حزن ذاك الذي يحملني معه إلى غياهبها.. أتملى السماء.. رمادية تموت فيها
دموع البقاء، رجوع إلى الخلف حيث الصحراء تنادي ضماء الموت.. ما عاد
بالإمكان التراجع.. وأمام الأمام أمام يتقدمني مسرعاً.. استبيح شجاعتي
الجبانة علها تطاوعني للوصول.. حزن يعتصر بقية الألم المنقضي مع آخر
شتاء حالم يمتد من حواف جبل مكفهر أو من نتؤات صخور كالحة عند
الشاطئ.. تستنكر نفسي خراب الفجيعة عند انتهائها فألوذ من ربقتها بصمت
أغطية الفراش.. حزن ولا شيء يبقيني أسير، مجرد كلمات كئيبة من زمن
الحلم تعينني للبقاء في زمن الكابوس، أتصفح دفتري المدرسي القديم، أعيد
خربشاتي الفوضوية على أوراق المحاضرات المغتالة في ركن ما في
جمجمتي.. حزن وكفى به سبباً، ما دامت الأرض ما تزال ملأ سمائها وما دمت
سأظل أقتات على أوراقي المهترئة.. حزن يمتد إلىّ ولا أملك أمامه سوى أن
أبقى ذاك الساذج الملقى في منتصف الغرفة يتمنى الجلوس قرب نار حطبية
صنوبرية، يستنشق دخانها ويلوذ بالخيمة ولينتهي كل شيء بعدها ولتنفجر
آخر العروق أو ليبقى الحزن سيد المكان رفيق الكابوس الجميل، هذا وليبقى
أنا ينكر أناه.. حزن ولا شيء يبقى بعد موتي سوى المزيد منها ومني
المترمدة، وفجيعة تهدم قبرها وتنكر ميلادها الجديد.. حزن وليكن لي آخر ما
أريد.. بقية رماد ذاك الموقد وفجرٌ يغسل خيمتي برذاذ الندى ووجهٌ لا حزن
فيه..
غازي القبلاوي