العودة   منتديات الـــود > !!~¤®§(§ الخيمة الرمضانية §)§®¤~ˆ!! > ˆ~¤®§][©][الخيمة الرمضانية][©][§®¤~ˆ
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-08-2009, 07:17 AM   رقم المشاركة : 1
خيال حالمه
( ود متميز )
 
الصورة الرمزية خيال حالمه
 






خيال حالمه غير متصل

قصص الأنبياء

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني احببت ان تشاركوني قراءة قصص الانبياء
وان نضع كل يوم قصة احد الانبياء عليهم السلام
وسااضع لكم اليوم قصة
النبي ايوب عليه السلام
فقد أثرت في القصه كثيرا
مااشد ابتلاء الانبياء ومااقوى صبرهم

نبي الله أيوب
) .... فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (سورة الأعراف آية 176


أيوب عليه السلام ..

نبى من أنبياء الله العظام الذين جاء ذكرهم فى القرآن الكريم .. يعرفه العام والخاص ، فحين يضربون مثلا للصبر يقولون " صبر أيوب "

فيا تُرى ما قصةُ أيوب عليه السلام ..

أيوب عليه السلام من ذرية يوسف عليه السلام ، تزوج سيدة عفيفة.

وأيوب عليه السلام وزوجته الكريمة يعيشان فى منطقة " حوران "

وقد أنعم الله على أيوب عليه السلام بنعم كثيرة فرزقه بنينًا وبنات، ورزقه أراضى كثيرة يزرعها فيخرج منها أطيب الثمار .... كما رزقه قطعان الماشية بأنواعها المختلفة .. آلاف من رءوس الأبقار ، آلاف رءوس من الأغنام ، آلاف من رءوس الماعز وأخرى من الجمال .

وفوق ذلك كله أعلى الله مكانته واختاره للنبوة .

وكان أيوب عليه السلام ملاذًا وملجئًا للناس جميعًا وبيته قبلة للفقراء لما علموا عنه أنه يجود بما لديه ولا يمنعهم من ماله شيئًا .

و لا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا، و بلغ من كرمه عليه السلام أنه لم يتناول طعامًا حتى يكون لديه ضيفًا فقيرًا .

هكذا عاش أيوب عليه السلام ..

يتفقد العمل في الحقول والمزارع ، ويباشر على الغلمان والعبيد والعمال ، وزوجته تطحن وبناته يشاركن الأم ..

وأبناء أيوب عليه السلام يحملون الطعام ويبحثون عن الفقراء والمحتاجين من أهل القرية ، والخدم والعمال يعملون في المزارع والأراضى والحقول .

و أيوب عليه السلام يشكر الله .. ويدعو الناس إلى كل خير وينهاهم عن كل شر .

أحب الناسُ أيوب عليه السلام .. لأنه مؤمن بالله يشكر الله على نعمه .. ويساعد الناس جميعاً .. ولم يتكبر بما لديه ، من مزارع وحقول وماشية وأولاد ..

كان يمكنه أن يعيش في راحة ، ولكنه كان يعمل بيده ، وزوجته هي الأخرى كانت تعمل فى بيتها ....

(2)

راح الشيطان يوسوس للناس يقول لهم: إن أيوب يعبد الله لأنه أعطاه هذا الخير العميم والفضل الكثير من البنين والبنات والأموال من قطعان الماشية والأراضى الخصبة .. فأيوب يعبد الله لذلك وخوفا على أمواله . ولو كان فقيرًا ما عبد الله ولا سجد له ...

ووجد الشيطان من يسمع له ويصغى لما يقول من وساوس .. فتغيرّت نظرتهم إلى أيوب عليه السلام وأصبحوا يقولون :

" إن أيوب لو تعرض لأدنى مصيبة لترك ما هو فيه من الطاعة والإنفاق فى سبيل الله .. ألا ترون كثرة أولاده وكثرة أمواله وكثرة أراضيه المثمرة ، فلو نزع الله منه هذه الأشياء لترك عبادة الله بل سينسى الله ..

ورويدًا رويدًا ..

تحول أهل حوران إلى ناقمين على أيوب عليه السلام بعدما كانوا يحبونه حبا جما .. وأصبحوا يرون أيوب عليه السلام من بعيد فيتحدثون عنه بصورة مؤذية .

(3)

بدأت المحنة والابتلاء من الله تعالى . .

فبينما كان كل شيء يمضي هادئاً . . فأيوب عليه السلام حامدًا شاكرًا ساجدًا لله تعالى على نعمه الكثيرة .. وأولاده ينعمون ويشكرون الله .. والعمال والعبيد يعملون في الأراضي والمزارع ..

زوجة أيوب عليه السلام كانت تطحن في الرحى . .

وبينما الجميع فى عافية من أمره مغتبطًا مسرورًا ، إذ وقعت الابتلاءات والمحن ..

فجاء أحد العمال يجرى ويصيح :

ـ يا سيدى .. يا نبى الله ؟!!

ـ ماذا حصل ؟! تكلم .

ـ لقد قتلوهم . . قتلوا جميع رفاقي . . الرعاة والفلاحين . . جميعهم قتلوا جرت دماؤهم فوق الأرض . . .

ـ كيف حدث ذلك ؟!

ـ هاجمنا اللصوص . . وقتلوا من قتلوا وأخذوا ما معنا من ماشية .

أيوب عليه السلام أخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون . . .

إن الله سبحانه شاء أن يمتحن أيوب .. وأراد أن يبين للناس أن أيوب عليه السلام رجلاً صابرًا محتسبًا ولا يعبده لأنه فى غنى وعافية.

في اليوم التالي نزلت الصواعق من السماء على أحد الحقول التابعة لما يملكه أيوب عليه السلام .. وجاء أحد الفلاحين .. كانت ثيابه محترقة وحاله يُرثى له ..

هتف أيوب عليه السلام :

ـ ماذا حصل ؟!

ـ النار ! يا نبي الله النار !!

ـ ماذا حدث ؟

ـ احترق كل شيء . . لقد نزل البلاء . . الصواعق أحرقت الحقول والمزارع . . أصبحت أرضنا رمادًا يا نبي الله . . كل رفاقي ماتوا احترقوا .

قالت زوجة أيوب عليه السلام :

ـ ما هذه المصائب المتتالية ؟!

ـ اصبري يا امرأة . . هذه مشيئة الله .

ـ مشيئة الله !!

أجل .. لقد حان وقت الامتحان .. ما من نبي إلاّ وامتحن الله قلبه.

نظر أيوب عليه السلام إلى السماء وقال بضراعة :

ـ الهي امنحني الصبر ...

في ذلك اليوم أمر أيوب عليه السلام الخدم والعبيد بمغادرة منزله .. والرجوع إلى أهاليهم والبحث عن عمل آخر .

وفى اليوم التالى .. حدثت مصيبة تتكسر أمامها قلوب الرجال ..

لقد مات جميع أولاده البنين والبنات ، حيث اجتمعوا فى دار لهم لتناول الطعام فسقطت عليهم الدار فماتوا جميعا .

وازدادت محنة أيوب عليه السلام أكثر وأكثر ..

فلقد اُبتلى فى صحته ....

وانتشرت الدمامل فى جسمه ..

وتحول من الرجل الحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع .

ولم يبق معه سوى زوجته الطيّبة ..

أصبح منزله خالياً لا مال له ، لا ولد ، ولا صحة ..

عَلَّمَ أيوبُ عليه السلام زوجته أن هذه مشيئة الله ، وعلينا أن نسلّم لأمره ...

حاول الشيطان اللعين أن ينال من قلب أيوب عليه السلام ، فأخذ يوسوس إليه من كل جانب قائلا : ماذا فعلت يا أيوب حتى يموت أولادك وتصاب فى أموالك ، ثم تصاب فى صحتك .

فاستعاذ أيوب عليه السلام بالله من الشيطان الرجيم .. وتفل على الشيطان الرجيم ففر من أمامه . وكذلك فعلت زوجته وطردت وساوس الشيطان .

وكان أيوب عليه السلام لا يزداد مع زيادة البلاء إلا صبرًا وطمأنينة .

(4)

ويأس الشيطان من أيوب وزوجته الصابرين المحتسبين .

فاتجه إلى أهل حوران ينفث فيهم الوساوس حتى جعلهم يعتقدون أن أيوب عليه السلام أذنب ذنباً كبيراً فحلّت به اللعنة ..

ونسج الناسُ الحكايات والقصص حول أيوب عليه السلام .. وتطور الأمرُ أكثر حتى ظنوا أن في بقائه خطرًا عليهم . .

وعقدوا العزم أن يخرجوا أيوبَ من أرضهم ..

وجاءوا إلى منزله .. لم يكن في منزله أحد سوى زوجته قائلين :

نحن نظنّ أن اللعنة قد حلّت بك ونخاف أن تعمّ القرية كلها .. فاخرج من قريتنا واذهب بعيداً عنا نحن لا نريدك أن تبقى بيننا .

غضبت زوجته من هذا الكلام قالت : نحن نعيش في منزلنا ولا يحق لكم أن تؤذوا نبي الله فى بيته وفى عقر داره ..

