العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-2007, 09:29 PM   رقم المشاركة : 1
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

الجزء السابع :

بينما الحضارة الإسلامية السعادة عندها هي نوال رضوان الله، وتنظم إشباع غرائز الإنسان وجوعاته الجسدية بالأحكام الشرعية.

وعلى ذلك فإنه لا يجوز أن يؤخذ نظام الحكم الديمقراطي، ولانظام الاقتصاد الرأسمالي، ولانظام الحريات العامة الموجودة عند الدول الغربية، فالدساتير والقوانين الديمقراطية، وأنظمة الحكم الملكية والجمهورية، والبنوك الربوية، والبورصات وأسواق النقود العالمية، كلها لايجوز أخذها، لأنها كلها أنظمة كفر، وقوانين كفر تتناقض مع أحكام الإسلام وأنظمته.
وكما لا يجوز أخذ حضارة الغرب، وما انبثق عنها من أفكار وأنظمة فأنه لا يجوز أخذ الحضارة الشيوعية، لأنها تتناقض مع حضارة الإسلام تناقضا كليا.

فالحضارة الشيوعية تقوم على أساس عقيدة أن لا خالق لهذا الوجود، وأن المادة هي أصل الأشياء، وأن جميع الأشياء في الكون تصدر عنها بطريق التطور المادي.
بينما الحضارة الإسلامية تقوم على أن الله هو خالق هذا الوجود، وأن جميع الأشياء الموجودة فيه مخلوقة له، وأنه أرسل الأنبياء والرسل بدينه إلى بني البشر، وأنه ألزمهم بإتباع ما أنزل لهم من أوامر ونواه.

والحضارة الشيوعية ترى أن النظام يؤخذ من أدوات الإنتاج، فالمجتمع الإقطاعي تكون الفأس هي أداة الإنتاج فيه، ومنها يؤخذ نظام الإقطاع، فإذا تطور المجتمع إلى الرأسمالية تصبح الآلة هي أداة الإنتاج، ومنها يؤخذ النظام الرأسمالي. فنظامها مأخوذ من التطور المادي.

بينما الحضارة الإسلامية ترى أن الله سبحانه جعل للإنسان نظاما في الحياة يسير عليه، وأرسل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا النظام وبلغه إياه، وأوجب عليه أن يسير بحسبه.

والحضارة الشيوعية ترى أن النظام المادي هو المقياس في الحياة، وبتطوره يتطور المقياس.

بينما الحضارة الإسلامية ترى أن الحلال والحرام، أي أوامر الله ونواهيه هي مقياس الأعمال في هذه الحياة، فالحلال يعمل، والحرام يترك، ولا يتطور ذلك، ولا يتغير، ولا تحكم فيه نفعية، ولا مادية، بل يحكم فيه الشرع.

وعلى هذا فالتناقض تام بين الحضارة الشيوعية، والحضارة الإسلامية. لذلك لا يجوز أن تؤخذ، كما لا يجوز أن يؤخذ أي فكر من أفكارها، ولا أي نظام من أنظمتها.
فلا يجوز أخذ فكرة التطور المادي، ولا فكرة إلغاء الملكية الفردية، ولا فكرة إلغاء تملك المصانع وأدوات الإنتاج، ولا فكرة إلغاء تملك الأرض للأفراد.
كما لا يجوز أخذ فكرة تأليه الأشخاص، ولا فكرة عبادة الأشخاص. ولا غير ذلك من أفكار هذه الحضارة الملحدة وأنظمتها فكلها أفكار كفر، وأنظمة كفر تتناقض مع عقيدة الإسلام وأفكاره، ومع أنظمته وأحكامه.
والان نأتي إلى الديمقراطية لنبين مناقضتها للإسلام مناقضة تامة في المصدر الذي جاءت منه، والعقيدة التي انبثقت عنها، والأساس الذي قامت عليه، والأفكار والأنظمة التي جاءت بها.
فالمصدر الذي جاءت منه الديمقراطية هو الإنسان، والحاكم فيها الذي يرجع إليه في أصدار الحكم على الأفعال والأشياء بالحسن والقبح هو العقل. والأصل في وضعها هم فلاسفة أوروبا ومفكروها، الذين برزوا أثناء الصراع الرهيب بين أباطرة أوروبا وملوكها وبين شعوبها. فكانت من وضع البشر، وكان الحاكم فيها هو عقل الإنسان.
أما الإسلام فإنه على النقيض من ذلك فهو من الله أوحى به إلى رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)النجم)). وقال: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) (1) القدر
والحاكم فيه الذي يرجع إليه في إصدار الأحكام إنما هو الله سبحانه أي الشرع، وليس العقل. وعمل العقل قاصر على فهم نصوص ما أنزل الله. قال تعالى: (( إن الحكم إلا لله )). وقال: ((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللّهِ وَالرَّسُولِ (59)النساء)). وقال ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )) الآية 10الشورى.
أما العقيدة التي انبثقت عنها الديمقراطية فهي عقيدة فصل الدين عن الحياة، وفصل الدين عن الدولة. وهي العقيدة المبنية على الحل الوسط بين رجال الدين النصارى _ الذين كان يسخرهم الملوك والقياصرة، ويتخذونهم مطية لاستغلال الشعوب وظلمها، ومص دمائها باسم الدين والذين يريدون أن يكون كل شيء خاضعا لهم باسم الدين- وبين الفلاسفة والمفكرين، الذين ينكرون الدين، وسلطة رجال الدين.

وهذه العقيدة لم تنكر الدين، لكنها ألغت دوره في الحياة، وفي الدولة، وبالتالي جعلت الإنسان هو الذي يضع نظامه.
وكانت هذه العقيدة هي القاعدة الفكرية التي بنى عليها الغرب أفكاره، وعنها انبثق نظامه، وعلى أساسها عين اتجاهه الفكري، ووجهة نظره في الحياة، وعنها انبثقت الديمقراطية.
أما الإسلام فأنه على النقيض كليا من ذلك، فهو مبني على العقيدة الإسلامية، التي توجب تسيير جميع شؤون الحياة، وجميع شؤون الدولة بأوامر الله ونواهيه، أي بالأحكام الشرعية المنبثقة عن هذه العقيدة وأن الإنسان لا يملك أن يضع نظامه، وإنما عليه أن يسير وفق النظام الذي وضعه الله له.

وعلى أساس هذه العقيدة قامت حضارة الإسلام وعينت وجهة نظره في الحياة.
وأما الأساس الذي قامت عليه الديمقراطية وهو فكرتا :
السيادة للشعب.
والشعب مصدر السلطات.

فقد جعل الشعب مالكا لإرادته ، ومسيرا لها، وليس الملوك والأباطرة، وهو الذي ينفذ هذه الإرادة. وبكونه صاحب السيادة، ومالكا للإرادة، ومسيرا لها صار يملك التشريع، الذي هو تعبير عن ممارسته لإرادته ، وتسييرها، كما هو تعبير عن الإرادة العامة لجماهير الشعب، ويقوم بالتشريع عن طريق نواب يختارهم ليقوموا بالتشريع نيابة عنه.
وهو يملك أن يشرع أي دستور، وأي نظام، وأي قانون، وأن يلغي أي دستور، وأي نظام، وأي قانون حسب ما يرى من مصلحة. فله أن يحول نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري وبالعكس، كما له أن يحول النظام الجمهوري من رئاسي إلى نيابي وبالعكس، كما حصل على سبيل المثال في فرنسا وايطاليا وأسبانيا واليونان من تحول أنظمة الحكم فيها من ملكية إلى جمهورية ومن جمهورية إلى ملكية.

