بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة بعنوان
(( عشاء على ضوء الشموع ))
في يوماً من الأيام فرح الأبوين بميلاد أبنهما الجميل الذي ارتقبا قدومه لسنوات طويلة من بعد زواجهما الناجح وعمت الفرحة الآسرة وكل الأقرباء والأحباب والجيران وأهل ألحي فانطلقت الزغاريد تعلن بميلاده وهبت نساء ألحي إلى آلام تقدم لها التهاني والمساعدة ومد يد العون ..
وبعد أسبوع على ميلاد الطفل أقام له أبويه حفل الأسبوع " العقيقة " ودبحت له شاة ليعد بها الطعام ويقدم لأهل الحي والأقارب " آي العقيقة " وأطلق عليه أسم " ضياء " تيمننا بالنور لإضاءة حياتها داخل العائلة وقدمت آلام الحنون كل ما تملك من جهد لخدمة رضيعها وحرصها عليه وحمايته من الأمراض والسهر عليه .. يشاركها زوجها في بعض المهام ..
واستمرت حياة الطفل رغده جميلة في كنف الوالدين العطوفين إلى أن بلغ أشده وترعرع فبداء يحتك بأقربائه في الحي ويلعب مع أبناء جيرانه وأقاربه ? وحان الدخول للمدرسة فقام الوالدان بتهيئته لذلك وإعداد الأوراق اللازمة لتسجيله في مدرسة الحي القريبة التي تسمى مدرسة " النور " وفي صباح أحد الأيام من بداية العام الدراسي أصطحب الأب أبنه " ضياء " والملف إلى المدرسة للتسجيل والتعرف على الجو المدرسي والمدرسين والمدرسات ومدير المدرسة والتلاميذ والتلميذات والطفل " ضياء " كله فرح وسرور بهذا اليوم السعيد الذي يمثل وقفة تاريخية في حياته .
داوم في الدراسة بفاعلية ونجاح وتقدم في دراسته وأنهى سنوات الدراسة في التعليم الأساسي بتفوق وألتحق بالدراسة في المرحلة الثانوية بمدرسة الحي أيضاً المسماة " الشروق " وأنهى الدراسة فيها بتوفيق ونجاح باهر تحصل على الشهادة الثانوية العامة وأقامة له الآسرة احتفالاً كبيراً لتكريمه وتشجيعه وحضر الاحتفال أفراداً من أسر الأحباب والأقرباء رجالاً ونساءً وشباباً وفتيات وأطفالاً وبعض الجيران والأصدقاء .
وفي هذا الحفل وقع نظر " ضياء " على فتاة جميلة حلوة ارتاح لها وتسحر نظره عليها لحسن جمالها واناقة لباسها وهى ابنة الجيران المسماة " نوره " وهى اسم على مسمى .. فأتجه نحوها ورحب بها وأستلمت منه الكأس شاكرة وتبادلا أطراف الحديث وسألها عن أي كلية سوف تلتحق بها فقالت له كلية الهندسة إن شاء الله وأنت يا ضياء أي كلية تريد فقال لها كلية الطب البشرى إن شاء الله وسوف أتخصص في طب العيون وجراحتها .. وانتهت الحفلة ورجع الجميع إلى منزله .. وأتجه ضياء إلى حجرته وغير ملابسه واستلقى على كرسى به وسادة وعاش لحظة تفكير عميق تذكر فيها الموقف الذي صادفه مع بنت الجيران نوره الذي هز عقله وسكن في فؤاده .. ويسأل نفسه هل هذه ستكون عروس المستقبل وشريكة العمر ? حينها سمع صوت والدته تناديه لأمراً ما فأتجه نحوها يقول نعم يا أمي هل من شئ أقضيه لك ? فقالت بلا يا بنى ولكن شاهدتك معتكف في الحجرة وهذا أليس من عادتك فيما مضى .. وفي هذه الحالة آلام شعرت بأن أبنها لفتت انتباهه الفتاة " نوره " ولم تشعره بذلك ..
ومضى الليل بساعاته الطويلة وأخلد الجميع للنوم إلا " ضياء " فطال به السهرة وسرح خياله مع فتاة الأحلام هذه إلى مطلع الفجر وأخيراً وتكونت علاقة حميمة بين " ضياء " ? " نوره " يسودها العطف والاحترام المتبادل .. وبعد مدة التحقا الاثنان بالجامعة كل منهما بالكلية التي أختارها .
