أخرج البخاري في صحيحه (7) عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : لما نزلت :(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)(الشعراء:214) . صعد النبي – صلى الله عليه وسلم – على الصفا فجعل ينادي : يا بني فهر ، يا بني عدى ، - لبطون من قريش – حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو . فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقاً . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم . ألهذا جمعتنا ؟ فنـزلت :(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ...) السورة( المسد:1-2) .
فمن هذا الموقف يتبين لنا كيف كان – صلى الله عليه وآله وسلم – يبادر بالاستجابة لأوامر الله في القرآن ، ويأتمر بما أمره الله به فوراً من غير تردد ، ومهما كانت الظروف ، ومهما واجه من الصعوبات والأذى . وما أحوجنا إلى تدبر هذا الموقف الرائع من النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أمام هذه الآية الكريمة ، وما أحوجنا إلى الوقوف عندها ، ومن ثم تطبيق هذا الأمر الإلهي الذي ورد فيها ، وإنذار الأقربين من عشائرنا ؛ فكم من داعية في هذا الزمان ، وكم من طالب علم يقرأ القرآن ولكن لا يقف عند هذه الآية ، ولا يهتم بأقاربه ، ولا يدعوهم إلى الله – عز وجل – ولا يحذرهم من معصية الله ؛ وهذا بلا شك دليل على البعد عن تعاليم القرآن وعدم الوقوف عندها .