السبيل / عندما يبلغ القهر مداه، ويطفح الكيل، وترى الجوْر جهاراً نهاراً، وترى كيف تقابل الشعوب المصائب والعدوان والتهديد والتخويف، وترانا نحن العرب، يصيبك الدوار والصداع والخروج عن الطور والمألوف، وعندها تكاد أن تتمنى ان تكون من شعوب أخرى. ما بال كوريا الشمالية تبني بنفسها وتهيئ مقدراتها وتستثمر عقول أبنائها لتصنع ما تحمي به كيانها وتحفظ كرامتها، حتى اذا تطاول عليها الآخرون، تفقدت موجوداتها وامكاناتها وأوراقها القوية، واستجمعت قواها ووقفت الموقف الذي يليق بكل طالب للحرية ناشد للكرامة الوطنية حتى لو كان عدوها أمريكا العظمى.. وتسكت أمريكا وتتمنى الدخول في مفاوضات مع كوريا، وتشترط كوريا شروطها الخاصة، وفي الحقيقة اننا جميعاً نرقص طرباً لموقف كوريا الوطني الصادق الشهم مع أن كوريا تعرف حجمها وامكاناتها مقارنة مع امريكا، ولكنها لا تستسلم لقدرية هيمنة أمريكا وعظمتها، وتعتقد ان بامكانها ان تفعل شيئاً وتتحين الفرص السياسية المواتية. فما بالنا نحن؟ ولم استجمعت باكستان قواها امام تهديد الهند المدعومة من أمريكا و«اسرائيل» وهددت بأنها ستستخدم اسلحتها المتوافرة ان تعرضت لعدوان، واستعرضت قوتها النووية واطلقت تجاربها في هذا المجال وردعت الهند؟ وحتى الرئيس الفنزويلي يتحدى الادارة الأمريكية، ولا يخضع لتهديداتها المبطنة وغير المباشرة، ويقف صامداً بالرغم من ان شطر شعبه المترف يقف ضده كعادة الملأ دائماً الذين يتعبدون مصالحهم الخاصة فقط. وحتى الصومال عندما رُفع الكابوس السياسي المستسلم عن الشعب أجبر الجيش الامريكي على مغادرة بلاده على عجل. وكذلك لبنان الذي اجبر المارينز على مغادرة بيروت، وحزب الله الذي أجبر الصهاينة على مغادرة الجنوب اللبناني. واذا شئت فانظر الى حال امريكا في افغانستان ودقق النظر. اذن ليس شططاً ان يقول العربي هذه الايام أمام العربدة الامريكية المتجاهلة لكل الاعراف الدولية وأمام الصمت العربي وقابلية الهزيمة والاستعمار وتقسيم المقسم من جديد دون اتخاذ أى اجراء لمنع الكارثة الا الضغط على العراق ان يقبل، ويقول ما تريده أمريكا ويشهد لها بما تشاء.. حتى أنه لم يبق ما ينصح العراق بفعله لتجنب العدوان. والوسيلة الثانية لرد العدوان المتوقع على المنطقة كلها، وليس العراق فقط، هو تحجيم الشعوب والمبالغة في اسكاتها وتحييدها وتغييبها عن الحياة العامة، والمبالغة في الاعلان عن اكتشاف افراد من شعوبها من تنظيم «القاعدة»، أو من الارهابيين، أو.... وضخ كميات كبيرة من «الوهن» في ثقافات الشعوب حباً لدنيا امريكا على بخلها وكراهية للموت والتضحية في سبيل الكرامة والسيادة والعزة.. قاسية جداً تلك الحالة التي تجعل الفرد في أمة وصفها رب السموات والارض بأنها «خير أمة اخرجت للناس»، يقول فيها بشبه هستيريا: ليتني أكون كورياً شمالياً.
قرأت هذا المقال فأعجبني وودت أن تقرؤه لتشاركوني متعة قراته
أدعو الله أن يعيد لنا مجدنا الذي غاب
ودمتم سالمين
أخوكم ومحبكم
ضحية صمت
المملكه العربيه السعوديه
الرياض
العرض الشجري
