لماذا نحرمهم من رغد العيش ولما نمنعهم من لذة التطور والتقنيات

[إنتــَــــــر]

قبل أيَّام قلائِل ذهَبت إلى البقَالة في وقت متأخر من الليل ..

والحقيقة كان نفسِي في (كروسَان) بالزَّعتَر وعصير بُردقَان رانِي أبو الحُبَيْبَات

وما إن دخلت البقَالَة ..

ألاّ وهناك إزعاج شدِيد..كَانَ مصدره طِفل يبكِي لم يتجاوَز رَبيعُه الخَامِس..

كان يبكِ بحَرقَة والدمُوع على خدَّيهِ تَنهَمِرُ بِغَزَارَة ..

كانَ يشِدُّ ثَوب أبِيهِ من الخَلف ويتوسَّل إلَيهِ ..

وحينئذٍ فهمت أن هذا الطِّفل يُرِيد ( لُعبَة ) وأبيهِ يرفُض شِرَائُهَا لَه ..

منظَر حقِيقَة جعلنِي أتمنَّى لو إن كان هذا ( الطِّفل ) إبنِي لإشتَرَيتُ لَهُ البقَالَة

بكل مافيها ليش لا أليسَ إبنِي قِطعة ًمنِّي وأملِي فِي الحَياة ومن سوفَ يحتَوِينِي

ويُسَاعدنِي عندَ الكِبَر ..

حِينمَا تسقُط أسنَانِي ..حِينمَا تكثِرُ أمرَاضِي .. حِينَمَا يقلُّ سمعِي ..

وحِينَمَا يُضعِفُ بَصَرِي؟

أنتِ والحَدِيثُ لكِ أستاذه ( مـَلاك ) بودّكِ في هذا المَوقِف المُؤلِم أن تتبرَّعِي

من جَيبُكِ الخَاص .. في سبِيل أن تُؤدِي تِلك الدمُوع البَرِيئَة ..

بودّكِ أن تَمسِحِيهَا بِيَدَيكِ بِرِفق وحنَان بودّكِ إن تَحتَوِيهَا ليسَ لأنهَا غالِيَة عليكِ

وإن كان هذا وَارِداً .. وإنّمَا من أجل أن تستبدلِيهَا بإبتِسَامَة مُشرِقة ..

تُعِيد الرَّابِط الأسَرِي..ونافِذَة عريضَة تَرِي من خِلالهَا جمال الحَيَاة ورَوعَتهَا..

ولكن مايمنعكِ هو ردود فعِل (والد) هذا الطِّفل الذِي قد لايتقبَّل تصرّفكِ

لأنه حينها سوفَ يشعُر بـ ( الإستِصغَار ) ..

ويكون موقفه حرجاً امام طفله خاصة إذا علمنا ان اللعبة لايتجاوز سِعرها

العشرة رِيالات فقط ليسَ أكثرُ من ذالك؟!

على صعيد آخر وهنا أغُوصُ في بحر الموضُوع وأسَاسه ..

تظلّ ( التَّقنِيَات ) مطلب لكُل أفراد العائِلَة صغيراً وكبيراً ولكن تَستَحِقُّ منَّا

كـ ( آبَاء ) إلتِفَاتَة دائِمَة وتوجِيه مُستَمِر..لأن مثل هذهِ ( التِّقنِيَات )

بها أشيَاء لا نَوِد لأبنَاءُنَا أن يطَّلعُوا عليها ..

ولأنَّهَا سوفَ تُزِيد .. من مدَارِك الفِهم لدَيهم نحو فجُوج واسِعَة النِّطَاق ..

وهنا أقصُد الأشيَاء اللا إخلاقيَّة .. وخُلتُكِ فهَمتِي ما أرمِي إلَيهِ بالتَّحدِيد ؟!

/

/

إنتـَـــر

أيا ( أبِي )!!

يكفيني ما لدي..

لا أقوى تحمل المزيد ..

فلستُ بناقص ..

لتكمل همي ..

لتعجِّل بنهايتي؟

/

/

كل ما أطلبه منك ..

أن تترفق بي ..

ألاّ تُحرِمني من ( لذَّة التَّطوُّر ) ..

من روعة ( التَّقنِيَات ) ..

ألاّ تقسُو علي ..

ألاّ تصدمني ..

بتصرفات لا أستطيع تقبلها منك أنت؟

وبقرارات لا أقوى عليها بمفردي؟

/

/

وإن أردت أن تكمل الناقص..

فقل لي خبراً لا أريده ..

خبر لا أطيقُ سماعه ..

أو قل لي قراراً قاسياً ..

لا طاقة لي به..

لم أهيِّئُ نفسي له..

لا أعرف كيف أتعامل معه؟

/

/

فإن لم يكن من أجلي..

فمن أجل ما أكنه لك في نفسي..

من ود صافي ..

من أجل ما أحمله لك في قلبي..

من حب صادق ..

من أجل ما اختزنه لكَ في روحي ..

من مشاعر جميلة ..

ومن أجل ما أحتفظ به لكَ في ذاكرتي..

من ذكريات لا تنسى؟!

.