هل يعقل أن "تسرق" حكومة دولة غربية متقدمة عمل طالب جامعي لتستخدمه في ملف "إدانة" النظام العراقي؟ القصة ليست من وحي الخيال بل حقيقية و اعترفت بها حكومة توني بلير التي نشرت يوم الإثنين الماضي تقريرا وصفه وزير الخارجية الأمريكي كولن باول خلال تدخله يوم الأربعاء أمام أعضاء مجلس الأمن ب"الرائع" و هو يتحدث عن اتهام العراق بحيازة اسلحة الدمار الشامل و إخفائها عن أعين المفتشين.و قد كشف غلين رانغاوالا استاذ العلوم السياسية في جامعة كامبريدج البريطانية في تصريح لقناة التلفزيون البريطاني "تشانيل4" بأن الصفحات من 6 إلى 16 في التقرير البريطاني الذي يقع في 19 صفحة نقلت حرفيا من رسالة الطالب إبراهيم المراشي الذي يدرس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. و أوضح المصدر أن التقرير نقل كل شيء "بما في ذلك الأخطاء النحوية و اللغوية". و لم يجد المتحدث باسم الحكومة البريطانية شيئا يقوله سوى الإقرار بأن "كان من الضروري الإشارة إلى اسم صاحب الرسالة".
لكن الملفت أن "التقريرالجديد" لحكومة بلير عن العراق احتوى معلومات قديمة عمرها 12 عاما و أصر المتحدث مع ذلك أنها لا تزال "صالحة". و قال الطالب ابراهيم المراشي بأنه نشر بحثه في شهر سبتمبر الماضي في مجلة "ميدل إيست ريفيو أوف انترناشيونال أفيرز" (مجلة الشرق الأوساط للشؤون الدولية) لكنه لم يوضح ما إذا كان سيقاضي الحكومة البريطانية.
و يرجح مراقبون أن التقرير البريطاني نتاج هفوة جديدة لخبراء التلاعب الإعلامي الذين يعملون في لندن بعدما تسربت معلومات عبر الصحف البريطانية كشفت "كذب" رئيس الوزراء توني بلير عندما ادعى عكس ما تضمنته تقارير المخابرات بشأن علاقة العراق بتنظيم القاعدة.
و يبدو أن الفضيحة الجديدة ستصعب أكثر من مهمة بلير الذي يواجه معارضة الرأي العام الداخلي لسياسته و مواقفه تجاه الملف العراقي و قد تأكد ذلك خلال بث برنامج خاص للبي بي سي ليلة الخميس استضاف بلير حيث تعرض الأخير لسيل الانتقادات من المشاهدين الذين لم يستصغ بعضهم "تبعية" مواقف حكومتهم لواشنطن و وصفه احد المشاهدين ب"نائب الرئيس" (يقصد نائب بوش) و آخر ب"سعادة ممثل دائرة شمال تكساس" حيث تقع مزرعة الرئيس الأمريكي.
العرض الشجري
