* غذرا اذا لم تكن مهيئا للقراءة فلا تقرأ .
يا قدس .. لا عزاء
أيتها الحبيبة .. اسمعي عني واحفظي .
هي الأيام تمر .. أسوأها يزحف بقوة وجميلها يتوارا ولسنا ندري هل القادم منها سيكون الأرحم أم الأشد قسوة .
هي الأيام تمر .. وأنت ما زلت تترقبين قدوم عمر وزحف المعتصم
متناسية أن عمرا قد مات ولن يعود وأن المعتصم بيننا وبينه أمد بعيد .
أيتها الحبيبة .. لا تنتظري كثيرا .. فالأنتظار قد يطول .
خلاصك سيكون بأيدي رجالك .. وجراحك ستداويها أنامل أبنائك
تمسكي يا قدس بقميص هؤلاء .. فهم طوق النجاة .. حيث لا طوق سواه..
هؤلاء استرخصوا العمر من أجلك . طوقوا أجسادهم بحزام النار رافضين
أن تمسسك يد السوء أو أن تقترب من أعتابك الطاهرة أقدام البغاة .
قدموا الابن والأخت والزوجة والطفل قربان نجاتك وسيقدمون غدا ورودهم
معتذرين صوت الرصاص الذي أزعج أقداسك .
هؤلاء رفضوا أن يستطعموا للحياة مذاقا ..
عاشوا كالشهداء وتمنوا أن ينالوا الشهادة في العمر مرات ومرات .
أيتها الحبيبة ..
المعارك كتاب تفصله آخر الصفحات والعبرة فيها بالنهايات والخواتيم
وأحسب أن الستائر لم تسدل بعد إيذانا بالنهاية كما أزعم أن في العرض مشاهد لم تكتمل ..
لا تستكثري يا قدس ضحاياك ولا تخشي زوال الرجال .. فهم الكثرة لا شك .
الكل علي أرضك رجل .. الطفل رجل المرأة نفضت عن وجهها زينة الدنيا
وخرجت تسابق الرجل معترك القتال ومحراب الشهادة .
الأم ما عادت أما تدلل صغيرها وتطعم وليدها رغد العيش بل صارت تطعمه حبك يا قدس وكراهية عدوك .
أيتها الحبيبة ..
تاريخنا يشهد بأن رب العباد كانت له كلمة فصل يوم أن تحرك جيش أبرهة غازيا كعبتنا المشرفة .
تاريخنا يشهد بأننا كنا الأقل عددا والأقل قوة
ولكننا كنا الأكثر إيمانا وعقيدة . كنا الأكثر التصاقا بالحق فلم يخذلنا الحق .
تاريخنا يا قدس ملئ بالأسطر الشريفة ..
وأبناؤك أحسنوا قراءتها .. قرأوا ما عليها من كلمات وما بينها من كلمات .
قرأو تاريخ عمر .. فاقتفوا آثار عمر .. ولم ينتظروا قدوم عمر .
أيتها الحبيبة ..
العرب كل العرب يبادلونك يا قدس أرقي المشاعر .. ولكن ليتها المشاعر تصد رصاصا أو تحمي طفلا أو تطعم فما جائعا ..
ليتها المشاعر تجفف دمعا أو توقف نزيفا طال عمره واستطال زمانه .
العرب كل العرب يحلمون بالصلاة علي طهر ترابك ويتوقون لسجدة أو سجدتين .
هذه هي أحلامهم سبقت خطواتهم إلي الأقصي بسنين عمر
وأمانيهم كبرت في دواخلهم حتي بلغت أرذل العمر ولكنها ظلت هكذا قابعة لا تعرف للانظلاق سبيل .
فلتقبلي الأحلام منهم والأماني .. هذا جهدنا يا قدس . لا تترقبي المزيد ..
العرب كل العرب يريدونك جسدا سليما معافي .. لا جسدا مجروحا مطعونا ..
تعبت أقدامهم يا غاليتي بحثا عن مشرط ضائع وطال النتظارهم لسماء الغرب تمطر دواء ..
المشرط يا قدس مفقود والدواء لم يأت بعد .
يا قدس أقسم لك وأنا لم أرق بعد لأكون رجلا من رجالك ..
فرجالك هم الصفوة المنتقاة .. واحسبني أقل منهم وأدني .
أقسم ورب عبد مثلي بضعفه وخذلانه إذا أقسم علي الرحمن لأبره الرحمن .
أقسم أن فجرا جديدا سيأتي ستصحو فيه الأم الثكلي والطفل الجائع والرجل الجريح عل صوت ينادي من السماء .
كفاكم إلي هذا الحد .. لقد أحسنتم عطاء وبذلا وتقديما ..
فاهدأو بالا .. وافسحوا لجنود الرحمن المكان .
يا قدس أيتها الحبيبة ..
سينصفك الله بعدما خذلك الخلق
وسيعينك بجنود لا قبل لهم بها .. جنود إذا أتت لن تبقي أمامها ولن تذر .
يومها لن تكوني بحاجة لنا ولا لغيرنا .
فانفضي يا قدس رجاءك فينا واخلعي ثوب الأمل . فلا رجاء ولا أمل .
سينصفك الله وستفتح أبواب الأقصي علي مصراعيها وسيرتفع صوت الآذان
وسنأتيك نحن بعد أن ملأنا صناديق التبرع أماني وقدمنا لك الأحلام عطفا ومنه
سنأتيك بعد أن نعمنا سنينا بالوسائد الوثيرة والمناصب الجميلة والسيارات الفارهة
سنأتيك لنصل ركعتين ونسجد في الأقصي سجدتين .
فماذا عساك يومها تقولين ؟
أحسبك بعد كل هذا العذاب والدمار والهلاك ستضحكين علي الملايين التي أتت لتصلي
وتطلب من ربها الصفح والغفران ،
وستسألين لماذا لم تأت الجموع بالأمس لتنير المسجد وتنظف الجدران من آثار الدماء .
سيصلي في الأقصي فقط من أحب الأقصي وكان الأقصي له حبيب ..
قولي يا قدس بصوت عال
لا تعتذروا لي .. أعيدوا لي صغاري وشبابي ورجالي ونسائي
أعيدوا لي كرامة أمسي .. أنتم لستم علي بأصحاب فضل بل كان فضل الله علي عظيما ..
قولي يا قدس بصوت عال
لا تقدموا لي باقات الاعتذار ولا تتعلقوا أمامي بواهيات الأسباب
فلا عزاء لكم عندي ..
لا عزاء .. لا عزاء