يروى أن المهلب لما فرغ من أمر عبدربه الحروري ( أحد الخوارج ) دعا بشر بن مالك فأنفذه بالبشارة إلى الحجاج ، فلما دخل على الحجاج قال : ما اسمك ؟ قال : بشر بن مالك ، فقال الحجاج : بشارة ومُلك ، كيف خلّفت المهلب ؟ قال : خلّفته وقد أمِنَ ما خاف ، وأدرك ما طلب ، قال : كيف كانت حالكم مع عدوكم ؟ قال : كانت البُداءة لهم والعاقبة لنا . قال الحجاج : العاقبة للمتقين ، فما حال الجُند ؟ قال : وسِعَهم الحق ، وأغناهم النفل ( الغنيمة ) ، وإنهم لمع رجل يسوسهم بسياسة الملوك ويقاتل بهم قتال الصُعلوك ، فلهم منه برّ الوالد ، وله منهم طاعة الولد ، قال : فما حال ولد المهلب ؟ قال : رُعاة البيات حتى يأمنوا ، وحماة السرج حتى يرُدُّوه ، قال : فأيهم أفضل ؟ قال : ذلك إلى أبيهم ، قال : وأنت أيضا ، فإني أرى لك لسانا وعبارة ، قال : هم كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفاها ، قال : ويحك !! أكنت أعددت لهذا المقام هذا المقال ؟ قال : لا يعلم الغيب إلا الله ، فقال الحجاج لجلسائه : هذا ـ والله ـ الكلام المطبوع ، لا الكلام المصنوع .