حين تخلو الساحة من الأبطال : يتمنطق بالسلاح كل جبان خوّار ،
وحين تخلو من الزعماء : يتصدى للقيادة كل سفيه غرير ،
وحين تخلو من الأمناء : يتظاهر بالوفاء كل خوان حقير ،
وحين تخلو من الحكماء : يدعي الفلسفة كل جاهل مغرور ،
وحين تخلو من المجاهرين بالحق : يصول فيها كل طاغية لئيم .
************************
عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة نحس أنه لا يعيبنا أن نطلب مساعدة الآخرين لنا ، حتى أولئك الذين هم أقل منا مقدرة ، ولا يغض من قيمتنا أن تكون معونة الآخرين لنا قد ساعدتنا على الوصول إلى ما نحن فيه ، إننا نحاول أن نصنع كل شيء بأنفسنا ، ونستنكف أن نطلب عون الآخرين لنا ، أو أن نضم جهدهم إلى جهودنا ، كما نستشعر الغضاضة في أن يعرف الناس أنه كان لذلك العون أثر في صعودنا إلى القمة ، إننا نصنع هذا كله حين لا تكون ثقتنا بأنفسنا كبيرة ، أي عندما نكون بالفعل ضعفاء في ناحية من النواحي ، أما حين نكون أقوياء حقا فلن نستشعر من هذا كله شيئا ، إن الطفل هو الذي يحاول أن يبعد يدك التي تسنده وهو يتكفأ في المسير .
عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة ، سنستقبل عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح ، الشكر لما يقدم لنا من عون ، والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن فيشاركنا الجهد والتبعة ، إن الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق .
**********************
عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس ، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة ،
لقد جربت ذلك ، جرّبته مع الكثيرين ، حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شرّيرون أو فقراء الشعور .
شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم ، شيء من الودّ الحقيقي لهم ، شيء من العناية ـ غير المتصنعة ـ باهتماماتهم وهمومهم ، ثم ينكشف لك النبع الخيّر في نفوسهم ، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم ، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك ، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص .
إن الشرّ ليس عميقا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا ، إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء ، فإذا أمِنُوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية ، هذه الثمرة الحلوة ، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن من جانبه ، بالثقة في مودته ، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم ، وعلى أخطائهم وعلى حماقاتهم كذلك ،
وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله ، أقرب مما يتوقع الكثيرون .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقووووووووووووووول