والتخلص من كل شيء .. إلاّ من إنسان صافِ القلب والسَّريرة .. إنسان راضي عن نفسه
ومرضي عنه من ربه .. إنسان يعرف أن هناك واجبات كثيرة عليه تجاه مجتمعه المعطاء
الذي أعطى وما زال يعطي وبحاجة لمن يرد إليه الجميل مهما كان بسيطاً أو قليلاً!!
المهم الاحساس بالواجب تجاه أصحاب الفضل علينا أينما كانوا ومهما كانوا؟!
صحيح أن ما بيننا أقوى من أن نفكر في شيء اسمه ( خَطَأ ) ولكن ظروف الحياة قاسية
لا ترحم ؟!
ولا يمكن التنبؤ بها والشيء الآخر أنني لا أقصُد بـ (الخَطَأ) هو ذلك (الخَطَأ) الأبدي
ولكن ما بيننا من علاقات قوية..من صداقات متينة وما نشعر به من حب جارف صادق
تجاه بعضنا يجعل حتى لـ ( الخَطَأ ) الوقتي الذي لا يتجاوز أياماً ..
يجعله في نظرنا ( خَطَئاً ) أبدياً لايغتفِر..لأننا لم نتعود أن (نُخطِيء) فِي حَق بعضنَا
ولابد أن نحتَمِلُ ( الخَطَأ ) من خلال التفكير في بعضنا .. في مصيرنا .. في مستقبلنا ..
وفي تلك المشاعر المشتركة .. والأحاسيس المتبادلة .. التي أضحَت إنساناً واحدا ..
وروحاً واحدة تتحدث بلغة واحدة مشتركة فيما بينها ..
هي لغة الحب الصادق .. لغة المشاعر الفياضة .. لغة العيون الفاضِحَة؟!
وحقيقة الأمر ..
فنحن كبشر بحاجة من وقت لآخر .. لكي نذكِّر بعضنا بأن نظل بالقرب من بعضنا؟!
بحاجة لأن نضع أيدينا بأيادي بعضنا .. لكي نشعر بالقوة ونتعاون على الخير ..
وعلى كل ما من شأنه ان يزيد من أواصر الحب بيننا؟!
فأحياناً .. وهذا ليس بمستغرب يحدث ان ( نُخطِيء ) فيما بيننا..أن نتشاجر أن نتحامل
على بعضنا لدرجة قد توصلنا إلى القطيعة النهائية بعد أن كنا يوماً نعتقدُ أنه لا مكان ..
في هذه الحياة سوى لنا ولحبنا؟!
يحدث أحياناً .. أن نعاهد ونوعد بعضنا بأن لا ( نُخطِيءُ ) على بعضنَا ومع ذلك لا نوفي
بوعدنا للطرف الآخر الذي يعيش في قلق تجاهنا .. وفي انتظار من أجلنا ..
بل من أجل كلمة بسيطة منا تشعره أننا بخير ومع ذلك ورغم تعبنا النفسي وخيبة أملنا ..
نلتمس له العذر بل الأعذار لأننا ببساطة شديدة وبأمانة أشد لا نعرف حتى أن نغضب منه
وان كان في داخلنا عتاب بسيط عليه .. لأننا نحبه بصدق ونشتاقُ إليه ...
ومن يحب يلتمس الأعذار لمن يحب مهما طال انتظاره له ..
ومهما كثرت وعود الآخر دون طائل؟!
لا شك أن ( الخَطَأ ) شيء صعب على كل قلب صادق ولكن رغم ما تشعري به أحياناً
من حالة ( خَطَأ ) لمن نحب فإنه ما يزال هناك بقية من أمل .. ما زلنا في بداية الطريق
ولم نصل إلى نهايته بعد .. ولا حتى لمفترقه؟!
فلماذا نحرق قلوبنا الصادقة بألم ( الخَطَأ ) الغير مقصُود وهي لم تشبع بعد من الاجتماع
والجلوس مع من تحب؟!
لِمَ نُكوي قلوبنا بنار الأسى ولِمَ نرسم معالم الحسرة مبكراً وكأن العالم قد انتهى وبإمكاننا
أن نضيء الطريق شموعاً وأن نملأ جنباته ورداً ورياحِين؟!
لِمَ نرى المستقبل الواعد بعيون غيرنا بعيون المتشائمين بعيون الحاقدين بعيون الكَسَالى
والخاملين وبأيدينا أن نرى المستقبل بأعيننا نحن وبشكل مباشر دون وسيط؟!
ألا يكفي أنكِ المستقبل الجميل .. والصورة المشرقة .. والأمل الواعد .. لكي أحرصُ ..
على أن أبقى معكِ مهما (أخطَأتِي) فِي حقِّي لكي أطلب منكِ ألا (نُخطِيءُ) فِي حق بعضنَا
لكي أشعر بأنني أملك أغلى إنسانه؟!
/
/
إنتـَـــر