لقمة شرم الشيخ اليوم
مشروع البيان الختامي للقمة يرفض ضرب أي دولة عربية باعتباره تهديدا للأمن القومي العربي
شرم الشيخ: أشرف الفقي
على الرغم من تصدر الأزمة العراقية لجدول أعمال القمة العربية الدورية الخامسة عشرة التي تبدأ أعمالها اليوم في منتجع شرم الشيخ إلا أن مبادرة ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز استحوذت على جانب مهم من مناقشات وزراء الخارجية العرب الذين أجمعوا على أنها تتضمن أسس إصلاح العمل العربي المشترك وتفعيل الجامعة العربية، وتحقيق التضامن العربي من خلال إلزامية تنفيذ القرارات الصادرة عن القادة العرب.
الرئيس مبارك مستقبلاً ولي العهد لدى وصوله أمس إلى شرم الشيخ
واستمر توافد القادة العرب على منتجع شرم الشيخ الذي يشهد حركة غير عادية وإجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث تم إخلاء فندق موفنبيك الذي سيعقد فيه القادة العرب قمتهم من رواده، كما تم تخصيص فندق شيراتون لوزراء الخارجية وتوزعت الوفود والصحفيون والإعلاميون على الفنادق الأخرى القريبة من الفندقين، أما وفد السعودية الذي يترأسه سمو ولي العهد ففضل الإقامة في فندق الفور سيزون.
وفور وصول سمو الأمير عبدالله والوفد المرافق له إلى شرم الشيخ بعد ظهر أمس عقد والرئيس المصري حسني مبارك جلسة محادثات تناولت قضيتي العراق وفلسطين وهما القضيتان الرئيسيتان على جدول أعمال القمة. ورافق سمو ولي العهد وفد رفيع المستوى ضم عددا من المستشارين ووزير الخارجية سمو الأمير سعود الفيصل الذي غادر شرم الشيخ في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس ليكون برفقة سمو الأمير عبدالله الذي كشفت المصادر لـ"الوطن" عن أنه سيطلع القادة العرب على تفاصيل الجهود الدبلوماسية التي أجرتها السعودية لتجنيب العراق الضربة العسكرية، كما سيتطرق إلى الأفكار التي طرحها لتطوير العمل العربي المشترك من خلال مبدأ تحقيق الشفافية وإلزامية القرارات الصادرة عن القمة العربية.
أما الزعيم الليبي معمر القذافي الذي عدل عن موقفه وقرر المشاركة في قمة شرم الشيخ فلفت أنظار الصحفيين والإعلاميين إليه من خلال رحلته البرية إلى مصر عبر منفذ السلوم الحدودي الرابط بين مصر وليبيا.
وفيما استأنف وزراء الخارجية العرب مشاوراتهم أمس في فندق شيراتون شرم الشيخ لاستكمال إعداد مشروعات القرارات لعرضها على القادة العرب، أجرى الرئيس المصري الذي أمضى ليلته في شرم الشيخ محادثات مع القادة العرب المشاركين في القمة لتنسيق الموقف العربي بالنسبة للقرار الصادر عن القمة والذي سيتضمن رفض الدول العربية ضرب العراق وتمسكهم بالحل السلمي في إطار مجلس الأمن الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وعن القرار المنتظر خروجه عن القمة العربية بالنسبة للعراق قال وزير الخارجية المصري أحمد ماهر في تصريح لـ"الوطن" إن وزراء الخارجية انتهوا من صياغة مشروعات القرارات ومن حق القادة العرب إدخال أية تعديلات على مشروعات القرارات التي أعدها وزراء الخارجية،ويمكنهم أيضا طرح ما توصل إليه وزراء الخارجية وصياغة قرارات جديدة.
دعوة المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له
وكان وزراء الخارجية - بعد ماراثون من المشاورات التي استمرت نحو خمس ساعات- اتفقوا على تشكيل لجنتين استأنفتا عملهما أمس، وكشفت مصادر في داخل الجلسة المغلقة لـ"الوطن" أنه تم احتواء الأزمة بين الكويت ولبنان والتي نشبت في أعقاب اتهام رئيس وفد الكويت لوزير الخارجية اللبناني محمود حمود بسوء إدارة الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد منذ أيام في مقر الجامعة العربية.
