الخلافة الثانية : وعد الله ورسوله
حينها ... سيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون
[size=5]الحمد لله القائل في محكم التنزيل :
( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما {105} ) النساء .
إخوتي في الله وأحبتي:
في هذه الآيةِ الكريمةِ يُخاطبُ الحقُّ سبحانهُ نبيَّهُ الكريم محمداً صلى الله عليه وآله وصحبه وسلمَ فيقول له : يا محمدُ احكم بين الناس بما أراك الله , أي بالكتاب والسنة , والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته كما قال الفقهاء , ما لم يأت دليل يخصص هذا الخطاب لشخص الرسول الكريم عليه السلام .
ومن خلال تتبعنا لسيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم , فإنا نجد أنه صلوات ربي وسلامهُ عليه قد التزم الأمر الذي أمره به ربه تبارك وتعالى , فما اتبع أهواء المسلمين , ولا اتبع أهواء المشركين , وإنما حكم بالكيفية التي بيَّنَ له الحقُّ سبحانه وتعالى أن يحكم بها , وظل هذا حالُ المسلمين فترة النبوةِ الكريمة , وفترة الخلافة الراشدة التي تبعت نبوتهُ صلى الله عليه وآله وسلم , إلى أن تمكن الكفارُ المستعمرون من هدم دولة الخلافة الراشدة عامَ أ لفٍ وتسعمائةٍ وأربعةٍ وعشرين .
نعم , وربَّ قائل ٍيقول :
إن مساوىء في التطبيق قد حصلت في الفترة العباسية أو الأموية أو العثمانية , فنقول له :
إن المساوىء التي حصلت في تطبيق الإسلام لا تـَعيبُ الإسلامَ مطلقاً ,
بل يظل الإسلامُ صالحاً في كل زمان ومكان حتى تقومَ الساعة .
ما دام الإسلام بدولته قائماً ومطبقاً ,
ولكن ... وللأسف أقولها وفي القلب غصة وحسرة !!
فقد انقضت هذه الفترة كما قلنا بهدم دولة الخلافة في الثالث من آذار لعام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين سنة ميلادية !!!
ليتم بذلك أول نقض ٍلأول ِعُروةٍ من عُرى الإسلام كما بيَّن ذلك الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه يوم قال :
( لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن نقضا الحكم ، وآخرهن الصلاة )
أيها الناس :
إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلمَ يُبيِّنُ أن أولَ عرى الإسلام ِنقضاً هو الحكم ! وقد نـُقض بالفعل أول ما نقض الحكم !! وآخرهن نقضاً الصلاة , صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
والمسلمون منذ عهد النبوة مُحارَبون في مبدئهم ,
محاربون في إسلامهم , حيثما أقلت الأرض مسلماً , وأظلت السماء مؤمنا ,
وهم لا يزالون وحتى يومنا هذا ملاحقون في عقيدتهم ,
ملاحقون في دينهم ,
ملاحقون في عيشهم , لا لشيء إلاَّ لأنهم مسلمون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله