العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 08-05-2014, 04:31 AM   رقم المشاركة : 14
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏38 ‏:‏ 40‏)‏
‏{‏ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ‏.‏ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ‏.‏ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ‏}‏
يقول تعالى حاكماً وآمراً بقطع يد السارق والسارقة، وقد كان القطع معموراً به في الجاهلية، فقرر في الإسلام وزيدت شروط أخر، كما سنذكره إن شاء اللّه تعالى، كما كانت القسامة والدية والقراض وغير ذلك من الأشياء التي ورد الشرع بتقريرها على ما كانت عليه وزيادات هي من تمام المصارح، وقد ذهب بعض الفقهاء من أهل الظاهر إلى أنه متى سرق السارق شيئاً قطعت يده به، سواء كان قليلاً أو كثيراً لعموم هذه الآية‏:‏ ‏{‏والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما‏}‏ فلم يعتبروا نصاباً ولا حرزاً، بل أخذوا بمجرد السرقة، وتمسكوا بما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده‏)‏، وأما الجمهور فاعتبروا النصاب في السرقة، وإن كان قد وقع بينهم الخلاف في قدره، فذهب كل من الأئمة الأربعة إلى قول على حدة، فعند الإمام مالك رحمه الله النصاب ثلاثة دراهم مضروبة خالصة فمتى سرقها أو ما يبلغ ثمنها فما فوقه وجب القطع واحتج في ذلك بما رواه عن نافع عن ابن عمر‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم أخرجاه في الصحيحين، وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن الاعتبار في قطع يد السارق بربع دينار أو ما يساويه من الأثمان أو العروض فصاعداً، والحجة في ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً‏)‏، ولمسلم أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً‏)‏ قال أصحابنا‏:‏ فهذا الحديث فاصل في المسألة، ونص في اعتبار ربع الدينار لا ما ساواه‏.‏ قالوا‏:‏ وحديث ثمن المجن، وأنه كان ثلاثة دراهم لا ينافي هذا، لأنه إذ ذاك كان الدينار باثني عشر درهماً فهي ثمن ربع دينار، فأمكن الجمع بهذا الطريق‏.‏

وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أن كل واحد من ربع الدينار والثلاثة دراهم مرد شرعي،
فمن سرقا واحداً منهما أو ما يساويه قطع، عملاً بحديث ابن عمر وبحديث عائشة رضي اللّه عنها، ووقع في لفظ عند الإمام أحمد عن عائشة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك‏)‏ وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم اثني عشر درهماً، وفي لفظ للنسائي‏:‏ ‏(‏لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن‏)‏ قيل لعائشة‏:‏ ما ثمن المجن‏؟‏ قالت‏:‏ ربع دينار‏.‏ فهذه كلها نصوص دالة على عدم اشتراط عشرة دراهم، واللّه أعلم‏.‏

وأما الإمام أبو حنيفة وزفر وسفيان الثوري رحمهم اللّه فإنهم ذهبوا إلى أن النصاب به عشرة دراهم مضروبة غير مغشوشة، واحتجوا بأن ثمن المجن الذي قطع فيه السارق على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان ثمنه عشرة دراهم‏.‏ وقد روى أبو بكر بن ابي شيبة عن ابن عباس قال‏:‏ كان ثمن المجن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم‏.‏ ثم قال‏:‏ حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعبي عن أبيه عن جده قال، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا تقطع يد السارق في دون ثمن المجن‏)‏ وكان ثمن المجن عشرة دراهم قالوا‏:‏ فهذا ابن عباس وعبد اللّه بن عمرو قد خالفا ابن عمر في ثمن المجن، فالإحتياط الأخذ بالأكثر لأن الحدود تدرأ بالشبهات‏.‏ وذهب بعض السلف إلى أنه تقطع يد السارق في عشرة دراهم أو دينار أو ما يبلغ قيمته واحداً منهما؛ يحكى هذا عن علي وابن مسعود وابراهيم النخعي رحمهم الله تعالى‏.‏

وقال بعض السلف‏:‏
لا تقطع الخمس إلا في خمس أي في خمسة دنانير أو خمسين درهماً، وينقل هذا عن سعيد بن جبير رحمه الله، وقد أجاب الجمهور عما تمسك به الظاهرية من حديث أبي هريرة‏:‏ ‏(‏يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده‏)‏ بأجوبة أحدها ‏:‏ أنه منسوخ بحديث عائشة، والثاني ‏:‏ أنه مؤول ببيضة الحديد وحبل السفن قاله الأعمش فيما حكاه البخاري وغيره عنه، والثالث ‏:‏ أن هذه وسيلة إلى التدرج في السرقة من القليل إلى الكثير الذي تقطع فيه يده، ويحتمل أن يكون هذا خرج مخرج الإخبار عما كان الأمر عليه في الجاهلية، حيث كانوا يقطعون في القليل والكثير، فلعن السارق الذي يبذل يده الثمينة في الأشياء المهينة، وقد ذكروا أن ابا العلاء المعري لما قدم بغداد اشتهر عنه أنه أورد إشكالاً على الفقهاء في جعلهم نصاب السرقة ربع دينار ونظم في ذلك شعراً دل على جهله، وقلة عقله فقال‏:‏
يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار‏؟‏
تناقض مالنا إلا السكوت له * وأن نعوذ بمولانا من النار