ووصف وزير الخارجية المصري المناقشات التي جرت خلال الاجتماع بأنها كانت مستفيضة وصريحة تناولت كل المواضيع التي تشغل اهتمام الجميع، ونفى وجود خلافات وقال "لقد عبر كل وزير عن رأيه وليس بالضرورة أن تكون الآراء مختلفة"،لافتا إلى إدراك الجميع ضرورة تضافر الجهود لتجنب خيار الحرب.
لكن أمين العام الجامعة العربية عمرو موسى تطرق إلى الخلافات التي دارت في اجتماع وزراء الخارجية بشكل غير مباشر من خلال الإشارة إلى إقرار الوزراء بند الحالة بين الكويت والعراق بشكل منفصل وقال إنه تم الاتفاق على بنود جدول الأعمال وهي التهديدات الموجهة ضد العراق وتحديد الموقف العربي إزاءها والبند الخاص بالحالة بين العراق والكويت ثم بند فلسطين ثم الاقتراحات المقدمة لتفعيل العمل العربي المشترك- في إشارة إلى مبادرة سمو ولي العهد.
وعلى الرغم من الجلسات المغلقة التي تتسم بها اجتماعات الجامعة العربية إلا أن التسريبات من داخل الجلسات وفي فندق "شيراتون شرم الشيخ" أجهضت كل إجراءات السرية المفروضة على المناقشات التي تدور بين الوزراء لدرجة أن الصحفيين والإعلاميين المشاركين في تغطية اجتماعات وزراء الخارجية والقمة العربية كانوا يتابعون بصورة دقيقة التعديلات التي يدخلها وزراء الخارجية على كل بند من جدول الأعمال.
ومن بين التسريبات كان مشروع البيان المطروح على القمة العربية، ويدافع المسؤولون في الجامعة عن أنفسهم بتحميل الوفود المشاركة في الاجتماعات مسؤولية تسريب مشروعات القرارات المحالة إلى القمة قبيل عرضها على القادة العرب.
فصل الحالة بين العراق والكويت عن المسألة العراقية والتأكيد على احترام استقلال وسيادة كل دولة
وتضمن مشروع البيان الختامي ديباجة في مقدمته يتوجه فيها القادة العرب بالشكر إلى الرئيس المصري حسني مبارك على استضافة بلاده للقمة العربية الدورية الخامسة عشرة، والشكر أيضا للرئيس اللبناني إميل لحود على جهوده على مدى العام منذ قمة بيروت التي استضافها لبنان في مارس من العام الماضي.
وبعد الإشادة والتقدير يؤكد القادة العرب على التزام دولهم بالحفاظ على أمن الدول العربية كافة وحل كافة الخلافات العربية بالطرق السلمية والتصميم على دعم التضامن العربي وضمان سيادة الدول العربية وسلامتها الإقليمية ووحدة أراضيها ورفضهم لأي عدوان خارجي على أية دولة عربية والعمل على بناء القدرات الدفاعية لها وتبني خيار السلام العادل والشامل الذي يركز على الحقوق العربية المشروعة وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وجاءت مشروعات القرارات المحالة إلي القمة العربية أقرب إلى النتائج التي توصل إليها القادة العرب في قمة بيروت،ففي بند الحالة بين العراق والكويت تم الاتفاق على صياغة وسطية حيث سيقرر القادة العرب التأكيد على احترام جمهورية العراق لاستقلال وسيادة وأمن دولة الكويت وضمان سلامة ووحدة أراضيها, وتبني سياسات تؤدي إلى ضمان ذلك في إطار من النوايا الحسنة وعلاقات حسن الجوار. والمطالبة باحترام استقلال وسيادة العراق وأمنه ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية.
والتعاون الجاد من أجل إيجاد حل سريع ونهائي لقضية الأسرى والمرتهنين الكويتيين وإعادة الممتلكات وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة, وتعاون الكويت فيما يقدمه العراق عن مفقوديه من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمطالبة برفع العقوبات عن العراق, وإنهاء معاناة شعبه الشقيق, بما يؤمن الاستقرار والأمن في المنطقة.
ويؤكد القادة العرب رفضهم التهديد بالعدوان على بعض الدول العربية وبصورة خاصة العراق, وأكدوا رفضهم المطلق لضربها أو تهديد أمن وسلامة أية دولة عربية, باعتباره تهديدا للأمن القومي لجميع الدول العربية.
موسى يتحدث للصحفيين بشرم الشيخ
أما بالنسبة للموضوع الثاني على جدول أعمال القمة وهو الصراع العربي الإسرائيلي وتطورات القضية الفلسطينية واستمرار تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني فيتضمن مشروع بيان وزراء الخارجية الإشادة بصمود الشعب الفلسطيني والتأكيد على ضرورة دعم صموده وقيادته الشرعية والوطنية، ورفض الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ومطالبة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتحرك الفوري والعاجل لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له من خلال إرسال قوات دولية، ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة إيفاد لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم الإسرائيلية التي تهدد كل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سلمي لقضية الشرق الأوسط. ويقرر القادة العرب تجديد الدعم المالي العربي لموازنة السلطة الوطنية الفلسطينية لستة أشهر مقبلة اعتبارا من أول إبريل المقبل على أن يتم تجديدها لفترات مماثلة تلقائيا. ومطالبة الدول العربية الوفاء بالتزاماتها المالية في موارد صندوقي الأقصى والانتفاضة.
ويؤكد مشروع البيان تمسك القادة بالسلام العادل والشامل كهدف وخيار استراتيجي يتحقق في ظل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تتضمن انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة في العام 1967م، بما في ذلك الجولان وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
ويحمل القادة إسرائيل المسؤولية القانونية الكاملة عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ومحاولتها تهجيرهم، كما يؤكدون بطلان كافة القرارات الإسرائيلية الخاصة بتغيير وضع مدينة القدس ومعالمها، كما يؤكد استمرار القرارات العربية بشأن قطع جميع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس أو تعترف بها عاصمة لإسرائيل.
وفي فقرة خاصة عن الجولان السوري المحتل يدين القادة العرب استمرار احتلال إسرائيل للجولان ويؤكدون على تضامنهم الكامل مع سوريا، أما بالنسبة للبنان فيؤكد القادة العرب على دعم لبنان لاستكمال تحرير أراضيه حتى حدوده المعترف بها بما في ذلك مزارع شبعا بشتى الوسائل المشروعة ويطالبون بالإفراج عن المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.
وأفرد القادة العرب نقطة خاصة لأسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية إذ شدد مشروع البيان المحال إلى القمة العربية على أن تحقيق السلام والأمن الدائمين في المنطقة يستلزم انضمام إسرائيل إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وإخضاع كافة منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والعمل على جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل.
ويرحب القادة بما صدر عن الاتحاد الأوروبي من مواقف ومبادرات تهدف إلى المساهمة للتوصل إلي حل سياسي عادل وشامل لقضية الشرق الأوسط على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، ويطالبون الدول الأوروبية والصديقة باستمرار جهودها في هذا المجال،كما طالب القادة العرب الولايات المتحدة بإعادة تقييم قراءاتها وحساباتها ومواقفها إزاء الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويدعونها إلى تحمل مسؤولياتها ويحثونها على استئناف عملية السلام.
كما يتضمن مشروع البيان تأكيد القادة إدانة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره ومهما كانت دوافعه بما في ذلك إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ومواصلة الجهود مع المجتمع الدولي من أجل عقد مؤتمر دولي لبحث ظاهرة الإرهاب ووضع تعريف محدد له يميز بينه وبين الحق المشروع في مقاومة الاحتلال الأجنبي والعدوان.
العرض العادي