وسارت حياتهم الجامعية بشكل جميل وباحترام وحب منقطع النظر وأنهت نوره الدراسة قبل ضياء لان السنوات الدراسية تختلف بين كليتي الهندسة والطب البشري وأقامة أسرة " نوره " حفلة تخرج وعزمت الأهل والأحباب والجيران وأسرة ضياء بالكامل بما فيهم ضياء وحضر لجميع لمكان الاحتفال بصالة المنزل وفرح الجميع وقدمت الهدايا من الحضور إلى نوره وأسرتها ..
إلا أن " نوره " قد أعدت زاوية خاصة من الصالة ووضعت فيها طاولة صغيرة عليها مفرش بنفسجي ووضعت عليها باقة ورد حمراء وكأسين وشمعتين أثنين وبعض المرطبات والمشروبات لكي تستقبل فارس أحلامها ضياء وبقدومه فرح الجميع وقدمت التهاني وقامت نورة بسمك يد ضياء اليمنى بلطف وجذبته نحو الزاوية الخاصة يجلسا معاً في جلسة فرح شاعرية فأوقدت الشمع وعددها اثنان لونها وردى بقاعدة لونها أبيض من مادة الخزف المصقول وهى ترتدى فستاناً لونه من لون ثمار الفستق الحلبي ..
وبتسريحة جميلة كذلك الشعر الذهبي الذي تفنن في تصفيفه أمهر المزينين وبحداء وكعب عالي بلون أبيض بفصوص خضراء ...
وتبادلا العبارات الحلوة الرنانة في دنيا الحب والهيام بكل احترام والتزام وقال لها ضياء يا عزيزتي أنت أنهيت الدراسة وأنا مازالت في السنة الخامسة باقي سنتان وأتخرج مثلك كيف يكون الوضع ? كيف نتقابل ونرى بعضنا البعض ? يا أعز إنسانة عندي في الوجود فردت نوره لا بأس أنى سوف أواصل دراستي العليا وأخد الدبلوم في سنتين حينها سوف تتخرج أنت أيضاً وبعدها يتغير الحال نحو الأفضل بعون الله .
مرت السنوات بسرعة وتخرج ضياء وأخذت " نوره " الدبلوم وأقيمت الحفلات في منزل الآسرتين الكريمتين وقدمت الدعوة لأسرة " نوره " لحضور حفلة تخرج " ضياء " فلبت الدعوة وبالمثل أعد " ضياء " مكان خاص وجهزه بالمطلوب ليستقبل فيه " نوره " مثل ما فعلت هي بما فيها الشموع والمفارش والإضاءة وغيرها ..
قد خلت " نوره " الصالة ورأت ما رأت فطار عقلها لما شاهدته من استعداد لاستقبالها ولأسرتها فتقدم إليها ضياء مرحباً بها وعلى يمينه والده وعلى شماله والدته وأنسحب من بينهما ماسكا يد حبيبته وأتجه بها إلى الطاولة المعدة لها وأوقد الشموع وتناول العشاء الرومنسى صحبته نغمات موسيقية هادئة إلى أن أنتهي الاحتفال وأستعد الجميع للمغادرة فقامت " نوره " ونفسها مازالت ترغب في البقاء لولا ضرورة مرافقة والديها وكانت ليلة جميلة تكتب في سجل العشاق .
وبعد أيام طلب والدي ضياء منه التحدث إليه في موضوع الزواج وأشارا إليه بأسم فتاته فوره فغمره الفرح بذلك ووافق على الفور وطلب منه الاستعداد لتحقيق أحلامه ..
فتضاعفت الزيارات بين الآسرتين وتمت الخطبة وحدد موعد الزفاف فقامت الأفراح في بيت الآسرتين وتجمع الأحباب والأقرباء والجيران لذا كل منهما يشاركانها أفراحهما السعيدة ..
دخلت العروس إلى بيتها وهى فخورة سعيدة بفارس أحلامها وشد انتباهها ما وجدته بمجرد دخول عتبة باب بيتها وهى الشموع الموفدة في كل زاوية وبأحجام وألوان مختلفة إحياء للقاء الأول والثاني اللذان كانا تحت أضواء الشموع وتوجت تلك اللقاءات باللقاء الفريد هذا وتقدمت وهى متعلقة بيد عريسها الدكتور ضياء إلى قاعة الطعام فشاهدت الغرائب والعجائب كلها شموع وبصورة تمثل الشموع في كل ما هو موجود فوق مأدبة العشاء والمكان المحيط بها .. حينها حيا كل منهما الأخر وتعاهدا بأن كل عشاء لهما يكون على ضوء الشموع ..
وسارت حياتهم نوراً على نور تجمع ضياء ونوره مدى الحياة تحيط بهم السعادة الزوجية واللحظات الحلوة البهية .