04-09-2005, 05:52 PM
|
رقم المشاركة : 11
|
( ود نشِـط )
|
 |
|
 |
|
سينتهي العالم في 26 أيلول 1907 . الجميع يعرفون هذا . و ما يجري في بيرن يجري في جميع المدن و البلدات .
قبل عام من النهاية تغلق المدارس أبوابها . لماذا الدراسة من أجل المستقبل حين يكون المستقبل قصيراً؟
يلعب الأطفال لعبة الغميضة في أروقة شارع كرام مسرورين من انتهاء الدروس إلى الأبد .
يركضون في أرستراس و يرمون أحجاراً في النهر و يصرفون نقودهم لشراء النعناع المفلفل و عرق السوس .
يسمح لهم أولياء أمورهم أن يفعلوا أي شيء يرغبون به .
قبل شهر من النهاية تتوقف المشاريع . يوقف مجلس الشعب إجراءاته .
يصمت بناء التلغراف الفيدرالي في شارع شبايشا و أيضا معمل الساعات في " لوبنستراسي" و الطاحونة التي وراء جسر نيديك .
ما الحاجة إلى التجارة و الصناعة حين لا يبقى سوى القليل من الزمن ؟
يجلس البشر في المقاهي الرصيفية التي في شارع أمتهاوس , يحتسون القهوة ويتحدثون بارتياح عن حيواتهم . التحرر يملأ الجو .
في هذه اللحظة تتحدث امرأة عيناها بنيتان مع أمها حول الوقت القصير الذي أمضياه مع بعضهما حين كانت الأم تعمل خياطة .
تخطط الأم و ابنتها للقيام برحلة إلى " لوسيرن " . سوف يصلحان حياتين فيما تبقى من وقت .
على طاولة أخرى يخبر رجل صديقه عن مشرف مكروه غالباً ما مارس الجنس مع زوجته بعد ساعات العمل
في غرفة الملابس التابعة للمكتب و هدد بتسريحه إذا سبب هو أو زوجته أية مشكلة . لكن ما الذي يخيف الآن ؟
رتب الرجل أموره مع المشرف و تصالح مع زوجته , وبعد أن ارتاح من ذلك مدد رجليه و طاف بعينيه فوق جبال الألب.
في المخبز الذي يقع في " السوق" يضع الخباز ذو الإصبع السميكة العجين في الفرن و يغني. في هذه الأيام يطلب الناس خبزهم بتهذيب .
يبتسمون و يدفعون بسرعة لأن النقود تفقد قيمتها .يثرثرون حول نزهات تمت في فرايبورغ ,
عن وقت قضوه في الاصغاء إلى قصص أولادهم , عن نزهات طويلة في منتصف بعد الظهر .
لا يبدو أنهم يكترثون بأن العالم سينتهي حالاً لأن الجميع يتقاسمون القدر نفسه . إن عالماً سينتهي بعد شهر هو عالم مساواة.
قبل يوم واحد من النهاية , تضج الشوارع بالضحك. الجيران الذين لم يتحدثوا أبداً مع بعضهم يتبادلون التحية كأصدقاء ,
يتعرون و يستحمون في النافورة . آخرون يغوصون في نهر آري ,
و بعد أن يسبحوا إلى حد الإعياء يستلقون على العشب الكثيف على طول النهر و يقرأون الشعر .
محام و موظف بريد لم يلتقيا أبداً من قبل, يشبكان ذراعيهما و يسيران عبر بوتانشرغارتن ,
يبتسمان لنبات قرن الغزال و نبات النجمية و يناقشان الفن و اللون . ماذا تعني محطاتهما الماضية ؟ في عالمٍ سينتهي بعد يوم واحد هما متساويان .
في ظلال شارع جانبي بعيد عن نهر آري , يستند رجل و امرأة إلى حائط , يشربان البيرة و يأكلان لحم البقر المجفف. فيما بعد ,
ستأخذه إلى شقتها . إنها متزوجة من شخص آخر لكنها أرادت هذا الرجل طوال سنوات وسوف تلبي رغباتها في هذا اليوم الأخير من نهاية العالم .
تعدو بعض الأرواح في الشوارع و تقوم بأفعال خيرة لتصحح أفعالها الشريرة التي ارتكبتها في الماضي . و كانت ابتساماتها هي الابتسامات الوحيدة الشاذة .
قبل دقيقة من نهاية العالم يجتمع الجميع على أراضي متحف كنسنت . يشكل الرجال والنساء و الأولاد دائرة عملاقة و يمسكون أيدي بعضهم .
لايتحرك أو يتحدث أحد . يخيم صمت مطبق بحيث يستطيع كل شخص أن يسمع نبض قلب الذي يقف على يمينه أو يساره .
هذه هي الدقيقة الأخيرة في حياة العالم . في الصمت المطلق تلتقط نبتة كف ذئب أرجوانية الضوء على الجانب الأسفل من أزهارها ,
تتوهج للحظة ثم تتلاشى بين الأزهار الأخرى . خلف المتحف ترتجف الأوراق الإبرية للشربين بنعومة حين يتحرك النسيم عبر الأشجار .
و بعيداً إلى الخلف , عبر الغابة , يعكس نهر آري ضوء الشمس , يلتوي الضوء مع كل تجعيدة في سطحه . إلى الشرق ,
ينهض برج كاتدرائية القديس فنسنت أحمر وهشاً , بناؤه الحجري رقيق كشرايين ورقة .
وفي الأعلى تبدو جبال الألب المكللة بالثلوج و التي تجمع بين الأبيض و الأرجواني ضخمة و صامتة . تطوف غيمة في السماء . لا أحد يتحدث .
يبدو في الثواني الأخيرة و كأن الجميع قفزوا عن قمة توباز ممسكين بأيدي بعضهم . تقترب النهاية كأرض مقتربة . يهب الهواء البارد ,
تفقد الأجسام أوزانها . يتثاءب الأفق الصامت أميالاً . وفي الأسفل , يندفع غطاء الثلج الشاسع مقترباً ليغطي تلك الدائرة من اللون القرنفلي و الحياة .
يتبـــــــــــــع <<<<<<<<<<<<<<<< |
|
 |
|
 |
|
|
|