كما له أن يحول نظام الاقتصاد من رأسمالي إلى اشتراكي وبالعكس، وقد شرع بواسطة نوابه إباحة الارتداد من دين إلى دين أخر، وإلى غير دين، كما شرع إباحة الزنا واللواطة والتكسب بهما.
ولما كان الشعب مصدر السلطات فإنه يختار الحاكم الذي يريده، ليطبق عليه التشريع الذي وضعه، ليحكمه به، وله أن يخلع الحاكم، ويستبدل به حاكما أخر، فهو صاحب السلطة، والحاكم يستمد منه سلطته.

أما الإسلام فالسيادة فيه للشرع وليست للأمة، فالله هو وحده المشرع، ولا تملك الأمة بمجموعها أن تشرع ولو حكما واحدا، فلو اجتمع المسلمون جميعا، وأجمعوا على إباحة الربا لإنعاش الحالة الاقتصادية، أو أجمعوا على إباحة أماكن خاصة للزنا حتى لا ينتشر الزنا بين الناس، أو أجمعوا على الغاء الملكية الفردية او أجمعوا على إلغاء فريضة الصيام، ليتمكنوا من زيادة الإنتاج، أو أجمعوا على تبني الحريات العامة، التي تترك للمسلم الحرية ليعتقد العقيدة التي يريدها، والتي تترك له أن ينمي ماله بجميع وسائل التنمية ولو عن طريق الوسائل المحرمة، والتي تبيح له الحرية الشخصية ليتمتع في حياته كيفما شاء من شرب للخمر، واقتراف للزنا. فإن هذا الإجماع لا قيمة له، ولا يساوي في نظر الإسلام جناح بعوضة،وإذا أقدمت عليه فئة من المسلمين وجب أن تقاتل حتى ترجع عنه. فالمسلمون مقيدون في جميع أعمال الحياة بأوامر الله ونواهيه، ولا يجوز لهم أن يعملوا أي عمل يتناقض مع أحكام الأسلام، كما لا يجوز لهم أن يشرعوا ولو حكما واحدا، فالله وحده هو المشرع.

قال تعالى: (((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ (65)النساء))). وقال: ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)). الآية 57 الأنعام والآية 40 يوسف.
وقال: (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ (60)
سورة النساء. فالاحتكام إلى الطاغوت هو الاحتكام إلى غير ما أنزل الله، أي هو الاحتكام إلى أحكام الكفر التي يضعها البشر. وقال: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة)). وحكم الجاهلية هو الحكم الذي لم يأت به الرسول عن ربه وهو حكم الكفر الذي يشرعه البشر، وقال: ((((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور ومخالفة أمره الذي حذر منه هو أتباع ما يشرعه البشر، وترك ما جاء به الرسول. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) والمراد بأمرنا في الحديث هو الإسلام.
وهناك عشرات الآيات والأحاديث القطعية التي تبين أن السيادة للشرع، وأن الله هو المشرع، وأن البشر لايجوز لهم أن يشرعوا، وأنهم يجب عليهم أن يسيروا جميع أعمالهم في هذه الحياة بأوامر الله ونواهيه.
والإسلام جعل تنفيذ أوامر الله ونواهيه للمسلمين، وتنفيذ أوامر الله ونواهيه يحتاج إلى سلطة تنفذه، لذلك جعل للأمة السلطان، أي حق اختيار الحاكم، ليقوم بتنفيذ أوامر الله ونواهيه عليها، وذلك أخذا من أحاديث البيعة التي جعلت حق تنصيب الخليفة للمسلمين بالبيعة على كتاب الله وسنة رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ))، وعن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الأخر )).
وعن عبادة بن الصامت قال: (( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المكره والمنشط )). وأحاديث غيرها كثيرة تبين أن الأمة هي التي تنصب الحاكم عن طريق البيعة على كتاب الله وسنة رسوله.
ومع أن الشرع قد جعل السلطان للأمة تنيب عنها فيه من يحكمها بطريق البيعة، إلا أنه لم يجعل لها حق عزل الحاكم، كما في النظام الديمقراطي، وذلك لورود الأحاديث الصحيحة الموجبة طاعة الخليفة ولو ظلم، مالم يأمر بمعصية. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية. وعن عوف بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((....وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من وَلَي عليه والٍ فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة )). وإقامة الصلاة تعني الحكم بالأسلام من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل..


