أولا:معجزة مواقيت الصلاة:
وتحديد مواقيت الصلاة الإسلامية من الأمور المعجزة لارتباطها بمظاهر كونية ثابتة حددها رسول الله
بقوله عليه الصلاة و السلام :
( وقت الظهر إذا زالت الشمس, وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر,
ووقت العصر ما لم تصفر الشمس, ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق,
ووقت العشاء إلي نصف الليل الأوسط,
ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر وما لم تطلع الشمس,
فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة, فإنها تطلع بين قرني الشيطان )
( رواه مسلم).
وعن جابر بن عبد الله, أن النبي - جاءه جبريل - عليه السلام-فقال له:
( قم فصله,فصلي الظهر حين زالت الشمس,
ثم جاءه العصر فقال' قم فصله, فصلي العصر حين صار ظل كل شئ مثليه,
ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله, فصلي المغرب حين وجبت الشمس( أي غربت وسقطت),
ثم جاءه العشاء فقال: قم فصله, فصلي العشاء حين غاب الشفق,
ثم جاءه الفجر حين برق( سطع) الفجر,
ثم جاءه من الغد للظهر, فقال قم فصله, فصلي الظهر حين صار ظل كل شيء مثله,
ثم جاءه العصر فقال: قم فصله, فصلي العصر حين صار ظل كل شئ مثليه,
ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه,
ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل, أو قال: ثلث الليل, فصلي العشاء,
ثم جاءه حين أسفر جدا فقال: قم فصله, فصلي الفجر, ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت )
( مجمع عليه).
ويفهم من هذين الحديثين الشريفين ما يلي:
(1) يدخل وقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس وتوارت بالحجاب, ويمتد إلي مغيب الشفق الأحمر
( وهو آخر أطياف ضوء الشمس غيابا عن الأرض لأنه أطولها علي الإطلاق).
(2) يدخل وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الأحمر, ويمتد إلي منتصف الليل, وهذا هو وقت الاختيار,
أما وقت الجواز ولاضطرار فهو ممتد إلي الفجر.
(3) يدخل وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق
( ويحدده بدء ظهور الشفق الأحمر لأنه أطول أطياف ضوء الشمس وأول ما يصل الأرض من ضوئها),
ويستمر إلي ما قبل طلوع الشمس.
(4) يدخل وقت صلاة الظهر من زوال الشمس عن وسط السماء,
ويمتد إلي إن يصير ظل كل شئ مثله إلي مثليه.
(5) يدخل وقت صلاة العصر بصيرورة ظل الشئ مثليه إلي ما قبل غروب الشمس.
وينتهي وقت الفضيلة لصلاة العصر باصفرار الشمس, ويكره بعد ذلك لغير عذر وإن كان جائزا
وذلك لأن الأطياف متوسطة الطول من ضوء الشمس,
وهي البرتقالي والأصفر تؤدي إلي اصفرار قرصها مما يؤذن ببدء نزوله إلي ما تحت الأفق.
من ذلك يتضح جانب من جوانب الإعجاز التشريعي في فريضة الصلاة التي أمر بها ربنا ـ تبارك وتعالي-
خاتم أنبيائه ورسله ـ ـ مباشرة في ليلة المعراج, والله ـ تعالي ـ يحب أن يعبد بما أمر.
ثم إن أوقات الصلوات الخمس جاء بها الوحي الأمين بأمر من رب العالمين,
وارتباطها بعلامات فلكية محددة يؤكد ربانية هذا الاختيار.
من أوجه الإعجاز في الصلاة;
(1) أنها ربانية المصدر فقد أمر بها الله ـ تعالي ـ خاتم أنبيائه ورسله ـ ـ مباشرة في ليلة المعراج.
(2) أنها محفوظة بهيأتها التي فرضها الله-تعالي- علي أمة سيدنا محمد_ -:
عددا, ووقتا, وهيئة, وكيفية, ومقالا, وأفعالا بفرائضها وسننها وأذكارها,
وشروطها علي مدي يزيد علي ألف وأربعمائة سنة دون أدني تغيير أو ابتداع,
فالصلاة في الإسلام متواترة النقل عن رسول الله-- ثم عن صحابته الكرام,
ثم عن التابعين وتابعي التابعين إلي اليوم وإلي أن يشاء الله وهي ثابتة لا تتغير.
(3) أنها ليس في أدائها واسطة بين العبد وربه, يقف فيها العبد خاشعا بين يدي الله الذي خلقه فسواه فعدله,
والذي رعاه ورزقه, متجها بكل جوارحه إلي هذا الخالق العظيم يستمد من نوره الهداية,
ومن رحمته الرعاية, ومن نعمه العميمة الفضل والرزق.
(4) أنها تعبير عن العبودية الحقة لله-تعالي- وهي أولي رسالات الإنسان في هذه الحياة
التي لا يمكن للإنسان أن ينعم فيها أو أن يحقق الغاية من وجوده علي أرضها إلا إذا آمن
بأنه عبد مخلوق لخالق عظيم, واحد أحد, فرد صمد, لا شريك له في ملكه,
ولا منازع له في سلطانه, ولا شبيه له من خلقه,
منزه في جلاله عن حدود كل من المكان والزمان, والمادة والطاقة
{ ... ليس كمثله شئ وهو السميع البصير }
( الشوري:11).
(5) أنها صلة بين العبد وربه, وتأكيد للعبد المؤمن علي معية الله ـ تعالي ـ
الذي لا سلطان لأحد غيره قي هذا الوجود كله. وإذا آمن العبد بهذه المعية استكمل مبررات التكريم
الذي كرمه به الله ـ سبحانه وتعالي- فلا يحني رقبته لغير ربه لأته وحده هو واهب النعم ومجري الخيرات,
ومحدد الآجال والأرزاق. وإذا تيقن العبد من ذلك فإنه لا يجبن, ولا يبخل, ولا يخشي إلا الله خالقه,
وحينئذ يرقي في معراج الله إلي ما شاء الله.
(6) إنها تعين علي طهارة الأبدان وسلامتها, وعلي صفاء القلوب وصحتها,
وعلي تماسك الأسرة وترابطها, وعلي تعارف أفراد المجتمع
وتحابهم وتعاطفهم وتعاونهم علي الخير.