العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > المنتدى العام
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 17-10-2006, 08:31 PM   رقم المشاركة : 1
ســـــحااب
( ود متميز )
 
الصورة الرمزية ســـــحااب
 





ســـــحااب غير متصل

التحرر من الداخل أو الخارج

موضووووووووع اعجبني فنقلته لكم ياليت يعجبكم 000000





دار خرافية!

د. حسن مدن

يذهب شاعر الهند وحكيمها الكبير طاغور الى أن كل ما فعلته حضارة الحجر
هو انها دمرت الانسان، وكي "تتأنسن" البشرية من جديد عليها العودة الى
فطرتها الأولى. لعل الشاعر كان يعني جملة المصادرات التي نفذتها هذه
الحضارة لحريات الانسان. لكن الحديث يجري غالبا عما يمكن أن نطلق عليه
الأسوار الخارجية التي اقيمت لتحديد هذه الحريات او منعها، ومن النادر
ان يجري التوقف امام تلك القيود "الداخلية" التي اقامها الإنسان داخله
فأطبقت عليه الخناق.

كان الشاعر المغربي عبداللطيف اللعبي قد استفاض في الحديث عن هذا
الجانب، ملاحظاً من خلال تجربته الشخصية المعروفة، ان البشر ليسوا ضحايا
السجون المادية والموضوعية التي قد يعرفونها او لا يعرفونها، فحسب، بل
انهم ضحايا سجون وأسوار يشيدونها داخل ذواتهم على شكل مركبات من
الأنانية وحب التملك والارتكاسات القمعية المكتسبة. ويشير اللعبي عن حق
الى ان كل مشروع تحرر لا يستهدف إلا كسر القيود الخارجية محكوم عليه
بإعادة تشييد سلسلة جديدة من السجون، وذلك لأن الأسوار الداخلية اكثر
مناعة وتأثيرا من الأولى.

هذه العودة الى "داخل" الانسان او الى ذاته أضحت مظهراً من مظاهر
الاتجاهات الفكرية والفلسفية الجديدة التي تنبهت الى ان العقلانية الفجة
بكل مظاهرها إذا انصرفت الى الخارجي او الموضوعي، فإنها صادرت قسطا
كبيرا من قدرات الانسان وحرياته، لذا يجري التأكيد على كلية الحضور
الداخلي، على تحرير الذات من القيود المنيعة التي نسجت حولها، وليست
هناك مفارقة ان تجري العودة للفلسفات الشرقية التي كانت أولت العالم
الروحي، الداخلي للانسان اهتمامها الأكبر.

وحتى مفهوم الاغتراب الذي هو احدى ثمار الفلسفة العقلانية منذ هيجل خاصة
ركز على اغتراب الانسان عن الاشياء من حوله: عن العمل وعن السلعة وسواها،
ولم يكترث كما يليق، باغتراب الانسان عن الذات، على النحو الذي تصورته
بعض اتجاهات علم النفس كافتقاد للشعور بالذات وبالعفوية والفردية.

ولو تأمل المرء في حياته للاحظ ان هذا الاغتراب عن الذات، أو قل هذا
القمع الداخلي للذات يضاهي القمع الخارجي لها، فبينما تتحول الاشياء من
حولنا وتتراخى صرامة القيود الموضوعية، تزداد القيود التي سبكناها نحن
داخل ذواتنا قوة وتماسكا، فتعيقنا عن الانعتاق، وعن الجرأة ليس في
السلوك الشخصي فحسب وانما عن تفهم سلوك الآخرين والتسامح مع رغباتهم
التي هي بالمناسبة رغبات مكبوتة في دواخلنا نكابر إذ نتجاهلها. لو
تساوق الانسان مع حريته التي جبل عليها، لو ولج ملكوت الحرية الجميل
بتفاصيله المدهشة، لرأى ما رآه شاعر الهند طاغور حين طاف بعيدا الى
مكان قصي، ودفع الباب الموصد في ذهنه فانفتح على دار خرافية.




مع التحية







 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:36 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية