العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-02-2008, 08:46 AM   رقم المشاركة : 1
king-abdullah
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية king-abdullah
 





king-abdullah غير متصل

Icon14 إدريس عليه السلام


قال الله تعالى واذكر في الكتاب إدريس أنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا فإدريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية وهو خنوخ هذا وهو في عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب وكان أول بني آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثماني سنين وقد قال طائفة من الناس إنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالرمل فقال إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك ويزعم كثير من علماء التفسير والأحكام أنه أول من تكلم في ذلك ويسمونه هرمس الهرامسة ويكذبون عليه أشياء كثيرة كما كذبوا على غيره من الأنبياء والعلماء والحكماء والأولياء وقوله تعالى ورفعناه مكانا عليا هو كما ثبت في الصحيحين في حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو في السماء الرابعة وقد روى ابن جرير عن يونس عن عبدالأعلى عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال سأل ابن عباس كعبا وأنا حاضر فقال له ما قول الله تعالى لإدريس ورفعناه مكانا عليا فقال كعب أما إدريس فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم لعله من أهل زمانه فأحب أن يزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة فقال إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملا فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدرا فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس فقال وأين إدريس قال هو ذا على ظهري فقال ملك الموت فالعجب بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة فجعلت أقول كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض فقبض روحه هناك فذلك قول الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري فسأله وهو معه كم بقي من عمره فقال لا أدري حتى أنظر فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره الا طرفة عين فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر وهذا من الإسرائيليات وفي بعضه نكارة وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ورفعناه مكانا عليا قال إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر وإن أراد أنه رفع حيا إلى السماء ثم قبض هناك فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار والله أعلم وقال العوفي عن ابن عباس في قوله ورفعناه مكانا عليا رفع إلى السماء السادسة فمات بها وهكذا قال الضحاك والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح وهو قول مجاهد وغير واحد وقال الحسن البصري ورفعناه مكانا عليا قال إلى الجنة وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل قال البخاري ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن الياس هو إدريس واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء أنه لما مر به عليه السلام قال له مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ولم يقل كما قال آدم وإبراهيم مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قالوا فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قال له وهذا لا يدل ولا بد لأنه قد لا يكون الراوي حفظه جيدا أو لعله قاله له على سبيل الهضم والتواضع ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين


نوح عليه السلام
هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام كان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغيره وعلى تاريخ أهل الكتاب المتقدم يكون بين مولد نوح وموت آدم مائة وست وأربعون سنة وكان بينهما عشرة قرون كما قال الحافظ أبو حاتم بن حبان في صحيحه حدثنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا محمد بن عبدالملك بن زنجويه حدثنا أبو توبة حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام سمعت أبا سلام سمعت أبا أمامة أن رجلا قال يا رسول الله أنبي كان آدم قال نعم مكلم قال فكم كان بينه وبين نوح قال عشرة قرون قلت وهذا على شرط مسلم ولم يخرجه وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام فإن كان المراد بالقرن مائة سنة كما هو المتبادر عند كثير من الناس فبينهما ألف سنة لا محالة لكن لا ينفى أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالإسلام اذ قد يكون بينهما قرون أخر متأخرة لم يكونوا على الإسلام لكن حديث أبي أمامة يدل على الحصر في عشرة قرون وزادنا ابن عباس أنهم كلهم كانوا على الإسلام وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ وغيرهم من أهل الكتاب أن قابيل وبنيه عبدوا النار والله أعلم
وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس كما في قوله تعالى وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وقوله ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين وقال تعالى وقرونا بين ذلك كثيرا وقال وكم أهلكنا قبلهم من قرن وكقوله عليه السلام خير القرون قرني الحديث فقد كان الجيل قبل نوح يعمرون الدهر الطويلة فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألوف من السنين والله أعلم
وبالجملة فنوح عليه السلام انما بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت وشرع الناس في الضلالة والكفر فبعثه الله رحمة للعباد فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض كما يقول له أهل الموقف يوم القيامة وكان قومه يقال لهم بنو راسب فيما ذكره ابن جبير وغيره واختلفوا في مقدار سنه يوم بعث فقيل كان ابن خمسين سنة وقيل ابن ثلاثمائة وخمسين سنة وقيل ابن أربعمائة وثمانين سنة حكاها ابن جرير وعزا الثالثة منها إلى ابن عباس
وقد ذكر الله قصته وما كان من قومه وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان وكيف أنجاه وأصحاب السفينة في غير ما موضع من كتابه العزيز ففي الأعراف ويونس وهود والأنبياء والمؤمنون والشعراء والعنكبوت والصافات واقتربت وأنزل فيه سورة كاملة فقال في سورة الأعراف لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره اني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم قال الملأ من قومه انا لنراك في ضلال مبين قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين وقال في سورة يونس واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر ان أجري الا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين وقال تعالى في سورة هود ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه انى لكم نذير مبين أن لا تعبدوا الا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادى الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت علكيم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله ان طردتهم أفلا تذكرون ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول اني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين قالوا يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون أم يقولون افتراه قل ان افتريته فعلى إجرامي وأنا برىء مما تجرمون وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه الا قليل وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولاتكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله الا من رحم وحال بينهما الموج فكانا من المغرقين وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين ونادى نوح ربه فقال رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم والا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين وقال تعالى في سورة الأنبياء ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين وقال تعالى في سورة الشعراء كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم وقال تعالى في سورة العنكبوت ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين وقال تعالى في سورة والصافات ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين ثم أغرقنا الآخرين وقال تعالى في سورة اقتربت كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر فدعا ربه إني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر وقد تركناها آية فهل من مدكر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر وقال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم أسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا والله جعل لكم الأرص بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا قال نوح رب انهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده الا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين الا ضلالا مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا وقد تكلمنا على كل موضع من هذه في التفسير وسنذكر مضمون القصة مجموعا من هذه الأماكن المتفرقة ومما دلت عليه الأحاديث والآثار وقد جرى ذكره أيضا في مواضع متفرقة من القرآن فيها مدحه وذم من خالفه فقال تعالى في سورة النساء إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما وقال في سورة الأنعام وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم الآيات وتقدمت قصته في الأعراف وقال في سورة براءة ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وتقدمت قصته في يونس وهود وقال في سورة إبراهيم ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وانا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب وقال في سورة سبحان ذرية من حملنا مع نوح أنه كان عبدا شكورا وقال فيها أيضا وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا وتقدمت قصته في الأنبياء والمؤمنون والشعراء والعنكبوت وقال في سورة الأحزاب وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا وقال في سورة ص كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب إن كل الا كذب الرسل فحق عقاب وقال في سورة غافر كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار وقال في سورة الشورى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب وقال تعالى في سورة ق كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد وقال في الذاريات وقوم نوح من قبل أنهم كانوا قوما فاسقين وقال في النجم وقوم نوح من قبل أنهم كانوا هم أظلم وأطغى وتقدمت قصته في سورة اقتربت الساعة وقال تعالى في سورة الحديد ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون وقال تعالى في سورة التحريم ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين وأما مضمون ما جرى له مع قومه مأخوذا من الكتاب والسنة والآثار فقد قدمنا عن ابن عباس أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام رواه البخاري وذكرنا أن المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور اقتضت ان آل الحال بأهل ذلك الزمان إلى عبادة الأصنام وكان سبب ذلك ما رواه البخاري من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عند تفسير قوله تعالى وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تدرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت
قال ابن عباس وصارت هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد بن إسحاق
وقال ابن جرير في تفسيره حدثنا ابن حميد حدثنا مهران عن سفيان عن موسى عن محمد بن قيس قال كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح وكان لهم أتباع يقتدون بهم فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم فلما ماتوا وجاء آخرون
دب اليهم إبليس فقال إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم وروى ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أنه قال ود ويغوث ويعوق وسواع ونسر أولاد آدم وكان ود أكبرهم وأبرهم به وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن منصور حدثنا الحسن بن موسى حدثنا يعقوب عن أبي المطهر قال ذكروا عند أبي جعفر هو الباقر وهو قائم يصلي بزيد بن المهلب قال فلما انفتل من صلاته قال ذكرتم يزيد بن المهلب أما إنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله قال ذكر ودا رجلا صالحا وكان مجبا في قومه فلما مات عكفوا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان ثم قال إني أرى جزعكم على هذا الرجل فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه قالوا نعم فصور لهم مثله قال ووضعوه في ناديهم وجعلو يذكرونه فلما رأى ما بهم من ذكره قال هل لكم أن اجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فتذكرونه قالوا نعم قال فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به قال وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به قال وتناسلوا ودرس أثر ذكرهم اياه حتى اتخذوه الها يعبدونه من دون الله اولاد أولادهم فكان أول ما عبد غير الله ودا الصنم الذي سموه ودا
ومقتضى هذا السياق أن كل صنم من هذه عبده طائفة من الناس وقد ذكر أنه لما تطاولت العهود والأزمان جعلوا تلك الصور تماثيل مجسدة ليكون أثبت لهم ثم عبدت بعد ذلك من دون الله عز وجل ولهم في عبادتها مسالك كثيرة جدا قد ذكرنها في مواضعها من كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة
وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكرت عنده أم سلمة وأم حبيبة تلك الكنيسة التي رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها قال أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل والمقصود أن الفساد لما انتشر في الأرض وعم البلاد بعباد الأصنام فيها بعث الله عبده ورسوله نوحا عليه السلام يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له وينهى عن عبادة ما سواه فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي حيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا فيقول ربي قد غضب غضبا شديدا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ونهاني عن الشجرة فعصيت نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك عز وجل فيقول ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 20-02-2008, 08:47 AM   رقم المشاركة : 2
king-abdullah
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية king-abdullah
 





king-abdullah غير متصل

Icon14

مثله نفسي نفسي وذكر تمام الحديث بطوله كما أورده البخاري في قصة نوح فلما بعث الله نوحا عليه السلام دعاهم إلى أفراد العبادة لله وحده لا شريك له أن لا يعبدوا معه صنما ولا تمثالا ولا طاغوتا وأن يعترفوا بوحدانيته وأنه لا إله غيره ولا رب سواه كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل الذين هم كلهم من ذريته كما قال تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين وقال فيه وفي إبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب أي كل نبي من بعد نوح فمن ذريته وكذلك إبراهيم قال الله تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال تعالى واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ولهذا قال نوح لقومه اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم وقال ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم وقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال يا قوم إني لكم نذير مبين أن ابعدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا الآيات الكريمات فذكر أنه دعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والإجهار بالترغيب تارة والترهيب أخرى وكل هذا فلم ينجح فيهم بل استمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة الأصنام والأوثان ونصبوا له العداوة في كل وقت وأوان وتنقصوه وتنقصوا من آمن به وتوعدوهم بالرجم والاخراج ونالوا منهم وبالغوا في أمرهم قال الملأ من قومه أي السادة الكبراء منهم إنا لنراك في ضلال مبين قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين أي لست كما تزعمون من أني ضال بل على الهدى المستقيم رسول من رب العالمين أي الذي يقول للشيء كن فيكون أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون وهذا شأن الرسول أن يكون بليغا أي فصيحا ناصحا أعلم الناس بالله عز وجل وقالوا له فيما قالوا ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين تعجبوا أن يكون بشرا رسولا وتنقصوا بمن اتبعه ورأوهم أراذلهم وقد قيل أنهم كانوا من أقياد الناس وهم ضعفاؤهم كما قال هرقل وهم أتباع الرسل وما ذاك إلا لأنه لا مانع لهم من اتباع الحق وقولهم بادى الرأي أي بمجرد ما دعوتهم استجابوا لك من غير نظر ولا روية وهذا
الذي رموهم به هو عين ما يمدحون بسببه رضي الله عنهم فإن الحق الظاهر لا يحتاج إلى روية ولا فكر ولا نظر بل يجب اتباعه والانقياد له متى ظهر ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحا للصديق ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر فإنه لم يتلعثم ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة أيضا سريعة من غير نظر ولا روية لان أفضليته على من عداه ظاهرة جلية عند الصحابة رضي الله عنهم ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته فتركه وقال يأبى الله والمؤمنون الا أبا بكر رضي الله عنه وقول كفرة قوم نوح له ولمن آمن به وما نرى لكم علينا من فضل أي لم يظهر لكم أمر بعد اتصافكم بالإيمان ولا مزية علينا بل نظنكم كاذبين قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون وهذا تلطف في الخطاب معهم وترفق بهم في الدعوة إلى الحق كما قال تعالى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وقال تعالى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وهذا منه يقول لهم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده أي النبوة والرسالة فعميت عليكم أي فلم تفهموها ولم تهتدوا إليها أنلزمكموها أي انغضبكم بها ونجبركم عليها وأنتم لها كارهون أي ليس لي فيكم حيلة والحالة هذه ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله أي لست أريد منكم أجرة على إبلاغي إياكم ما ينفعكم في دنياكم وأخراكم إن أطلب ذلك إلا من الله الذي ثوابه خير لي وابقى مما تعطونني أنتم وقوله وما أنا بطارد الذين آمنوا أنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون كأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل ذلك فأبى عليهم ذلك وقال إنهم ملاقوا ربهم أي فأخاف إن طردتهم أن يشكوني إلى الله عز وجل ولهذا قال ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ولهذا لما سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنه ضعفاء المؤمنين كعمار وصهيب وبلال وخباب وأشباههم نهاه الله عن ذلك كما بيناه في سورتي الأنعام والكهف ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك أي بل أنا عبد رسول لا أعلم من علم الله إلا ما أعلمني به ولا أقدر إلا على ما أقدرني عليه ولا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولا أقول للذين تزدري أعينكم يعني من اتباعه لن يؤتيهم الله خيرا الله ألم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين أي لا أشهد عليهم بانهم لا خير لهم عند الله يوم القيامة الله أعلم بهم وسيجازيهم على ما في نفوسهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر كما قالوا في المواضع الأخر أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين
وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم كما قال تعالى فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما
فأخذهم الطوفان وهم ظالمون أي ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به إلا القليل منهم وكان كل ما نقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه وصاه فيما بينه وبينه أن لا يؤمن بنوح أبدا ما عاش ودائما ما بقي وكانت سجاياهم تأبى الإيمان واتباع الحق ولهذا قال ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ولهذا قالوا قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين أي إنما يقدر على ذلك الله عز وجل فإنه الذي لا يعجزه شيء ولا يكترثه أمر بل هو الذي يقول للشيء كن فيكون ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون أي من يرد الله فتنته فلن يملك أحد هدايته هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الفعال لما يريد وهو العزيز الحكيم العليم بمن يستحق الهداية ومن يستحق الغواية وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن تسلية له عما كان منهم إليه فلا تبتئس بما كانوا يفعلون وهذه تعزية لنوح عليه السلام في قومه أنه لن يؤمن منهم إلامن قد آمن أي لا يسوأنك ما جرى فإن النصر قريب والنبأ عجيب واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون وذلك أن نوحا عليه السلام لما يئس من صلاحهم وفلاحهم ورأى أنهم لا خير فيهم وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق من فعال ومقال دعا عليهم دعوة غضب فلبى الله دعوته وأجاب طلبته قال الله تعالى ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وقومه من الكرب العظيم وقال تعالى ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم وقال تعالى قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين وقال تعالى فدعا ربه أني مغلوب فانتصر وقال تعالى قال رب انصرني بما كذبون وقال تعالى مما خطيآتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفار فاجتمع عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم ودعوة نبيهم عليهم فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها وقدم الله تعالى إليه أنه إذا جاء أمره وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين أنه لا يعاوده فيهم ولا يراجعه فإنه لعله قد تدركه رقة على قومه عند معاينة العذاب النازل بهم فإنه ليس الخبر كالمعاينة ولهذا قال ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه أي يستهزئون به استعباد الوقوع ما توعدهم به قال إن تسخورا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون أي نحن الذين نسخر منكم ونتعجب منكم في استمراركم على كفركم وعنادكم الذي يقتضي وقوع العذاب بكم وحلوله عليكم فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم وقد كانت سجاياهم الكفر الغليظ والعناد البالغ في الدنيا وهكذا في الآخرة فإنهم يجحدون أيضا أن يكون جاءهم رسول كما قال البخاري حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا عبدالواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء نوح عليه السلام وأمته فيقول الله عز وجل هل بلغت فيقول نعم أي رب فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون لا ما جاءنا من نبي فيقول لنوح من يشهد لك فيقول محمد وأمته فتشهد أنه قد بلغ وهو قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا والوسط العدل فهذه الأمة تشهد على شهادة نبيها الصادق المصدوق بأن الله قد بعث نوحا بالحق وأنزل عليه الحق وأمره به وأنه بلغه إلى أمته على أكمل الوجوه وأتمها ولم يدع شيئا مما ينفعهم في دينهم إلا وقد أمرهم به ولا شيئا مما قد يضرهم إلا وقد نهاهم عنه وحذرهم منه وهكذا شأن جميع الرسل حتى أنه حذر قومه المسيح الدجال وإن كان لا يتوقع خروجه في زمانهم حذرا عليهم وشفقة ورحمة بهم كما قال البخاري حدثنا عبدان حدثنا عبدالله عن يونس عن الزهري قال سالم قال ابن عمر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكني أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور وهذا الحديث في الصحيحين أيضا من حديث شيبان بن عبدالرحمن عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدث به نبي قومه أنه أعور وأنه يجيء معه بمثال الجنة والنار والتي يقول عليها الجنة هي النار وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه لفظ البخاري وقد قال بعض علماء السلف لما استجاب الله له أمره أن يغرس شجرا ليعمل منه السفينة فغرسه وانتظره مائة سنة ثم نجره في مائة أخرى وقيل في أربعين سنة فالله أعلم قال محمد بن إسحق عن الثوري وكان من خشب الساج وقيل من الصنوبر وهو نص التوراة قال الثوري وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعا وعرضها خمسين ذراعا وأن يطلى ظاهرها وباطنها بالقار وأن يجعل لها جؤجؤا أزور يشق الماء وقال قتادة كان طولها ثلثمائة ذراع في عرض خمسين ذراعا وهذا الذي في التوراة على ما رأيته
وقال الحسن البصري ستمائة في عرض ثلثمائة وعن ابن عباس ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة ذراع وقيل كان طولها ألفي ذراع وعرضها مائة ذراع قالوا كلهم وكان ارتفاعها ثلاثين ذراعا وكانت ثلاث طبقات كل واحدة عشر أذرع فالسفلى للدواب والوحوش والوسطى للناس والعليا للطيور وكان بابها في عرضها ولها غطاء من فوقها مطبق عليها قال الله تعالى قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا أي بأمرنا لك وبمرأى منا لصنعتك لها ومشاهدتنا لذلك
لنرشدك إلى الصواب في صنعتها فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فتقدم إليه بأمره العظيم العالي أنه إذا جاء أمره وحل بأسه أن يحمل في هذه السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات وسائر ما فيه روح من المأكولات وغيرها لبقاء نسلها وأن يحمل معه أهله أي أهل بيته إلا من سبق عليه القول منهم أي إلا من كان كافرا فإنه قد نفذت فيه الدعوة التي لا ترد ووجب عليه حلول البأس الذي لا يرد وأمر أنه لا يراجعه فيهم إذا حل بهم ما يعاينه من العذاب العظيم الذي قد حتمه عليهم الفعال لما يريد كما قدمنا بيانه قبل والمراد بالتنور عند الجمهور وجه الأرض أي نبعت الأرض من سائر أرجائها حتى نبعت التنانير التي هي محال النار وعن ابن عباس التنور عين في الهند وعن الشعبي بالكوفة وعن قتادة بالجزيرة وقال علي بن أبي طالب المراد بالتنور فلق الصبح وتنوير الفجر أي إشراقه وضياؤه أي عند ذلك فاحمل فيها من كل زوجين اثنين وهذا قول غريب وقوله تعالى حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل هذا أمر بأن عند حلول النقمة بهم أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين وفي كتاب أهل الكتاب أنه أمر أن يحمل من كل ما يؤكل سبعة أزواج ومما لا يؤكل زوجين ذكرا وأنثى وهذا مغاير لمفهوم قوله تعالى في كتابنا الحق إثنين إن جعلنا ذلك مفعولا به وأما إن جعلناه توكيدا لزوجين والمفعول به محذوف فلا ينافي والله أعلم
وذكر بعضهم ويروى عن ابن عباس أن أول ما دخل من الطيور الدرة وآخر ما دخل من الحيوانات الحمار ودخل إبليس متعلقا بذنب الحمار وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبدالله بن صالح حدثني الليث حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه وكيف نطمئن أو كيف تطمئن المواشي ومعنا الأسد فسلط الله عليه الحمى فكانت أول حمى نزلت في الأرض ثم شكوا الفارة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها هذا مرسل وقوله واهلك إلا من سبق عليه القول أي من استجيبت فيهم الدعوة النافذة ممن كفر فكان منهم ابنه يام الذي غرق كما سيأتي بيانه ومن آمن أي واحمل فيها من آمن بك من أمتك قال الله تعالى وما آمن معه إلا قليل هذا مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ودعوتهم الأكيدة ليلا ونهارا بضروب المقال وفنون التلطفات والتهديد والوعيد تارة والترغيب والوعد أخرى وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة فعن ابن عباس كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم
وعن كعب الاحبار كانوا اثنين وسبعين نفسا وقيل كانوا عشرة وقيل إنما كانوا نوحا وبنيه الثلاثة وكنائنته الأربع بامرأة يام الذي انخزل وانعزل وسلل عن طريق النجاة فما عدل إذ عدل وهذا القول فيه مخالفة لظاهر الآية بل هي نص في أنه قد ركب معه غير أهله طائفة ممن آمن به كما قال ونجني ومن معي من المؤمنين وقيل كانوا سبعة وأما امرأة نوح وهي أم أولاده كلهم وهم حام وسام ويافث ويام وتسميه أهل الكتاب كعنان وهو الذي قد غرق وعابر وقد ماتت قبل الطوفان قيل إنها غرقت مع من غرق وكانت ممن سبق عليه القول لكفرها وعند أهل الكتاب أنها كانت في السفينة فيحتمل أنها كفرت بعد ذلك أو أنها أنظرت ليوم القيامة والظاهر الأول لقوله لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا قال الله تعالى فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين أمره أن يحمد ربه على ما سخر له من هذه السفينة فنجاه بها وفتح بينه وبين قومه واقر عينه ممن خالفه وكذبه كما قال تعالى الذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون وهكذا يؤمر بالدعاء في ابتداء الأمور أن يكون على الخير والبركة وأن تكون عاقبتها محمودة كما قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حين هاجر وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وقد امتثل نوح عليه السلام هذه الوصية وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم أي على اسم الله ابتداء سيرها وانتهاؤه إن ربي لغفور رحيم أي وذو عقاب اليم مع كونه غفروا رحيما لا يرد بأسه عن القوم المجرمين كما أحل بأهل الأرض الذين كفروا به وعبدوا غيره قال الله تعالى وهي تجري بهم في موج كالجبال وذلك أن الله تعالى أرسل من السماء مطرا لم تعهده الأرض قبله ولا تمطره بعده كان كأفواه القرب وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها وسائر أرجائها كما قال تعالى فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر والدسر السائر تجري بأعيننا أي بحفظنا وكلاأتنا وحراستنا ومشاهدتنا لها جزاء لمن كان كفر
وقد ذكر ابن جرير وغيره أن الطوفان كان في ثالث عشر شهر آب في حساب القبط وقال تعالى إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية أي السفينة لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية قال جماعة من المفسرين ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذراعا وهو الذي عند أهل الكتاب وقيل ثمانين ذراعا وعم جميع الأرض طولها والعرض سهلها وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ولا صغير ولا كبير قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم كان أهل ذلك الزمان قد ملأوا السهل والجبل وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم لم تكن بقعة في الأرض الا ولها مالك وحائز رواهما ابن أبي حاتم ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بنيهما الموج فكان من المغرقين وهذا الابن هو يام أخو سام وحام ويافث وقيل اسمه كنعان وكان كافرا عمل عملا غير صالح فخالف أباه في دينه ومذهبه فهلك مع من هلك هذا وقد نجا مع أبيه الأجانب في النسب لما كانوا موافقين في الدين والمذهب وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين أي لما فرغ من أهل الأرض ولم يبق منها أحد ممن عبد غير الله عز وجل أمر الله الأرض أن تبلع ماءها وأمر السماء أن تقلع أي تمسك عن المطر وغيض الماء أي نقص عما كان وقضى الأمر أي وقع بهم الذي كان قد سبق في علمه وقدره من إحلاله بهم ما حل بهم وقيل بعدا للقوم الظالمين أي نودي عليهم بلسان القدرة بعدا لهم من الرحمة والمغفرة كما قال تعالى فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا أنهم كانوا قوما عمين وقال تعالى فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين وقال تعالى ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا انهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين وقال تعالى فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم وقال تعالى فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين وقال تعالى ثم أغرقنا الآخرين وقال ولقد تركناها آية فهل من مدكر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر وقال تعالى مما خطيئاتهم أغرقوا فادخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله انصارا وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا انك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدو إلا فاجرا كفارا وقد استجاب الله تعالى وله الحمد والمنة دعوته فلم يبق منهم عين تطرف
وقد روى الإمامان أبو جعفر بن جرير وأبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما من طريق يعقوب بن محمد الزهري عن قائد مولى عبدالله بن أبي رافع أن إبراهيم بن عبدالرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلو رحم الله من قوم نوح أحدا لرحم ام الصبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة يعني الا خمسين عاما وغرس مائة سنة الشجر فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعلها سفينة ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون تعمل سفينة في البر كيف تجري قال سوف تعلمون فلما فرغ ونبع الماء وصار في السكك خشيت أم الصبي
عليه وكانت تحبه حبا شديدا خرجت به إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت به حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي وهذا حديث غريب وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد وغير واحد شبيه لهذه القصة وأحرى بهذا الحديث أن يكونا موقوفا متلقى عن مثل كعب الأحبار والله أعلم
والمقصود أن الله لم يبق من الكافرين ديارا فكيف يزعم بعض المفسرين ان عوج بن عنق ويقال ابن عناق كان موجودا من قبل نوح إلى زمان موسى ويقولون كان كافرا متمردا جبارا عنيدا ويقولون كان لغير رشدة بل ولدته أمه عنق بنت آدم من زنا وإنه كان يأخذ من طوله السمك من قرار البحار ويشويه في عين الشمس وإنه كان يقول لنوح وهو في السفينة ما هذه القصيعة التي لك ويستهزىء به ويذكرون أنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاث مائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلثا إلى غير ذلك من الهذيانات التي لولا أنها مسطرة في كثير من كتب التفاسير وغيرها من التواريخ وأيام الناس لما تعرضنا لحكايتها لسقاطتها وركاكتها ثم إنها مخالفة للمعقول والمنقول
أما المعقول فكيف يسوغ فيه أن يهلك الله ولد نوح لكفره وأبوه نبي الأمة وزعيم أهل الإيمان ولا يهلك عوج بن عنق ويقال عناق وهو أظلم وأطغى على ما ذكروا وكيف لا يرحم الله منهم أحدا ولا أم الصبي ولا الصبي ويترك هذا الدعى الجبار العنيد الفاجر الشديد الكافر الشيطان المريد على ما ذكروا
وأما المنقول فقد قال الله تعالى ثم أغرقنا الآخرين وقال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ثم هذا الطول الذي ذكروه مخالف لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن
فهذا نص الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أنه لم يزل الخلق ينقص حتى الآن أي لم يزل الناس في نقصان في طولهم من آدم إلى يوم أخره بذلك وهلم جر إلى يوم القيامة وهذا يقتضي أنه لم يوجد من ذرية آدم من كان أطول منه فكيف يترك هذا ياهل عنه ويصار إلى أقوال الكذبة الكفرة من أهل الكتاب الذين بدلوا كتب الله المنزلة وحرفوها وأولوها ووضعوها على غير مواضعها فما ظنك بما هم يستقلون بنقله أو يؤتمنون عليه وما أظن أن هذا الخبر عن عوج بن عناق الا اختلافا من بعض زنادقتهم وفجارهم الذين كانوا أعداء الأنبياء والله أعلم
ثم ذكر الله تعالى مناشدة نوح ربه في ولده وسؤاله له عن غرقه على وجه الاستعلام والاستكشاف ووجه السؤال أنك وعدتني بنجاة أهلي معي وهو منهم وقد غرق فأجيب بأنه ليس من أهلك أي الذين






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 20-02-2008, 08:48 AM   رقم المشاركة : 3
king-abdullah
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية king-abdullah
 





king-abdullah غير متصل

وعدت بنجاتهم أي أما قلنا لك وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم فكان هذا ممن سبق عليه القول منهم بأن سيغرق بكفره ولهذا ساقته الأقدار إلى أن انحاز عن حوزة أهل الإيمان فغرق مع حزبه أهل الكفر والطغيان ثم قال تعالى قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم هذا أمر لنوح عليه السلام لما نضب الماء عن وجه الأرض وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها العظيم على ظهر جبل الجودى وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور وقد قدمنا ذكره عند خلق الجبال بسلام منا وبركات أي اهبط سالما مباركا عليك وعلى أمم ممن سيولد بعد أي من أولادك فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح عليه السلام قال تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة وهم سام وحام ويافث قال الإمام أحمد حدثنا عبدالوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا نحوه وقال الشيخ أبو عمرو بن عبدالبر وقد روى عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام ثم روى من حديث اسمعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال ولد نوح ثلاثة سام ويافث وحام وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة فولد سام العرب وفارس والروم وولد يافث الترك والسقالبة ويأجوج ومأجوج وولد حام القبط والسودان والبربر قلت وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن هانىء وأحمد بن حسين بن عباد أبو العباس قالا حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي حدثني أبي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد لنوح سام وحام ويافث فولد لسام العرب وفارس والروم والخير فيهم وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والسقالبة ولا خير فيهم وولد لحام القبط والبربر والسودان ثم قال لا نعلم يروى مرفوعا الا من هذا الوجه تفرد به محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه ورواه غيره عن يحيى بن سعيد مرسلا ولم يسنده وإنما جعله من قول سعيد قلت وهذا الذي ذكره أبو عمرو هو المحفوظ عن سعيد قوله وهكذا روى عن وهب بن منبه مثله والله أعلم ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ضعيف بمرة لا يعتمد عليه وقد قيل إن نوحا عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة الأولاد الا بعد الطوفان وإنما ولد له قبل السفينة كنعان الذي غرق وعابر مات قبل الطوفان والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم وأمهم وهو نص التوراة وقد ذكر أن حاما واقع امرأته في السفينة فدعا عليه نوح أن تشوه خلقة نطفته فولد له ولد أسود وهو كنعان بن حام جد السودان وقيل بل رأى أباه نائما وقد بدت عورته فلم يسترها وسترها أخواه فلهذا دعا عليه أن تغير نطفته وأن يكون أولاده عبيدا لإخوته
وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه قال قال الحواريون لعيسى بن مريم لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها قال فانطلق بهم حتى أتى إلى كثيب من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه قال أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا كعب حام بن نوح قال وضرب الكثيب بعصاه وقال قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب فقال له عيسى عليه السلام هكذا هلكت قال لا ولكني مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت قال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة فاقبلا على الروث ولما وقع الفار يخرز السفينة بقرضه أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام أن اضرب بين عيني الأسد فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفار فقال له عيسى كيف علم نوح عليه السلام أن البلاد قد غرقت قال بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت قال ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان فمن ثم تألف البيوت قال فقالوا يا رسول الله ألا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا قال كيف يتبعكم من لا رزق له قال فقال له عد بإذن الله فعاد ترابا وهذا أثر غريب جدا وروى غلباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس قال كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسين يوما وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما ثم وجهها إلى الجودى فاستقرت عليه فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بخبر الأرض فذهب فوقع علىالجيف فأبطأ عليه فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين فعرف نوح أن الماء قد نضب فهبط إلى أسفل الجودى فابتنى قرية وسماها ثمانين فأصحبوا ذات يوم وقد تبلبلت السنتهم على ثمانين لغة إحداها العربي وكان بعضهم لا يفقه كلام بعض فكان نوح عليه السلام يعبر عنه
وقال قتادة وغيره ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوما واستقرت بهم على الجودى شهرا وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشرواء من المحرم وقد روى
قال الله تعالى واذكر في الكتاب إدريس أنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا فإدريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية وهو خنوخ هذا وهو في عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب وكان أول بني آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثماني سنين وقد قال طائفة من الناس إنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالرمل فقال إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك ويزعم كثير من علماء التفسير والأحكام أنه أول من تكلم في ذلك ويسمونه هرمس الهرامسة ويكذبون عليه أشياء كثيرة كما كذبوا على غيره من الأنبياء والعلماء والحكماء والأولياء وقوله تعالى ورفعناه مكانا عليا هو كما ثبت في الصحيحين في حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو في السماء الرابعة وقد روى ابن جرير عن يونس عن عبدالأعلى عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف
ابن جرير خبرا مرفوعا يوافق هذا وأنهم صاموا يومهم ذلك وقال الإمام أحمد حدثنا أبو جعفر حدثنا عبدالصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه حبيب بن عبدالله عن شبل عن أبي هريرة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال ما هذا الصوم فقالوا هذا اليوم الذي نجا الله موسى وبني إسرائيل من الغرق وغرق فيه فرعون وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودى فصام نوح وموسى عليهما السلام شكرا لله عز وجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم وقال لأصحابه من كان منكم أصبح صائما فليتم صومه ومن كان منكم قد أصاب من غد أهله فليتم بقية يومه وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر والمستغرب ذكر نوح أيضا والله أعلم
وأما ما يذكره كثير من الجهلة أنهم أكلوا من فضول أزوادهم ومن حبوب كانت معهم قد استصحبوها واطحنوا الحبوب يومئذ واكتحلوا بالاثمد لتقوية أبصارهم لما انهارت من الضياء بعد ما كانوا في ظلمة السفينة فكل هذا لا يصح فيه شيء وإنما يذكر فيه آثار منقطعة عن بني إسرائيل لا يعتمد عليها ولا يقندي بها والله أعلم
وقال محمد بن إسحاق لما أراد الله أن يكف ذلك الطوفان أرسل ريحا على وجه الأرض فسكن لماء وانسدت ينابيع الأرض فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر وكان استواء الفلك فيما يزعم أهل التوراة في الشهر السابع لسبع عشر ليلة مضت منه وفي أول يوم من الشهر العاشر رئيت رؤس الجبال فلما مضى بعد ذلك أربعون يوما فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل الماء فلم يرجع إليه فأرسل الحمامة فرجعت إليه لم يجد لرجلها موضعا فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها ثم مضت سبعة ايام ثم أرسلها لتنظر له ما فعل الماء فلم ترجع فرجعت حين أمست وفي فيها ورق زيتونة فعلم نوح أن الماء قد قل عن وجه الأرض ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع إليه فعلم نوح أن الأرض قد برزت فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنين برز وجه الأرض وظهر البر وكشف نوح غطاء الفلك وهذا الذي ذكره ابن إسحاق هو بعينه مضمون سياق التوراة التي بأيدي أهل الكتاب قال ابن إسحق وفي الشهر الثاني من سنة اثنتين في ست وعشرين ليلة منه قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم وفيما ذكر أهل الكتاب أن الله كلم نوحا قائلا له اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك وجميع الدواب التي معك ولينموا وليكبروا في الأرض فخرجوا وابتنى نوح مذبحا لله عز وجل وأخذ من جميع الدواب الحلال والطير الحلال فذبحها قربانا إلى الله عز وجل وعهد الله إليه أن لا يعيد الطوفان على أهل الأرض وجعل تذكارا لميثاقه إليه القوس الذي في الغمام وهو قوس قزح الذي قدمنا عن ابن عباس أنه أمان من
الغرق قال بعضهم فيه إشارة إلى أنه قوس بلا وتر أي أن هذا الغمام لا يوجد منه طوفان كأول مرة
وقد أنكرت طائفة من جهلة الفرس وأهل الهند وقوع الطوفان واعترف به آخرون منهم وقالوا إنما كان بأرض بابل ولم يصل إلينا قالوا ولم نزل نتوارث الملك كابرا عن كابر من لدن كيو مرث يعنون آدم إلى زماننا هذا وهذا قاله من قاله من زنادقة المجوس عباد النيران وأتباع الشيطان
وهذه سفسطة منهم وكفر فظيع وجعل بليغ ومكابرة للمحسوسات وتكذيب لرب الأرض والسموات وقد أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن مع ما تواتر عند الناس في سائر الأزمان على وقوع الطوفان وأنه عم جميع البلاد ولم يبق الله احدا من كفرة العباد استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم وتنفيذ لما سبق في القدر المحتوم

الله اعلم

نتابع معكم ذكر شيء من أخبار نوح عليه السلام إن شاء الله






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:22 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية