اخواني أخواتى الكرام ، ما هذا الإكباب على الغفلات
والأمر واضح ، وما هذا الإكباب على المخالفات وقد علمتم ما في عواقبها
من الفضائح ، وما هذا التصام وقد أسمع الناصح ، و ما هذا الرقاد
و قد صاح بكم الصائح ، إلام ترفضون أقوال الناصح ؟ وقد و عظكم بأمر
جلي واضح، أترضون بالشين و القبائح ، فكأنكم لم تميزوا بين الذام والمادح ،
أو أن الذنوب أعمت القلوب فلم تبصر المرجوح من الراجح ؟ ستعلمون إذا نزل
بكم الخطب العظيم الفادح ، و نقلتم إلى بطون الضرائح ، و تبين لكم الخسران
من الرابح ، فهناك لا ينفع الندم و لا تقبل الفدية و لا تنفع النصائح ، يا من
يعاتبه القرآن و قلبه غافل ، و تناجيه الآيات و فهمه ذاهل ، يا مشغولا عما
ينفعه و بما يضره متشاغل ، يا معرضا عن تدبر القرآن و قلبه جائل في
المزابل ، و الله لو ذقت حلاوته لهجرت الشواغل ، و لكنك أغريت بما يفنى
عما يبقى فضللت يا جاهل ، فسيبين لك الخسران عن قليل ، واستدرك مافات ،
فإن العمر منقض زائل ، و يغفل و سفينته قد رست بالساحل ، و قد آن سفرك
للآخرة و لا زاد و لا رواحل ، إن و عدت بالتوبة فوعد مماطل ، و إن لاحت لك
الشهوات و ثبت وثوب ليث صائل ، فإلى متى وأنت على جهلك متشاغل ؟
فهل يرضى بمثل صنيعك عاقل ؟