سئل الشيخ العلامه الدكتور سلمان العوده حفظه الله السؤال التالي
هل التغيير عبر الجهاد هو الحل الأمثل خلال الفترة القادمة..؟؟
فأجاب
التغيير عبر الجهاد
من يتقن صناعة الحياة فإنه يتقن صناعة الموت , وليس محبوباً أن يموت الخيرون ليتركوا الحياة يعبث بها الأشرار . وعمر المسلم لا يزيده إلا خيرا , فخيركم من طال عمره وحسن عمله , لكن حين يترتب على موت الفرد حياة الجماعة , ورفع الذل والمعاناة عن الأمة تكون المصلحة أرجح , وهذه واحدة من مسائل تغليب المصالح على المفاسد لا غير .
أما مفهوم ( الجهاد ) فهو مفهوم حياتي واسع , لا يختص بالمواجهة المسلحة مطلقاً .
وفي نصوص الكتاب الكريم نجد :
الجهاد بالقرآن (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان:52) ، وهذا يعني: الدعـوة والحجة والبيان والمجادلة بالحسنى .
جهاد النفس ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (العنكبوت:69) ؛فيدخل في معنى الآية : مجاهدة النفس على الخير , والتزكية , والإيمان ، وكفها عن الشر والشهوة , والفتنة .
ومثله قوله تعالى : (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (العنكبوت:6) .
3- الجهاد بالمال ، وهذا يعني: صرفه في مصارف الخير المتنوعة ، ويشمل ذلك: صرفه للمقاتلين في سبيل الله ، وهذا ورد في عدة مواضع من القرآن الكريم .
4- الجهاد بالنفس ، هذا يشمل: الأعمال الصالحة التي يقوم بها المؤمن ، كالقتال المشروع في سبيل الله , والتعليـم , والدعـوة , و غيرها .
ومن المدركات التاريخية المقررة: أن أكبر بلد إسلامي اليوم - من حيث عدد السكان - ( إندونيسيا ) دخلها الإسلام ليس عن طريق الحرب ، بل بالرسالة الأخلاقية .
وبالرغم من انحسار السلطة الإسلامية عن مناطق كثيرة حكمها الإسلام تاريخياً ؛ إلا أن أهلها الأصليين ظلوا مسلمين ، وحملوا رسالة الحق , ودعوا إليها , وتحملوا الأذى , والتعذيب , والظلم في سبيلها ؛ كما نجده في:بلاد الشام , ومصر , والعراق , والمغرب , والقوقاز والبلقان , وأسبانيا التي أقيمت للمسلمين فيها محاكم التفتيش , وهذا يدل على أن تأثير الإسلام فيهم كان أخلاقياً إقناعياً ، بخلاف الاستعمار الغربي , الذي أخرج بالقوة من البلاد الإسلامية , ولا يتذكر الناس عنه إلا المآسي , والآلام , والقهر , والتسلط.
إن من الخطأ الفادح أن يتصور البعض: أن كلمة الجهاد هي رديف لكلمة:( القتـال ) أو ( الحرب ) , والتي لا تعني إلا جزءاً خاصاً من مفهوم الجهاد .
إن الإسلام تحت اسم الجهـاد يدعـو إلى حمايـة المجتمعات من الظلـم , والتسلط , والدكتاتورية التي تصادر الحقوق والحريات ، وتلغي نظام العدل , والأخلاق , وتمنع الناس من سماع الحقيقة , أو اعتناقها , أو تضطهدهم في دينهم.
كما أنه تحت الاسم ذاته يسعى إلي الإيمان بالله وعبادته وتوحيده و نشر قيم الخير , والفضيلة والأخلاق بالحكمة , والموعظة الحسنة , كما قال سبحانه (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: من الآية125) .
كما يدعو إلى الإصلاح الاجتماعـي في مقاومـة الجهـل , والخرافـة , والفقر , والمرض والتفرقة العنصرية .
ومن أهدافه الأساسية: حماية حقوق المستضعفين الخاصة والعامة , من تسلط الأقوياء والمتنفذين .
وفي القرآن الكريم : (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) (النساء:75) .
قال الزجاج : أي: ما لكم لا تسعون في خلاص هؤلاء المستضعفين ؟
وهذا قول ابن عباس , وغيره من أئمة التفسير .
وبهذا يكون من صور الجهاد في الإسلام: مقاومة الظلـم , ومقارعتـه ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا )( النساء: من الآية75 ) فهو يضمن حق الأمم في مدافعة الظالمين المعتدين .
ويحرم الإسلام الظلم , حتى للمخالف في الدين ؛ كما قال سبحانـه : ( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) (المائدة: من الآية8) .