فردُّوا عليها بوقاحة : إذا لم تخرجا فسنخرجكما بالقوّة ..

لقد حلّت بكما اللعنة وستعمّ القرية كلها بسببكما ..

حاول أيوب عليه السلام أن يُفْهِمَ أهل القرية أن هذا امتحان وابتلاء من الله ، وأن الله يبتلى الأنبياء ابتلاءات شديدة حتى يكونوا مثلا ونموذجًا لتعليم الناس .

قالوا له : ولكنك عصيت الله وهو الذي غضب عليك .

قالت زوجته : انتم تظلمون نبيكم ..

هل نسيتم إحسانه إليكم هل نسيتم يا أهل حوران الكساء والطعام الذي كان يأتيكم من منزل أيوب ؟!

قال أيوب عليه السلام : يا رب إذا كانت هذه مشيئتك فسأخرج من القرية وأسكن في الصحراء . . يا رب سامح هؤلاء على جهلهم ... لو كانوا يعرفون الحق ما فعلوا ذلك بنبيهم ....

هكذا وصلت محنةُ أيوب عليه السلام، حيث جاء أهلُ حوران وأخرجوه من منزله .

كانوا يظنّون أن اللعنة قد حلّت به ، فخافوا أن تشملهم أيضاً .. نسوا كل إحسان أيوب وطيبته ورحمته بالفقراء والمساكين !

لقد سوّل الشيطانُ لهم ذلك فاتّبعوه وتركوا أيوب يعاني آلام الوحدة والضعف والمرض .. لم يبق معه سوى زوجته الوفية .. وحدها كانت تؤمن بأن أيوب في محنة تشبه محنة الأنبياء وعليها أن تقف إلى جانبه ولا تتركه وحيداً .

(5)

ضاقت الأحوالُ فمات الولدُ وجفَّ الخيرُ وتصالحت الأمراض والبلايا على جسمه ، فقعد لا يستطيع أن يكسب قوت يومه .

وخرجت زوجته تعمل في بيوت حوران، تخدم وتكدح في المنازل لقاء قوت يومهما ..

وكانت زوجة أيوب عليه السلام تستمدّ صبرها من صبر زوجها وتحمّله . وقد أعدت لأيوب عليه السلام عريشًا فى الصحراء يجلس فيه وكانت تخاف عليه من الوحوش والحيوانات الضالة، لكن لا حيلة لهما غير ذلك .

وظل الحال على ذلك أعواما عديدة وهما صابرين محتسبين .

وفى يوم من الأيام ..

وبينما كانت الزوجة الصالحة خارج البيت ..

مرّ رجلان من أهل حوران – وكانا صديقين له قبل ذلك - توقفا عند أيوب عليه السلام ونظرا إليه، فرأوه على حالته السيئة من المرض والفقر والوحدة ..

فقال أحدهما : أأنت أيوب ! سيد الأرض

- ماذا أذنبت لكي يفعل الله بك هذا ؟!

وقال الآخر : انك فعلت شيئاً كبيراً تستره عنا ، فعاقبك الله عليه .

تألّم أيوب عليه السلام . إن الكثير يتهمونه بما هو برئ منه .

قال أيوب عليه السلام بحزن : وعزّة ربي إنّه ليعلم ببراءتى من هذا.

تعجّب الرجلان من صبر أيوب عليه السلام ، وانصرفا عنه في طريقهما وهما يفكّران في كلمات أيوب عليه السلام !

أما زوجته الصالحة فقد بحثت عمّن يستخدمها في العمل ، ولكن الأبواب قد أُغلقت في وجهها . . ومع ذلك لم تمدّ يدها لأحد .

وتحت ضغط الحاجة والفقر ، اضطرت أن تقص ضفيرتيها لتبيعهما مقابل رغيفين من الخبز .

ثم عادت إلى زوجها وقدّمت له رغيف الخبز عندما رأى أيوب عليه السلام ما فعلت زوجته بنفسها شعر بالغضب .

حلف أيوب عليه السلام أن يضربها على ذلك مائة ضربة، ولم يأكل رغيفه كان غاضباً من تصرّفها ، ما كان ينبغي لها أن تفعل ذلك .

(6)

ورغم أن زوجة أيوب عليه السلام طلبت منه كثيرا أن يدعوا الله لكى يزيح عنه هذا البلاء الذى استمر هذه السنوات العديدة فكان يرفض أن يشكو الله تعالى .

وتحمل المرض والبلايا .. وتحمل اتهامات الناس .

لكن بيع زوجته لضفيرتيها هزه من الداخل ..

فنظر إلى السماء وقال :

يا رب إنّي مسّني الشيطان بنصبٍ وعذاب.

