كنا قبل أيام نرحب بدخول شهر رمضان .. مشاعر الشوق والفرحة تملأ قلوبنا ,,
معاني الود والبهجة تظهر على ملامحنا .. نتبادل التهاني بقدومه .. ونزف البشرى بحلوله
واليوم تتقلص مشاعر الفرحة في أعماقنا .. لأننا ندرك أن الضيف الغالي .. سيرحل لا محالة..
ها نحن نسكب دموع الفراق ونبدأ بمراسم التوديع لرحيل رمضان....
بعد ساعات ليست بالكثيرة ...سيرحل رمضان ,, وقد بدانا منذ اليوم نشرق بدموع غيابه ..
رمضان .. أيها الحبيب الذي انتظرناك عاما كاملا .. ها أنت تحزم أمتعتك راحلا عنا ..
وليت شعري هل سنراك العام المقبل ام لا ؟؟
لا نستطيع أن نبث المشاعر والآلام والأحزان لما نجده من فقدك يا رمضان
لكنها حال الدنيا اجتماع ثم افتراق ..
رمضان
أحس بجرح غائر في أعماق قلبي ... وعبرة تتساقط من عيني ..
رمضان كيف ترحل عنا ونحن عشقناك...وأحببناك.. وسهرنا الليالي لأجلك ...
عشنا في احضانك اطيب الاوقات .. واسعد اللحظات ..
والان تستعد للابتعاد عنا .. وتسافر بعيدا عن ديارنا ..
رمضان ألا تسمع أنين العاشقين..... وآهات المحبين ؟؟
دع البكاء على الأطلال والدار.............واذكر لمن بان من خل ومن جار
وذر الدموع نحيبا وابك من أسف...........على فـراق ليال ذات أنــوار
يا لائمي في البكاء زدني به ألما..........واسمع أحاديث غريب احاديث وأخبار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع...........منا المصلي ومنا القانت القاري
******************************
في لياليك الأخيرة .. تغرق الأعين بالدموع .. وتختنق النفوس بالآلام ..
لكننا سرعان ما ننسى هذه الدمعات التي سكبناها .. والحرقة التي شعرنا بها ..
بعد رحيل رمضان .. ينقسم الناس لفريقين .. فريق خاسر .. وفريق فائز ...
فيا ليت شعري أي الفريقين نحن؟؟؟
كيف لا نبكي على رحيله ونحن لاندري أيأتي ونحن في الوجود أم في اللحود ؟؟
كيف لا نبكي ونحن لا نعلم أقبل منا أم لا ؟؟
كان السلف يدعون ويجتهدون في الدعاء بقبول العمل اكثر من الاجتهاد في العمل نفسه
فيا ليت شعري من منا الفائز فنهنئه؟؟؟ ومن الخاسر فنقول جبر الله مصيبتك وعوضك خيرا
************************************************** *************
أما رمضان والعيد...
فللعيد فقه يجهله الكثير منا .. فيحسبون انه فرح فقط !!
ولو تاملوه قليلا لعرفوا انه خليط من الفرح والحزن معا ...
نفرح .. وسبب فرحنا أن الله أتم علينا هذا الشهر الكريم .. ووفقنا لصيام رمضان كله وقيامه...
وليس فرحا لأننا ارتحنا من الصيام .. وتخلصنا من سمات رمضان ؟؟
فبالعكس .. كانت راحتنا في صيامنا .. وسعادتنا في أخلاقيات شهرنا الكريم ..
أما الحزن ::
فهو حزن لفراق أيام وليالي رمضان الزاهرات..حزن على انتهاء شهر الخير والبركة والرحمات
فيا ليت شعري من يتقن فن الفرح والحزن معا...
من الناس من يقوده فرحه إلى معصية ربه باللهو والغفلة والبعد عنه أيام العيد....
فليس العيد لمن لبس الجديد إنما الذي إيمانه يزيد وخاف يوم الوعيد واتقى ذي العرش المجيد
وعيد هذه السنة عيد حزين لأنه يطل على الأمة وهي تعيش واقعا مريرا....فحق للعيد أن يحزن
نعم يحزن عندما نلبس الجديد ونأكل الثريد...ونطلب المزيد والمزيد ثم نقول لبعضنا عيد سعيد
وإخوان لنا عراة في الجليد.....ودماء وجروح وصديد.....طفل شريد وأب فقيد ...
وأم تأن تحت فاجر عنيد....وصراخ وتهديد وظلم ووعيد....
ونحن نقول لبعضنا عيد سعيد !!! ولسان حالهم يقول لماذا جئت يا عيد؟؟؟
أقبلت يا عـيد والأحزان أحـزان======وفي ضمير القوافي ثار بركان
أقبلت يا عيد والظلماء كاشفة======عن رأسها وفؤاد البدر حيران
أقبلت يا عـيد والأحـزان نـائمة===على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نـفرح يـا عـيد الجـراح=====وفي قـلوبنا من صنوف الهم ألوان
من أين نفرح والأحداث عاصفة========وللدمـى مـقل ترنو وآذان
من أين والمسجد الأقصى محطمة======آماله وفؤاد القدس ولهان
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي========دروبنا جدر قامت وكثبان
من أين والأمـة الغـراء نــائمة======على سرير الهوى والليل نشوان
من أين والذل يبني ألف منتجع======في أرض عزتنا والربح خسران
من أين نفرح والأحباب مااقتربوا ======منا ولا أصبحوا فينا كما كانوا
في غمرة فرحتنا بالعيد .. ينسى الكثيرين منا إخواننا الذين يعانون ..
الذين لا يعرفون من العيد سوى مسماه .. لا يعرفون عنه سوى استمرارا لعذابهم
فلا فرق لديهم بين العيد وبين غيره من أيام السنة .. بل لعله يبعث في نفوسهم الما اكبر
حينما يدركون في قرارة أنفسهم ان إخوانهم في بقاع الدنيا .. سعيدون بهذا العيد ..
حيث تتجمع العائلات .. وتمتد الولائم .. وتظهر شعائر الفرحة والبهجة في حياتهم ..
بينما هم .. قد لا يملكون سقفا يمنع عنهم البرد .. لم يذوقوا طعم الزاد من ايام ..
لا يعرفون عن بعض افراد عائلتهم شيئا .. الاب قد خرج فلم يعد ..
والابن ضحى بنفسه في سبيل دينه ووطنه وشرفه .. والابنة حية ميتة ..
بعد ان سلب منها العدو اغلى ما تملك .. دون ان تجد من يدافع عنها ..
والام .. في عذاب .. فراق الزوج .. وموت الابن .. وذبول الابنة .. وجوع الباقين من أطفالها ..
فاي عيد هذا العيد ؟؟
في بيوتنا يترنح المذياع بالطرب ,, ويتراقص التلفاز بالموسيقى ..
ويردد فيه الصغار أغاني العيد السعيد....
والطفل في أفغانستان يجهل منشأه ومصيره ..يُـعبث في ماضيه ومستقبله ..
فقد منزله الذي يأويه .. وأبوه الذي يحميه .. وهو في طريقه لفقد دينه إن لم يثبته الله ..
فالمغريات امامه كثيرة .. والغرب يحاول مستميتا لكسب رضاه .. والمسلمون عنه نائمون ..
وبراعم الأقصى جائعون...لا يجدون الأكل فضلا عن الحلوى..
لا يعرفون الراحة .. فضلا عن اللهو والسعادة ..
وفي الشيشان يعيش إخواننا وأخواتنا الوان العذاب .. وطقوس الذل والهوان ..
فمن شتاء لا يرحمهم .. إلى عدو يتربص بهم .. فاللهم ارحمهم وثبتهم ..
وفي العراق .. الخوف يلاحقهم .. والقلق يقتلهم .. وشبح الحرب يطاردهم ..
فأي عيد يعيشونه ؟؟؟ اللهم لا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم ..
آآآه يا أمتي
نتبادل التهاني و نتلقى الهدايا .. وغيرنا يتبادل التعازي .. ويتلقى القنابل والرصاص ..
لا أعترض على قدوم العيد ... ولا أعترض على سعادتنا فيه ..
لكن اعترض على كيفية هذه الفرحة .. وطريقة التعبير عن هذه السعادة ..
أعترض على تراقصنا مع الأغاني فرحا بقدوم العيد ... على إسرافنا وتبذيرنا في أيامه ولياليه ..
على صنوف المنكرات التي نتهاون فيها لأجله ...
فما هكذا والله تكون الفرحة ..
فيا أحبتي فلنفرح بالعيد فرحا حلالا ,, فرحا له حدوده .. وله نطاقه الذي لا يتجاوزه ..
فلنفرح به دون دخولنا في المعصية .. بعد خروجنا بثواني من شهر الطاعة ..
ولنذكر ان هناك من لا يعرف طعم هذه الفرحة .. و لا يعرف للعيد معنى .. سوى المزيد من الالم ..
لا املك اكثر من هذه الكلمات سوى دموعي ودعواتي .. فاللهم نصرك الذي وعدتنا ..
أيا أخوتي ..
أنا لا أقول اجعلوا عيدكم حزينا باكيا .. لا اقول ابكوا ولا تفرحوا .. لكن اقول تذكروا غيركم..
فالله الله بالدعاء لإخواننا ... فإن كنا لا نستطيع الدفاع عنهم .. فلنرفع ايدينا بالدعاء لهم ..
انصح كل من مر على الموضوع .. ان يستمع لشريط رمضان والرحيل المر .. للشيخ الفاضل
إبراهيم الدويش ..
وأخيرا أقول للجميع ..
تقبل الله منا الصيام والقيام .. وأعاده الله علينا .. اعواما عديدة وأزمنة مديدة ..
و عيد سعيد !!!! ...
======================================== =====