يتبع بإذن الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــ







قديم 17-02-2007, 09:33 PM   رقم المشاركة : 2
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

الجزء الثامن :

ولا يجوز الخروج على الحاكم إلا إذا أظهر الكفر البواح كما ورد في حديث عبادة بن الصامت في البيعة فقد ورد فيه ( فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان )).

والذي يملك عزل الخليفة إنما هو محكمة المظالم، وذلك أن حدوث أي أمر من الأمور التي يعزل فيها الخليفة، والتي يستحق فيها العزل مظلمة من المظالم فلا بد من إزالتها، وهي كذلك أمر من الأمور التي تحتاج إلى إثبات، فلا بد من إثباتها أمام قاض، وبما أن محكمة المظالم هي التي تحكم بإزالة المظالم في الدولة الإسلامية، وقاضيها هو صاحب الصلاحية في إثبات المظلمة والحكم بها، لذلك كانت محكمة المظالم هي التي تقرر ما إذا كانت قد حصلت حالة من الحالات السابقة، أم لا، وهي التي تقرر عزل الخليفة.

وباعتبار أن الديمقراطية هي حكم الأكثرية، فإن اختيار الحكام وأعضاء المجالس النيابية، وأعضاء المؤسسات والسلطات والهيئات يتم بالأكثرية، كما أن سن التشريعات في المجالس النيابية، واتخاذ القرارات من المجالس والسلطات والمؤسسات والهيئات كافة تتم برأي الأكثرية.

لهذا كانت الأكثرية ملزمة في النظام الديمقراطي للجميع حكاما وغير حكام، لأن رأي الأكثرية هو المعبر عن أرادة الشعب، وما على الأقلية ألا أن تخضع وتنصاع لرأي الأكثرية.

أما في الإسلام فالأمر مختلف جدا :
فالأمور التشريعية لا يتوقف الأمر فيها على رأي الأكثرية، أو الأقلية، وإنما يتوقف على النصوص الشرعية، لأن المشرع إنما هو الله، وليس الأمة وصاحب الصلاحية في تبني الأحكام التي تلزم لرعاية شؤون الناس وتسيير الحكم إنما هو الخليفة وحده، فيأخذ الأحكام من النصوص الشرعية الواردة في كتاب الله وسنة رسوله بناء على الدليل الأقوى باجتهاد صحيح. ولا يجب على الخليفة أن يرجع لمجلس الأمة لأخذ رأيه فيما يريد تشريعه من أحكام، وإن كان يجوز له ذلك، فقد كان الخلفاء الراشدون يرجعون إلى الصحابة لأخذ رأيهم عندما يريدون تبني حكم من الأحكام، كما حصل مع عمر بن الخطاب عندما أراد أن يتبنى حكما في الأراضي المفتوحة في الشام ومصر والعراق، فقد أستشار المسلمين في أمرها.


فإذا رجع الخليفة إلى مجلس الأمة، لأخذ رأيه في الأحكام التي يريد أن يتبناها، فإن رأي المجلس لا يكون ملزما له، ولو كان بالإجماع أو بالأكثرية، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يرضخ لرأي المسلمين، الذين اعترضوا على عقد صلح الحديبية - وكانوا كثرة - ورفض رأيهم، ومضى في إتمام العقد وقال لهم: (( إني عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره )) والصحابة الكرام قد أجمعوا على أن للإمام أن يتبنى أحكاما معينة، ويأمر بالعمل بها. وعلى المسلمين طاعتها، وترك آرائهم.
ومن ذلك استنبطت القواعد المشهورة "أمر الإمام يرفع الخلاف". "أمر الإمام نافذ ظاهرا وباطنا". "للسلطان أن يحدث من الاقضية بقدر ما يحدث من مشكلات"
على أن الله سبحانه أمر بطاعة أولي الأمر حيث قال: ((((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ (59)النساء)) وأولوا الأمر هم الحكام.

ومثل التشريع الأمور الفنية والفكرية التي تحتاج إلى خبرة وفكر وإمعان نظر، فإن العبرة فيها بالصواب، وليس بالأكثرية، أو الأقلية، فيرجع فيها لأصحاب الاختصاص، فهم الذين يدركون واقعها، فالأمور العسكرية يرجع فيها للخبراء العسكريين، والأمور الفقهية يرجع فيها للفقهاء المجتهدين، والأمور الطبية يرجع فيها للأطباء المختصين، والأمور الهندسية يرجع فيها إلى مشاهير المهندسين، والامور الفكرية يرجع فيها لكبار المفكرين وهكذا، فالعبرة في مثل هذه الامور بالصواب وليس بالاكثرية والصواب يؤخذ من مظانه، وهم أصحاب الاختصاص فيه وليس بالكثرة.

على أن أعضاء المجالس النيابية سواء عند المسلمين أم في الغرب فإن غالبية أعضائها ليسوا من أصحاب الاختصاص، وليسوا على دراية أو وعي على مثل هذه الأمور، لذلك لا توجد فائدة أو قيمة لرأي أكثرية أعضاء المجالس النيابية في هذه الأمور، وموافقتهم أو معارضتهم تكون شكلية، وليست عن وعي وإدراك، ولاعن معرفة، لذلك لا تعتبر الأكثرية في هذه الأمور ملزمة، ودليل ذلك ما حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم لمانزل على رأي الحباب بن المنذر في معركة بدر - وكان الحباب خبيرا بالأمكنة- عندما أشار عليه أن يترك المكان الذي نزل فيه-إن لم يكن وحيا- لأنه ليس بمنزل صالح للحرب، فنزل الرسول على رأيه، ونزل في المكان الذي حدده له، وترك الرسول رأيه، ولم يستشر الصحابة في ذلك.

أما الأمور التي ينطلق منها إلى العمل دون حاجة إلى تفكير وروية وأعمال فكر، فأن أمثال هذه الأمور يؤخذ فيها برأي الأكثرية، لأن الأكثرية تدركها، ويمكن أن تعطي الرأي فيها بكل يسر وسهولة، بما تراه مصلحة، وذلك مثل: أننتخب فلانا أم فلانا، وهل نخرج أو لا نخرج، وهل نسافر صباحا أو ليلا، وهل نركب طائرة أو باخرة أو قطارا.

فأمثال هذه الأمور يدركها كل إنسان ويمكن أن يعطي فيها رأيا لذلك يكون رأي الأكثرية فيها معتبرا، ويؤخذ به، ويكون ملزما. ودليل ذلك ما حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في معركة أحد، فقد كان رأي الرسول صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة عدم الخروج من المدينة، وكان رأي الكثرة من الصحابة خاصة الشباب الخروج لملاقاة قريش خارج المدينة، فكان الرأي دائرا حول الخروج وعدمه.

ولما كانت الكثرة تقول بالخروج نزل النبي صلى الله عليه وسلم على رأيهم وترك رأي كبار الصحابة، وخرج إلى أحد لملاقاة قريش.

إن فكرة الحريات العامة هي من أبرز الأفكار التي جاءت بها الديمقراطية، وتعتبر أساسا من أسسها الهامة، إذ بها يتمكن الفرد من ممارسة إرادته ، ومن تسييرها كما يشاء، دون ضغط او إكراه ، والشعب لا يستطيع أن يعبر عن إرادته العامة إلا بتوفر الحريات العامة لجميع أفراده.

والحرية الفردية مقدسة في النظام الديمقراطي، فلا يسمح للدولة ولا للأفراد بالتعدي عليها.

والنظام الديمقراطي الرأسمالي يعتبر نظاما فرديا، وحماية الحريات العامة وصيانتها تعتبر من اهم وظائف الدولة فيه.
والحريات العامة التي جاءت بها الديمقراطية لا تعني تحرر الشعوب المستعمرة من الدول التي تستعمرها، وتستغل ثرواتها، وتنهب خيراتها، لأن فكرة الاستعمار نتيجة من نتائج حرية التملك التي جاءت بها الديمقراطية.
كما أنه لا تعني التخلص من العبودية، والانعتاق منها، فالعتق لم يعد له وجود في عالمنا اليوم.
وإنما تعني الحريات العامة الحريات الأربع، التي هي :
حرية الاعتقاد.
حرية الرأي.
حرية التملك.
الحرية الشخصية.
وهذه الحريات العامة بأنواعها الأربعة غير موجودة في الإسلام، فالمسلم مقيد في جميع أفعاله بالأحكام الشرعية، وليس حرا في أي فعل، ولا توجد في الإسلام حرية، إلا حرية تحرير العبيد من الرق. وقد انتهى الرق من زمن بعيد.
والحريات الأربع تتناقض مع الإسلام وأحكامه تناقضا تاما في كل شيء.
وذلك:
أن حرية الاعتقاد تعني أن الإنسان يحق له أن يعتقد العقيدة التي يريدها، وأن يعتنق الدين الذي يود، دون ضغط أو إكراه، كما يحق له أن يترك عقيدته ودينه وأن يتحول إلى عقيدة جديدة، ودين جديد، أو أن يتحول إلى غير دين، يحق له أن يفعل كل ذلك بمنتهى الحرية دون ضغط أو إكراه .
فيحق للمسلم مثلا أن يتحول إلى النصرانية، أو إلى اليهودية، أو إلى البوذية، أو إلى الشيوعية، بمنتهى الحرية، دون أن يكون للدولة أو غيرها حق منعه من ذلك.
بينما الإسلام يحرم على المسلم أن يترك عقيدة الإسلام، وأن يرتد إلى اليهودية، أو النصرانية، أو البوذية أو الشيوعية، أو الرأسمالية.
ومن يرتد عن الإسلام يستتاب فإن رجع كان به، وإن لم يرجع يقتل ويصادر ماله، ويفرق بينه وبين زوجته قال صلى الله عليه وسلم ((من بدل دينه فاقتلوه )). ،
وإن كان المرتدون جماعة، وأصروا على ارتدادهم فإنهم يقاتلون، حتى يرجعوا أو يبادوا.
كما حصل مع الذين ارتدوا بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، إذ أن أبا بكر قاتلهم قتالا شديدا حتى رجع من بقي منهم ممن لم يقتل.
أما حرية الرأي في النظام الديمقراطي فإنها تعني أن الفرد له أن يحمل أي رأي وأي فكر، مهما كان هذا الرأي وهذا الفكر، وله أن يقول أي فكر وأي رأي، وأن يدعو إلى أي فكر وأي رأي، بمنتهى الحرية دون قيد أو حد، مهما كان هذا الرأي وهذا الفكر، وله أن يعبر عن ذلك بأي أسلوب من الأساليب المتاحة له، دون أن يكون للدولة، أو غيرها أي حق في منعه من ذلك ما دام لم يتعد على حرية الآخرين، فأي منع لحمل الرأي أو التعبير عنه، أو الدعوة له يعتبر اعتداء على الحرية.
أما الإسلام فالأمر فيه مختلف، فالمسلم فيه مقيد في جميع أفعاله وأقواله بما جاءت به النصوص الشرعية، فلا يجوز له أن يعمل عملا أو أن يقول قولا إلا إذا جاءت الأدلة الشرعية بجوازه.


يتبع بإذن الله
ــــــــــــــ







قديم 17-02-2007, 09:46 PM   رقم المشاركة : 3
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

الجزء التاسع والأخير :

وبناء على ذلك فللمسلم أن يحمل أي رأي وأن يقول أي رأي وأن يدعو إلى أي رأي مادامت الأدلة الشرعية تجيزه. وأما أن كانت الأدلة الشرعية تمنعه فلا يجوز للمسلم حمله أو قوله أو الدعوة أليه، فإذا قام بذلك عوقب. فالمسلم مقيد في الرأي حملا وقولا ودعوة بالأحكام الشرعية، وليس حرا في ذلك.

والإسلام أوجب قول الحق في كل زمان، وكل مكان، ففي حديث عبادة بن الصامت في البيعة ((..وأن نقول بالحق حيثما كنا، لانخاف في الله لومة لائم )).كما أن الإسلام أوجب على المسلمين مجابهة الحكام بالرأي ومحاسبتهم على أعمالهم.

فعن أم عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر))

وعن أبي إمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاب السائل الذي سأله عند العقبة: أي الجهاد أفضل يارسول الله؟ بقوله: ( كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر))
وقال عليه الصلاة والسلام: ( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى امام سلطان جائر فنصحه فقتله ).

وهذا ليس حرية رأي، بل هو تقيد بأحكام الشرع، وهو إباحة قول الرأي في حالات، ووجوبه في حالات أخرى.

أما حرية التملك- وهي الحرية التي أنتجت النظام الرأسمالي في الاقتصاد، وبالتالي أوجدت فكرة استعمار الشعوب، ونهب خيراتها، وسلب ثرواتها، فأنها تعني إباحة أن يتملك الإنسان المال ابتداء، وأن ينميه بأية وسيلة، وبأية كيفية كانت، فله أن يملك المال، وأن ينميه بأسلوب الاستعمار، ونهب الثروات، وسرقة الخيرات للشعوب المستعمرة، وبالاحتكار والمضاربة، وبالربا، وبالتدليس والغش والخداع والغبن الفاحش، وبالقمار والزنا واللواطة واستخدام أنوثة المرأة، وبصناعة الخمر وبيعها وبالرشوة وبغير ذلك من الأساليب.

أما الأسلام فإنه نقيض هذه الحرية في أحكام تملك المال، فهو يحارب فكرة استعمار الشعوب، وفكرة نهب خيراتها، والاستيلاء على ثرواتها كما يحارب فكرة الربا سواء أكان بفوائد مركبة أم بفوائد بسيطة، فالربا كله ممنوع.

وقد حدد الأسلام أسباب تملك المال، وأسباب تنميته، وكيفية التصرف فيه، وحرم ماعداها، وأوجب على المسلم أن يتقيد بها في تملكه للمال، وفي تنميته لهذا المال، وفي كيفية تصرفه بهذا المال. ولم يتركه حرا يتصرف في ذلك كيف يشاء. بل قيده بما شرع له من أحكام وحرم عليه أن يتملك المال، وأن ينميه بالسلب والنهب والسرقة والرشوة، وبالربا والقمار والزنا واللواطة، وبالتدليس والغش والخداع والغبن الفاحش، وبصناعة الخمر وبيعها، وباستخدام أنوثة المرأة وبغيرها من الأسباب التي حرم تملك المال وتنميته بها.

فكلها أسباب ممنوعة لتملك المال وتنميته، وكل مال يملك بواسطتها يحرم على المسلم تملكه، ويعاقب فاعله.
وبهذا يظهر أنه لا توجد حرية تملك للمال في الإسلام بل المسلم مقيد في تملكه للمال وفي تصرفه بالمال بالأحكام الشرعية التي جاء الشرع بها، ولا يجوز له أن يتعداها.

أما الحرية الشخصية، فهي حرية الانفلات من كل قيد، حرية التحلل من كل القيم الروحية والخلقية و الإنسانية، حرية تحطيم الأسرة، وإفقادها كيانها وتماسكها.

الحرية التي ترتكب باسمها جميع الموبقات، وتستباح كل المحرمات. وهي الحرية التي أوصلت المجتمعات الغربية إلى مجتمعات بهيمية يندى لها جبين الإنسان، وأوصلت أهلها إلى مستوى أحط من مستوى البهائم والحيوان.
هذه الحرية قررت أن من حق الإنسان أن يتصرف في سلوكه الشخصي، وفي حياته الشخصية بالشكل الذي يروق له، بمنتهى الحرية، دون أن تملك الدولة أو غيرها حق الحيلولة بينه وبين القيام بما يريد أن يقوم به من تصرف أو سلوك. وأباحت له الزنا واللواطة والسحاق والخمر والعري، ومزاولة أي عمل مهما كان خسيسا بمنتهى الحرية دون قيد أو حد، بدون ضغط أو إكراه .
إن أحكام الإسلام تناقض هذه الحرية الشخصية مناقضة تامة. فلا حرية شخصية في الإسلام، والمسلم مقيد بأوامر الله ونواهيه في جميع أفعاله وتصرفاته، ويحرم عليه أن يقوم بفعل حرمه الله، فإن أقدم على فعل محرم من المحرمات أثم، وعوقب عقوبة شديدة.

والإسلام حرم الزنا واللواط والسحاق والخمر والعري وغيرها من الموبقات، وجعل لكل منها عقوبة زاجرة.
وأمر بالتخلق بالأخلاق الفاضلة، والسجايا الحميدة، وجعل المجتمع الإسلامي مجتمع الطهر والعفاف، ومجتمع القيم الرفيعة.

ومن جميع ما تقدم يتبين بمنتهى الوضوح أن الحضارة الغربية، والقيم الغربية، ووجهة النظر الغربية، والديمقراطية الغربية، والحريات العامة كلها تتناقض مع الإسلام وأحكامه تناقضا كليا.

فهي أفكار كفر، وحضارة كفر، وأنظمة كفر، وقوانين كفر.

ومن الجهل أو التضليل أن يقال أن الديمقراطية من الإسلام، وأنها هي الشورى بعينها، وأنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها محاسبة الحكام.


فالشورى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، أحكام شرعية، شرعها الله سبحانه وتعالى، وأمر المسلمين بأخذها والتقيد بها، باعتبارها أحكاما شرعية.

أما الديمقراطية فهي ليست أحكاما شرعية، ولا هي من تشريع الله سبحانه، بل هي من وضع البشر وتشريعهم.

وهي غير الشورى، فالشورى هي إعطاء الرأي، أما الديمقراطية فهي وجهة نظر في الحياة، وهي تشريع للدساتير والأنظمة والقوانين، يضعه البشر من عقولهم، ويشرعونه بناء على المصلحة التي تراها عقولهم، لا بناء على وحي السماء.

لذلك يحرم على المسلمين أخذها، أو الدعوة إليها، أو إقامة أحزاب على أساسها، أو اتخاذها وجهة نظر في الحياة أو تطبيقها، أو جعلها أساسا للدستور والقوانين، أو مصدرا من مصادر الدستور والقوانين، أو جعلها أساسا للتعليم أو لغايته.

ويجب على المسلمين أن ينبذوها نبذا كليا، فهي رجس، وهي حكم طاغوت، وهي كفر، وأفكار كفر، وأنظمة كفر، وقوانين كفر، ولا تمت إلى الإسلام بأية صلة.كما يجب عليهم أن يضعوا الإسلام كاملا موضع التطبيق والتنفيذ في الحياة والدولة والمجتمع.


(( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً (115)النساء)).

تم بعون الله وفضله يوم الاحد الواقع في الثالث من شهر ذي القعدة سنة 1410 هـ الموافق السابع والعشرين من شهر ايار سنة 1990 م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نسأل الله العظيم , رب العرش الكريم , أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على إمام المتقين , وسيد المرسلين , المبعوث رحمة للعالمين , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبع هداه وسلك خطاه ,
وسار على نهجه إلى يوم يلقاه .







موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:48 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية