حكاية الفيل والعصافير
أحمد بهجت - نقلاً عن جريدة الأهرام المصرية
قال دبشيلم الملك لبيدبا الفيلسوف: قل لي يا بيدبا، لو تصارع الفيل مع الأسد أو النمر أيهما يغلب؟
قال بيدبا الفيلسوف: هذا يتوقف على السرعة؛ لو أسرع الفيل وألقى بنفسه على الأسد فسوف يبططه. ولو ركب الأسد أو النمر ظهر الفيل وضربه بقبضة يده الحديدية فسوف يصرعه.
ولكن لماذا يسأل مولاي؟
قال الملك: كنت أحسِب الفيل ملك الغابة؛ فهو أضخم الحيوانات فيها جثة وأشدها مراسا.
قال الفيلسوف: معك كل الحق يا مولاي، ولكن ما رأيك في قصة الفيل الذي دخل صراعا مع عصفورة وهزمته العصفورة شر هزيمة؟
قال الملك: كيف كان ذلك؟
قال بيدبا الفيلسوف: زعموا أن فيلاً عاش في غابة متسعة الأرجاء مترامية الأطراف، وعاشت قريبا منه عصفورة اتخذت عشها في شجرة وارفة الخضرة وراحت تبني فيه أياما متتالية، حتى إذا انتهت منه باضت فيه ورقدت على البيض وخرجت العصافير الصغيرة وراحت تتعلم المشي قبل أن تتعلم الطيران. وهبت رياح قوية أثناء الليل على الغابة وحركت عش العصفورة حتى أصبح معلقا في الشجرة في غصن واحد. وجاء الصباح على الغابة وطارت العصفورة تسعى على رزقها، ونهض الفيل وهو يحس بالجوع فمضى نحو الشجرة التي جعلت فيها العصفورة عشها وبدأ ينزع فروعها ويأكلها.
كان عش العصفورة معلقا بالشجرة في فرع واحد فلما هزه الفيل سقط بما فيه من عصافير صغيرة لم تتعلم الطيران بعد، ونظر الفيل إلى عش العصفورة وتحرك وهو يأكل. كان الفيل يستطيع أن يتجنب العش وكان يستطيع أن يتجاوزه، ولكنه لم يفعل وسار بشكل طبيعي فهشم عش العصفورة وحطم بيضها وقتل عصافيرها الصغيرة.. وبعد أن أفطر مضى لحال سبيله.
جاءت العصفورة قبل المغرب لتطعم صغارها وترقد على بيضها فلم تجد الصغار ولا البيض ولا وجدت العش نفسه، راحت تبحث وهي تبكي. أخيرًا عثرت عليه في الأرض مهروسا.. رجحت العصفورة أن الفاعل هو الفيل؛ لأن أثر قدمه كانت ظاهرة في المكان.
طارت العصفورة نحو الفيل ووقفت على رأسه باكية، وقالت له: أيها الملك لماذا هشمت بيضي وقتلت فراخي وأنا في جوارك.. هل فعلت هذا استصغارًا منك لأمري واحتقارا لشأني؟
قال الفيل: نعم فعلته احتقارا لشأنك.
ذهبت العصفورة إلى جماعة الطير وحكت لها ما حدث من الفيل وسألتها المشورة.
قالت الطيور: ماذا نفعل مع الفيل، انظري إلى حجمنا وحجمه؟
قالت العصفورة: ليست القضية قضية الحجم، إنما هي قضية العدالة والقصاص.
سألها رئيس الطيور: ماذا تريدين منا؟
قالت: أريد عدة حمامات وعدة غربان بعد يومين لن تستغرق حاجتي إليهم سوى ساعة أو ساعتين. وافق رئيس الطيور على ذلك.
بعد ذلك ذهبت العصفورة إلى غدير الضفادع وحكت ما حدث لها مع الفيل، وشكت ما نال أسرتها من تحطيم وفناء.
قالت الضفادع: ما حيلتنا نحن في عِظم الفيل وحجمه؟ ماذا نبلغ منه وكيف ندخل في صراع معه؟
قالت العصفورة: لن تدخلوا في صراع معه، كل ما ستفعلونه أنكم سترفعون أصواتكم بنقيق الضفادع، هذا هو كل المطلوب.
وافقت الضفادع.. وحدد العصفور موعدا لحملته بعد يومين.
وجاء الموعد المحدد وجاءت الغربان والحمام إلى العصفورة.. كانت خطة العصفورة أن تهجم الطيور على عيني الفيل.. كل طير ينقر فيها نقرة حتى عمي الفيل واندفع متخبطا في الغابة، وهنا جاء دور الضفادع.
قالت العصفورة للضفادع: هناك واد عميق أريد للفيل أن يسقط فيه، مطلوب منكم أن تقفوا على حافة الوادي وترفعوا أصواتكم بنقيق الضفادع، سيتصور الفيل أن هناك ماء وراء الحافة وسيلقي بنفسه فيها فتتحطم عظامه ويتهشم جسده.
أقبل الفيل وقد استبد به العطش فسمع نقيق الضفادع فتصور وجود ماء، وألقى بنفسه في الهاوية. وجاءت العصفورة تقول له: أيها الطاغي، المغتر بقوته المحتقر لأمري، كيف رأيت عظيم حيلتي مع صغر جثتي قياسا لعظم جثتك وصغر همتك؟
-------------------
وإلى هنا انتهت حكاية تحالف العصافير الشجاعة والضفادع النقناقة..
تُرى هل هناك عصافير وضفادع من نوع آخر؟.
العرض العادي