يا رب بيدك الخير كله والفضل كله وإليك يرجع الأمر كله ..

ولكن رحمتك سبقت كل شئ ..

فلا أشقى وأنا عبدك الضعيف بين يدك ..

يا رب ‍‍.. مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ..

وهنا .... أضاء المكان بنور شفاف جميل وامتلأ الفضاء برائحة طيّبة، ورأى أيوب ملاكاً يهبط من السماء يسلم عليه ويقول :

نعم العبد أنت يا أيوب إن الله يقرئك السلام ويقول : لقد أُجيب دعوتك وأن الله يعطيك أجر الصابرين..

اضرب برجلك الأرض يا أيوب ! واغتسل في النبع البارد واشرب منه تبرأ بإذن الله .

غاب الملاك ، وشعر أيوب بالنور يضيء في قلبه فضرب بقدمه الأرض، فانبثق نبع بارد عذب المذاق .... ارتوى أيوب عليه السلام من الماء الطاهر وتدفقت دماء العافية في وجهه ، وغادره الضعف تماماً.

و بينما أيوب عليه السلام يغتسل عريانا خر عليه رِجْلُ جَرَادٍ من ذهب فجعل يحثي في ثوبه . فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك ..

خلع أيوبُ عليه السلام ثوب المرض والضعف وارتدى ثياباً تليق به ، يملؤها العافية والسؤدد .

وشيئاً فشيئاً .. ازدهرت الأرض من حوله وأينعت .

عادت الصحة والعافية .. عاد المال .. ودبت الحياة من جديد.

عادت الزوجة تبحث عن زوجها فلم تجده ووجدت رجلاً يفيض وجهه نعمة وصحته وعافية . فقالت له باستعطاف :

ـ ألم ترَ أيوب . . أيوب نبي الله ؟!

ـ أنا أيوب ‍‍‍.

ـ أنت ؟! إن زوجي شيخ ضعيف .. ومريض أيضاً !

ـ المرض من الله والصحة أيضاً .. وهو سبحانه بيده كل شيء .

ـ نعم .. لقد شاء الله أن يمنّ عليّ بالعافية وأن تنتهي محنتنا ! وأمرها أن تغتسل فى النبع ، لكى يعود إليها نضارتها وشبابها .

فاغتسلت في مياه النبع فألبسها الله ثوب الشباب والعافية .

ورزقهما الله بنينا وبنات من جديد ..

ووفاء بنذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثا وهو ملء اليد من حشيش البهائم ، ثم يضربها به فيوفى يمينه و لا يؤلمها ، لأنها امرأة صالحة لا تستحق إلا الخير.

وكان أيوب عليه السلام واحدًا من عباد الله الشاكرين فى الرخاء، الصابرين فى البلاء ، الأوَّابين إلى الله تعالى فى كل حال .

وعَرِفَ الناسُ جميعًا قصةَ أيوب عليه السلام وأيقنوا أن المرض والصحة من الله وأن الفقر والثراء من الله ..


وسجل الله قصته فى القرآن الكريم فقال تعالى :

) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ( سورة الأنبياء الآية : 83 و 84



وقال تعالى :

) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ( سورة ص الآية : 41 ـ 44


عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ .. إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ

إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ
...



انتظركم خيال حالمه







التوقيع :

قديم 31-08-2009, 10:46 AM   رقم المشاركة : 2
Ŗờờ7 έήŠấń❥
( مشرف أقسام التقنية والتصاميم والجرافيكس)
 
الصورة الرمزية Ŗờờ7 έήŠấń❥

موضوع قيم وجميل
ونسأل الله يجعله في موازيين حسنتاتك
وتقبلي مروري







قديم 02-09-2009, 01:29 AM   رقم المشاركة : 3
د.طلال
( ود متميز )
 
الصورة الرمزية د.طلال
 







د.طلال غير متصل

سليمان بن داود عليهما السلام

سليمان بن داود عليهما السلام

هو من الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل بعد أبيه داود عليهما السلام، وقد انفردا من بين الرسل بأن الله آتاهما الملك والنبوة. وقد ذكر الله سليمان في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى في سورة النساء: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا...} [النساء: 163].


حياة سليمان عليه السلام في فقرات:

)أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة سليمان عليه السلام ما يلي:

-1 أوصى داود عليه السلام بالملك لولده سليمان، ولما مات داود ورثه سليمان في الملك، وكان عمره حينئذٍ اثنتي عشرة سنة، وكان سليمان - على حداثة سنه - ممن آتاهم الله الحكمة والفطانة وحسن السياسة.

-2 اتسع ملك سليمان، وغالَبَ الأمم من حوله، حتى ضرب الجزية على جميع ملوك الشام، ثم امتد ملكه حتى كان له نفوذ على ملوك اليمن، وخضعت له ملكة سبأ، فآمنت به ودخلت في دينه وطاعته.

-3 قام بعمارة بيت المقدس - تنفيذاً لوصية أبيه داود عليه السلام - بعد أربع سنين من توليه الملك، وأنفق في ذلك أموالاً كثيرة، وانتهى من عمرانه بعد سبع سنين، وأقام السور حول أورشليم (مدينة القدس).

ثم بنى الهيكل (القصر الملكي)، قالوا: وقد أتم بناءه في مدة ثلاث عشرة سنة، وأنشأ مذبح القربان، وكان له اهتمام عظيم بالإِصلاح والعمران، وكان له أسطول بحري، قالوا: وكانت السفن تجلب له من الهند الذهب والفضة والبضائع، والفيلة والقرود والطواويس، وكان له عناية فائقة بالخيل، يروضها ويعدها للحرب، وكانت له مجموعة كبيرة من النساء الحرائر والسراري.

قالوا: وقد قام بأعمال تجارية واسعة في البر والبحر، وأدخل نظام الضرائب والسُّخرة، حتى أصبحت عظمة حكمه مضرب الأمثال.

-4 وأورد المؤرخون أن سليمان عليه السلام حجَّ إلى بيت الله الحرام بمكة، في ركبٍ مَلَكيٍ كبيرٍ وفّى فيه نذره، وقدم في حجته ذبائح وقرابين كثيرةً، وأنه بعد حجه عليه السلام سافر بركبه إلى اليمن، ودخل أرض صنعاء. والله أعلم.

-5 ولبث في الملك (40) سنة ثم توفي عليه السلام، وقد بلغ عمره (52) سنة.

)ب) وقد تعرض القرآن الكريم في عدة سور لحياة سليمان عليه السلام، بشكل تناول أهم النقاط البارزة في حياته، مما يتصل بنبوته وملكه، وبعض صفاته ونعم الله عليه، وذكر منها ما لم يتعرض له أهل التاريخ، وأبرز ما جاء في الكتاب العزيز مما يتصل به عليه السلام النقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه كما أوحى إلى سائر الرسل، وأن الله آتاه علماً، وفضله وأباه على عالمي زمانه، كما قال أبوه داود من قبل: {الحمد الله الذي فَضَّلَنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين}.

-2 إثبات أنه أوَّاب، ولذلك أثنى الله عليه بقوله :

{وَوهبنا لداود سليمان نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30].



-3 إثبات أن الله أنعم عليه بنعم كثيرة منها ما يلي:

)أ) أن الله آتاه الملك ميراثاً من أبيه داود عليه السلام، قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: 16].



(ب) أن الله آتاه علم منطق الطير، كما آتى أباه داود مثل ذلك من قبله.

(جـ) أن الله آتاه الحكمة على حداثة سنه، ويشهد لذلك قصة الاستفتاء الفقهي الذي وُجِّه إلى أبيه داود، فأفتى فيه بوجه، فاستدرك سليمان فأفتى بوجه آخر، وكان ما أفتى به سليمان أضمن للحق وأقرب للصواب، وقد أوردنا هذه القصة فيما سبق عند الكلام على حياة داود عليه السلام.

(د) أن الله سخَّر لسليمان الريح تجري بأمره حيث أراد، غُدُوُّها شهر ورواحها شهر، فإذا أرادها رخاء جرت بأمره رخاء حيث أصاب، وإذا أرادها عاصفةً جرت بأمره عاصفة إلى الأرض التي أراد.

فتسوق له السفن حسب إرادته، وتتجه بأمره إلى الأرض التي يوجهها إليها حسب المصالح التي يقدرها.

وهذا التسخير من المعجزات التي اختص الله بها سليمان عليه السلام.

(هـ) أن الله سخر له من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه، ومن يزغ منهم عن أمر الله يذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب، وتماثيل، وجفان كالجواب، وقدور راسيات. كما سخر له من الشياطين - وهم مَرَدَة الجن - من يغوصون له في البحار، لاستخراج ما يريد منها، ومن يبنون له المباني الضخمة، كما سلطه الله على آخرين من الشياطين إذ يكف شرهم عن الناس، وذلك بتقييدهم بالأغلال. قال الله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ}.



مقرّنين في الأصفاد: مقيدين في الأغلال.

)و) أن الله سخر له الجنود من الجن والإِنس والطير، يجتمعون بأمره ويطيعونه. قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}.



يوزعون: يؤمرون فيطيعون، ويمنعون فيمتنعون.

(ز) أن الله أسال له عين القِطر - وهو النحاس - فكان النحاس يتدفق له مذاباً من عين خاصةٍ كتدفق الماء، ولعل ذلك كان في أرض بركانية.

-4 ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام، قصته مع ملكة سبأ، قالوا: واسمها بلقيس. والله أعلم.

وخلاصة هذه القصة - مقتبسة مما جاء في الكتاب المجيد في سورة (النمل) - كما يلي:

عرفنا أن الله سخَّر لسليمان الطير يستخدم كلاً منها في مهماته، ضمن حدود القدرات التي وهبها الله ذلك الصنف من الطير، وكان قد اختصه الله بفهم منطقها، وكيفية خطابها وإفهامها أوامره ونواهيه، وتلك معجزة خاصة من الله لسليمان.

وكان من الطير المسخرة له (الهدهد)، إلاَّ أن هذا الهدهد قد وهبه الله امتيازاً إدراكياً خاصاً، يستطيع أن يدرك به بعض ما يدركه الناس.

وذات مرة تفقّد سليمان جنوده من الطير، فلم يجد بينها طائر الهدهد.

قال سليمان: {مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: 20-21].

ثم أقبل الهدهد، وحضر بين يدي سليمان عليه السلام، وسمع تأنيبه على غيابه، وتوعُّدَه له إلاَّ أن يأتي بسلطانٍ مبين يبرر غيابه.

فقال الهدهد لسليمان: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22].

فسأله سليمان: ما هو هذا النبأ اليقين؟

فأجاب الهدهد: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 23-26].

قال سليمان: {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 27-28].

حمل الهدهد كتاب سليمان، وطار به حتى وصل إلى ملكة سبأ، فألقاه إليها، ففضته وقرأته.

ثم قالت لوزرائها ومستشاريها: {يَا أَيُّهَا المَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29]، فاسمعوا محتواه: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 30-31].

ولما قرأت عليهم الكتاب قالت لهم: {يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِي} [النمل: 32].

قال ملَؤها ومستشاروها: "نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد"، فإن كنت تريدين الحرب فنحن أهل لها، وقد ذكروا ذلك ليشدوا من قوى مليكتهم، ويشيروا عليها بعدم الاستسلام، ثم قالوا لها: {وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} [النمل: 33]. معلنين بذلك كمال الطاعة لما تأمر به.

قالت الملكة: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً} - أي: عنوة وعن طريق القتال - {أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 34-35]؟!

فالرأي أن نصانعه أولاً بالهدايا، ونحمِّلها لرجال دهاة منا، ينظرون مدى قوة سليمان، ثم بعد ذلك نقرر ما يجب أن نفعله في ضوء ما يأتينا من معلومات عنه.

حمل رسل ملكة سبأ هداياهم إلى سليمان، فلما وصلوا إليه ووضعوها بين يديه، قال سليمان: {أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36]!!.

وبذلك أعلن لهم أنه ليس بحاجة إلى مال، وإنما هو رسول صاحب دعوة ربانية. ثم قال لرئيس رسل ملكة سبأ:

{ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37].

فرجع الرسل، ووصفوا لمليكتهم ما شهدوه عن عظمة ملك سليمان، وقوة بأسه، وأنه لم يقبل هداياها، ولم يرضَ المصانعة، وأنه عازمٌ على ما ذكر في كتابه لها.

فعزمت الملكة على الاستسلام والانقياد، وشدّت رحالها وأحمالها، وسارت بركابها إلى سليمان.

علم سليمان عليه السلام بأن القوم وافدون إليه طائعين منقادين، فقال لوزرائه ومستشاريه، وسائر حاشيته من الإِنس والجن:{ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 38]؟!

فتسارع جنود سليمان وأنصاره لتلبية الطلب.

قال عفريت من الجن: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39].

وكان لسليمان مجلس ملكي يجلس فيه للاستشارة والقضاء، وتصريف مهام الملك.

قال الذي عنده علم من الكتاب: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}.

وإذا بعرش ملكة سبأ حاضر بين يدي سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه.

فلما رآه مستقراً عنده قال:{ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

وأعدّ سليمان لها صرحاً خاصاً قبل أن تصل إليه، وجعل أرضه ممردة من زجاج متلامع، مهيأ بشكل يخَاله الناظر لُجّةً.

وأراد عليه السلام أن يغير بعض معالم عرش ملكة سبأ، وينكِّره لها، ليمتحن قوة ملاحظتها وانتباهها إذا جاءت وشهدت مظاهر عظمة هذا الملك المؤيد بالخوارق والعجائب، ودهشت بها، ولذلك: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنْ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ}.

