هل جربت يوما أن تضع حزنك في صندوق وتضع الصندوق فوق ظهرك وتجوب بلدان الحزن وتزور مدائن الحنين أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تسير فوق الشاطئ وحيدا
وتحارب القمر وحيدا
وتستقبل الشمس وحيدا
وتبكي تحت المطر وحيدا
كي لا يلمح الآخرون غزارة دمعك !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تحرق بساتين الأمل
وتشرد عصافير الذكرى
وتذبح أطفال أحلامك
وتبيع لياليك الجميلة بلا ثمن !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تقف أمام مرآتك
كي تتذكر ملامح وجهك
وتتفقد جيوش الحزن في وجهك
وتتبع آثار البكاء عليهم فوق وجنتيك !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تفر من ذاكرتك
وتسافر الى البعيد
إلى وجوه لا تعرفها
وأعين لا تعرفك
وأماكن لم تشهد فصول حزنك
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن ترسم وجوههم في الرمال
وتنحت صورهم فوق الجبال
وتحاور بقاياهم بسذاجة الأطفال
وتصافح طيفهم بجنون عاشق !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تختنق بالهواء
وتغص بالماء
وتبحث عن بقعة أمل تتنفس عليها
وتكذب على قلبك
ويكذب قلبك عليك
كي تستمر بك وبه الحيــــاة !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تتذوق طعم الدموع ليلة العيد
وتتذكر الذين تسللوا منك رغما عنك
وتأوي إلى فراشك مبكرا
وتستيقظ متأخرا
وتتفنن في الهرب من واقع لا يحتويهم !
أنا فعلت ذلك
هل جربت يوما
أن يرتعش قلبك كالطفل الذبيح
ويموت لسانك في فمك
وتتوه بينهم كمجنون أعمى
تتخبط بين زحامهم وضايعك
ويستعمرك الخوف من كل ناحيــــة !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تسير في بلادك غريبا
برغم ألفة المكان
ودفء الطرقات وحميمية الذكريات
تتفرس وجه القمر
وكأنك تراه أول مره
وكأنه يلدك أول مـــره !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تطفئ أنوار غرفتك
وتجلس في الظلمة كنورس وليد
لتتذكر تفاصيل شئونهم الصغيرة
وتضع رأسك بين يديك
وتبكي كالأطفال
وتتوسل الليل أن يستر هفوة ضعفــــك !
أنا فعلت ذلك !
هل جربت يوما
أن تصبح طائرا صغير
تحمل جناحيك كل يوم
فتطير بحثا عنهم
وتطير خوفا عليهم
وتطير لهفة إليهم
وفجأة
يخذلك جناحك وأنتي في أعلى قمة للحنيـــن
طالما كنت أفعل ذلك !!!
منقول
العرض العادي
