بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله
والصلاة على محمد الأمين وعلى آله الميامين والتسليم لأمره وأمرهم أجمعين
الدعاء سلاح المستضعفين المفتقرين
عندما نقول أن الدعاء هو سلاح المفتقرين والمستضعفين ، فهذا يعني أننا نقول أن الله هو ناصر المفتقرين والمستضعفين ، وهذا يعني أننا نقول أن اللجوء الى الله والإستعانة بالله والإستغاثة به سبحانه والإستجارة بنصره هو السلاح الحقيقي للمفتقرين والمستضعفين ، لأنهم بذلك سوف يحصلون على النصر الإلهي أو الحفظ الإلهي أو المدد الإلهي أو التسديد الإلهي ، إذاً فعندما نقول أن الدعاء سلاح المفتقرين ، فنحن بذلك نؤسس منهجاً يقوم على معادلة واضحة وبسيطة ، المعادلة تقول أن الله سبحانه وتعالى قادرٌ على أن ينصر من يستنصره وينجي من يستغيث به ويحفظ من يستجير به ، والمطلوب هو أن يفتقر الإنسان أو يفتقر المجتمع الى الله فيطلب منه سبحانه ، وحينها ينال الإجابة حتماً ، وهذا يعني إننا مهما نكون مستضعفين فلن نحصل على الإسناد الإلهي والنصر الإلهي والتأييد الإلهي إن لم نكن مفتقرين الى الله معلنين ضعفنا وعجزنا وحاجتنا وفاقتنا الى خالقنا سبحانه ، وهذا الإعلان هو الدعاء ، فالله سبحانه قد ضمن الإجابة منه سبحانه لمن يعلن بلسان حاله ولسان مقاله ، بقلبه وفكره يعلن إفتقاره الى الله ويعلن إستغاثته بالله وإستجارته بمدده سبحانه ، أما أن نكون مستضعفين في الأرض ومستضعفين في أوطاننا وفي عقيدتنا لكننا لا نشعر بالإفتقار الى الله ، بل نشعر بالإفتقار الى القوة المادية والى المال والسلاح ولا نعلن إستغاثتنا بالله ولا نستجير بالله بل نبقى راكنين الى أنفسنا مغترين بحولنا وقوتنا فلن نحصل على الإجابة الإلهية لأننا بالأساس لم ندعو الله ولم نستغث به ولم نعلن إفتقارنا الى نصره ومدده سبحانه ..
وهذا هو الحال الموجود على صعيد الواقع كله في كل الفئات المتدينة أو الحاملة للفكر الديني ، فرغم أن أغلبها مستضعف واقعياً من الناحية السياسية والعسكرية والإجتماعية إلا أنهم لا يعلنون إفتقارهم لله ، ولا يعلنون إستجارتهم بالله ، بل إنهم يعتدّون إعتداداً شديداً بأنفسهم ويجدون أنه ليس من المبرر الإستجارة بالله ما داموا قادرين على الحصول على بعض الأسلحة الجديدة أو بعض الإذاعات أو بعض الأموال أو بعض الأتباع ، وهم بذلك يعلنون إستغناءهم عن المدد الإلهي وإكتفائهم بحولهم وقوتهم ، وإغترارهم بقدراتهم الذاتية وتكبرهم على حال التوسل والتذلل والتضرع لخالقهم سبحانه ..
نفهم من ذلك أن المؤمنين إن لم يصلوا الى مستوى التوسل بالله توسلاً حقيقياً والتذلل له سبحانه تذللاً صادقاً ، والإستجارة به وبمدده وبنصره والإستغاثة بتدخله ، فإنهم بذلك لن يمسكوا بسلاح الأنبياء ولن يحصلوا على الإستجابة الإلهية لأن الله سبحانه لم يعطي ولن يعطي إجابته ومدده ونصره للمغترين ، وإنما يقف سبحانه مع المفتقرين فقط ليس مع كل المستضعفين بل فقط مع المستضعفين المفتقرين الذين يدعونه سبحانه دعاء المضطرين حيث يشعرون أن كل أسباب الدنيا لا قيمة لها وأنها جميعاً لن تفعل شيئاً لهم ، وأن النصر من عند الله فقط ، وأن الله سبحانه هو صاحب الخير والعطاء ، وأنه سبحانه هو الذي يدفع البلاء ، وأنه سبحانه هو الذي يهزم الأحزاب والجيوش وحده ، وأنه سبحانه هو الذي ينصر عبده ، بهذا اليقين فقط ، بيقين المفتقرين لرب العالمين تحصل الإجابة منه سبحانه ويكون تدخله ومدده ونصره وحفظه معنا إن إفتقرنا الى الله إفتقاراً صادقاً وحقيقياً .
والحمد لله رب العالمين