العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > المنتدى العام
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 24-11-2008, 04:30 AM   رقم المشاركة : 1
زياد الهمامى
( ود نشِـط )
 






زياد الهمامى غير متصل

Icon2 اعترافـات أخطر رجــل في الصعيد‏! المصري معتحيات زياد الهمامى

اخترقنا حصار المدرعات‏..‏ وانفردنا
بالحوار مع نوفل الذي وصفوه بـ الخط


اعترافـات أخطر رجــل في الصعيد‏!


تحقيق ـ سامي كمال الدين
تصوير ـ معتز عبد الحق



اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


كان لابد أن نخوض المغامرة‏..‏ رحلة بوليسية مثيرة من القاهرة إلي نجع حمادي‏..‏ ثم إلي مستعمرة يحرسها‏200‏ رجل مسلحين بالبنادق الآلية‏..‏ وتحاصرها قوات الأمن بالمدرعات‏..‏ والهدف هو نوفل سعد ربيع‏!‏
نحن نريده حيا كي نكشف تفاصيل هذه القصة المشتعلة‏..‏ والأمن يريده ميتا كما يقول الرجل‏..‏ والمشهد النهائي‏:‏ معركة دامية قد تنفجر في أي لحظة‏.‏
البعض يطلق عليه اسم خط الصعيد ويتهمونه بقتل‏150‏ شخصا وزراعة فدان أفيون والاتجار في السلاح‏..‏ بينما ينفي هو معظم الاتهامات الموجهة إليه‏,‏ بل ويتهم مسئولين كبار بمحاولة قتله لإخفاء الأسرار التي يريد كشفها في تحقيق رسمي‏..‏ ورغم تحصنه في بيت منيع وسط الزراعات والجبال‏,‏ فإنه يقسم أنه يريد التوبة ومحاكمة عادلة‏,‏ ولكن بشرط أن توفر له الأجهزة الأمنية ذلك‏.‏نوفل رجل خطير‏..‏ هكذا يعترف‏..‏ ولكن أي خطورة؟‏!‏ الأمن يري أنها خطورة علي الناس والمجتمع في الصعيد‏..‏ لذا تحاصره المدرعات ويطلقون عليه الرصاص‏..‏ أما هو فيراها خطورة التوبة خطورة أن يتكلم فيكشف المستور‏..‏ ومن هذا المستور بين نوفل والحكومة‏..‏ بدأت رحلتنا المحفوفة بالمخاطر‏..‏ والمحاذير أيضا‏!‏
دعوة إلي الموت هذا هو الإحساس الذي انتابني بعد موافقة نوفل سعد ربيع علي الذهاب لمقابلته في سرية تامة ودون أن يعلم أحد‏,‏ فقد حذرني علي الهاتف قائلا‏:‏لو هاجمتنا قوات الشرطة وأنت معنا سيكون آخر يوم في عمرك وطوال‏650‏ كيلومترا ـ المسافة بين القاهرة ونجع حمادي ـ و‏17‏ كيلومترا بين نجع حمادي ونجع ربيع في قرية حمرة دوم التي تحاصرها قوات الأمن‏,‏ وتمر مدرعاتها كل دقيقة أمام بيت نوفل‏,‏ طوال هذه المسافة كنا لا نعلم شيئا عن وجهتنا‏..‏ فقط كان اتفاقنا أن نستقل القطار‏,‏ ثم يقوم هو ورجاله بالمهمة وفقا لسيناريو وخطة دقيقة وضعها بنفسه‏.‏
ولا أدري كيف عرف نوفل أننا نستقل القطار الذي يقترب من نجع حمادي فبعد أن مر القطار علي فرشوط كان هاتفي المحمول يستقبل مكالمة من نوفل‏:‏هتنزل في المحطة تلاقي واحد بجلابية زرقاء تحتها فانلة بيضاء يقف أمام سنترال المحطة سيتولي المهمة بالكامل‏.‏
ولن أدعي أنني حققت انفرادا صحفيا أو قمت بمهمة لم يستطع أحد القيام بها ولكنني أقول إني كدت أدفع عمري بسبب هذه المخاطرة‏,‏ فبعد أن ركبنا مع الدليل الذي أرسله نوفل وهبطنا من السيارة الخاصة التي لا توحي بالاشتباه‏,‏ وأثناء محاولتنا التسلل إلي بيت نوفل الذي تحول إلي مستعمرة وسط الجبل وقبل أن أضع قدمي الأخري علي الأرض المتربة خارج السيارة لمحت ورائي أحد رجال نوفل يصوب سلاحه نحوي وقد سحب أجزاءه‏,‏ سقط قلبي بين قدمي وظننت أن مهمتي انتهت قبل أن تبدأ لكن الدليل الذي كان معنا والذي لم يكن قد هبط من السيارة بعد‏,‏ صرخ في الرجل قائلا‏:‏دول تبعنا وجايين للعمدة نوفل‏.‏
وكعادة المسئولين والشخصيات المهمة جلسنا بمفردنا دقائق في انتظار نوفل الذي لم نلتقه مباشرة علي عكس مقابلات الصعايدة الحميمة‏.‏
جلست أنظر إلي البوابة التي تعلوها لافتة كتبت عليها الآية القرآنية‏:‏ومن شر حاسد إذا حسد وبجوارها كتب منزل العمدة نوفل وحول البيت فرض نوفل حصارا مائيا لكي لا تتوغل المدرعات وتطلق علي البيت الرصاص كما حدث مرارا‏,‏ ولكنه في كل مرة كان يتحصن داخل البيت الحصين الذي يحرسه رجاله الأشداء لاسيما أن البيت يتمتع بعمق استراتيجي حيث تتراوح مساحته بين الفدان والفدان ونصف الفدان‏.‏
الدور الأرضي مساحة فارغة بها مجموعة مقاعد صعيدية دكه أمامها مساحة أكثر فراغا لجلسة الشيشة في الصيف‏,‏ وهناك دور علوي به عدد كبير من الحجرات تتوقف عيني أعلي البيت حيث يقف بعض الرجال المسلحين لمراقبة القادم عدو أم حبيب‏.‏
أقبل علي نوفل سعد ربيع وخلفه شاب في عشرينيات عمره يحمل بندقية آلية سريعة الطلقات وحقيبة ذخيرة ثم سلم بحميمية‏.‏
جلست أتأمل الرجل الذي وصفوه بأنه أخطر مجرم ظهر في صعيد مصر وأنه قتل رجالا تعب الناس من عدهم وأنه يزرع فدان أفيون وعليه‏80‏ سنة أحكاما ولديه مائتا رجل يحمونه فإذا به إنسان خائف يبحث عن لحظة أمان عن لحظة دفء‏..‏ يطلب مني أن أكتب نداء واستغاثة لوزير الداخلية ليحاكم محاكمة عادلة‏.‏
يقول لي إنه لا يريد شيئا سوي العدل وأنه علي استعداد لأن يسلم نفسه ولكن ليس لبعض الضباط في قنا الذين يريدون تصفيته لا محاكمته‏,‏ وأنه قرر التوبة‏.‏
ويضيف‏:‏ يبدو أن هناك مجموعة من المسئولين الشخصيات المهمة تخاف أن أكشف أشياء خطيرة وأسرارا مفزعة لذا لا يقبلون توبتي بل ويصرون علي قتلي مع أن الله يقبل التوبة من عباده الذين ارتكبوا كل المعاصي في الأرض‏,‏ ويتساءل الرجل ما أسباب محاصرتي بـ‏30‏ سيارة شرطة وأربع مدرعات وكأن هناك معركة حربية وليست مطاردة متهم عليه حكم غيابي‏

لعبة الكبار
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


هل كانت المسألة تحتاج إلي هذه الحرب للقبض علي نوفل وماذا لو لم يستسلم ويسلم نفسه للأمن‏..‏ هل سيتم قتله هو ورجاله المتحصنين معه؟‏!‏ وما مدي خطورة هذا الرجل كي تنقلب الدنيا هكذا؟‏!‏ تساؤلات طرحت بعضها علي نوفل الجالس أمامي الآن‏,‏ بينما سكب هو باقي التساؤلات ولكنني فضلت مداهمته وهو يسرد حكايته‏:‏
‏ لماذا لا تسلم نفسك للأمن مادام قد صدرت ضدك أحكام قضائية؟

وجاءت الإجابة ساخنة‏:‏

يحاكموني علي إيه يا بيه‏..‏ إذا كانت القصة كلها لعبة دخل فيها ناس كبار قوي وأنا تبعهم من زمان‏,‏ ومعظم الضباط كانوا يستعينون بي للتخلص من قيادات إرهابية عجزوا عن الوصول إليهم‏,‏ مثلا الإرهابي الشهير محمد عبد الوهاب اللي قتل اللواء عبد الحميد غباره‏,‏ رحت أنا وضابط من أمن الدولة وضابط آخر من الأمن العام ومعي رجالي وقبضنا علي محمد عبد الوهاب وخالد الخلاوي بعد أن نصبنا لهما كمينا وهما في طريقهما لشراء سلاح‏,‏ وقبضت عليهما وسلمتهما لرجال الأمن‏,‏ لأن اللواء غباره كان رجلا طيبا ومحترما وزعلنا لمقتله‏.‏
يصمت نوفل قليلا ويضيف‏:‏ لما عرف اللواء عبد الحليم موسي وزير الداخلية وقتها بما حدث‏,‏ رخص لي سلاح رقمه‏3325,‏ وسلاح تاني عبارة عن بندقية عيار‏792‏ رصاص ألماني برقم‏8936,‏ ومسدس عيار‏9‏ مم عدد طلقاته‏14‏ طلقة برقم‏43018‏ وبندقية عيار‏12‏ برقم‏1440,576,34!‏
ويعتدل الرجل في جلسته ويقول بثقة‏:‏ موش بس الإرهابيين يا بيه‏,‏ ده أنا البطل الحقيقي الذي قبض علي الذين سرقوا بنك المراغة بعد أن عجزوا جميعا عن إلقاء القبض عليهم‏,‏ لذا فأنا أطلب توفير الحماية لي كي أتكلم عن كل شيء في تحقيق موسع‏.‏

أولاد غدار

يصدمني كلام نوفل فأتوقف قليلا أمام بداية اشتعال جذوته في الصعيد‏,‏ هذه البداية التي ولدت من رحم صراع عائلي مرير بين آل نوفل‏,‏ وأولاد غدار‏,‏ فحينما كان نوفل في الثالثة عشرة من عمره قام أحمد غدار بقتل والده ومعه ستة آخرين أمام مركز شرطة نجع حمادي‏,‏ هم شقيق نوفل وأبناء عمومته‏,‏ لذا فقد حامت الشكوك بعد ذلك في قيام نوفل بقتل عربي أحمد غدار‏.‏
ورغم ذلك‏,‏ فإن نوفل يقسم لي أنه بريء من دم أولاد غدار وأنه لم يقتل عربي أحمد غدار‏.‏
ولكن العديد من أهالي القري المجاورة ومن قرية نوفل نفسها قالوا لنا إن نوفل كان صديقا لـعربي‏,‏ وذات ليلة كانا معا وثالثهما صديق آخر في ليلة سكر وفي نهاية الليلة‏,‏ وبعد أن غاب عربي مع الشراب قام نوفل بقتله ثم هرب‏,‏ لتأتي بعد ساعات قليلة شقيقة عربي وتقتل كل من قابلته‏.‏
هذه رواية البعض‏,‏ بينما يروي نوفل وأتباعه حكاية أخري لمقتل عربي بقوله إن الذي قتله هو غنجفلي وغنجفلي هذا هو من يقوم بإصلاح السلاح‏,‏ حيث كانت بندقية عربي تركن ولا تخرج الطلقة مباشرة‏,‏ فأعطاها لـالغنجفلي ليصلحها له بعد أن أفرغها من الطلقات‏,‏ ثم ذهب إلي دورة المياه‏,‏ وعند عودته قال له الغنجفلي أنه أصلحها‏,‏ وطلب من عربي أن ينظر في فوهتها ليسمع صوت حركة التكة‏,‏ ثم ضغط غنجفلي لتخرج طلقتان استقرتا في رأس عربي إذ كان قد وضع الطلقتين بالبندقية بعد أن قبض عشرة آلاف جنيه رشوة من عم عربي‏,‏ لأن خلف الشقيق الأكبر لـعربي قتل ابن عمه بعد خلافهما علي الميراث‏.‏
غير أن دياب الشقيق الأصغر لـعربي قد قتل في نفس الصراع ولكن علي يد الشرطة‏,‏ ويروي أن دياب الذي ظل مطاردا لفترة قد قتل شقيقته قبل أن يموت‏,‏ حيث قال لها‏:‏في النهاية سأقتل وستبقين وحيدة يلعب بك الناس ويدنسون شرفنا‏,‏ وأنا لن أعطيهم هذه الفرصة‏,‏ ثم قتلها‏.‏
ويعترف نوفل أن مقتل كل هؤلاء من أولاد غدار قد التصق به شخصيا واتهمه الجميع‏,‏ فالمأساة تطارده ليل نهار‏,‏ بينما يقسم هو أن لا علاقة له بدم أولاد غدار‏.‏
وميراث الدم بين العائلتين بين عائلة نوفل ــ الربايعة ــ وعائلة الهنادوة بات يتسع للمزيد من الحقد والعنف‏,‏ فقد قتلت كل عائلة عشرة أشخاص من العائلة الأخري‏,‏ إذ بدأت الخلافات بسبب بطال وهو الحد الفاصل بين الأراضي الزراعية‏,‏ إذ كان سعد ربيع والد نوفل يريد تحويل البطال إلي ترعة صغيرة‏,‏ بينما كانت عائلة الهنادوه يرفضون ذلك‏,‏ فاستأجر الهنادوه أحمد غدار لقتل سعد ربيع مقابل مبلغ مالي كبير‏

الأطفال والدم
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

في هذه الأجواء نشأ نوفل الذي يبلغ من العمر الآن‏38‏ عاما‏,‏ تبدو أمام عينيه قرونا طويلة‏,‏ فقد شاهد الدم يجري أمام عينيه‏,‏ أما السلاح فقد كان حاضرا في كل مكان في القرية‏,‏ بل أنه يروي بأسي أنه صحا ذات يوم وهو طفل صغير مفزوعا حين تحسس أسفل رأسه ليجد بندقية آلية بها‏29‏ طلقة‏.‏
كان الطفل داخله يبحث عن لعبة يلهو بها وكانت البندقية هي اللعبة التي يلهو بها نوفل مثل كل الأطفال‏,‏ حتي عندما كان يتخاصم مع أقرانه من الأطفال‏,‏ كان يهرول كل منهم إلي بيته لإحضار السلاح‏,‏ وقد روي لي أحد أصدقاء طفولته أن نوفل حين كان صغيرا كان لا يختلط كثيرا بأقرانه‏,‏ وذلك رغم أنه يمتلك خفة دم ويميل إلي الزعامة‏,‏ حتي أنه حمل السلاح وعمره‏13‏ عاما‏,‏ وقتل عددا من أبناء عمومته من عائلة الهنادوه انتقاما لمقتل أبيه بعد شهرين من حادث مقتله‏.‏
أواجه نوفل بهذه الحقائق فيصر علي إنكارها قائلا‏:‏ لم أقتل أحدا من أبناء الهنادوه‏,‏ فكلها اتهامات يحاولون تلفيقها لي‏.‏
‏ وأسأله‏:‏ ولماذا كل هذه الحراسة والرجال الملتفين حولك‏,‏ هل ترهب الناس بهم أم تستعد لمعركة قادمة؟
الحكومة ياباشا هي السبب‏,‏ فعندما دخلت الطفرة التعليمية في صعيد مصر منذ أكثر من عشرين عاما‏,‏ حال بعض المسئولين دون وصولها إلي نجع ربيع في حمره دوم وكانوا يأخذون أي رجل تحري وعليه وحتي يخرج من مركز الشرطة لابد أن يحضر بندقية آلية‏,‏ وهذا يحدث حتي اليوم‏,‏ والنتيجة لهذا التحريض علي العنف أن الكثيرين انضموا إلي ويوفرون لي الحماية‏,‏ مع أنني لا أريد مواجهة‏,‏ وإنما أريد محاكمة عادلة‏.‏
ولكن أهالي القرية يروون المزيد‏:‏ فالمطاريد وأولاد الليل سارعوا إلي الانضمام تحت لوائه عندما شاهدوا العديد من قيادات الأمن يذهبون إليه ويقضون السهرات معه‏,‏ ويكلفونه بتخليصهم من الإرهابيين وعتاة الإجرام‏.‏
ويعترف نوفل بذلك‏,‏ بل يؤكد أنه قدم خدمات جليلة للأمن والحكومة في محاربة الإرهابيين والمجرمين‏,‏ فهل تكون هذه مكافأته‏.‏
يصمت الرجل ثم يرفع يديه في وجهي‏:‏ اسمع أنا توقفت عن كل شيء‏,‏ وبنيت مسجدا وحقنت الدماء مع الهنادوه‏,‏ فقتل إخواتي أتعبني وهدني‏,‏ وليس لي الآن سوي ممدوح شقيقي الأصغر وولدي أحمد وابنتي‏,‏ وعايزهم يعيشوا في أمان بعيد عن الدم والموت والجثث‏,‏ بعيد عن الخوف اللي ساكن جوايا وساكن كل بني آدم يأخذ من الليل ساتر له‏.‏
‏ أسأله‏:‏ هل كانت مساهماتك تقتصر علي التخلص من الإرهابيين والمجرمين؟
أجاب بثقة‏:‏ ليست قوات الأمن وحدها التي كانت تلجأ لي‏,‏ وإنما أيضا أعضاء مجلس الشعب‏,‏ فقد كانوا يستعينون بي ويتقربون لي لإدارة حملاتهم الانتخابية‏,‏ ويستخدمون نفوذي ورجالي للحصول علي أكبر عدد من الأصوات‏,‏ بل كانوا يأخذون صناديق الانتخابات ليعبثوا بها لينجح النائب الذي يريدونه قبل الإشراف القضائي علي الانتخابات‏.‏
كما كنت جاهزا دائما لمحاربة الإرهابيين بدافع من حبي لبلدي وخوفي علي اهتزاز الأمن بها‏,‏ وكانوا يلجأون لي لعلمي بدروب المنطقة أكثر من الضباط القادمين من الشمال للمساعدة في القبض علي كل من لا تستطيع الحكومة القبض عليه‏.‏

مبسوط

سمعت كلماته الواثقة‏,‏ واستعرت بعض جرأته‏,‏ وتجاسرت وسألته‏:‏ ولماذا تزرع الأفيون وتتاجر في السلاح وتقتل ابن أخيك وترهب الناس الآمنة؟
خرجت إجابته كالطلقات التي يحملها رجاله من حولنا اسمع حمرة دوم وأبو حزام مليانة أفيون وبمعرفة الشرطة‏,‏ في كل مكان تلاقي الأفيون والبانجو‏,‏ لكن أنا ما أزرعوش واصل لأني والحمد لله مبسوط وعندي‏120‏ فدانا وسبع ماكينات ري وعمارة في نجع حمادي وعمارة ثانية في فيصل في الجيزة‏,‏ وهات لي أي واحد يقول أني بعت له سلاح‏,‏ أتحداه وأتحدي أي واحد يثبت الكلام ده‏.‏
أما مقتل ابن أخي فأنا بريء منه‏,‏ وسبب اتهامي أن أحلام الراوي زوجة أخي هي التي روجت لذلك لأنها من عائلة الهنادوه التي تكرهني‏,‏ ولعلمك الخاص ياباشا‏,‏ أنا كنت متهما في هذه القضية من بين خمسة أشخاص‏,‏ وقلت لمسئولي الأمن في نجع حمادي أروح أحضر القضية في محكمة الجنايات في قنا فقالوا لي روح بيتكم‏,‏ احنا موش عايزينك ولكن المحكمة حكمت علي غيابيا‏,‏ لأنهم أرادوا ذلك‏,‏ وهذا هو حكم المحكمة‏.‏
أعطاني صورة من حكم محكمة جنايات قنا يقول نصه‏:‏ إن محكمة جنايات قنا المشكلة من المستشار إبراهيم محمد سليمان رئيس المحكمة‏,‏ وحضور المستشارين كمال عبد القوي بسطاويسي ومحمد علي سيف والسيد محمد حلمي وكيل النيابة أصدرت حكمها في القضية رقم‏11071‏ سنة‏1998‏ ورقم‏1055‏ سنة‏1998‏ كلي ضد نوفل سعد الدين ربيع وفوزي سليمان ريان وعاطف سليمان ريان وربيع نور الدين ربيع ومدكور أبو الحمد محمد ومحمد كمال الدين محمد شحات الذين حضروا عدا نوفل وربيع‏,‏ واتهمت النيابة العامة يوم‏13/8/1998‏ المتهمين بالآتي‏:‏
لأن التحريات مجهلة المصدر ولا تعدوا إلا أن تكون رأيا لقائل يحتمل الصدق والكذب لما كان ذلك وكان الدليل الجنائي يبني علي الجزم واليقين لا الظن والتخمين وأن ما داخله الشك والاحتمال قسر به الاستدلال فإن المحكمة تقتضي براءة كل من المتهمين ربيع نور الدين ربيع مدكور أبو الحمد محمد ومحمد كمال الدين محمد شحات مما نسب إليهم ـ في هذا الشق من الحكم وأوردته المحكمة بوقائعه دون أن ينال ذلك من سبق إدانة المحكمة للمتهم الرابع لإحرازه سلاحا ناريا بندقية آلية مما لا يجوز الترخيص بها وذخائرها ـ عملا بالمادة رقم‏304/1‏ من قانون الإجراءات الجنائية‏.‏
وحيث إنه عن الدعوي المدنية فإن المحكمة تري أن الفصل فيها يستلزم إجراء تحقيق خاص يبني عليه إرجاء الفصل في الدعوي الجنائية ومن ثم تقضي بإحالتها إلي المحكمة المدنية المختصة وذلك عملا بالمادة رقم‏309/2‏ من قانون الإجراءات الجنائية‏.‏
فلهذه الأسباب وبعد الاطلاع علي المواد سالفة الذكر حكمت المحكمة حضوريا علي كل من المتهمين فوزي وعاطف سليمان ريان ومدكور أبو الحمد محمد ومحمد كمال الدين وغيابيا لكل من نوفل وربيع نور الدين‏.‏
أولا‏:‏ حكمت المحكمة بمعاقبة كل من نوفل سعد الدين وفوزي سليمان وعاطف سليمان بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه مع مصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين مع المتهم عاطف سليمان وألزمت كلا منهم بالمصاريف الجنائية‏.‏
ثانيا‏:‏ بمعاقبة ربيع نور الدين بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه من إحرازه بغير ترخيص سلاح ناري وذخيرة مع مصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين وألزمته بالمصاريف الجنائية وببراءته مما نسب إليه فيما عدا ذلك‏.‏
ثالثا‏:‏ ببراءة كل من مدكور أبو الحمد ومحمد كمال الدين محمد مما نسب إليه‏.‏
رابعا‏:‏ بإحالة الدعوي المدنية إلي المحكمة المدنية المختصة الأربعاء‏23‏ ربيع أول سنة‏1420‏ هـ الموافق‏7‏ يوليو‏.1999‏

أسباب أخري

قرأت الحكم وقلت لنوفل الحكم يقول إنك مجرم وعليك حكم مؤبد فرد قائلا‏:‏ ما أنا مع الضباط كل يوم ودايما في عمارتي في نجع حمادي وفي القهوة وفي المركز كمان إيه الداعي للقبض علي الآن من سنة‏99‏ حتي‏2004‏ ليه تركوني كل السنين دي؟
أسأله‏:‏ ليه يا نوفل؟
فيجيب‏:‏مافيش داعي بس لو واجهت مسئول كبير ها أحكي كل شيء واسألوا الضابط حسن محمد حسن مسئول الأمن العام في قنا وقولوا له إنت ونوفل اختلفتوا علي إيه ولعلمك ده السبب اللي جعل كل سيارات الشرطة دي والمدرعات تهاجم بيتي وتستخدم الهاون الذي لا يستخدم إلا في الحروب أو مع الإرهابيين‏.‏
‏ قلت له‏:‏ ليس معقولا أن حسن محمد حسن وحده يستطيع أن يفعل كل هذا؟
أجاب نوفل وكأنه يفجر قنبلة من العيار الثقيل‏:‏فيه ضابط كبير في مصر هو اللي موصي علي وقال لهم عايز نوفل ميت بأي شكل من الأشكال‏.‏
من هو هذا الضابط؟
بلاش حتي لو قلت لك اسمه فاسمه أكبر من النشر‏!!‏
يكمل نوفل‏:‏اختلفت أنا وهو علي حاجات بيننا واختلفت أيضا مع حسن محمد حسن علي حاجات لن أقولها لكن أقول لحسن محمد حسن ربنا يهديك ويصلح حالك‏.‏
لكن هناك من يردد أنك اشتريت الأرض التي بنيت عليها العمارة في نجع حمادي بأربعة آلاف جنيه رغم أن ثمنها يساوي‏430‏ ألف جنيه وهناك قيادات ساعدتك في ذلك؟
ماحصلش دي أرضي وبعرقي ولا علشان ما غيرت محل الإقامة في بطاقتي من حمرة دوم إلي شارع الجمهورية في نجع حمادي يخترعوا ويلفقوا لي تهم‏,‏ ده وصل الأمر إلي إن حسن محمد حسن مسئول الأمن العام في قنا هددني وقال لي في التليفون سأهدم عمارتك في نجع حمادي‏.‏
لماذا تم الحصار الأمني في هذا التوقيت بالذات؟
لأنه كانت لي جلسة في المحكمة بعد استئناف الحكم الوحيد علي والذي صدر غيابي‏,‏ وجاءت قوات الأمن قبل ميعاد الاستئناف بيوم واحد حتي لا أذهب إلي المحكمة وأطلع براءة وأتكلم هم الآن عايزني أموت وخلاص لكنني لن أسكت سأتكلم وأقول كل حاجة وأفضحهم وأكشف كل الفساد
وأخرج من بيت نوفل وفي طريقي إلي القاهرة يتردد داخلي سؤال واحد‏:‏ متي يتحول هذا الجزء المنسي من جنوب الوطن‏..‏ والذي يأكل هما ويشرب حزنا إلي وردة نزين بها حديقة الوطن‏.*‏
أحمد بن نوفل بعد انقطاعه عن الدراسة‏:‏

يانعيش سوا‏..‏ يانموت سوا‏!‏

أحمد نوفل سعد ربيع‏,‏ طفل عمره‏12‏ عاما‏,‏ كل ذنبه أنه ابن نوفل الذي تحاصره حاليا المدرعات‏,‏ ظل أحمد يجلس معنا طوال الحوار يستمع لكلمات أبيه فيصدق عليها‏,‏ ثم يضع يده علي خده الصغير‏,‏وفي كل مرة يطالب الأب فيها بمحاكمة عادلة‏,‏ يقول الابن‏:‏ إحنا نفسنا أبويا يتكلم عن كل حاجة‏.‏
وحين سألت الأب عن إحساسه تجاه ابنه وما إذا كان يخشي عليه من مواجهة رصاصات الأمن‏,‏ لم يمهل أحمد أباه وسارع هو بالإجابة‏:‏ يخاف إزاي أنا مع أبويا في أي مكان‏,‏ ومش هسيبه‏,‏ ومش هنهمل حقنا‏,‏ دول منعوني من مواصلة تعليمي وخرجت من أولي إعدادي وبطلت أروح المدرسة بسبب الحصار‏.‏
وقبل أن أسأله عن سبب منعه من الذهاب إلي المدرسة‏,‏ قال أحمد بتلقائية‏:‏ همه عايزين يخطفوني علشان يضغطوا علي أبويا ويمسكوه ويموتوه‏,‏ لكن ده مش هيحصل أبدا‏,‏ وكان لازم أقعد من المدرسة علشان أضيع عليهم الفرصة دي‏,‏ أنا هنا مع أبويا يانعيش سوا‏..‏ يانموت سوا‏!‏

أرامل الثأر‏..‏ والدم‏:‏

الحكومة أخذت الذهب والماعز‏..‏ ولم تترك لنا شيئا‏!‏
أخذني نوفل لأري آثار طلقات الهاون في بيته وألتقي بجوار فرن بلدي بالسيدة قمر علي عسران زوجة ربيع سعد الدين ربيع شقيق نوفل الذي قتل في حادث ثأر علي يد الهنادوة والسيدة سمارة شوقي دندراوي زوجة عبود سعد الدين ربيع الذي مات في حادث جرار زراعي‏.‏
قالت قمر بحزن‏:‏ هجمت علينا الحكومة وكسرت بيتنا وضربتنا بالنار‏,‏ وخدوا مني بعشرين ألف جنيه ذهب‏..‏ ومن سمارة بـ‏30‏ ألف جنيه ذهب وأخدوا بوابة البيت و‏4‏ من الماعز وعجلات السيارة النصف نقل وما خلوش لنا حاجة نفرح بيها‏,‏ زي ما أنت شايف الحزن عشش في كل مكان في البيت ولا نحس بلحظة أمان واحدة‏,‏ حتي المعاش بتاعنا مش قادرين نروح نقبضه من نجع حمادي‏..‏ يخلص إمتي الحزن ده مش عارفين‏.‏
كانت حزينه الطفلة التي تبلغ من العمر تسع سنوات تقف بجوار الباب تحمل آلام الدنيا كلها لكنها لا تنطق أحاول أن أحصل علي كلمة من بين شفتيها الحزينتين لكنها تصر علي حزنها وجرحها ودمعها‏
..‏

مع اجمل تمنياتى بالاثارة فى القرائة زياد الهمامى






 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية