت .. وربما يتجاوز الأمر مسألة التمني إلى مسألة الفعل ومحاولة افساد السرقة على أمريكا وهذا ما أتمناه أنا ..
غير أن هناك مؤشرا حضاريا مهما للغاية يظهر بجلاء نتيجة صراع اللصوص .. وهذا المؤشر الحضاري عندما أتخيله أشعر بنشوة غير عادية .. وأدعو بسببه بظهر الغيب للشيخ أسامة بن لادن .. هذا المؤشر سأتحدث عنه لاحقا لكن قبل ذلك أريد الإشارة إلى أن معظم المحللين الغربيين من عسكريين وغيرهم ينظرون للحرب من منظور واحد ولا يهتمون إطلاقا بأمور أخرى وعدم اهتمامهم بها ليس لأنها ليست مهمة وإنما لأن غرور القوة التي يملكونها وهاجس الأمل والأمنيات يدفعهم إلى التفكير باتجاه أن النصر حليفهم تماما ولن يجدوا أي مقاومة ..
وأول تلك الأمور التي يغفلونها ولا يريدون النظر إليها أبدا مسألة .. ماذا سيحدث في أمريكا لو أن بن لادن ضرب ضربة ثانية داخل أمريكا .. هل تصدقون من بيت عشرات بل مئات المقالات .. لم أجد أي شيء في الميديا الأمريكية يتحدث عن كيف ستواجه أمريكا الموقف لو حصلت ضربة لبن لادن داخل أمريكا ؟ والأمر الآخر الذي لا يريدون حتى مجرد التفكير فيه .. ماذا سيكون الموقف لو حصلت الضربة في خضم الحرب وبعد بدئها في العراق ؟؟؟
الأمريكيون لا يريدون التفكير أبدا في هذه المسألة ليس لأنها لن تحصل أو مستحيلة بل لأنها تشكل كابوسا نفسيا بالنسبة لهم ولذا هم يهربون منها ، يهربون حتى من مجرد الحديث عنها .. ولا يريدون أبدا التفكير فيها .. عقلهم الجمعي يريد أن يتناسى هذه النقطة ويمحوها تماما من ذاكرته ، فهم يتعاملون مع أنفسهم من باب التفاؤل وعدم التفكير في المخاطر التي يمكن أن تواجههم وأولها مخاطر القاعدة وما يمكن أن تتسبب به ضربتها الثانية ..
الحاصل أنه وفق المقياس الحضاري نحن نرى اتجاهين متعاكسين على مستوى القوى المتحاربة فنحن كأمة إسلامية نتجه بهدوء تام سابقا- سيلحقه صخب كامل لاحقا- في اتجاه التوحد حول القيادة العالمية الجديدة لأمتنا وهي قيادة المجاهدين .. والغرب يتجه حضاريا نحو التشرذم والاختلاف والفرقة ثم الانحدار .. وهم يسيرون إلى أن خلافات عميقة ستسهل حتما على المجاهدين قضم القوى الغربية قوة بعد الأخرى .. فما يحدث بينهم الان حاليا يشير إلى أن مهمة بن لادن مع أمريكا ستكون سهلة للغاية خصوصا في حال تورط أمريكا في الحرب العراقية بدون حسم ..
وإذا نجحت ضربات بن لادن وخرجت أمريكا من المشهد العالمي بعد هزيمة منكرة في العراق فلن تستطيع أوربا مواجهتنا ولا أي قوة أخرى في العالم لأن أمريكا لم تترك فرصة لأحد ليكون خليفة لها في حال انهيارها وهذي إحدى الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها الغرب أو ارتكبتها الحماقة الأمريكية .. من خلال نظام بوش الأب الدولي الجديد الغبي .. بل لن يكون أمام أوربا في السنوات القادمة بعد إخراج أمريكا من منطقتنا لن يكون لأوربا سوى أن تعلن الهدنة معنا وتصالحنا صلحا آمنا .. كما في الحديث وهم الذين سيكونون الروم المقصودين في الحديث .. وافتراضي الشخصي أن العدو الذي سنقاتله في تلك المعركة سيكون الخطر الأصفر أي الصين وأحلافها.. عموما هذا ليس مقصودا في المقال .. ولكن هذه افتراضات يمكن فهمها بناء نتائج الأحداث الحالية ..