ويقول للمؤمنين في شأن قريش , التي منعتهم من دخول المسجد الحرام بمكة :( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)(المائدة: من الآية2) , والشنآن هو البغض والعداوة , أي : لا تحملكم بغضاء وعداوة شعب , أو أمة على أن تعتدوا عليهم, أو تظلموهم , وتصادروا حقوقهم .
وفي الحديث عن أنس - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم (اتقوا دعوة المظلوم ، وإن كان كافراً فإنه ليس دونها حجاب ) , رواه الإمام أحمد في مسنده , وهو حديث صحيح الإسناد .
كما أن من صور الجهاد مقاومة الدكتاتوريات التي تريد المحافظة على الخرافة والجهل ، وعدم إعطاء مساحة لقيم الإيمان بالله ، والأخلاق في الحركة الاجتماعية .
الإسلام والقتال :
وفي موضوع القتال , يمكن أن نرسم بعض الحقائق المهمة في التصور الإسلامي، ومن بينها ما سبق: أن الجهاد وإن كان أوسع من مفهوم القتـال ،فإنه يبقى من الوضوح أن نقول: إن الإسلام يعترف بالقتال ,حين يكون خياراً لمعالجة المشكلات , أو مواجهة الظلم والعدوان والدفاع عن الحريات والحقوق الخاصة، وحين نؤكد اعتراف الإسلام بالقتال والدفاع , والحرب فهذا جزء من منظومة القيم في الإسلام كما نفهمها , ويمكن لكل منصف أن يدرك معقولية مثل هذا القرار في الإسلام .
لقد دخل المسلمون في تاريخهم الطويل في معارك , وحروب تحت هذا المبدأ .
ومع أننا ندرك تماماً أنه: ليس ضرورياً أن ما يصنعه مجموعة من المسلمين فهو إملاء إسلامي شرعي في نظر الآخرين، وأن التاريخ الإسلامي ليس دائماً سجلاً للفضائل المحضة ، ولكن دعونا نتذكر:
كم قتل المسلمون من المدنيين في القرن المنصرم ؟!
وكم قتلت الشيوعية ؟!
وكم قتلت المجموعات والدول الغربية ؟!
ومن الذي أشعل أكبر حربين عالميتين خلال نصف قرن ، وجرّ إليها القريب والبعيد ؟ !
إن العالم يتذكر بمرارة ضرب المدنيين بالأسلحة النووية في هيروشيما وناجازاكي ، ويتذكر المجازر الدموية في البوسنة والهرسك , والتباطؤ الدولي عن إيقاف نزيف الدماء هناك , ولقد قتل في إندونيسيا - عام 1965م في إثر انقلاب مدعوم من الولايات المتحدة - مئات الألوف , غالبهم من الفلاحين , ولم تُخف الصحافة الوطنية في الولايات المتحدة اغتباطها بما يحدث , كما قتل مئات الآلاف في العراق , من الأطفال في ظل الحصار الدولي منذ عام 1991م.
ويشاهد العالم بعينيه , ما تفعله القوة الغاشمة الإسرائيلية - المدعومة من الولايات المتحدة - بالعزّل في فلسطين , الذين تحتل ديارهم , وتعامل حتى مواطنيها منهم معاملة عنصرية سافرة.
وإذا كان هؤلاء - الذين رسموا في العصر الحديث مذابح جماعية - يشعرون بمبررات في داخلهم ؛ فهذا يدل على عمق المشكلة الأخلاقية التي تواجه العالم .
إن الإسلام حين يدعو لاعتماد خيار القتال ؛ فهذا يأتي ضمن نظام يتّسم بالدقة والعدالة ، وإعطاء فرصة للسلام , فهناك مجموعة من الشروط , ترسم نظام القتال , الذي يشرعه الإسلام للمسلمين , وهو هنا إحدى صور الجهاد ؛ لكن من الواضح أنه ليس عدوانياً على أحد , بل يقوم لحماية الحقوق , ونصر المستضعفين , ومحاربة الظلم , والتعسف , ونشر قيم العدل أمام رفض مجموعات الدكتاتورية الانفتاح على الآخرين , والسماح للفرد في المجتمع باختيار القيم الفاضلة .
وفي هذه الدائرة , يمكن أن نفهم صورة القتال في الإسلام ,كنظام لنشر وحماية الحريات المدنية والحقوق . والمسلمون حين يشاركون في هذا القتال ؛ فإنهم يتمتعون بعلاقة روحية في داخلهم , تجعلهم الأكثر كفاءة من الناحية المعنوية .
وإذا كان المثل يقول : إن الأخلاق تُعرف حال القوة والقدرة - وهذا في نظرنا صحيح - فإن الإسلام حال قوته ونفوذه كان يرسم قيماً أخلاقية عالية , حتى مع الذين يضطر إلى محاربتهم .
وفي أمثلة سريعة , يرد أبو عبيدة إلى أهل حمص المال , الذي أخذه منهم مقابل الحماية ؛ خشية ألا يقدر على حمايتهم ، وهو يقوم بها في الوقت ذاته .
ويأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بتشكيل محكمة ميدانية , للنظر في دعوى أهل سمرقند , بعدم صحة إجراءات الحرب ، فتأمر المحكمة الجيش الإسلامي بالانسحاب الفوري ، وهكذا كان ينسحب الجيش وسط دهشة أهل المدينة وذهولهم .
وهذه الحرب العادلة , محكومة وفق الشريعة الإسلامية بالنظام الأخلاقي الذي لا يسمح بالتجاوز , حتى نجد في وصية الخليفة الأول , الصديق - رضي الله عنه- ليزيد : لا تقتل امرأة , ولا صبياً , ولا هرماً .
وكذلك كان عمر - رضي الله عنه - يوصي جيشه ويقول : لا تقتلوا امرأة , ولا صبياً ولا شيخاً هِمَّاً , يعني : كبيراً .
وكان أبو بكر يوصي بعدم قتل الرهبان في الصوامع .
وقال عمر : اتقوا الله في الفلاحين , الذين لا ينصبون لكم الحرب . وهذا باب تطول قراءتـه , ويعرف في مواضعه من كتب الفقه الإسلامي .
لقد كان لفقدان المسؤولية في تصنيف الإرهاب أثر في رفع روح التوتر ضد الولايات المتحدة , ليس بين المسلمين فحسب ,بل حتى لدى شعوب أخرى في العالم ..
قد يبدو للأقوياء أن من السهل والمناسب إسقاط المشكلات على الضعفاء , تحت مجموعة من الذرائع , وهذا ما نقرؤه في اتجاه بعض الدوائر في الغرب , في جعل الطرف الرئيس في مشكلة الإرهاب المسلمين , وليس غيرهم .
الدين في مفهوم المسلمين :
يبقى مفهوم الدين واضحاً في عقل المسلم البسيط أنه: عبارة عن عبادة الله , وتحقيق قيم الخير , والعدل التي شرعها الإسلام ؛ لإقامة حياة أفضل في الدنيا، وسعادة أبدية في الآخرة.
إن الدين لم يكن يوماً ما مشكلة عند المسلمين ؛ لأنه مفهوم واسع يمكن أن يستوعب في رسالة الإسلام كل شؤون الحياة ، ويمثل الإسلام في هذا المقام انفتاحاً واسعاً , لصناعة نظام أخلاقي , يمكن أن يعيش تحته الآخرون في أمن واستقرار .
الدين في الإسلام ليس قضية شخصية , أو مجرد رمزية في دائرة محدودة من دوائر الحياة , بل يعني: صناعة الحياة ليس للمسلمين فقط , بل لكل من يكون مستعداً للسلام , والعدل , واحترام الحقوق ، ويمكن أن نقول ببساطة إنه يعني: البحث عن السعادة , والأمن , والتكامل الأخلاقي .
وتحت هذا المفهوم يبقى أن المسلمين ليسوا بحاجة إلى العلمانية , لسبب بسيط: أنه لا توجد مشكلة لهم مع الدين . إن الفرد في الغرب قد يفهم الدين في دائرة معينة , تتعلق بالجانب التعبدي المحض , بين الإنسان وبين الله ؛ بينما هو في الإسلام معنى شمولي ينظم سير الحياة كلها , وفق قواعد عامة , وأصول مرنة , تكفل إمكانية الإفادة من الجديد في العلوم , والتقنيات , والتسهيلات المادية , وغيرها ، وتحافظ في الوقت ذاته على تميز المسلم , وأنموذجه الثقافي الخاص .
نتصور أن من مشاكلنا مع الغرب: أنهم لا يفهموننا كما يجب , وكما هي الحقيقة .
ومن المؤسف أن تكون مجموعات من الأسوياء في العالم , تقع تحت تصوير ساذج , يفتقد الأمانة في رسم هوية المسلم , أو تحديد مفهوم الدين عند المسلمين .
إن من أسس الدين في الإسلام: أنه يعطي مساحة لفهم الذات , واحترام المبادئ , والحريات الخاصة ، كما يرفض الإسلام محاولة تحويل الدين إلى أداة لتبرير الأخطاء , أو صناعة العدوان .
وربما كانت مشكلة فهم كلمة ( دين ) , وكلمة ( جهاد ) , والربط بينهما من إشكاليات الفهم لدى بعض الغربيين .
وإذا تحقق فهم الدين بهذا المعنى الواسع , وفهم الجهاد بذاك المعنى الواسع أيضاً ؛ زال كثير من الالتباس في الباب .
وهكذا تحدث الانتقائية - أحياناً - في التقاط جزئية خاصة , ومعالجتها , كما لو كانت هي الإسلام فقط , مع عزلها عن المنظومة الثقافية التي تنتمي إليها . يحدث هذا في المجال السياسي , والاجتماعـي والثقافي على السواء .
نلاحظ أحياناً أن بعض الدوائر في الغرب تجامل في إعلان احترام الإسلام كديانة ؛ لكن لا نجد مساحة لهذا الإعلان في التعامل مع المسلمين ، وكأن بعض هذه الدوائر تريد أن تفهم الإسـلام كما يحلـو لها !
هناك فرق بسيط هو: أن المسلم العادي يشعر أن الإسلام نظام شامل للحياة ، والفرد في المسيحية لا يجد هذا الشعور , بل يبقي الدين دائرة ضيقة في نظر المسيحيين ، وهنا قد لا يستوعب الفرد في الغرب العلاقة عند المسلمين بين الدين والدافع الذي يحرك الإنسان في أي اتجاه في الحياة .
إن الدين يبقى في نفوس المسلمين الملاذ الآمن , والأكثر فعالية لمقاومة كل أشكال التحديات .
وهنا ! يمكن أن نقول للعالم كله: إن تصعيد التحدي ضد المسلمين- من قبل أي قوة في العالم - سيجعل من الصعب في الأخير أن تتمتع هذه القوة بالهدوء والاستقرار ؛ لأن المسلم العادي يمكن أن يستوعب المحرك الديني في داخله لمقاومة العدوان , ومن المؤكد أن هذا المحرك سيجعل من الفرد أكثر مرارة , وسيكون أكثر فعالية في صناعة الأفراد من كل أنظمة التدريب النظامية ، وفي الوقت نفسه فإن المحرك الديني سيجعل من الفرد العادي في الإسلام أنموذجاً لصناعة الخير والسلام , واحترام الحقوق والحريات في ظل نظام العدالة .
والمسلمون يعلمون جميعاً أن نبيهم محمداً r نبي الرحمة , ونبي الملحمة, أي: القتال . والأصل في دعوته ورسالته الرحمة , لكنه يتحول إلى القتال حين تقف بعض القوى في صف رفض الرحمة , والأخلاق , وحرمان الآخرين منها , أو محاولة سلب الحقوق , ومصادرة الحريات الخاصة ؛ فإن الإسلام يمكن أن يعبئ في أقل من أربع وعشرين ساعة الملايين من المسلمين , المستعدين للتضحية في سبيل الدفاع عن الإسلام , دون أي علاقة اتصال تجري بين هؤلاء ، واليوم نعلم- ونحن على ثقة في قراءتنا للعقل المسلم العادي - أن عشرات الملايين من المسلمين سيبدون استعداداً للدفاع عن فلسطين , والمسجد الأقصى , لو افترضنا وضع استفتاء في العالم الإسلامي ، وهذه النتيجة التي نعلمها , ستكون تجاوباً عفوياً مع حالة الظلم الممارسة في الأرض الفلسطينية ، وهذا أحد مبادئ الإسلام , التي رسمها في علاقة المسلمين بعضهم مع بعض , مهما كان قدر الفوارق السياسية , والاجتماعية , والعرقية التي يمكن أن تختصر وتمحى بشكل مفاجئ أمام حركة الدين الروحية , التي تضمن التجاوب بين المسلمين .
وحين نتحدث عن هويتنا الخاصة ؛ فإن الدين يعد في الأساس عند المسلمين قيمة روحية عالية ,ونرى أن تعلقهم به هو الأقوى مقارنة بغيرهم لأسباب تتعلق بالإسلام ذاته ، ومن السذاجة التفكير في تجريد المسلمين منها ، وهذه القيمة تتجه في الأساس إلى السلام , لكن يمكن أن تكون قوة مضادة لكل محاولات التعدي التي تواجه المسلمين , أو مجموعات منهم .
إن المسلم الذي لا يُعطى مساحة كافية للتدين ؛ معرض لردة الفعل القوية ضد من يشعر بعداوتهم له, أكثر من المسلم المستقر في سلوكه أو المنتمي إلى مدرسة إسلامية , أو معهد شرعي , ولهذا فمن الطيش توجيه الاتهام إلى المدارس الإسلامية , أو المناهج الشرعية في العالم الإسلامي , وأقل ما يقال: إن العلم الشرعي يضبط العداوة , وينظمها ويحافظ على أخلاقيتها , وهدوئها.