{فَلَمَّا جَاءَتْ}فوجئت بأول امتحان، فعرض عليها عرشها و "قيل: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ}؟! فنظرت إليه - وكانت صاحبة فطنة وذكاء - وتأملته ثم "قالت: كأنه هو" وهي قولة فَطِنٍ حَذِر.

وكأنها أدركت السرَّ، وأنه عرشها حقاً نقل من اليمن إلى مركز ملك سليمان، ونُكِّر لها لامتحانها واختبار قوة ملاحظتها، فقالت: {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}.

وأعلنت بذلك أن الذي جاء بها إلى سليمان - من بلادها - مسلمة طائعة، ما كان قد حصل لديها من العلم بما عند سليمان من قوى خارقة وملك عظيم، وأنه مؤيد بما لم يؤيَّد به ملك آخر.

إنها امرأة ذات عقل راجح، وفطنة عالية، ولديها استعداد سريع لإِدراك الحقيقة والإِيمان بالله العلي القدير، إلا أن وجودها في بيئة كافرة - اعتادت أن تعبد من دون الله - هو الذي كان قد صدّها عن إدراك الحقيقة والإِيمان بها: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ}.

ثم دُعيت إلى دخول الصرح الذي أعدَّ لها:

"قيل لها: {ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا}.

قال سليمان لها: {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ}.

وهنا أدركت أن ذكاءها البالغ قد خانها في هذه اللحظة، إذ امتحنت بأمر لم يسبق لها فيه ملاحظة أن تجربة، فأعلنت إيمانها مع سليمان لله رب العالمين.

"قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44].

-5 ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام مروره على وادي النمل، وذلك ما تضمنه قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 17-19].



فهذه القصة تتضمن أن الله خلق في هذه النملة قوة إدراك أدركت به مرور سليمان وجنوده في الوادي، فأمرت سائر النمل بدخول مساكنهم خشية أن يحطمهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، إذ لا غرض لهم بتحطيمهم، إنما هم قوم يجتازون في طريقهم، وكان ذلك هبة خاصة اختص الله بها وادي النمل هذا من دون سائر النمل.

وسمع سليمان قول النمل بما آتاه الله من معجزات، فتبسّم ضاحكاً من قولها، وتأمل في ما آتاه من نعمة الرسالة، ونعمة الملك، ونعمة اختصاصه بكثير من المعجزات، فدعا الله أن يُوزِعه - يلهمه - أن يشكر نعمته التي أنعم بها عليه وعلى والديه، وأن يعمل عملاً صالحاً يرضاه، وأن يدخله برحمته في عباده الصالحين.

-6 وقد تعرض القرآن الكريم لحادثةٍ جرت لسليمان عليه السلام، تتصل باهتمامه بإعداد خيول الجهاد في سبيل الله وإشرافه عليها، لأن الخيول كانت من أعظم وسائل القتال قبل وجود هذه الآليات الحربية الحديثة.

وخلاصة هذه الحادثة: أنه عليه السلام كان قد أمر بإعداد مجموعة كبيرة من خيول الجهاد، ثم أراد أن يشاهد ما بلغت إليه هذه الخيول وفرسانها من قوة وترويض، فعقد لذلك مشهداً في عشية يوم من الأيام، فعرضت عليه مجموعة الخيول بكامل عدتها الحربية، فسره مرآها، وأعجبته كثرتها وقوتها. ورأى جنود سليمان وخاصته إعجابه بهذه الخيول وحبه لها، وإقباله على اقتنائها ورياضتها، فقال مبيناً سرّ ذلك: "إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي"، أي: إنني ما أحببت هذه الخيول تلبية لشهوة من شهوات النفس، ولا تحقيقاً لغرض من أغراض الدنيا، وإما أحببتها ابتغاء تقوية دين الله، ونشر الحق والخير. وإذا كان أناس يحبون أشياء من مظاهر الدنيا حب الشر، ورغبة في تلبية المطالب الدنيئة للأَنفس، فإني أحببت حب الخير، ورغبة بتحقيق طاعة الله تعالى. ثم إن هذا الحب ليس أثراً صادراً عن النفس التي تدفع كثيراً من ذوي السلطان إلى الظلم والعدوان، وبسط النفوذ على الشعوب لأغراض دنيوية، ولكنه أثر صادر عن ذكر الله تعالى، وذكر الله يدفع المؤمن إلى السعي في طاعته، والعمل ابتغاء مرضاته، وإن من طاعة الله تعالى الإِعداد للجهاد في سبيل نشر دينه.

ثم أمر عليه السلام بإجرائها فانطلق بها فرسانها من الجهة التي هو فيها، وتابعها النظر "حتى توارت بالحجاب" أي غابت عن بصره، ثم قال: "ردوها علي"، فلما وصلت إليه، وسرّه منظر صلفها وقوتها، وأعجبه ترويضها، أقبل عليها وطفق في تواضع كريم يمسح بيده سوقها وأعناقها تكريماً لها.

وإلى هذه الحادثة أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ* فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: 30-33].



-7 وقد تعرض القرآن الكريم لقصّة فتنة سليمان، وإلقاء الجسد على كرسيه، وذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 34-35].



ولم يثبت بخبرٍ صحيح الأمر الذي فتن الله به سليمان، ولا المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}. وقد ذكر المفسرون عدة وجوه يحتملها النص، ولكن لا سبيل إلى الجزم بواحد منها، ولأهل الحشو حول ذلك قصص لا أصل لها! وعليه فنحن نفوض الأمر إلى الله تعالى حتى يأتينا ما يكشف لنا المراد بوضوح.

وقد استأنس بعض المفسرين في شرح المراد من هذه الآية بما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن سليمان قال:

لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى، ولم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون.

قالوا: فلعل المراد من فتنة سليمان ابتلاؤه بما آتاه الله من ملك عظيم، ونساء كثيرات حرائر وإماء، وتمنيه أن يكون له من صلبه أولاد كثيرون يقاتلون في سبيل الله، ويوطدون دعائم الدولة الربانية، ونسيانه تعليق ذلك على مشيئة الله تعالى، وذلك إذ أخذ على نفسه أن يطوف في ليلة واحدة على عدد كبير من نسائه، تأتي كل واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله، وتجاوز بذلك حدود بشريته، ونسي أن يفوض تحقيق الأمر إلى مشيئة الله تعالى، فجوزي على هذا بأن النساء اللواتي طاف عليهن لم يحملن منه إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. قالوا: فلعل هذا الشق هو المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا }، فلما رأى سليمان ذلك رجع إلى ربه وأناب، وقال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}. وبذلك فوض أمر توطيد الملك - الذي لا ينبغي لأحد من بعده - في مملكته الربانية إلى الله تعالى، لا إلى المجاهدين في سبيل الله من أولاده.

-8 وقد تعرض القرآن المجيد أيضاً لقصّة موت سليمان عليه السلام، وبعض الملابسات التي رافقت ذلك، فقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14].



المنسأة: العصا.

فهذا النص القرآني يدلّ على أن سليمان عليه السلام قضى الله عليه الموت فمات، وبقي أمر موته مجهولاً، وأنه كان قبل موته متكئاً على عصاه، فلما مات بقيت العصا هي الحافظة لتوازن جسمه من أن يخرّ.

لبث هكذا حتى جاءت دابة الأرض - قالوا: وهي الأرضة - فأخذت تأكل عصاه، إلى أن ضعفت العصا بتأثير الأرضة عن حمل جثة سليمان، فانكسرت فخرّ جسمه على الأرض، عند ذلك علموا موته، وأقبلوا عليه ودفنوه، وظهر لهم بعد البحث أن الموت قد حصل من زمن غير قصير. ولما رأت الجن - المسخرون لسليمان بالأعمال الشاقة من كل بناء وغواص - ذلك تبينوا أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين هذه المدة الواقعة ما بين موته وعلمهم به!!

والذي يظهر: أن سليمان عليه السلام كان إذا دخل محرابه وخلا لنفسه، واعتكف لعبادة ربه، لم يستطع أحد أن يدخل عليه - سواء كان من أهله أو من غير أهله، وسواء كان من الإِنس أو من الجن - حتى يأذن له. وذلك بما وهبه الله من هيبة وسلطان في الملك، وما يعلمون عنه من معجزات وخوارق عادات، وقوى نافذة يستطيع أن يسخر بها الجن والطير، والريح الرخاء والريح العاصفة، وبخاصة بعد أن استقر ملكه، وتمرس به نوَّابه، وكبرت سنه، وصار ميّالاً للخلوات، يعبد فيها ربه، ويتجرد فيها من كل علائق الدنيا. وأما طعامه وشرابه وحاجاته فإنهم يعلمون أن ذلك أيسر ما في الأمر عليه، فلا يضعونها في حسابهم، بل يفوضون له الأمر، حتى يأمر بشيء منها.

وبهذا التحليل تُدفع طائفة الإِشكالات التي قد تخطر على البال حول كيفية بقائه مدة من الزمن ميتاً، وهو ملك البلاد دون أن يعلم بذلك أهله وخاصته، والجن والشياطين المسخرون للعمل بأمره. والله أعلم.



منقوول للمشاركه والفائده






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية