لم يجر بحث حول المملكة حين تكون المركز في توجه الإعلام المهاجر من محطات تلفزيون وصحف ومجلات، أو ما تترجمه وسائل الإعلام العربية المماثلة، حين تتجه الدعايات والإعلانات والحوارات السياسية، والمعلقين عليها، وربط نشرات الأخبار والبرامج بتوقيت مكة المكرمة، وكذلك حالات استقطاب الفنانين، وشركات توزيع الأغاني، والاتجاه إلى هذه السوق من قبل جيل جديد وقديم من الممثلين وأصحاب الحناجر الذهبية وشبه النحاسية، وكيف أن الخليج، والمملكة بشكل خاص، هي مرتكز هذا الإنتاج..
بجانب هذا كيف أن سوق الكتاب العربي، والصحف، والمجلات بأنواعها المختلفة اختارت سوقنا كأكبر مشتر وقارئ، حتى أن دور نشر كبرى في مصر ولبنان ولندن وغيرها تعتبر المملكة قطباً أحادياً في توزيع إصداراتها، وينسحب الموضوع على أجهزة الحاسب الآلي، والأقراص الممغنطة، والكتب المتعلقة بالبرمجة وتعليم الانترنت، والحضور المكثف للمؤتمرات بمختلف اتجاهاتها، وبمبادرات شخصية لا توجّه حكومي..
ومثلما الحملة الإعلامية العربية خلقت اتجاهات مضاة داخلية، وأخرى رأت أنها صحية لأنها إذا كانت إيجابية، تدلل على فكر موضوعي يبين نواقصنا وعيوبنا، وتغاير الاتجاهات التي تحاول اقتناص المواقف السلبية وبناءعليها دعايات تساهم مع حملات أمريكا، وقد يكون الابتزاز، ومحاولة الحصول على شيك مفتوح سبباً مباشراً، لأن إعلام المزايدات ظل مرحلة استغله اليمين و اليسار العربيين في تثبيت دعاياتهما، إلا أن اتساع دائرة الخيارات في الوسائل المختلفة، ساهم في وعي المواطن، وجعل مسألة الفرز سهلة وميسورة..
الموضوع، لماذا تتجه للمملكة هذه الحملة الكبيرة؟ إذا أخذنا بالجانب الاقتصادي، فربما تكون السوق الأكبر لاستهلاك مختلف البضائع، لكن إذا رأينا أن الكتاب ليس سلعة ترفيه، وكذلك أجهزة الكمبيوتر، وحتى الصحف والمجلات فيعني موضوعاً آخر، حيث عوامل التغير سريعة طالت أكثر من جيل يعايش وضع وطنه، ولابد لهذا التفاعل أن يولد سلوكاً جديداً تتداخل فيه السلبيات والإيجابيات خاصة إذا اعتبرنا أنفسنا مجتمعاً محافظاً، جاءه الغزو من كل الاتجاهات، ولديه أكبر نمو بالسكان، و تحكمه ظروف سياسية وتقاليد اجتماعية من غير الممكن إعادة تشكيلها بسهولة، ومع ذلك هناك تغيّر غير ملحوظ ساهمت به عدة اتجاهات لا تقف على برامج التعليم، وأساليب التربية المدرسية والعائلية، وإنما اتساع دائرة القارئ والمشاهد الذي يتابع ما حوله بحس جديد، ووعي يحمل بذوراً مختلفة..
ما نحتاجه مراكز رصد اجتماعي تقرأ هذه المرحلة، وكيف أصبحنا بؤرة الاهتمام العربي والعالمي، حتى نؤسس عليها صورة حية لمجتمعنا
وتقلباته، وصياغة مستقبله على شكل أكثر يقيناً واتزاناً..
العرض المتطور
