ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي...؟؟
هل ستنسحب من زحامهم كلصوص الليل.. وتسافر إلى نفسك التي هجرتها منذ زمن وتغلق باب عالمك الخاص عليك.... وتتجول في طرقات احزانك... المتسعة اكثر من اللازم..... وتزيل آثار العنكبوت من فوق ابواب ذاكرتك.... وتجلس تحت أشجار غيابهم.... وتفتح دفاتر نفسك المتضخمة بصورهم وأحداثهم... وتتصفح صحيفة أعماقك كي تتعرف على آخر أخبارهم بك.... وتحاول ان تقرأ نفسك بشكل أوضح وأفضل؟؟؟
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي.....؟؟
هل ستقطع رأس كبريائك بمقصلة الحنين .... وتمد يدك إلى سماعة الهاتف ... وتقرر الإتصال بانسان كان ذات يوم يمثل الجزء الكبر من عواطفك..... والجزء الأكبر من أحلامك... والجزء الأكبر من أحزانك... والجزء الأكبر من خيالك.... ويقاسمك البطولة في حكاية حياتك.... ثم تتراجع كالمهزوم.. فربما أصبح الزمان في قلبه الآن ليس بزمانك..؟؟
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي....؟؟
هل ستزور أطلال حكاية انتهت..... وتضع وردة حمراء على قبر عاطفة مات...ثم تهرب منك اليهم.. وتبحر بعيداً عن نفسك باتجاههم ... وتنغمس في ليلهم وعالمهم اكثر من اللازم... وتبالغ بالالتصاق بالآخرين كي لا ترى وتسمع نفسك... وتعود في آخر الليل تجر أذيال فشلك الذريع في ان تكون معهم... وتكتشف انك كنت طوال الوقت وحيداً برغم حرصك الشديد ان تكون معهم....؟؟؟
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي....؟؟
هل ستتحول الى رجل رومانسي... وتكسر كل مصابيح المدينة... وتجلس تحت أضواء القمر... وتحاول جاهداً ان تكتب قصيدة جميلة تحمل مشاعر الى من يهمه أمرك.... ثم تتراجع كي لا تتحول إلى رجل يتبعه الغاوون.... وتتراجع أكثر حين تتذكر عدد الشعراء وتكتشف انه ليس للزمان طاقة على ولادة شاعر جديد بعد أن أصبح لكل مواطن عربي شاعر.....
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي.....؟؟
هل ستغلق أبواب غرفتك عليك... وتتلفت حولك بحذر السارق... وتفتح صندوقك الخاص جداً... وتتفقد مسروقات قلبك وقلوبهم..... وتكتشف انك سرقت من عمرهم وأحلامهم الكثير..... وانهم سرقوا من عمرك ومشاعرك الكثير.... وتفكر بالتخلص من مسروقاتك ومسروقاتهم.... وتقرر ان تعيد الأشياء إلى أصحابها برغم مرارة إعادة الأشياء...!!
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي.....؟؟
هل ستغلق أبواب المساء باكراً ... وتستلقي على سريرك... وتغمض عينيك وتمسح غبار ذاكرتك وتحاول احصاء أخطائك التي ارتكبتها هذا النهار... وتخمن حجم ذنوبك بينك وبين نفسك... وتتذكر صادقاً يوماً لا ينفع فيه مال ولا بنون... وقطعة أرض صغيرة ستكون محطتك الأخيرة.... وأناساً ظلمتهم بقصد وآخرون بلا قصد... وتبكي وتتباكى عل الله يغفر لك ما اسرفت من أمرك....
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي.....؟؟؟
هل ستجلس تحت سدرة الأحزان.... وتحفر أرض فجائعك وتتذكر الذين رحلوا والذين خذلوك....والذين جرحوك والذين ظلموك.... والذين خذلوك.... والذين تشتاقهم حد الموت ولا تلقاهم.... وتوشك ان تنفجر في البكاء.... فتردد قوله تعالى..(وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون)...... فتفمض عينيك مطمئناً بقدرة الله ورحمته......
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي......؟؟
هل ستنسلخ من مشاغلك التي لا تنتهي .. ومسؤولياتك التي سرقتك من نفسك.... وتتجه إلى بقعة أرض طال غيابك عنها... وتتجول في طرقات طفولتك....وتطرق باب منزلك القديم...فتقبل رأس والدك ويد والدتك....وتغسل عقوقك بدموعهما... وتتطهر بدعائهما الصادق لك.... وتخفض لهما جناح الذل من الرحمة.... وتحلم بذرية صالحة يرحمك الله بها...
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي......؟؟؟
هل ستتجه الى ذالك المكان الملوث بروائح الفساد... والمتضخم بشتى انواع المعاصي.... فتسهر على ما حرم الله... وتمارس ما حرم الله.... وتحتسي ما حرم الله... وتحلل الحرام... وتحرم الحلال... وتعود عند الفجر مثقلاً بذنوبك ... وتستلقي على سريرك فاقداً عقلك كالبهائم... وتغمض عينيك وقد لا تستيقظ في اليوم التالي إلا بين يدي ناكر ونكير........
ماذا ستفعل هذا المساء يا صديقي...............؟؟؟