الإيثار
روى البخاري عن سهل بن سعد أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة ، فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره،
فقال فلان : اكسينها، ما أحسنها .
فقال : "نعم" فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس ثم رجع فطواها ثم أرسل بها إليه .
فقال له القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، ثم سألته، وعلمت أنه لا يرد سائلاً .
فقال : إني والله، ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني .
قال سهل : فكانت كفنه .
هذه التربية الإسلامية هي التي جعلت أبا بكر رضي الله عنه يقدم كل ماله في موسم من مواسم البذل والعطاء إذ دعا الرسول صلى الله عليه وسلم فيه إلى البذل في سبيل الله ، ولما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا تركت لعيالك ؟ قال : تركت لهم الله ورسوله .
وهي التي جعلت عمر بن الخطاب يقدم نصف ماله في سبيل الله وهي التي جعلت عثمان بن عفان يجهز جيش العسرة .
وهي التي علمت الأشعريين أن يشتركوا فيما عندهم من طعام إذا قل طعام عيالهم .
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم" .
فلله در الأشعريين ما أحسن تعاونهم وتشاركهم وإيثارهم .
(كتاب "الأخلاق الإسلامية" للشيخ عبد الرحمن حبنكة)