انحراف الصغار .. مرض جرته علينا المدنية .. ؟؟
ــ لماذا يهرب أبناؤنا إلى الشارع .. ؟؟
ــ و كيف نوفر لهم البيئة الصالحة .. و المناخ الطيب .. ؟؟
حملت إلينا المدنية المعاصرة في ركابها كثيرا من المشاكل و المساوئ الاجتماعية .. و ذلك بالإضافة لما حققته
من إنجازان عظيمة أسهمت جميعا في توفير المزيد من أسباب الأمن و الصحة و الرفاهية لبني البشر .. !!
و قد لاحظ علماء المجتمع .. أن الجريمة _ على اختلاف أشكالها _ تنتشر أكثر ما تنتشر في المدن الكبيرة
الآهلة بالسكان .. فحيث يجتمع ألوف من الناس في رقعة صغيرة من الأرض .. و حيث تعم ظاهرة العيش
المشترك في مساكن لا تتوفر على أبسط شروط الراحة و الخصوصية .. !!
هنالك يصبح من المحتم أن يهرب الأولاد إلى الشوارع و الأزقة .. يلتمسون فيها متنفسا لطاقاتهم المكبوتة
لأجسادهم الغضة .. المتعطشة للعب و الترويح .. !!
و لا يخفى ما تحمله ثقافة الشارع إلى عقول الناشئة و قلوبهم من أفانين التفكير المعتل .. و ضروب السلوك
اللااجتماعي .. فما يلبث الواحد منهم يقضي بعض الوقت في مدرسة الشارع _ بين أقران السوء _ حتى يجد
نفسه متورطا بفعل مناف للأخلاق .. خارج على العرف و القانون .. !!
و مع أن العوامل المؤدية إلى انحراف الصغار .. هي من التعدد و التشعب بحيث يتعذر حصرها في عامل
واحد أو إثنين .. إلا أن معظم الدراسات الحديثة أخذت تركز على عامل " البيئة غير الصالحة " باعتبار أن
هذا العامل ينطوي على عدد من العوامل الأخرى التي تشكل بمجموعها مناخا ملائما لنمو بذور الانحراف
و تغلغلها في نفوس الناشئة .. !!
ففي دراسة أجراها الباحثان الاجتماعيان ( مكبي و شوو ) في مدينة " شيكاغو " حول ظاهرة ( الجنوح )
و علاقتها بالبيئة السكنية _ تبين لهما وجود أحياء منتجة أو ( مفرخة ) للأحداث الشاذين و المنحرفين _ و قد
ثبت لهذين الباحتين عن طريق دراستهما المقارنة أن نسبة الإجرام في أحياء معينة من المدينة الكبرى .. ظلت
هي نفسها عبر أعوام عدة و متتالية .. !!
كما أظهرت دراسة الباحثة الفرنسية ( لوى ) التي أجريت في باريس .. مدى العلاقة الوثيقة فيما بين مظاهر
السلوك المنحرف عند الصغار .. و عوامل المحيط الاجتماعي في بعض أحياء المدينة .. !!
و بعد .. فإذا كانت ظاهرة الجريمة بوجه عام .. و انحراف الصغار بوجه خاص .. تعد من معطيات المدنية
الحديثة و من مظاهر الحياة في المدن الآهلة .. فما الذي فعلته المدن التي ابتليت بهذه الآفة .. و ما الذي
اتخذته السلطات الشعبية و الحكومية من أسباب الوقاية و طرق العلاج .. ؟؟
هذا ما وددت مناقشته بشكل جاد و إيجابي .. يعود علينا بالفائذة و المنفعة .. فتمنياتي من الاخوة الكرام
أن لا يبخلوا بآرائهم النيرة .. و توجيهاتهم السديدة .. !!