وقفت حائراً أراقب تلك الأموج التى تدور أمام حزنى العميق فكلما عبثت يدى بتلك الرمال الرطبة أحسست فيها برطوبة حزنى وكلما رقصت تلك الأمواج تراعش الحزن فى جنباتى فأحتشدت كل حواسى كى تعزف بجوقتها سمفونية حزنى ؛بكت نفسى التى أحسها ترتاد الأفول وناحت روحى التى صارت تعشق الرحيل ودموعى الحائرة طافت فى الافق البعيد تبحث عن بسمة الفرحة القديم ما ناداها حبيب ولم تأنس لنديم لم ترى فى دنياها قط غير الغيوم تحلم يوماً ببريق النجوم ,والآه فى دواخلى ملحمة تنشد السلام تبتغى الركود …تبتغى السكون .
هذه البقاع تدثّرت بثوب الحزن وما عاد لها فى شرفات الحياة بوارق فرح تستجد فى القلب الكئيب ؛وهذه الجبال فى صمتها صوت حزن وفى رباها ضوضاء الم ؛وهذه السهول تحمل فى طياتها تباشير الوداع ما ألفت يوماً جلسات أنسٍ ولا عزفت فيها أغاريد عود.
آه يا بحر كما ناديت فيك صورة حزنى وكم نشدت فيك ماضى الأفراح وكم جالت فى دنياك خواطرى تناجى الفرح القديم.
نادتنى من على البعد موجة:
- يا ولدى لقد قرأت فى التاريخ القديم عن أيات حزنك فوجدته منثورُ فى لجة هذا البحر ومحالاً يا ولدى أن تفرح.
فأجبتها:
- معلوم معلوم معلوم.
وقد بدأت تدور أمامى سحابة من الحزن دار فيها شريط ذكرياتى إلى أمد بعيد .
(ها هى الأرض تغضت بالتعب ؛البحار إتخذت شكل المستحيل؛وأنا مقياس رسم للتواصل والرحيل؛ أنجبتنى مريم الأخرى قطارأ وحقيبة؛ أرضعتنى مريم الأخرى قوافى؛ ثم أهدتنى المنافى؛هكذا قد خبرونى؛ ثم قالوا لى ترجل؛ ثم أنتى يا حكايات الصبا تحفظين السرّ؛ والمجد الذى ما بين نهديك أختبى؛ ذهب العمرهباء ؛ إذهبى لم يبقى وعدك إلا شبحا....)
فنادتنى موجتى:
- يا ولدى إقدم ولا تخف فبين أحضانى تجد الدفء وربما تعثر على حزنك فى طياتى فأنا بنت البحر القديم.
فبكيت وناديت وذهب صوتى صداه بعيد فى قياهب هذا البحر فارتد إلى ممذوجاً بحزنى.
- ياموجتى لقد سئمت النضال .
- يا موجتى كيف الوصال.
- يا موجتى لقد عشقت فى رحابك الترحال وعزفت مطلولة الوداع.
- (قد جرى زورقى فى الخضم العظيم فالوداع الوداع.
- هانذا ياموجتى بين يديك
- خذينى إلى عوالم أخرى
- خبئينى فى الزنزانات العتيقة فأنا أبداً لا أخشى الرحيل ولا اتوق إلى الرجوع.
فقصت فى تلك الأمواج فأمتزجت روحى بذلك الحزن القديم وغابت بين تلك الأمواج وصارت أمواج البحر وحزنى سيانُ.