عند غروب شمس ذلك اليوم...وكعادتها... جلست على مقعدها القديم.. أخذت تسترسل التفكير.. عيناها تذرفان الدموع وهي تنظر بعيداً هناك عند أبنائها.. تحرك شفتيها إنها تناديهم بأسمائهم.. كيف تنساهم؟ إنه قلب الأم الذي يغص بالحب والحنان لقد سهرت وكابدت وعانت المشقة لأجلهم.. ومن ثم يقابلونها بالجحود والنكران.. أي قلوب تحملها صدورهم.. وأي مشاعر عرفتها نفوسهم؟
تتذكر حالهم بعد موت أبيهم.. كانوا صبية صغاراً لا يملكون حولاً ولا قوة فأصبحت لهم الأب والأم وكل شئ.. لجأت إلى حياكة الملابس وبيعها حتى توفر لهم الطعام والكساء بعد أن تنكر لهم القريب والبعيد.. كانت تخاف عليهم من تقلبات الزمان.. حرصت أن يصلوا إلى مستويات عالية في التعليم.. بذلت لهم النصيحة و الإرشاد.. حذرتهم من الرفقة السيئة.. كانت تبين لهم مغبة العقوق..
أرادت أن يكون أبناؤها دعاة إلى الله.. لكن (إنك لا تهدي من أحببت).
بعد أن أستقر بهم الحال ونال كل واحد منهم بغيته.. وجاء وقت راحة هذه الأم العجوز بعد أن أثقلت بها السنون وتجمعت عليها الأمراض والهموم.. واحتاجت إلى الراحة حتى تعبد ربها بعيداً عن مشاكل الحياة أرادت أن تجد ولداً صالحاً يعينها على طاعة الله.. لكن كان العكس صحيحاً.. وجدت نفسها وبسبب زوجات السوء(زوجات أبنائها) في قارعة الطريق.. أخرجوها من مملكتها.. بيتها.. بعد أن تنازلت عن حقها فيه.. أرادوا بيع البيت واقتسام ثمنه.. أما هي فقد آل بها الحال إلى دار العجزة والمسنين.. فهي تقبع فيه كسيرة الخاطر.. تبكي حالها وتشكو مصابها إلى خالقها.
وهكذا مع غروب شمس كل يوم.. تتذكر مأساتها هذه.. تجلس على مقعدها لتسترسل في الأفكار والهواجس.. لتجدد بذلك رحلة المعاناة والآلام و الأحزان فتختمها بالدموع.
اللهم اجعلنا ممن يبر بوالديه ويطيعهما ولا يعصي لهما أمراً
اللهم آمين نسأل الله السلامة والعافية..