(هدية للموقع من الأخ الأستاذ ماضي شبلي جزاه الله خيراً)
قال تعالى في القرآن الكريم :" ذلك الكتاب لا ريب فيه " البقرة
أثناء تلاوتي لهذه الآية ، استوقفتني عبارة " لا ريب فيه " وفاجأني قول الشاعر العباسي أبي تمام :
بيض الصفائح لا سود الصحائف في *** متونهنّ جلاء الشكّ والرّيب .
بدأت الأسئلة تقرع أبواب عقلي ومن تلك الأسئلة : لم قال الله سبحانه وتعالى " لا ريب فيه " ؟ ولم قال الشاعر العباسي " جلاء الشك والريب " ؟
لم كرر أبو تمام الشك والريب ؟ لم لم يكرر القرآن الشك والريب ؟ هل يختلف الشك عن الريب من حيث المعنى ؟ أسئلة كثيرة لكني لم أجد لها أجوبة فقررت
أن أبحث هذه المسألة وإليك أيها القارىء ما بحثت :
يقول الآلوسي في ( روح المعاني ) : الريب : الظن والشك والتهمة .
وكذلك ذكر الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه ( من بديع لغة التنزيل ) : الريب والريبة : الشك والظنة والتهمة .
ما فهمته من قول الدكتور السامرائي والآلوسي أن الريب يشتمل المعاني الثلاثة الآتية :
الشك : حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات والنفي ويتوقف عن الحكم . ( المعجم الوسيط )
الظن : إدراك الذهن الشيء مع ترجيحه . ( المعجم الوسيط )
وظن : علم بغير يقين . ( المعجم الوسيط )
اتهمه في قوله : شك في صدقه ( المعجم الوسيط )
التهمة : الاتهام . ( المعجم الوسيط )
لم كرر أبو تمام الشك والريب ؟
يجيب عن هذا السؤال التبريزي في شرحه للديوان : " الشك والريب واحد ، وكرر لاختلاف اللفظين " .
أوضحت فيما سبق أن الشك يختلف عن الريب من حيث المعنى ، لذلك لا نقبل بقول التبريزي " الشك والريب واحد " فالريب يحتوي المعاني الثلاثة التي
ذكرتها . ويبقى السؤال : لم كرر أبو تمام ؟
لو عدنا إلى القرآن الكريم نجد أنه اقتصر على ذكر الريب " لا ريب فيه " فـ ( لا ) نافية للجنس و ( ريب ) اسم لا النافية للجنس وبناء على المعاني التي نقلتها عن المعجم الوسيط أستنتج ما يلي :
النفي حاصل للشك
النفي حاصل للظن
النفي حاصل للتهمة
إذا " ذلك الكتاب " لا يرقى إليه الشك ولا الظن ولا التهمة . لم يبق إلا اليقين في " ذلك الكتاب " .
لم قال الله تعالى " لا ريب فيه " ؟ ولم لم يقل " لا فيه ريب " ؟ وهل يجوز تقديم الجار والمجرور " فيه " على اسم لا النفية للجنس " ريب " ؟ وهل لتقديم الجار والمجرور نظير في القرآن الكريم ؟
نعم لتقديم الجار والمجرور نظير في القرآن " لا فيها غول " . الصافات
هل يجوز تقديم الجار والمجرور " فيه " على اسم لا النافية للجنس؟
يجوز أن يتقدم الجار والمجرور " فيه " على اسم لا النافية للجنس لكنها بهذه الحالة تخرج عن كونها لا النافية للجنس وتهمل وجوبا .
لم قال الله تعالى " لا ريب فيه " ولم يقل " لا فيه ريب " ؟
لو قال الله سبحانه " لا فيه ريب " لنفى الريب عن القرآن الكريم وأثبته لغيره من الكتب السماوية وهذا غير جائز لأن المعنى يكون تعريضا بالكتب السماوية الأخرى لذلك قال " لا ريب فيه " . أما " لا فيها غول " لأن خمر الجنة يختلف عن خمر الدنيا ، فنفى الغول عنها في الجنة وأثبته في الدنيا .