ولما قال ذلك واشتهر عنه تطلبه الفقهاء فهرب منهم، وقد أجابه اناس في ذلك، فكان جواب القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله أن قال‏:‏ لما كانت أمينة كانت ثمينة، ولما خانت هانت
ويروى أنه أجابه شعراً بقوله‏:‏
عز الأمانة أغلاها وأرخصها * ذل الخيانة فافهم حكمة الباري ومنهم من قال‏:‏ هذا من تمام الحكمة والمصلحة وأسرار الشريعة العظيمة، فإن في باب الجنايات ناسب أن تعظم قيمة اليد بخمسمائة دينار لئلا يجنى عليها، وفي باب السرقة ناسب أن يكون القدر الذي تقطع فيه ربع دينار لئلا يسارع الناس في سرقة الأموال، فهذا هو عين الحكمة عند ذوي الألباب، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏جزاء بما كسبا نكالاً من اللّه واللّه عزيز حكيم‏}‏ أي مجازاة على صنيعها السيء في أخذها أموال الناس بأيديهم فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك ‏{‏نكالاً من اللّه‏}‏ أي تنكيلاً من الله بهما على ارتكاب ذلك، ‏{‏واللّه عزيز‏}‏ أي في انتقامه، ‏{‏حكيم‏}‏ أي في أمره ونهية وشرعه وقدره‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم‏}‏ أي من تاب بعد سرقته وأناب إلى الله، فإن الله يتوب عليه فيما بينه وبينه، فأما أموال الناس فلا بد من ردها إليهم أو بدلها عند الجمهور، وقال أبو حنيفة‏:‏ فمتى قطع، وقد تلفت في يده فإنه لا يرد بدلها‏.‏

وقد
روى الإمام أحمد عن عبد اللّه بن عمرو‏:‏ أن امرأة سرقت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها‏:‏ فنحن نفديها، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏اقطعوا يدها‏)‏، قالوا‏:‏ نحن نفديها بخمسمائة دينار، فقال‏:‏ ‏(‏اقطعوا يدها‏)‏ فقطعت يدها اليمنى، فقالت المرأة هل لي من توبة يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك‏)‏، فأنزل الله في سورة المائدة‏:‏ ‏{‏فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم‏}‏ وهذه المرأة المخزومية التي سرقت، وحديثها ثابت في الصحيحين‏.‏ وعن ابن عمر قال‏:‏ كانت امرأة مخزومية تستعير متاعاً على ألسنة جارتها وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها‏.‏ رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي‏.‏ وقد ورد في أحكام السرقة أحاديث كثيرة مذكورة في كتاب الأحكام، وللّه الحمد والمنة‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض‏}‏ أي هو المالك لجميع ذلك الحاكم فيه الذي لا معقب لحكمه وهو الفعال لما يريد، ‏{‏يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء واللّه على كل شيء قدير‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏41 ‏:‏ 44‏)‏
‏{‏ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ‏.‏ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ‏.‏ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ‏}‏

نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر، الخارجين عن طاعة اللّه ورسوله، المقدمين آراءهم وأهواءهم على شرائع اللّه عزَّ وجلَّ{‏من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم‏}
‏، أي أظهروا بألسنتهم وقلوبهم خراب خاوية منه وهؤلاء هم المنافقون، ‏{‏ومن الذين هادوا‏}‏ أعداء الإسلام وأهله وأهله وهؤلاء كلهم ‏{‏سماعون للكذب‏}‏ أي مستجيبون له منفعلون عنه،‏{‏سماعون لقوم آخرين لم يأتوك‏}‏ أي يستجيبون لأقوام آخرين لا يأتون مجلسك يا محمد، وقيل‏:‏ المراد أنهم يتسمعون الكلام وينهونه إلى قوم آخرين ممن لا يحضر عندك من أعدائك،‏{‏يحرفون الكلم من بعد مواضعه‏}‏ أي يتأولونه على غير تأويله ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون، ‏{‏يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا‏}‏ قيل‏:‏ نزلت في قوم من اليهود قتلوا قتيلاً، وقالوا‏:‏ تعالوا حتى نتحاكم إلى محمد، فإن حكم بالدية فاقبلوه، وإن حكم بالقصاص فلا تسمعوا منه‏.‏ والصحيح أنها نزلت في اليهوديين اللذين زنيا، وكانوا قد بدلوا كتاب اللّه الذي بأيديهم، من الأمر برجم من أحصن منهم، فحرفوه، واصطلحوا فيما بينهم على الجلد مائة جلدة والتحميم التحميم‏:‏ صبغ الوجه بالسواد والإركاب على حمار مقلوبين، فلما وقعت تلك الكائنة بعد الهجرة قالوا فيما بينهم‏:‏ تعالوا حتى نتحاكم إليه، فإن حكم بالجلد والتحميم، فخذوا عنه، واجعلوه حجة بينكم وبين اللّه، يكون نبي من أنبياء اللّه قد حكم بينكم بذلك، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه في ذلك‏.‏

وقد وردت الأحاديث بذلك، فقال مالك عن نافع عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما‏:‏ أن اليهود جاءوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكروا له أن رجلاً منهم وأمرأة زنيا، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ما تجدون في التوراة في شأن الرجم‏:‏ فقالو‏:‏ نفضحهم ويجلدون، قال عبد اللّه بن سلام‏:‏ كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد اللّه بن سلام‏:‏ ارفع يدك، فرفع يده، فإذا آية الرجم، فقالوا‏:‏ صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة‏.‏ أخرجاه، وهذا لفظ البخاري، وعند مسلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا، فانطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى جاء يهود فقال‏:‏ ‏(‏ما تجدون في التوراة على من زنى‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ نسود وجوههما ونحممها ونحملهما، ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما قال‏:‏ ‏{‏فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين‏}‏ قال فجاءوا بها فقرأوها، حتى إذا مر بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها وما وراءها‏.‏ فقال له عبد اللّه بن سلام وهو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ مره فليرفع يده فرفع يده فإذا تحتها آية الرجم، فأمر بهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرجما‏.‏ قال عبد اللّه بن عمر‏:‏ كنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه‏.‏ عن البراء بن عازب قال‏:‏ مر على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهودي محمّم مجلود، فدعاهم، فقال‏:‏ ‏(‏أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم‏؟‏‏)‏ فقالوا‏:‏ نعم، فدعا رجلاً من علمائهم، فقال‏:‏ ‏(‏أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى‏!‏ أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ لا واللّه، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا‏:‏ الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا‏:‏ تعالوا حتى نجعل شيئاً نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه‏)‏، قال‏:‏ فأمر به فرجم، قال‏:‏ فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر‏}‏ إلى قوله ‏{‏يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه‏}‏ أي يقولون‏:‏ ائتوا محمداً فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذورا إلى قوله ‏{‏ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون‏}‏ قال في اليهود، إلى قوله ‏{‏ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الظالمون‏}‏ قال في اليهود، ‏{‏ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الفاسقون‏}‏ قال‏:‏ في الكفار كلها،
انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري‏.‏

فهذه الأحاديث دالة على
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإكرام لهم بما يعتقدون صحته، لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاص من اللّه عزَّ وجّل إليه بذلك وسؤاله إياهم عن ذلك ليقررهم على ما بأيديهم مما تواطأوا على كتمانه وجحده، وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة‏.‏ فلما اعترفوا به مع عملهم على خلافه، بان زيغهم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم، وعدولهم إلى تحكيم الرسول صلى اللّه عليه وسلم، إنما كان عن هوى منهم وشهوة لموافقة آرائهم لا لإعتقادهم صحة ما يحكم به، ولهذا قالوا‏:‏ ‏{‏إن أوتيتم هذا‏}‏ أي الجلد والتحميم فخذوه أي اقبلوه ‏{‏وإن لم تؤتوه فاحذروا‏}‏ أي من قبوله واتباعه‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏‏{‏ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب‏}‏ أي الباطل ‏{‏أكالون للسحت‏}‏ أي الحرام وهو الرشوة كما قاله ابن مسعود وغير واحد، أي ومن كانت هذه صفته كيف يطهر اللّه قلبه وأنى يستجيب له‏؟‏ ثم قال لنبيه‏:‏ ‏{‏فإن جاؤوك‏}‏ أي يتحاكمون إليك ‏{‏فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا‏}‏ أي فلا عليك أن لا تحكم بينهم، لأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إليك اتباع الحق بل ما يوافق أهواءهم‏.‏ قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغير واحد هي منسوخة بقوله‏:‏ ‏{‏وإن احكم بينهم بما أنزل اللّه‏}‏، ‏{‏وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط‏}‏ أي بالحق والعدل، وإن كانوا ظلمة خارجين عن طريق العدل ‏{‏إن الله يحب المقسطين‏}‏‏.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:58 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية