1- معنى المنافسة والمسابقة.
2- النصوص تأر بالمنافسة على الخيرات.
3- التنافس قبل ظهور العوائق.
4- الآخرة درجات.
5- أنواع التنافس وصوره.
الخطبة الأولى:
قال تعالى: إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون [المطففين:22].
بيان وتشويق، بيان لحال أهل الجنة، وقد بدى النعيم فيهم وفيما حولهم وفي الوجوه، شرابهم ليس ككل شراب مختوم بالمسك بدل الطيب وقيل في نهايته يجد الشارب رائحة المسك عند الانتهاء منه وتشويق إلى المبادرة والإسراع لنيل ذلك المقام.
فما التنافس؟ ولماذا؟ وما أنواعه؟ وما السبيل إليه؟
أما التنافس: فهو التسابق والتغالب وأصله من المنافسة وهي مجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل واللحوق بهم كما قال الراغب.
والله تعالى يدعونا إلى الإسراع إلى كل خير، قال تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين [آل عمران:133]. وقال: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض [الحديد:21]. وقدم المغفرة على الجنة لأن المغفرة سلامة والجنة غنيمة، والسلامة قبل الغنيمة تطلب.
والصادق في خوفه وإقباله، علامة صدقة الإسراع للحديث: ((من خاف أدلج (أي بكر بالطاعة) ومن أدلج بلغ المنزل (الغاية) ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله هي الجنة))([1]).
وقد سأل رجل أحد الصالحين عن الحديث: ((من قال لا إله إلا الله دخل الجنة)) فقال الرجل الصالح: (نعم ولكن للمفتاح أسنان وأسنان مفتاح الجنة هي أوامر الله تعالى فإذا جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك).
والخاسر من كان يومه كأمسه ليس فيه زيادة عمل صالح للأثر: (من استوى يوماه فهو مغبون)([2]). فكيف بمن كان في هبوط دائم؟
وأما لماذا التنافس؟: فلابد من التنافس: في مبادرة الأعمال الصالحة:
قبل ظهور العوائق للحديث: ((بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر))([3])،
وفي العبادة كالحج للحديث: ((تعجلوا الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له))([4])، وفي الصدقة للحديث: ((إن رسول الله صلى العصر فلما سلم قام سريعا فدخل على بعض نسائه ثم خرج ورأى ما في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته فقال: ذكرت وأنا في الصلاة تبراً (ذهبا) عندنا فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا فأمرت بقسمته))([5]).
لأن مقامات الناس في الجنة على قدر أعمالهم للحديث: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف فوقهم كما تتراءون الكوكب الغائر في الأفق من المشرق إلى المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال بلى: والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين))([6]).
وللحديث: ((إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرون النجم الطالع))([7])، حتى يختلفون في إشراقة وجوههم للحديث: (( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءه))([8]).
وأصحاب العافية من أهل الجنة في درجات دنيا ويتمنون بلوغ ما بلغه إخوانهم من أهل البلاء لعلو درجاتهم للحديث: ((إن أهل النعيم (من أهل الجنة) في الآخرة يتمنون أن يرجعوا إلى الدنيا فتقرض جلودهم بالمقاريض لما يرون من درجة أهل البلاء))([9]).