كسحر غدى طيف ذلك اليوم .. لا اذكر تماما متى .. لكنه كما يبدو لي لم يكن بالبعيد ..
ذهبت الى حجرتي التي كانت تميل الى البروده إلا ان اشعه الشمس التي ترفض ان يقف في طريقها زجاج النافذه اشعرتني بدفء عميق رغم بروده اطرافي ..!!
صوت المذياع كان من ادخلني الى هناك فقد نسيت ان اطفئه بعدما استمعت اليه صباحا .. لكنه ليس بالشيء الوحيد الذي نسيته فأنا ايضا لم الملم الاشياء المبعثره في انحاء الحجره .. ولم اعيد ترتيب السرير وفرد تجاعيد الاغطيه .. والعجيب اني نسيت ان اشرب كوب الماء الذي طلبت من زوجي ان يحضره قبل خروجه للعمل ..!!
التفت حولي فوجدت نفسي وحيده .. خرجت الى الحجره المجاوره .. الى المطبخ .. الى الشرفه .. فلم اجد سوى نفسي ..
بدأ الملل يتسلل الي فعدت الى حجرتي لانها اصغر حجرات المنزل فأحببت ان اشعر بحتوائها لي..
وقفت امام المرآه واخذت امشط خصلات شعري بملل .. ودون سابق انذار سقط المشط من بين اصابعي داخل درج من ادراجي قد نسيه احدهم مفتوحا ...!!
اغضبني وجود الدرج مفتوحا فكيف ينسى مفتوحا ..!! وسرعان ما ارتسمت على وجهي ابتسامه جافه .. حينما رايت داخل الدرج البوم صور مدفون بين اوراقي التي عليها علامات من الحبر .. لا اعلم بأي لغه قد كتبتها فلم افهم منها شيء ..!!
تركت الاوراق وحبرها .. ونسيت المشط .. اقفلت الدرج المغبر ..
يا إلهي فقد نسيت ان امسح الغبار .. .. لكنه غبار ايام ..!!
لم اكترث لكثره الغبار رغم دهشتي ..!!
حملت الالبوم وكان شعور غريب انه اثقل من المعتاد .. ولم اكترث .. لربما اني مرهقه ...
مرهقه !
ما الذي ارهقني وانا لم افعل شيء اليوم .. فمنذ ان استيقظت كل شيء كما هو ..!!
القيت بالبوم الصور على السرير واغلقت باب الحجره .. اسكت كل ما حولي من ضجيج .. حتى ضجيج تفكيري
استلقيت بقرب ذلك الالبوم ابيض اللون .. ونظرت له طويلا دون ان افتحه فأنا احفظ كل ما بداخله من صور مرتصه .. احفظ مواقعها .. احفظ حتى المتشقق والبالي منها .. .. ورغم ذلك انتابني شعور لرغبه التصفح من جديد ..
بدات انظر الى الصور واحده تلو الاخرى وعلى وجهي علامات الدهشه والاستعجاب .. .. فكلها صور اعرفها ..
فهذه صوره امي يوم زفافها لم تكن ملونه والان هي زاهيه الاوان رائعه مبتهجه تشعرني بأن الزفاف ما زال قائما ..!!
اما تلك فهي صوره اخي المتوفي منذ زمن رغم قساوتها الا اني اول مره ارى ابتسامه اخي فيها ..!!
وصورتي انا واختي نتشاجر .. وصوره ابناء عمي في منزلنا القديم تحت (عريشه) العنب وبين بياض ازهار الياسمين ..
يا لها من صور تجمد التاريخ بها .. ليعود بي الزمن بجماله وقسوته كلما نظرت اليها .. ..
ما الذي تغير فكل هذا الجمال لم اره من قبل .. لم ارى ابتسامات الصور من قبل .. لم ارى الوانها .. كانت كلها قاتمه .. لا بل كانت لونان فقط
ابيض .. واسود ..!!
تابعت التحديق في الصور .. علها غير الصور التي اعرفها .. لكن هذا مستحيل ..
هذا من الجنون ..
فأنا اعرف ابي جيدا .. واعرف كل من بالصور ... فماذا حدث لها ؟؟؟
اغلقت الالبوم وانا بحيره ودهشه .. استلقيت على ظهري وضممت البومي الي واخذت انظر الى سقف الغرفه واتأمل ..
تعجبت لجماله فقد زخرف بالورود البارزه وعروقها الملتويه ...و ....
ولكن ....!!
هذه حجرتي التي انام بها كل يوم .. واشكو دوما من ضيقها وصغرها وسقفها المنخفض وكئابتها ..!!!
فما سر تغيرها ..؟
نهضت مسرعه اثر صوت افزعني .. اسرعت الى باب الحجره ..دون محاوله لتميز الصوت ففكري منشغل بتفسير التغير من حولي..!!
الى اني بعد برهه ميزت الصوت .. انه صوت طفلتي تبكي .. اوه ..لقد نسيت انها نائمه في الطابق الاعلى ..
اسرعت خطواتي اليها مع شوق كبير يجتاحني رغم انها لم تنم سوى ساعه من الزمن .. !
وسرعان ما ارتسمت صورتي بعينيها اذا بها تبتسم ..
اللـــــــه .. ما اجملها من ابتسامه توقف عند حدودها جمال الكون ..!!
رايتها اجمل من ابتسامه كل يوم .. واخذت ملاكي بين احضاني ونظرت الى عيناها الصغيرتان وابتسامتها المشرقه ولم اصدق ما رأيت .. ..
حملتها واسرعت بها الى الطابق السفلي وعدت الى البوم الصور ..
يا إلهي كم تشبه اخي نعم فلها نفس الابتسامه البريئه المتحدثه عن
الصفاء والامل ..!!
لكن اليس بالعجيب ان اتنبه لذلك الان ..؟؟!
اين كنت اسكن ..؟
من اين اتيت بلون الحياه الباهت ..؟
كيف للبروده ان تتسلل الى قلبي ولا اشعر بها ..؟؟
ما الذي جعلني ارى جمال ابتسامه طفلتي بعد عامها الاول .
بقلم(( ملاك يافا ))
اعحبابي
بهذه السطور من فلسطين الحبيبه
هو ما دفعني لعرضها لك
لا اريد ان اطيل عليكم
لكن اقول لك لقد دمعت عيوني وتذكرت ذكراياتي كم تذكرت ملاك