وهذا يدعونا إلى رفع أيدينا بالدعاء مرة أخرى للشيخ أسامة بن لادن على خياره التاريخي الحاسم بمحاربة أمريكا ثم على معركته التاريخية الفاصلة في 11 سبتمبر والتي هي بحق غيرت وجه العالم وغيرت مسار الحضارات
وقد كتبت قديما مقالا لم أنشره للأسف عنوانه ( اثر 11 سبتمبر على صراع الحضارات ) وبحثت عنه لأضعه ضمن هذا المقال وفقدته للأسف أيضا ومما أتذكره في ذلك المقال .. أن 11 سبتمبر هي الضربة التي أصابت التنين في عينيه فأفقدته القدرة على النظر وصار ينفخ النار في جميع الاتجاهات بينما الغلام المؤمن مستمر في ضرب التنين بالسهام في كل مكان من جسده حتى تصل المعركة إلى لحظة الحسم عندما يوجه الغلام السهم إلى قلب التنين ثم يثبت السهم فيه فيسقط التنين .. ليرتقي الغلام المؤمن على ظهره مستبشرا بنصر الله له .. ويسقط مع التنين كل الخوف والرعب الذي كان يصيب الناس منه ويسقط معه سدنته وكهنته الذين كانوا يستغلون الناس من خلال قوة التنين .. وبعد سقوط التنين يسقط في يد الذين عبدوا الناس للتنين من دون الله فيقوم الغلام ويرفع الأذان في أنحاء القرية .. وهو يلبس عمامته العربية .. هذه كانت صورة شاعرية لصراع الحضارات الذي سيعني زوال حضارة التنين وارتقاء حضارة الأذان والعمامة العربية واللحية الوضيئة فوقها ..
تلك الحضارة التي أصبحنا نفتخر بها الآن .. اسألوا أنفسكم .. ماذا كان يعني لكم ظهور شيخ ملتح قبل 11 سبتمبر في التلفزيون .. ثم ظهور شيوخ ملتحين مجاهدين مثل الشيخ أسامة بن لادن وأبو غيث والظواهري وأبو حفص بعد 11 سبتمبر..
وقد كتبت قديما مقالا لم أنشره للأسف عنوانه ( اثر 11 سبتمبر على صراع الحضارات ) وبحثت عنه لأضعه ضمن هذا المقال وفقدته للأسف أيضا ومما أتذكره في ذلك المقال .. أن 11 سبتمبر هي الضربة التي أصابت التنين في عينيه فأفقدته القدرة على النظر وصار ينفخ النار في جميع الاتجاهات بينما الغلام المؤمن مستمر في ضرب التنين بالسهام في كل مكان من جسده حتى تصل المعركة إلى لحظة الحسم عندما يوجه الغلام السهم إلى قلب التنين ثم يثبت السهم فيه فيسقط التنين .. ليرتقي الغلام المؤمن على ظهره مستبشرا بنصر الله له .. ويسقط مع التنين كل الخوف والرعب الذي كان يصيب الناس منه ويسقط معه سدنته وكهنته الذين كانوا يستغلون الناس من خلال قوة التنين .. وبعد سقوط التنين يسقط في يد الذين عبدوا الناس للتنين من دون الله فيقوم الغلام ويرفع الأذان في أنحاء القرية .. وهو يلبس عمامته العربية .. هذه كانت صورة شاعرية لصراع الحضارات الذي سيعني زوال حضارة التنين وارتقاء حضارة الأذان والعمامة العربية واللحية الوضيئة فوقها ..
تلك الحضارة التي أصبحنا نفتخر بها الآن .. اسألوا أنفسكم .. ماذا كان يعني لكم ظهور شيخ ملتح قبل 11 سبتمبر في التلفزيون .. ثم ظهور شيوخ ملتحين مجاهدين مثل الشيخ أسامة بن لادن وأبو غيث والظواهري وأبو حفص بعد 11 سبتمبر..
أعود من هذا فألخص القول إن تأثير أسامة بن لادن والمجاهدين الحضاري بالنسبة لأمة الإسلام هو إعادة تعريف هويتها من جديد وتخليصها من وهم الخوف والشعور بالضعف والتخاذل والذلة .. بل إن اسامة بن لادن نجح في حصر هذه الصفات في طائفة الحكام ومن يتبعهم فصار عند المؤمن عزة وثقة كبيرة بهذا الدين وشعور عميق أن سبب أزمة الأمة هم هؤلاء الحكام الجبناء الذين يجثمون على صدرها ولا يريدون حتى أن يتركوا مناصبهم للشرفاء من أبناء الإسلام وهو عندما يستمع لكلام الشيخ عما حدث في تورا بورا .. ثم يتذكر كلام وزير الخارجية القطري عندما قال ( يجب أن نستجدي أمريكا ) عندما يقارن بين الموقفين يشعر حقا من هو سبب أزمة هذه الأمة .. ويشعر بأن خياره الصحيح يجب أن يكون مع المجاهدين لا مع قطاع الطرق واللصوص الذين اسمهم ( الحكام العرب ) ..
لقد تم نقض كل التراكمات النفسية والعلل والأمراض الاجتماعية التي كانت أسبابا مهمة في هزيمتنا الحضارية واستطاع رجل واحد ثابت على المبدأ مصر عليه مثل أسامة بن لادن ورجاله أن يحطموا تلك الأمراض ويقوموا بعلاج شامل للأمة من خلال إدخالها في أتون صراع مكشوف مع الغرب صراع كانت نتيجته المباشرة تخليص الأمة من أمراضها الداخلية .. وكانت آخر مرحلة علاجية تحدث عنها الشيخ هي الحديث مباشرة عن الحكام الذين مازالوا يكرسون الهزيمة ومازالوا مصرين على البقاء في عروشهم ولا يهمهم شيء سوى أنفسهم ولتحترق الأمة في الجحيم إذا كان ذلك سيكون سببا في الحفاظ على ما يكسبون ..
أقول إن مسلسل الانكشافات توالى بشكل مستمر ولم يبق أحد إلا وتبين ديناره من درهمه .. وبقي الغرب .. فجاءت حرب العراق الأخيرة لتكشف حقائق أساسية : أولها : أن دعاوى الديموقراطية تبخرت تماما وظهرت حقيقة الديموقراطية الغربية .. ولا أظن أحدا يجهل أنه خرجت مظاهرات في أنحاء العالم تقدر أعدادها بخمسة عشر مليون نسمة كلها تعارض الحرب .. ولو كانت الديموقراطية حاضرة لديهم فعليا لاستجابت بلد مثل بريطانيا يعارض 70 في المئة من شعبها الحرب .. مع ذلك ستقع الحرب ولن توقفها مثل تلك المظاهرات .. وهذا ما قالته رايس أيضا .. ثانيها : أنه حتى الذين عارضوا الحرب من الحكومات الغربية مثل ألمانيا وفرنسا لم يعارضوها لمبدأ نبيل بقدر ما عارضوها لأجل أنهم سيخرجون كما يقال من المولد بلا حمص .. فعارضوها لأجل هذا السبب لا غير والدليل عليه أن اقتراحاتهم البديلة دلت على ذلك ..
إن حقيقة الديموقراطية الغربية لا تحتاج إلى دليل لتكشف عن مدى خستها ودنائتها وكونها حضارة استبدادية قائمة على مصالح مادية بحتة كالنفط وبقاء الهيمنة وأن البشر في نظرهم آخر ما يمكن أن يهتموا به خصوصا إذا كان أولئك البشر من المسلمين ولا أدل على ذلك من كلمة مادلين أولبرايت التي قالت بكل وقاحة إن مشكلتهم مع العراق تستحق أن يموت من أجلها نصف مليون طفل عراقي .. ثم يأتي الآن رامسفيلد وبوش وباول ليقولوا لنا إن تلك المشكلة بعينها تستحق أن يموت من أجلها ملايين العراقيين من أجل النفط .. أو نزع أسلحة الدمار الشامل ..
لكنني قصدت بالانكشاف أن الديموقراطية الغربية لديها الاستعداد لتضرب عرض الحائط بكل مبادئها ولو عارضتها شعوبهم البيضاء إذا كانت القوى المتسلطة تعتقد أن مصلحتها في تلك الحرب .. ولو مات في الحرب ملايين الناس فلا مشكلة .. المهم أن يحافظوا على رفاهيتهم وحياتهم ولو على جماجم الآخرين ..
وإذا حاولت أن ترى صورة حادة لما يحدث من مظاهرات حول العالم في أكثر من 500 مدينة من كل بلاد الدنيا فتصور أن الأمريكان والبريطانيين أصروا على خوض الحرب ثم خسروها كيف سيكون حجم الانتكاسة الحضارية الغربية ؟؟
خلاصة ما أريد قوله أن هذه الحرب ضد العراق رغم ما سيبدو لنا فيها من شر فيجب أن نستبشر خيرا وأن نعلم أن الخير يأتي من بين فكي الشر وأن القتل قد يكون خيرا لنا وأن لله الحكمة البالغة في جر هذه الجحافل من جيوش البلاهة النصرانية إلى أرضنا وقريبا منا بدون أن نبذل أي جهد في جرهم إلينا وأن كل المؤشرات تشير أن الأمريكيين لن يربحوا هذه الحرب بإذن الله ..
وستكون الانتكاسة الغربية في هذه الحرب بداية للتدهور الحاد والظاهر في التفوق الغربي علينا .. وإذا كانوا مختلفين من الآن وحصلت انقسامات حادة في الغرب نفسه فكيف سيكون حالهم عندما يخرجون منهزمين ؟ هل تتوقعون أن يبقى لهم شيء لن يخسروه ؟
وقد يقول البعض هذا تفاؤل والغرب خسر الملايين من أبنائه في الحرب العالمية الأولى والثانية من أجل مصالحه فهل تظن أن الغرب سيتخلى بسهولة عن مصالحه الموجودة في بلادنا ؟ هذا الاعتراض كتبه الأستاذ التميمي في منتدى الوسطية وآخرون ..
وأعتقد أن هذه ( جبرية فكرية ) لا يصح طرحها في نطاق الصراع الحضاري والديني .. وإذا كان الغرب سيدافع عن ما يعتبره مصالح في بلادنا فلدينا نحن أسامة بن لادن الذي يدافع عن الأمة ومصالحها ولدينا شيوخ الجهاد الفضلاء .. للأسف لا أجد غير أسامة بن لادن وهؤلاء الشيوخ لأضعهم في هذا السياق .. وإذا كان الغرب يمتلك تلك الأسلحة والأساطيل فنحن نمتلك أسامة ..
وأسامة أخبرنا أن العالم تحالف ضده في ميل مربع فلم يغلبوه .. وهذا دليل حاسم على أننا نستطيع إذا دعمنا المجاهدين أن نتغلب على الغرب بسهولة .. لأنه إذا كان كل ما يملكون من قوة لم يحسم معركة في ميل مربع مع 300 مجاهد فهذا يعني أن المجاهدين لا يمكن هزيمتهم إطلاقا متى ما كانوا متمسكين بحبل الله .. وهذا بدوره يعني أنه مهما طالت الحرب بين المجاهدين والغرب فالغلبة في النهاية للمجاهدين .. كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله .
أخيرا .. أجد من المناسب أن أعقد مقارنة سريعة بين حلمين .. الأول حلم في طريقه للتبدد والثاني حلم في طريقه للتحقق .. أما الحلم الأول فهو الحلم الأمريكي .. وأما الثاني فهو الحلم الإسلامي .. الحلم الأمريكي تبدد تماما بعد 11 سبتمبر وقسم بن لادن ، وظهرت واحدة من آثار القسم في حادثة يوم أمس في أمريكا عندما قتل 21 شخصا دهسا تحت الأقدام بسبب الخوف والرعب .. وثقوا تماما أنه عندما تعيش أمة ما تحت هاجس الخوف والرعب فإنها تتخلى عن الحلم وتنحدر إلى المرارة والانهيار .. أما الحلم الإسلامي فقد أصبح قريبا جدا من التحقق وخطابات أسامة بن لادن الأخيرة والتي جاءت في وقت حاسم جدا من تاريخ الأمة تعد منارات تهتدي بها الأمة في خضم الأحداث المتلاطمة .. فالأمة اليوم قد أصبح أمامها كل شيء واضحا ، والشيخ أسامة جزاه الله عن الأمة خير الجزاء أدى ما عليه وزيادة وبين للأمة طريقها الذي يجب أن تسلكه .. وصرنا نعيش الأمل والحلم .. الحلم أن يزول خوفنا وأن يزول عنا هؤلاء المستبدين الذي أفسدوا حياتنا وأفسدوا ماضينا وهم سبب فساد حاضرنا .. والأمل أن تسلم الأمة كلها قيادتها لرجالها الحقيقيين الذين هم مستعدون لبذل دمائهم ومهجهم في سبيل رفعتها ولا تحتاج الأمة إلى إثبات أكثر من أن يقوم أحد هؤلاء الرجال بجعل جسده طريقا تسير عليه الأمة إلى بر الأمان .. وقد سارت كتائب هؤلاء الرجال منذ زمن وكان من أواخر محطاتهم التي توقفوا عندها 11 سبتمبر .. وستأتي قريبا المحطة الثانية الكبرى التي سيتوقف العالم بعدها لا ليستمع للشيخ أسامة والمجاهدين ويترقب شاشات الفضائيات بل يتوقف العالم ليقول سمعا وطاعة للمجاهدين .. وما ذلك على الله بعزيز .
منقول