السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ..
هل أثرت موعظة لقمان في ابنه ؟
لا شك أن تربية الأولاد التربية الصالحة واجبة وكلنا يهدف اليها ,
فكلنا يسعى لتحقيقها خاصة في ظل المؤثرات و الفتن التي يتعرض لها أبناؤنا .
وبعض الآباء يمنع ولده عن المؤثرات بحبسه في البيت , وآخر بالتخويف والردع ,
وللأسف فإننا لانجد لتلك الاسليب أي أثر على منع الأبناء من التأثر بالمؤثرات السلبية
التي قد ملأت المجتمعات , ونجدنا نميل دائما إلى أن نجعل الحل هو تربية أبنائنا التربية
الصحيحة على الحق والصواب ونملأ قلوبهم بحب الإيمان وبحب الله سبحانه
وبكره الذنب والمعصية , فلا نخاف عليهم إذن مهما تعرضوا لمؤثرات سلبية ..
و لذلك كان من حق الولد أن يربى بالطرق الشرعية الصحيحة
التي تحفظ عليه شخصيته السوية وترعاه أمام أي مؤثر سلبي .
وسنحاول أن نتتبع أهم الوسائل الإسلامية التي تشرع في تقويم سلوك الأبناء
وتوجيههم الوجهة الصحيحة , ونبدأ أول ما نبدأ به " الموعظة " كوسيلة للتربية
والتوجيه والتقويم , فقد وجدنا وسيلة الموعظة الحسنه
احدي الوسائل التي أشار القرآن الكريم إلي أتباعها
في قوله تعالي :
{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ
يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
لقمان 13
إنه دليل علي أن من حقوق الأولاد علي آبائهم أن يجلسوا معهم للوعظ والإرشاد والتقويم
والتعليم والتوجيه , كهذا المجلس الذي جلسه لقمان عليه السلام , فقد جعل الله تعالي ذلك
من واجبات الآباء علي أبنائهم .
ولم يقتصر هذا الوعظ فقط علي الأب بالنسبة لابنه بل إن ذلك الأسلوب القرآني
يتبعه كل من الداعية إلي الله مع الناس , والمدرس لتلاميذه ,
والأخ الكبير لأخيه الأصغر ,,وهكذا ..
بل جعلت تلك الموعظة طريقا مارسه الرسل صلوات الله عليهم مع أقوامهم
حيث قال تعالي آمرا رسوله صل الله عليه وسلم :
{ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا }
النساء 63
ولقد وصف الله تعالي تلك الموعظة حينما تؤثر في المتلقي الصادق فيستقبلها في صدره
وكأنه كان يتمني انتظارها فبمجرد سماعها تكن شفاءً للصدر من جفاء طال في قلبه ,
وكان ذلك من آثارها الطيبة فقد قال تعالي :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }
فأغلب الأنفس البشرية تكون مستعدة لتقبل المواعظ إذا هي خرجت بشروطها الصحيحة ,
خصوصا إذا كانت أنفسا طيبة نقية لم تتلوث بعد مثل أنفس الأبناء لذلك
بمجرد موعظتهم تجدهم يتأثرون تأثيراً كبيراً .
فالابن يتعظ وربما تكون تلك الموعظة بالنسبة له مؤقتة , لكنها تترك في قلبه أثراً ,
وقد يعود إليها ويتذكرها عندما يقع في شيء يبعده عن ربه ,
فتجدها له بمثابة جرس الإنذار.
لكن الموعظة كي تؤتي ثمارها لابد لها من ضوابط :
1- إتباع الصدق في الموعظة :
فالابن مثله الأعلى والداه , فإن وجدهما يتبعون الكذب في كلامهم ومعاملتهم
فكيف تؤثر فيه موعظة أبويه ؟
إنه لن يجعل لهما أذناً مصغية إلا عندما يتعاهدا بينهما الصدق في الحديث ,
فبقدر الثقة في الواعظ يكون تأثير الموعظة وقد نجد كثيرا من الأبناء لا يتأثرون لموعظة
الأب أو الأم علي الرغم انها لو قيلت من أحد الأصحاب أواحد الأقارب أو أحد المتحدثين
في التلفاز أو غيره قد تؤثر فيهم ويستمعون لها وينتبهون إليها !
وإنما سبب ذلك كثرة موعظة الوالدين وضعفها وعدم مواطأتها للوقت المناسب ,
وعدم شعور الإبن عندها برغبة في السماع .
والموعظة قد يتأثر بها الابن عندما يستقبلها من إنسان يُحبه,
لذلك يجب علي الواعظ قبل أن يقدم النصح والموعظة لمن يريد ,
عليه أن يترك وقتا بينه وبين من يريد نصحه يتقرب إليه فيه بكل الطرق الحسنة
التي تقرب بينهما فعندما يصل ويتأكد أنه قد وصل لتلك النتيجة فيبدأ بتقديم النصح
والموعظة ولتكن لينة رفيقة ,
لقوله تعالى آمراً موسى وهارون عليهما السلام
{ فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }
كما ينبغي على الواعظ أن يتحلى بالصبر ولا ييأس لطول الوقت ولا ينتظر ممن ينصحه
الاستجابة السريعة لتلك الموعظة , وفي حال الأبناء فطول فترة معايشتهما للأبوين
والأسرة هي فترة وعظ ونصح وإرشاد , فيمكن للأبوين تقسيم ذلك بهدوء وبرمجته بنظام .
2-الإقناع
وهي محاوله الواعظ سواء كان الوالد أو غيره أن يقنع المتلقي بالقضية التي يطرحها
لكي يتقبلها عن رضا لا عن حياء أو ضغط أو مجرد انفعال , فكثير من المحرمات
بيّن الله تعالي علل الأحكام فيها وأسبابها ومنافعها ومضارها ليعرض عنها الفاعل عن بينه وقناعه ,
فالله تعالي يقول في حرمه الخمر والميسر والأنصاب والأذلام
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
المائدة 9 ,
فبدأ الحكم الشرعي بتلك الأفعال مع تنفير النفس منها باعتبارها رجس .
وهذا الأسلوب الذي استخدمه رسول الله مع ذلك الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا
بكل جرأه وصراحة , فهمّ الصحابة رضي الله عنهم ليقعوا به فنهاهم
وأدناه وقال له :